إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تورّط شيوخ من الأسرة الحاكمة زاد من خطورة ظاهرة الفساد في البلاد حيث اتّخذت في بعض الأحيان طابعا منظّما تديرها عناصر من داخل أجهزة الدولة.
الكويت- أعاد الكشف عن عملية اختلاس جديدة تسليط الأضواء على القضية المعروفة في الكويت بقضية صندوق الجيش، ويتوّقّع أن يفضي إلى إعادة فتحها أمام القضاء بعد أسابيع قليلة من إغلاقها بإصدار أحكامه النهائية فيها.
وكانت القضية قد شغلت الرأي العام الكويتي، ليس بسبب اتصالها بجهاز أمني حسّاس وضخامة المبالغ التي طالتها السرقات، لكن بسبب تورّط مسؤولين كبار في الدولة فيها بينهم شيخان من الأسرة الحاكمة.
وطالب النائب في البرلمان الكويتي سعود العصفور الثلاثاء بالتحقيق في ما صرّح به وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد الصباح بشأن اكتشاف عقد شراء أجهزة تجسس لم تدخل وزارة الدفاع .
وقال العصفور “ما تمت إثارته من شراء أجهزة تجسس من أموال صندوق الجيش بعيدا عن رقابة الأجهزة العسكرية والأمنية أمر في غاية في الخطورة. ويجب أن يضاف إلى تكليف لجنة حقوق الإنسان (البرلماني) تكليف بالتحقيق في هذا الموضوع ليحاسب من خالف القانون”.
وتحقّق لجنة من وزارة الدفاع هذه الأيام في حادثة تعرُّضِ مواطن كويتي للتعذيب داخل مقرّ للاستخبارات العسكرية، وهي القضية التي أثارها النائب في مجلس الأمّة مرزوق الغانم بتوجيهه سؤالا إلى وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد بشأن احتجاز المواطن تركي عبداللطيف العنزي مطلع شهر ديسمبر الجاري لدى هيئة الاستخبارات والأمن بالوزارة و”إيذائه جسمانيا ومعنويا لإكراهه على الإدلاء بمعلومات أو اعترافات غير صحيحة”.
وتتعلّق المعلومات التي كانت تبحث عنها الهيئة بقضية صندوق الجيش الذي طواه القضاء بطريقة لم تقنع الكثير من الجهات الكويتية.
ورأى النائب عبدالكريم الكندري أن تشكيل لجنة التحقيق من قبل لجنة وزارة الدفاع ومن قبل النيابة العامة لا يكفيان، وطلب بناء على ذلك قيام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية بتحقيق مواز ومستقل.
وقال والد العنزي إنّ التحقيق الذي خضع له ابنه يتعلّق بوقائع لا يعلم عنها أيّ شيء متعلقة بوزير الدفاع والداخلية الأسبق خالد الجراح الصباح.
وكان العنزي جنديا في وزارة الدفاع ومرافقا للوزير الجراح الذي خضع للمحاكمة في قضية صندوق الجيش وحكمت عليه محكمة التمييز بالسجن سبع سنوات مع الشغل والنفاذ في تهم تتعلق بإساءة استخدام أموال الصندوق المذكور، بينما امتنعت المحكمة في المقابل عن النطق بعقاب رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح وألزمته بدفع غرامات مالية.
وأكد وزير الدفاع في جلسة مجلس الأمّة التي عقدها الثلاثاء أن لجنة التحقيق في قضية صندوق الجيش اكتشفت أن هناك قضيتين هامتين لم تكن أيّ منهما معروفة، تتعلّق الأولى بوجود عقد مدفوع الثمن من صندوق الجيش لشراء أجهزة تجسس ليست موجودة لدى أجهزة الاستخبارات في الجيش الكويتي، وتتعلّق الثانية بشحن مشروبات كحولية في طائرات عسكرية.
وتبلغ قيمة الاختلاسات التي تمّ الكشف عنها سابقا ضمن تفاصل قضية صندوق الجيش المتهم فيها رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح، ووزير الدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح وسبعة آخرون، حوالي 800 مليون دولار تم سحبها من الصندوق المخصص لمساعدة العسكريين عندما كان الشيخ جابر والشيخ خالد يتوليان المنصبين القياديين في الدولة.
وكان وزير الدفاع الأسبق الشيخ ناصر صباح الأحمد ابن الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد قد وقف وراء تفجير القضية بتقديمه بلاغا للنائب العام اتهم فيه الشيخ خالد الجراح بإنجاز تحويلات مشبوهة من صندوق الجيش بموافقة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ جابر المبارك.
وعقب تفجر القضية اعتذر الشيخ جابر المبارك عن عدم قبول إعادة تعيينه رئيسا للوزراء بعد أن كلفه أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد بإعادة تشكيل الحكومة، مشيرا إلى وجود حملات إعلامية ضده. وتوفي الشيخ ناصر في ديسمبر 2020 بعد شهور قليلة من وفاة والده حاكم البلاد السابق.
وأرجعت مصادر كويتية الكشف عن قضية الفساد في صندوق الجيش إلى صراع وتنافس بين أفراد الأسرة الحاكمة، نظرا لكون من فجّر القضية ليس سوى ابن أمير البلاد السابق. وتساءل البعض آنذاك حول ما إذا كان المتورّطون في القضية سيحاسبون بالفعل لولا ذلك الصراع والتنافس، مؤكّدين أنّ قضايا كثيرة مشابهة تمت التغطية عليها بفعل نفوذ المتورّطين فيها وتمكّنهم من شراء صمت المطّلعين عليها.
وتعدّدت قضايا الفساد بشكل لافت في الكويت خلال السنوات الأخيرة، واكتست خطورة استثنائية حيث اتّخذت في بعض الأحيان طابعا منظّما حيث أصبحت تتم عن طريق شبكات متشّعبة يمتد نفوذ بعض عناصرها إلى داخل أجهزة الدولة.
وزاد تورّط شيوخ من الأسرة الحاكمة من خطورة الظاهرة في ظل حديث عن تنافس وتسابق من قبل بعض الشيوخ على تحصيل ثروات بأسرع وقت ممكن عن طريق الوصول إلى أموال الدولة ونهبها.
وسبق للقضاء الكويتي أن أدان الشيخ صباح ابن الشيخ جابر المبارك في قضية غسل أموال عرفت بـ”الصندوق الماليزي”، وتورط فيها أيضا قضاة تبين تواطؤهم مع باقي المتهمين قصد التغطية عليهم وحمايتهم من المحاكمة والعقاب.
وسبق لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنّ حذّرت من تحوّل الفساد إلى “سمة أساسية من سمات الحياة اليومية في الكويت وتهديد لوجود الدولة وقدرتها على العمل”، منبهة في تقرير لها إلى اتّخاذ الظاهرة أشكالا مختلفة لا تقتصر على الاختلاس وتبييض الأموال، وتحوّلها إلى منظومة من خمس طبقات تتقاطع مكوّناتها ويغذي بعضها بعضا، ما يصعّب عملية مكافحتها.
كفارئ.. تبدو لي قصة المشروبات الكحولية كـ”إضافة” مشبوهة. وقد أكون مخطئا.