خاص بـ”الشفاف”
في اليوم نفسه تقريباً، تم تدشين تمثال جديد لـ”فليكس دزيرجينسكي” أمام مقر جهاز الإسخبارات الخارجية في موسكو، وانتُخِب” تاجر السلاح، وضابط الإستخبارات السابق “فيكتور بوت” نائباً عن حزب يميني معارض نظرياً ولكنه تابع لفلاديمير بوتين.
بعد ثمانية أشهر من إطلاق سراحه من سجن أميركي (قضى فيه 15 سنة) مقابل لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني غرينر، في ديسمبر/كانون الأول 2022، بدأ السجين السابق، “فيكتور بوت، مسيرة “سياسية” في روسيا.
حسب جريدة “لوموند”، في يوم الأحد الموافق العاشر من سبتمبر/أيلول، خلال تصويت محلي تحت السيطرة الكاملة، أعيد تعيين جميع حكام الولايات الستة والعشرين الذين طلبوا تجديد ولايتهم، بنسبة لا تقل عن 70%. ومن بين المسؤولين المنتخبين المحليين المعينين حديثًا، نجد وجهًا غير متوقع، وهو وجه فيكتور بوت، الذي يمكن التعرف عليه على الفور.
بعد 15 عاماً من الاعتقال في الولايات المتحدة، فإن تاجر الأسلحة هذا المعروف في جميع أنحاء العالم إلى درجة أنه ألهم فيلم “سيد الحرب” الذي لعب فيه الممثل نيكولاس كيج، أصبح الآن نائباً “معارضاً” في برلمان منطقة أوليانوفسك، وهي منطقة متواضعة تقع على ضفاف نهر الفولغا.
“أبدأ من مكان ما.”
ظهر فيكتور بوت، البالغ من العمر 56 عامًا، مؤخرًا على قائمة الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي للانتخابات المحلية في أوليانوفسك. وهذا الحزب، الذي قاده القومي المتطرف فلاديمير فلاديمير جيرينوفسكي حتى وفاته في أبريل/نيسان 2022، هو رسميا في “المعارضة”، لكنه مخلص في كل شيء للكرملين. ولدى هذا الحزبل “تقليد” الترحيب في صفوف باشخصيات متناقضة القادرة على جذب انتباه الجمهور.
وفي يوم الأحد، جاءت قائمة الحزب الديمقراطي الليبرالي في المركز الثالث بنسبة 13.56% من الأصوات، وهو ما يكفي لمنح فيكتور بوت مقعدًا في المجلس الإقليمي. وأدان الشيوعيون، الذين حلوا في المركز الثاني، عمليات التزير واسعة النطاق التي قام بها الحزب “الرئاسي، حزب “روسيا الموحدة.
في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، برر فيكتور بوت، المقل للكلام، اختياره دخول السياسة قبل أيام قليلة من الانتخابات، برغبته في “فعل كل شيء من أجل بلده”. وقال: “عندما تغيب لمدة خمسة عشر عاماً، عليك أن تبدأ من مكان ما”. إن تحمل المسؤولية على المستوى الإقليمي يسمح لي بفهم المشاكل والالتقاء بالناس. »
تقليد الإنزال بـ”المظلات”
وأوضح تاجر الأسلحة السابق في هذه المقابلة أنه لا علاقة له بمنطقة أوليانوفسك وأنه لم يطرح أي برنامج معين. وهو نفسه يعترف بأنه “مضطر إلى التكيف مع الحياة بحرية، قائلًا على سبيل المثال إنه بدأ للتو في فهم كيفية عمل “الهاتف الذكي.
ويمثل “الإنزال بالمظلات”، بشكل خاص، تقليداً راسخاً الآن في روسيا ــ وهو نوع من المكافأة “للأبطال” العائدين من المهمات، وفي نفس الوقت عمل “إنتقامي”. وفي السنوات الأخيرة، برزت شخصيات روسية أخرى مطلوبة أو مسجونة من قبل الدول الغربية إلى واجهة المشهد السياسي. مثل “أندريه لوجوفوي“، على وجه الخصوص، المشتبه به في مقتل العميل السابق “ألكسندر ليتفينينكو”، الذي تسمم بالبولونيوم في عام 2006 في المملكة المتحدة، والذي أصبح نائباً في مجلس الدوما الفيدرالي، تحت عنوان الحزب الديمقراطي الليبرالي نفسه. أو حتى “ماريا بوتينا“، التي احتُجزت لمدة أربعة عشر شهرًا في الولايات المتحدة بتهمة اختراق الدوائر السياسية نيابة عن موسكو. وقد تم إطلاق سراحها في عام 2019، وتم انتخابها نائبة عن حزب روسيا الموحدة في عام 2021.
مؤسس الإرهاب البلشفي والسوفياتي
وفي إشارة إلى تطور نظام فلاديمير بوتين، في نفس اليوم تقريباً، عاد تمثال فيليكس دزيرجينسكي، مؤسس الشرطة السياسية للاتحاد السوفييتي، إلى موسكو
وتم تدشين نسخة أصغر قليلاً من التمثال، الذي فككته الحشود عام 1991، أمام مقر جهاز المخابرات الخارجية SVR. وأشاد مديرها « سيرغي ناريشكين » Sergueï Narychkine بالرجل “الذي ظل مخلصًا لمُثُله في الخير والعدالة حتى النهاية. »
إعادة تأهيل متسارع
حسب جريدة « لوموند » الفرنسية كان مؤسس « التشيكا »، فيليكس دزيرجينسكي، أحد مهندسي الإرهاب البلشفي الذي أدى إلى عمليات الترحيل الجماعي والإعدامات. والآن أصبح هذا الجانب المركزي من عمله غائباً في روسيا، حيث تؤكد الكتب المدرسية الجديدة فقط على الفوائد الاقتصادية، أو حتى الأخلاقية، التي تعود على معسكرات العمل (« الغولاغ »).
وفي تقريرها عن افتتاح النصب التذكاري يوم الاثنين، أشارت وكالة الإعلام الروسية: “كما يوضح المؤرخون، فإن تأسيس الأجهزة الخاصة (أي الاستخبارات) تحت قيادة دزيرجينسكي لم يسمح فقط بالحفاظ على الدولة وتطويرها، بل أرسى أسس الفن العملياتي الذي جعل الإستخبارات الروسية من بين الأقوى في العالم. »
*
سيرته:
حسب “الويكيبديا”:
يحظى فيليكس دزيرجينسكي بسمعة كبيرة في صفوف رجال المخابرات السوفيت والروس الذين يعتبرونه مؤسس جهازهم الأمني ورمز الشرف المخابراتي وفارس السيف والترس – وهو شعار جهاز الأمن الروسي – وقال فيليكس الحديدي في زمانه «لا بد أن يتحلى رجل المخابرات السوفيتي ببرودة الأعصاب والقلب الساخن واليد النظيفة.» ومازالت تماثيله وصورة تزين العديد من مكاتب الأمن في روسيا.
ولد فليكس ادموندوفيتش دزيرجينسكي في 11 سبتمبر / ايلول عام 1877 في قرية دزيرجينوفو في قضاء اوشمياني بمحافظة فيلنو – في ليتوانيا – في عائلة نبيل بولندي حيث كان والده يعمل أستاذ جامعي في جامعة سان بطرسبرغ لكنة توفي بمرض السل.[5] في صغره كان دزرجنسكي يجيد ثلاث لغات الروسية، البولندية واللاتينية.[6]
انتماؤه للحزب وقربه من “روزا لوكسمبورغ”
قبل تخرج دزيرجينسكي طُرد بسبب نشاطه الثوري واعتقل في عام 1897 لكنه تمكن من الهرب من سيبيريا بعد ذلك بعامين. ذهب إلى وارسو حيث انضم إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي في بولندا – (SDPP) – الذي تم تشكيلة من قبل روزا لوكسمبورغ. واعتقل عام 1898 بسبب ممارسته العمل الثوري والدعائي في أوساط العمال الشباب وتم نفيه إلى محافظة فياتكا في شمال روسيا لمدة 3 أعوام. فهرب من المنفى في عام 1899 وأصبح ثائراً محترفاً.[6]
الثورة البلشفية والتحالف مع تروتسكي
رحب دزيرجينسكي بثورة فبراير عام 1917 في روسيا التي حررته من السجن وانخرط في العمل الثوري الرامي إلى التحضير للثورة الثانية بقيادة البلاشفة، وشارك في ثورة أكتوبر / تشرين الثاني 1917 حيث سيطر على مكتب التلغراف والتلفون المركزي في بتروغراد. وترأس على الفور لجنة الطوارئ وبقي في هذا المنصب حتى عام 1922. ومن أقواله الشائعة «لجنة الطوارئ ليست بالمحكمة، لجنة الطوارئ ما هي إلا حامية الثورة، يجب أن تدافع لجنة الطوارئ عن الثورة وأن تنتصر على العدو.» كان دزيرجينسكي من أنصار الشيوعية اليسارية والثورة العالمية وتحالف مع تروتسكي في سعيه إلى إشعال الثورة في أوروبا وترأس البلاشفة البولنديين إبان الحرب السوفيتية البولندية عام 1920.[7]
آخر سنواته
تولى في آخر أعوام حياته رئاسة بعض الوزارات في حكومة لينين منها وزارة المواصلات، كما ترأس لجنة تحسين حياة الأطفال المشردين. وفي فبراير عام 1924 ترأس مجلس السوفيت الأعلى للاقتصاد الوطني حيث سعى في هذا المنصب إلى إرساء قاعدة متينة للأقتصاد الوطني عن طريق تطوير الحياة في الريف وتطوير القطاع التجاري الصغير. ودعا إلى تخفيض قيمة المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعة عن طريق رفع إنتاجية العمل
وفي أواخر أيامه طرح دزيرجينسكي فكرة وجوب تغيير بنية جهاز الدولة بغية الحيلولة دون تركيز السلطة مستقبلاً بأيدي شخص واحد، ولكن لم يصغ أحد إلى دعوته هذه.[7]
الوفاة
توفي دزيرجينسكي في 20 يوليو / تموز عام 1926 بعد إلقائه خطاباً انتقادياً عنيفاً حول الوضع الاقتصادي في البلاد في الاجتماع الكامل للجنة الحزب المركزية، أصابته نوبة قلبية مات على اثرها.
وفي رواية أخرى أن ستالين قتله بالسم.