المقصود بتيار الإسلام السياسي كل التنظيمات السياسية والدعوية والثقافية التي تتخذ من الإسلام مرجعيتها الوحيدة وتجعل قراءتها للنصوص والتراث الإسلاميين المحدد الأوحد لأهدافها وتوجهاتها، والموجه الوحيد لاختياراتها السياسية ومشاريعها المجتمعية. وتنظيمات هذا التيار لا تتبنى العنف أسلوبا أوحد في الممارسة السياسية أو الدعوية، لكنها لا تنبذه. فهي تشرعن العنف من باب الجهاد الذي تعتبره فريضة غائبة وجب إحياؤها. وما يقوي عقيدة الجهاد لديها اقتناعها أن سبب ضعف الأمة وتكالب قوى الاستعمار والاستكبار العالمي يكمن في تغييب فريضة الجهاد وكراهية الموت “في سبيل الله” . ومن ثم ليس على الأمة الإسلامية سوى إحياء هذه الفريضة “الغائبة” وإشاعتها بين الأفراد لتعود إليها العزة والقيادة . أما تيار السلفية الجهادية فيقصد به كل التنظيمات الحركية، مهما كانت صغيرة،التي تجعل الإسلام منطلقها الوحيد، والعنف عقيدة ثابتة وملازمة لكل تحرك فردي أو جماعي باسم الجهاد الذي تجعله فرض عين على كل منتم للتنظيم . ويهمنا، في هذا المقال، أن نتعرف على طبيعة الاختلاف أو الاتفاق بين التيارين من خلال نموذجين رئيسيين:
1 ـ جماعة العدل والإحسان:
تتأسس هذه الجماعة على جملة من العقائد أبرزها:
أ ـ أن الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد المسلمين لا تخرج عن كونها أنظمة “جبرية”، وفق التعريف الذي حدده الشيخ ياسين (المسلمون اليوم تحت القهر الجبري، أي الديكتاتوري بلسان العصر، ولهو أفضع من العاض؛ لأن الجبر إن كان يلوح بشعارات الدين كما كان يفعل الملك العاض فقد أفرغ أجهزة الحكم والإعلام والتعليم، وأفرغ قوانين الحكم من كل معنى الإسلام).
ب ـ أن الخلافة الإسلامية، كنظام سياسي، ستعود بعد القضاء على أنظمة “الجبر” وفق الحديث النبوي “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.ثم تكون مُلكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت”.
ج ـ أن حكام المسلمين هم “طواغيت” يجب الكفر بهم ومحاربتهم (ونعرف الوهْن –وهو كلمةٌ مِفتاحٌ- على شكل تخاذل قادة العرب والمسلمين واستسلامهم للعدو، بل تملُّقِهِم المَهِينِ على الأعتاب لتبقى الكراسي عليها أصنام طاغوتية تتماثل لتعبدها أمة التوحيد) .
د ـ أن الديمقراطية نبتة غريبة لا يمكن استنباتها في التربة الإسلامية . فهي بالضرورة علمانية وأن العلمانية بالضرورة كفر وإلحاد . ومن ثم فالديمقراطية مرفوضة لما تتيحه من حقوق وحريات ترى الجماعة أنها تناقض أحكام الشريعة . لكن الشيخ ياسين لا يرفض الديمقراطية إذا كانت وسيلة ترفعه إلى سدة الحكم ثم لا يلبث أن يلغيها.
هـ ـ (لا يصلح الناس فَوضَى، ولا يستقيم أمر المسلمين بلا نظام حكم. ولا يخدم أهداف الإسلام الجماعية والفرديةَ نظامٌ لا يخضع للإسلام ولا تكون طاعتُه من طاعة الله ورسوله. فالإسلام دولة ونظام حكم، لا يُضارّ في ذلك مجادل).
و ـ تكفير النظام السياسي والقوانين الجاري بها العمل (والذي وجدناه أمامنا، في كل قطر من أقطار التجزئة الشنيعة دولةٌ بلا دين، دولة تستخف بالدين، دولة تنكر الدين.)
ز ـ السعي لتطبيق الشريعة (فنحن نريد أن نحكم بما أنزل الله لكيلا تبقى الأمة وعلى عنقها تهديد “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”، “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون”، “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون”.) .
ح ـ المجتمع يعيش “جاهلية” و”فتنة”. وحصر الشيخ ياسين “الجاهلية” في خصائص أربعة مستندا إلى إسقاطات منطلقها آيات قرآنية كالتالي:
1= “ظن الجاهلية” (وطائفةٌ قد أهمتهمُ أنفسهم يظنون بالله غيرَ الحق ظن الجاهلية. يقولون هل لنا من الأمر من شيء) . ليستنتج الشيخ (ظن الجاهلية باطل، “غير الحق”. ظن الجاهلية فراغ في العقيدة، وفقدان للثقة بالله تعالى، وهزيمة وخوف من الموت ونكوص عن الجهاد. ظن الجاهلية عاهة النفوس الجاهلية الأولى، ومصدر بلاء العقل والفكـر والسلوك).
. 2 = “حكم الجاهلية” (ورد ذكر “حكم الجاهلية” في قوله عز وجل عن أهل الكتاب الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يرضَوْا بحكم شريعته المهيمنة على الكتاب، ولم يرضَخوا لحكومة الرسول).
3 = “تبرج الجـاهلية” (الواردِ النهيُ عنها في قوله تعالى يخاطب نساءَ النبيِّ: “يا نساءَ النبيء لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتُنَّ. فلا تخضعن بالقول فيطمعَ الذي في قلبه مرض. وقُلن قولا معروفا. وقَرْنَ في بيوتكن. ولا تبرجن تبرُّج الجاهلية الأولى. وأقمن الصلاة وآتينَ الزكاة. وأطِعْن الله ورسوله).
4 = “حَمِيّة الجاهلية” (“حمية الجـاهلية” هي روح المعبود القومي. هي نقيصة في الدين وفتنة عظيمـة لأنها تنقُـض أساس وحدة الملة . ورد عيب “حمية الجاهلية” وغضبيَّتِها في قوله تعالى يصف غَلَيَان المشركين يوم الحديبية: “إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميَّة حمية الجاهلية).
للحديث بقية.
selakhal@yahoo.fr
* الدار البيضاء
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي؟ 1النظم الشمولية يجب القضاء عليها لانها مافيات ارهابية ضد الشعوب. خاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة … البابا يدعم التدخل الدولي الجماعي في أي دولة تفشل في حماية شعبها نيويورك – راغدة درغام الحياة – 19/04/08// دعم البابا بنديكيت السادس عشر حق التدخل الجماعي للأسرة الدولية في أي دولة «تفشل في حماية شعبها من خروقات مستمرة لحقوق الإنسان ومن أزمات انسانية من صنع الانسان»، وخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الجمعة قائلاً: «في حال فشل الدول في ضمان مثل هذه الحماية، يجب على الأسرة الدولية ان تتدخل بالوسائل القضائية والعدلية التي يوفرها ميثاق… قراءة المزيد ..