لم يعرف عن المسلمين الهنود تورطهم في أي من العمليات الجهادية التي يقودها تنظيم القاعدة أو التنظيمات الإرهابية المشابهة لها حول العالم، بدليل خلو قوائم القتلى أو المعتقلين أو المطلوبين دوليا من اسم أي هندي، بما في ذلك قوائم المسجونين في غوانتانامو. بل انه لم يثبت حتى مشاركتهم في حروب الجهاد الأفغانية أو في حروب طالبان باستثناء حالة واحدة قيل أن صاحبها وصل إلى أفغانستان عبر السفر أولا إلى كاتمندو و من ثم إلى كراتشي.
صحيح أن بعض الهنود، و لاسيما المنحدرين من ولاية جامو و كشمير ذات الظروف الخاصة، انخرطوا في حوادث القتل و التفجير الإرهابية، إلا أن تلك الحوادث ظلت محصورة في داخل الهند، و في الغالب الأعم كانت ضمن حدود الاحتقان التقليدي أو المناوشات الموسمية ما بين مسلمي البلاد و غالبيتها الهندوسية، أو بفضل تحريض الجماعات التي تدعمها المخابرات الباكستانية عبر الحدود، بمعنى أنها لم تكن صدى لدعوات الجهاد العالمي الصادرة عن القاعدة أو المرتبطين بها.
في الأسباب، قيل أن مسلمي الهند الذين يزيدون على 150 مليون نسمة و يشكلون ثاني اكبر كتلة بشرية مسلمة في العالم بعد مسلمي اندونيسيا، محصنون ضد فيروس الإرهاب الاممي كنتيجة لوجودهم في ظل مجتمع متسامح و نظام ديمقراطي علماني تعددي راسخ، الأمر الذي حال دون نجاح التنظيمات الإرهابية الاجنبية في إغوائهم و تجنيدهم لحسابها. وقد اعترف زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مقابلة منشورة له في بعض المواقع الالكترونية الأصولية بصعوبة اختراق المجتمع الهندي المسلم، مدعيا أن تنظيمه نجح – ربما عبر جماعات كشميرية متطرفة- في القيام ببضع عمليات إرهابية صغيرة داخل الهند ضد بعض المنشآت الحيوية مثل القطارات والجسور، إلا أن ردود فعل مسلمي البلاد لم تكن مشجعة، بل أنهم صدقوا الروايات الرسمية حول أسباب حدوثها و تضامنوا مع حكومتهم. و مما نسب إليه في تلك المقابلة أيضا قوله أن القاعدة لن تقوم بعمليات جديدة في الهند، ليس لصعوبة ذلك فحسب و إنما أيضا لأن تلك البلاد ينخرها الاضطراب و العنف و التمزق تلقائيا “دون تدخل منا بسبب فساد حكومتها و قادتها و سياساتهم القمعية”.
والجدير بالذكر أن نيودلهي حالت دوما، عبر نفي ضلوع القاعدة في أية عملية إرهابية من تلك التي وقعت في الهند في السنوات القليلة الماضية، دون تحقيق أمنية غالية و عزيزة على قلب بن لادن و أتباعه هي إثبات تواجد تنظيمه على الأرض الهندية و تعاطف مسلمي الهند مع مشروعه البائس. و حتى البيان الذي أصدره المدعو “أبو عبدالرحمن الأنصاري” أو من سمى نفسه ناطقا بلسان القاعدة في بلاد الهند، في الشهر الماضي و أعلن فيه الجهاد ضد الهند واتخاذ كشمير مدخلا لذلك، قوبل بالتجاهل و السخرية من الغالبية العظمى من مسلمي الهند الذين اثبتوا دوما كراهيتهم للعنف و التطرف و بالتالي تميزهم على هذا الصعيد عن بقية مسلمي شبه القارة الهندية. و لعل ما ساهم في إفشال هذه الأمنية هو انه حتى الجماعات الكشميرية الانفصالية المناهضة لنيودلهي – باستثناء المتطرفة منها مثل جيش محمد و لاكشار طيبة – نأت بنفسها عن مشاريع القاعدة كي تترك لنفسها مجالا لفتح حوار مع الأمريكيين بغية كسبهم وإقناعهم بالضغط على الحكومية الهندية لإيجاد حل للمعضلة التاريخية.
غير أن ما حدث مؤخرا في بريطانيا من أعمال إرهابية، و ثبوت تورط ما لا يقل عن ثلاثة هنود فيها، يثبت أن القاعدة أو التنظيمات المرتبطة بها لا تزال تفكر و تعمل من اجل توريط مسلمي الهند في أنشطتها الإجرامية لأنهم بعيدين عن الشبهات عند أجهزة المخابرات الغربية، بل تتقصد توريط شبابهم النابغ من ذوي الدرجات و التخصصات العلمية الرفيعة من أولئك الذين يسهل عليها إدخالهم إلى بلاد الغرب دون متاعب. كما يثبت أن القاعدة أو ما شابهها تتقصد تحديدا أولئك الذين قضوا سنوات نشؤ وعيهم المبكرة في مجتمعات إسلامية متشددة، لأن بذرة الغلو و كراهية الآخر تكون حينذاك كامنة فيهم و لا يحتاج بعثها أو تفتحها إلا إلى مجهود تحريضي بسيط.
وهذا بطبيعة الحال لم يكن فقط حال الطبيب الأردني المعتقل على خلفية أحداث بريطانيا الأخيرة محمد العشا، و إنما أيضا حال شركائه الهنود الثلاثة. فالمهندس كفيل احمد الذي أصيب بحروق خطيرة في محاولته الانتحارية لتفجير مستشفى غلاسغو، و شقيقه الطبيب المعتقل في بريطانيا سبيل احمد، و ابن عمها الطبيب الموقوف في استراليا محمد حنيف، لم ينحدروا من عائلات فقيرة بائسة و لم يتلقوا التعليم في مدارس باكستان أو أفغانستان المتشددة و لم يكونوا من العاطلين المحبطين، إنما جاءوا جميعهم من اسر مرتاحة اقتصاديا و متفوقة علميا و وظيفيا، و عاشوا ودرسوا في مدينة بنغلور ، قلعة صناعة البرمجيات الهندية و إحدى أكثر مدن الهند جمالا وتسامحا و نموا. لكنهم جميعا امضوا سنوات مراهقتهم التي يتشكل عادة فيها الوعي في بيئة متشددة دينيا في إحدى الدول العربية، حيث كان يعمل آباؤهم كأطباء، تماما مثل محمد العشا الذي ولد و ترعرع في نفس تلك البيئة يوم كان والده يعمل هناك كمدرس.
وهكذا فان القول باحتمال أن يكونوا قد تأثروا بأفكار دعاة و شخصيات اسلاموية متطرفة أثناء دراستهم و عملهم في بريطانيا، لئن صح بعضه فلا يصح كله. و الدليل نستقيه من رواية الشيخ “سميع الله” إمام مسجد “حضرت تيبو” المواجه لمسكن عائلة الأخوين احمد في بنغلور، حيث اعتادا الصلاة قبل سنوات من سفرهما إلى بريطانيا. فطبقا للإمام، كان الأخوان كثيري الاعتراض والجدل و الدخول في مهاترات معه و مع بقية المصلين لاصرارهما على إدارة المسجد المذكور وفق القواعد و الفتاوي السلفية المتشددة غير الشائعة في أوساط مسلمي الهند، و لقيامهما بحملات متتالية لإيقاف ما اعتاد عليه المسلمون الهنود من طقوس خلال عيدي الفطر و الأضحى وذكرى المولد النبوي، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى طردهما من المسجد و انضمامهما في حدود عام 2002 إلى جماعة “التبليغ” الدعوية ذات المنهج الديني المتشدد.
و بسفر كفيل احمد إلى ايرلندة الشمالية لنيل شهادة الماجستير في هندسة الطيران، ظن مسلمو بنغالور أنهم تخصلوا من الصداع، غير أن الرجل عاد إلى مسقط رأسه في عام 2005 أكثر غلوا وتطرفا بدليل تنظيمه لاجتماعات و حملات لمناصرة الإرهابيين في الشيشان و دعوته الناس إلى الإقتداء بهم، ثم بدليل المواد التي أعلن المسؤولون الهنود مؤخرا عن اكتشافهم لها مخزنة في ذاكرة كمبيوتره الشخصي، و كلها مواد مصورة لم تنشر من قبل و لا يعرف بعد كيفية حصوله عليها، و تدور حول الإعدامات الوحشية وتنفيذ التفجيرات الانتحارية و فتاوي بن لادن وإرشاداته.
و بحسب بعض المصادر الأمنية، يعتقد أن كفيل تجرع شحنة التشدد و العنف الإضافية أثناء تواجده في بلفاست الايرلندية الهادئة و البعيدة عن أنظار أجهزة تعقب الإرهابيين الاسلامويين. لكن على حين يعتقد “شيراز ماهر” العضو السابق في “حزب التحرير” الذي حاولت لندن قبل عامين حظر نشاطه أن مصدر ميله إلى العنف الجهادي هو وقوعه تحت تأثير أتباع هذا الحزب، يعتقد آخرون أن الأسباب تعود إلى ارتباطه بتنظيم القاعدة عبر علاقة جمعته بالإرهابي الجزائري عباس بوتراب الذي اعتقل في بلفاست في عام 2003 وحكم عليه لاحقا بالسجن لمدة ست سنوات.
ربما حادثة إرهابية وحيدة كتلك التي تورط فيها الهنود الثلاثة، لا تكفي للقول أن مجتمعات الهند الإسلامية لم تعد محصنة ضد فيروس الإرهاب الاممي، لكن ما يمكن قوله هو أن هذه الحادثة هي بمثابة تطور خطير و جرس إنذار.
elmadani@batelco.com.bh
*محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
توريط مسلمي الهند في الإرهاب
اذا جردت الاسلام من العنف والارهاب عند ذلك سينحصر ويزول لان الاسلام وفكره قائم على العنف وكتب التراث الاسلامية مليئة بكثير او بادلة كثيرة عن ان الاسلام انتشر بالسيف والعنف والارهاب وكل مسلم يطبق تعاليم دينه فعليه بالجهاد جهاد السيف على كل من لا يؤمن بالاسلام دينا ادلة كثير استطيع سردها هنا ولكن اكتفي باية السيف التي نسخت كل ايات السلم ,,,,