تهدئة في عُمان وتصعيد على ضفاف الخليج الاخرى

0

في الوقت الذي تقوم اجهزة الامن الخليجية بملاحقة النشطاء والاصلاحيين ومحاكمتهم والزج بهم في السجون بتهم واهية ومفبركة، اصدر السلطان قابوس بن سعيد يوم الخميس 21 مارس عفواُ عن نحو ثلاثين شخصاً محكومين او ملاحقين بتهمة اثارة حركة الاحتجاج السياسية والاجتماعية في السلطنة في عام 2011.

العفو شمل مدونين وكُتاب وناشطين حقوقيين كما صرح المحامي لهؤلاء النشطاء السيد قيس القاسمي. وتم تنفيذ العفو فورا واطلاق سراح سجناء الرأي يوم الجمعة 22 مارس، حيث عادوا لذويهم سالمين.

شعب عُمان كان ومازال شعب معزول تماماً عن الشعوب الخليجية الاخرى، ربما بسبب موضعها الجغرافي، او بسبب الاختلاف المذهبي، وقد يكون بسبب الاختلاف الواضح في التوجه السياسي لحكومة السلطان قابوس بن سعيد.

بالكاد يصدر اي خبر او أي تصريح من عُمان او من سلطانها. لكن من المعروف عن عُمان انه الشعب الخليجي الوحيد الذي يتسم بالتواضع ودماثة الاخلاق، وانه الشعب الاكثر نجاحاً في احتواء اقلياته وحفظ حقوقهم.

ان خبرالعفو عن النشطاء العُمانيين اثار دهشة المتابعين للحالة السياسية في دول الخليج، والذي جعل من الخبر اكثر اهمية انه صدر بعد اسبوع من انتهاء اجتماع وزراء الداخلية العرب في الرياض في دورة اعمالهم الثلاثين، والتي ترأسها وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف، حيث نال على لقب الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب في الاجتماع الختامي لتلك الدورة.

تلك الاجتماعات التي تجري بين وزراء الداخلية العرب بين حين واخر عادة تكون سرية للغاية، لكن الشعوب العربية اعتادت انه حين يلتقي وزراء الداخلية، فلا يأتي من وراءهم سوى التهديد والوعيد لشعوبهم، ولا يعتمدون سوى السياسيات الاكثر تصلباً وشراسة ضد المطالبين بالاصلاح في دولهم.

لكن ما جرى في الدول الخليجية بعد ذلك الاجتماع يبين انهم لم يتفقوا جميعاً على سياسة واحدة، وهي سياسة التصعيد وملاحقة الناشطين في بلدانهم، والتضييق عليهم في تحركاتهم، لأنه فيما يبدو ان حكومة السلطان قابوس بن سعيد اتخذت منحى آخر، وستتبع اسلوب التهدئة والمصالحة مع شعبها، وربما سيطرح السلطان مشروعاً اصلاحياً سياسياً في المستقبل القريب.

بينما على الضفة الاخرى من الخليج نجد أن حكومة الكويت وقطر والبحرين والسعودية ومعهم الامارات متجهة لهدف واحد، وهو تكميم الافواه وقمع النشطاء الذي يرفعون اصواتهم للمطالبة بالاصلاح بطرق سلمية بحتة. بتنا كل يوم نسمع عن احكام تصدر في دول الخليج الخمسة بالسجن لسنوات طويلة لنشطاء بتهم عجيبة لم يُسمع بها من قبل، واغربها مس ذات الحاكم بقصيدة او بمدونة..

ان السياسة التي تتبعها دول الخليج الخمسة حالياً ستجر شعوبها الى كثير من خيبات الأمل والاحباط والغبن. ان على تلك الدول ان تلتفت مرة اخرى لمصالح شعوبها بإهتمام، وتعتبر جيدا مما يجري من احداث خطيرة في المنطقة. يتوجب على الحكومات الخليجية جميعها أن تبدأ بجدية في تبني مشاريع اصلاحية، وأن تتوقف عن ملاحقة النشطاء والاصلاحيين، وتطلق سراح سجناء الرأي ويستمعون لهم، لأنهم هم صمام الامان لتلك الدول. فهم نساء ورجال شرفاء، لذلك لا يطبلون ولا يزمرون للمسؤولين الفاسدين، ولا يعملون من اجل نيل مصالح شخصية مثل معظم حاشية الحاكم وكُتاب ورؤساء التحرير في الصحف المحلية.

ايضا حان الوقت ان تعمل الحكومات الخليجية على تحسين حقوق الانسان، وكفل الحريات الشخصية للجميع، وتمكين المرأة من خلال تطبيق بنود وثيقة “سيداو” لمكافحة التمييز ضد المرأة. ومن الامور التي يجب معالجتها حالا في دول الخليج هي حماية حقوق الاقليات والطفل والكف عن العزف على وتر فرق تسد.

ايضا يجب ان يُسارع حكام الخليج بإعتماد سياسيات تكفل توزيع الثروات بين افراد شعوبها من اجل ترسيخ العدالة الاجتماعية، وان يكافحوا الثراء الفاحش غير المشروع، وذلك من خلال تجفيف منابع الفساد الاداري والمالي الذي سببّ البطالة بين الفتية وزاد من افقار الناس، وأدى الى تعثر كثير من المشاريع التنموية في تلك البلدان.

على ملوك الخليج وشيوخها ان يتذكروا ان الزج بالنشطاء والاصلاحيين في السجون يقتل الصوت الصادق الوحيد في بلدانهم والذي هم في اشد الحاجة لسماعه .. ان القمع لا يحقق الامن ابداً ..وحدها العدالة الاجتماعية القادرة على تحقيقه..

salameyad@hotmail.com

كاتبة من السعودية

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading