برقية وكالة “يو بي أي” التي تناقلتها الصحف والمواقع العربية تغفل بضع كلمات مهمة جداً في تقرير “نيويورك تايمز” وهي أن “حزب الله.. كان يسيطر على المخزن الذي كان يضم الصواريخ”! والفارق كبير بين مخزن سلاح يسيطر عليه نظام الأسد ومخزن سلاح صاروخي متطور يسيطر عليه حزب الله، حتى لو كان المخزن موجوداً قرب اللاذقية السورية!”
سؤالان لا بد منهما في ضوء تقرير “نيويورك تايمز”: الأول، لماذا لم يردّ حزب الله على مسلسل الضربات التي وجّهتها له إسرائيل خلال العام الحالي؟ لقد احتل نصرالله عاصمة بلاده لأن الحكومة الشرعية اعترضت على مد خطوط اتصالات غير شرعية، فلماذا “تسامح” مع إسرائيل التي قصفت قوافله ومخازنه أربع مرات؟ (وبالمناسبة، كم قتيلاً سقط للحزب في غارة اللاذقية؟) والثاني، لماذا وافقت سوريا على تسليم حزب الله صواريخ “ياخونت” المتطورة، التي استخدم الحزب أحدها إبان حرب ٢٠٠٦؟ هل تسعى حكومة الأسد لإقناع إسرائيل بأن “بقاءها” هو الذي يحول دون “سقوط” الأسلحة المتقدمة بأيدي حزب الله؟
*
خلص محلّلو إستخبارات أميركيون، يوم أمس الأربعاء، إلى أن غارة جوية إسرائيلية على مخزن سلاح في سوريا أخفقت في تدمير كل صواريخ ”كروز” المضادة للسفن التي رمت إلى تدميرها، وأنه يُرجَّح أن تشن إسرائيل غارات جديدة.
وكانت إسرائيل شنّت غارة قرب اللاذقية في يوم ٥ تموز/يوليو لتدمير صواريخ باعتها روسيا لسوريا. ومع أن الغارة نجحت بتدمير المستودع، فقد خَلَص محللو استخبارات أميركيون الآن إلى أنه تمّ إنزال قسم من صواريخ ”ياخونت” ونقلها خارج المخزن قبل الغارة.
ورفض المسؤولون الأميركيون الذين أدلوا بالتقييم الجديد الكشفَ عن إسمائهم لأن معلوماتهم ما زالت تتّسم بطابع السرية.
وكان مسؤولون إسرائيليون قد أعلنوا أنهم لا ينوون التورط في الحرب السورية، ولكنهم مستعدون لمنع سقوط أسلحة متطورة في أيدي حزب الله، الذي يشارك في الحرب دعماً للرئيس بشار الأسد، والذي كان يسيطر على المخزن الذي كان يضم الصواريخ.
ويعتبر مسؤولون في البحرية الأميركية والإسرائيلية أن الصواريخ تشكل تهديداً جدياً لسفنهم.
وكانت حكومة الأسد، بعد الغارة، قد سعت لإخفاء حقيقة أن الغارة الإسرائيلية أخفقت في تدمير جميع الصواريخ عبر إشعال النيران في قاذفات الصواريخ والآليات المرافقة لها لإعطاء انطباع بأن الضربة الإسرائيلية كانت مدمرة ولم ينجُ منها شيء- حسب ما يقوله محللو استخبارات أميركييون.
ورفض البنتاغون طلباً للتعليق على معلومات “نيويورك تايمز”، كما أن إسرائيل تمارس سياسة صمت كاملة حول الضربات العسكرية الوقائية.
وهنالك عامل آخر يمكن أن يتسبب برد عسكري إسرائيلي وهو استمرار تدفق الأسلحة لحكومة الأسد، التي تخشى إسرائيل أن قسماً منها يمكن أن يصل إلى حزب الله في لبنان.
وقال مسؤولون أميركيون أن روسيا أرسلت مؤخراً صواريخ مضادة للطيران من نوع “إس آي-٢٦”، وأنه يُعتَقَد انا تقوم الآن بإرسال خبراء للمساعدة في إقامة النظام الصاروخي.
كما سلّم الروس مؤخراً ٢ هليكوبتر نوع “مي-٢٤ هند” أعيد تجهيزهما إلى القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس، ووضعتا بتصرف العسكريين السوريين.
وكان مسؤولون روس قد أصرّوا على أنهم لا يقومون سوى بتنفيذ عقود سلاح قديمة. ولكن العقود القديمة نفسها كانت تشمل نقل أسلحة متطورة لسوريا.
علاوة على ذلك، فإن مسؤولين أميركين يقولون أن تسليم سوريا صواريخ ”ياخونت” التي تملكها لحزب الله يشكل خرقاً لـ”اتفاقية المُنتَفِع النهائي” التي تحظر تسليم الصواريخ لطرف ثالت.
وكانت غارة ٥ يوليو قرب اللاذقية هي رابع ضربة جوية إسرائيلية لسوريا خلال العام الحالي.
وقال مسؤولون أميركيون أن مقاتلات إسرائيلية كانت تحلق فوق شرق المتوسط أطلقت صواريخ جو-أرض ضد المخزن ولم تخترق المجال الجوي السوري مطلقاً. وكان خط سير المقاتلات الإسرائيلية قد ادى إلى صدور تقارير خاطئة مفادها أن غواصة إسرائيلية هي التي شنّت الهجوم.
وعلاوة على استهداف صواريخ ”ياخونت”، فقد شنت إسرائيلي غارة جوية في أواخر كانون الثاني/يناير ضد نظام سلاح آخر ورّدته روسيا: واستهدفت تلك الغارة قافلة صواريخ أرض-جو نوع ”إس أي-
١٧” يعتقد مسؤولون إسرائيليون أن سوريا كانت تنوي تسليمها لحزب الله.
كذلك تشكل شحنات الأسلحة الإيرانية مصدر قلق آخر للإسرائيليين. وفي شهر أيار/مايو، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات استمرت ليومين ضد عدة نظم سلاح كان بينها شحنة صواريخ أرض-أرض متنقلة نوع “فاتح-١١٠” كانت إيران نقلتها إلى دمشق بطريق الجو وعبر المجال الجوي العراقي.
وتملك صواريخ ”فاتح- ١١٠”، التي يخشى الإسرائيليون أنها كانت ستُسَلَّم إلى حزب الله، مدىً يسمح لها بضرب تل أبيب ومعظم الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من جنوب لبنان.
ويقول مسؤولون في الإستخبارات الأميركية أن إيران أرسلت عناصر من ”قوة القدس” إلى سوريا بقيادة الميجور جنرال ”حسين حمداني”، وهو ضابط كبير في ”قوة القدس” مسؤول عن العمليات في سوريا كما يشرف على شحنات الأسلحة لحزب الله. وأضافوا أن مسؤول عمليات إقتناء السلاح في حزب الله يدعى ”الشيخ صلاح”، وهو مسؤول كبير في حزب الله.
وضغطت إيران كذلك على الميليشيات الشيعية العراقية للإنخراط في القتال في سوريا دعماً لحكومة الأسد. وبين هؤلاء ٢٠٠ عنصر من ”قوة بدر”، وهي قوة عراقية كان الإيرانيون يدعمونها إبان حرب إيران المديدة ضد صدام حسين، ثم عادت لاحقاً إلى العراق بعد سقوط صدام.
ويظهر دعم ايران وحزب الله لحكومة الأسد، ثم الغارات الجوية الإسرائيلية، كيف تورطت قوى خارجية في النزاع السوري.
وتقوم السعودية وقطر، من جانبها، بتسليح الثوار السوريين، وقد تخلى الكونغرس الأميركي في الأسابيع الأخيرة عن اعتراضاته على اقتراح ينص على أن توفر إدارة أوباما التدريب وأسلحة خفيفة للثوارالسوريين.