شوكت كان من المقربين الجدد من موسكو
ينشر “سيريا بوليتيك” سلسلة مقالات، أرسلها إلى موقعنا مسؤول سياسي مدني سوري سابق، تقاعد من عمله منذ سنوات طويلة، ويتحدث فيها عن قضايا مثيرة يتم كشفها للمرة الأولى كما يعتقد هو شخصيا. وإذ ينشرها “سيريا بوليتيك” ( بعد بعض التحرير اللغوي لها) فإنه لا يتبنى محتواها نهائيا نظرا لأنه لا يمكن التأكد من صحة ما يأتي ذكره في هذه المقالات من مصادر أخرى.
كتبت سابقا عن الانقلاب الذي حصل عام 1999 ضد الفريق المؤيد للروس في دمشق. واليوم قرأت كلام مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، الذي قال حرفيا “فيما يتعلق بالاستعدادات لانتصار المعارضة، فلا يجوز استبعاد ذلك بالطبع. يجب النظر إلى الوقائع، هناك توجه إلى هذا المسار. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على مزيد من أراضي البلاد أكثر فأكثر”.
هو تصريح عادي بالنسبة لي لأني منذ فترة قريبة سمعت تصريحات أقسى للرئيس الروسي عندما قال إنه لا تربط صلات موسكو صلات قوية بالرئيس السوري كما كانت أيام والده.
الروس أكثر ما دمرهم في سوريا في السنوات الأخيرة هو تغلغل الايرانيين في القرار السوري. الإيرانيون واجهوا الغرب مستخدمين سوريا كمجرد ورقة تفاوضية إقليمية. حافظ الاسد وضع حدا للتغلغل الايراني في حياة السوريين كلهم في المجتمع والسياسة. عندما مولت ودعمت إيران (ج.أ) من خلال جمعية المرتضى التي راحت تنشر التشيع في أوساط أبناء الساحل، ولا أقصد هنا التشيع الحر الإرادة بمعنى أن الناس يتشعيون بإرادتهم الحرة، وإنما أقصد إغراء الشباب بالانتماء لهذه الجمعية، أمر حافظ الاسد بتدمير مقرات الجمعية وإنهاء عملها فورا.
السؤال: هل حصل انقلاب ثان ضد الروس كما ذلك الذي حصل في 1999 ؟ ربما . عندما تحدثت عن انقلاب 1999 قلت أنها معلومات. اليوم سأفترض أن انقلابا آخر حصل عام 2011 ضد الروس، وهذا الافتراض أبنيه على “معلومات شحيحة” لدي، وعلى فهمي لتركيبة الوضع المعقدة في سوريا.
لدينا المعطيات التالية:
– لا زلت حتى اليوم أعتقد أن ما يسمى تفجير مكتب الأمن القومي، هو رواية رسمية. ورغم أن المعارضة السياسية والعسكرية دائما تشكك بكل الروايات الرسمية وتسخر منها إلا أنها هذه المرة سرعان ما صدقت الرواية لا بل تبنت العملية، أي تفجير مكتب الأمن القومي. منذ فترة قالوا أنه تم القبض على الشبكة التي وقفت وراء التفجير، لكن لم تظهر هذه الشبكة. مقتل شخصيات مهمة في البلاد، يمر مرور الكرام، ولا توجد نتائج تحقيق.
– لا أعرف كيف اقتنع الاعلام العالمي والعربي، وكيف كانت تقول المعارضة، بأن ضحايا التفجير هم أعضاء خلية أزمة في البلاد. حقيقة لا أعرف كيف تمر هذه التسمية على المحللين الاستراتيجيين ؟ ببساطة هل يعقل أن يوجد خلية أزمة لا يحضر فيها ولا ضابط استخبارات واحد ؟ طبعا باستثناء مدير مكتب الأمن القومي هشام (الاخيتار) ولكنه ضابط متقاعد دوره سياسي أكثر مما استخباراتي، وفي بلد مثل سوريا يصعب أن يتم تشكيل خلية أزمة فيها ممثل أمني واحد فقط ؟
– لكني أعرف جيدا أن آصف شوكت لم يكن رقما سهلا في سوريا ليس كما تقول عنه وسائل الاعلام التي أصبحت تحول أي خبرية تسمعها وشائعة إلى خبر عاجل. عندما كان على رأس شعبة الاستخبارات العسكرية تأسس في عهده فرع جديد وهذه أول مرة تكشف هذه المعلومة. كان يدرك جيدا السمعة السيئة لكلمة “فرع” في حياة كل سوري، ولذلك حاول أن يؤسس فرعا من نوع آخر. استفاد من علاقته المحترفة بالروس وأرسل مئات الشباب المهندسين خاصة في مجال الهندسة المعلوماتية والهندسة الالكترونية، ليخضعوا لدورات متقدمة، ولم يعرف أحد آنذاك طبيعة هذه الدورات. عادوا إلى سوريا لاحقا. فيما بعد عرفنا بالفرع الجديد الخاص بموضوع (…). لا أريد كشف المزيد هنا لأن فعلا الفرع كان له علاقة فقط بالأمن الوطني لسوريا، ولو كانت له علاقة ولو قليلا بملاحقة أي سوري يعبر عن رأيه لكنت ذكرت الاسم فورا. لم تكن تربطني به علاقة، ولكن هذه بعض الحقائق، التي أريد من خلالها الإشارة إلى استمرار خيوط بعض المسؤولين المعروفين بالروس في السنوات السابقة. آصف شوكت، وخلال المفاوضات مع الجانب الايراني حول الاتفاقيات العسكرية التي كان يتم تحضر للتوقيع عليها، وهذا الكلام منذ سنوات طويلة، كان من الشخصيات التي وقفت ضد إقامة قواعد عسكرية إيرانية في سوريا. أكثر ما كان يزعج آصف شوكت هو سماعه للتقارير الإخبارية التي يسربها الاعلام الايراني بأن إيران ستدفع ثمن أسلحة سورية جديدة من روسيا.
شوكت استفاد مثل غيره من وجوده في السلطة أي الاثراء غير الشروع، ولكن لم يتحول مع عائلته إلى مافيا تضع يدها على أملاك وشركات الآخرين، ولم تسجل حالات من هذا النوع ضده في محافظته طرطوس، على عكس مسؤولين أخرين كانوا يضعون أيديهم على أملاك الناس وشركات تجار آخرين من أبناء مدنهم.
– وإذا ما تحدثنا عن العماد داود راجحة الذي كان نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة ووزير الدفاع، يكفي أن أقول أنه كان يعقد لقاءات دائمة مع السفير الروسي بدمشق عظمة الله كولمحمدوف، والتي لم تكن لاستعراض علاقات البلدين وسبل تطويرها كما كانت تكتب وكالة “سانا” وليس لشرب الشاي معا. كانت زيارات راجحة إلى روسيا مهمة في وقتها. لن أتحدث كثيرا الآن حول هذا الموضوع.
– شخصيا، لا أعتقد أن هشام الاختيار كان صديقا للروس.
– ولم أفهم أيضا لغز ذلك المسؤول الذي “نفد” من “التفجير المفترض”.
سوف تبقى قناعتي الدائمة، أن الروس تلقوا ضربة كبيرة خلال فترة مرض حافظ الأسد وبعد موته، عندما حصل انقلاب 1999 على المقربين إليهم. حاولوا لاحقا بناء بعض الخيوط وإحياء “المكاتب” (هذه قصة طويلة أي قصة المكاتب التي كانت موجودة منذ عام 1974 إلى 1999 في سوريا وهذا سر كبير لن أكتب عنه الآن) وربما كانت فكرة إعادة إحياء المكاتب صعبة بالنسبة لهم، لذلك بنوا خيوطا من مسؤولين يريدون علاقات متوازنة مع الروس والعرب والفرنسيين والايرانيين في نفس الوقت. لكن يبدو أنه تم قطع هذه الخطوط مجددا من قبل نفس الجهات التي قطعت خيوطهم عام 1999 ولكن بأدوات مختلفة هذه المرة إذ أن بعض الأدوات التي لعبت في ذلك الوقت لم تكن موجودة في 2011. تذكروا جيدا أن العامل المهم الذي كان سيساعد الروس على وجود قوي في حوض المتوسط هو وجود سوريا مستقرة وقوية عسكريا وسياسيا، وهذا لم يحصل.
موضوعات مرتبطة:
ح 1..مسؤول سابق يكتب لسيريا بوليتيك:موسكو بحثت عن فريقها السوري ولم تجده
ح2 .. مسؤول سابق يكتب لسيريا بوليتيك: انقلاب عام 1999 في دمشق
العميد اياد محمود يهاجم اللواء بهجت سليمان ويحمله مسؤولية ما يحدث الآن في سوريا