تصريح جعفري: الإيرانيون “مستشارون” فقط.. و”العسكر” من لبنان!

0

التصريح الذي أدلى به القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في طهران أمام وسائل إعلام محلية وعالمية، حول وجود عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري في سوريا ولبنان، ليس اعترافا بقدر ما هو إثبات لحقيقة ظلت المعارضة السورية تنادي بها، منذ اندلاع الإحتجاجات الشعبية في سوريا ضد نظام الأسد.

ورغم أن الإعتراف الرسمي الإيراني جاء متأخرا جدا عن معلومات أكدتها المعارضة السورية منذ بدايات الأزمة، إلا أنه يحمل في طياته الكثير من الواقعية، خاصة لجهة تأكيد اللواء جعفري أن وجود العسكريين الإيرانيين في سوريا يقتصر على الإستشارات والإفادة من الخبرات، فالشخصية الإيرانية هي شخصية متوازنة متماسكة، تغلب العقل على العاطفة، وهي تندفع إنما لا تنخرط، تجيد اللعب على الأطراف وتنقض حين تخلو الساحات، يهمها في كل ذلك أمرين: المصلحة والسلامة.

سقوط إيرانيين في سوريا يحرّك الشارع الإيراني

ومصلحة إيران في دعم نظام الأسد سواء كان دعما عسكريا أو إقتصاديا أو إستشاريا، تأتي من كون سوريا هي الموقع الجيوسياسي الوحيد الذي يعزز حضورها في المنطقة. لكن المصلحة هذه لا تعني تقديم قرابين بشرية، لأن ذلك يتنافى بالدرجة الأولى مع تركيبة الشخصية الإيرانية، إضافة إلى أن سقوط قتلى إيرانيين في معركة الدفاع عن الأسد، قد يحرك الجمر تحت رماد الشارع الإيراني المعارض، ويكون النظام الإيراني بذلك قد أهدى “المعارضة الخضراء” فرصة لمعاودة النهوض من حيث لا تحتسب. يضاف إلى ما سبق فإن الجمهورية الإسلامية ما زالت منصرفة بكل مكوناتها إلى صراع النفوذ الدائر على أشده بين المرشد والرئيس، والذي يعطل الحياة السياسية في البلد، بالتزامن مع الوضع الإقتصادي المتجه نحو الإنفجار على وقع العقوبات الدولية.

وليس تصديقا لكلام اللواء جعفري أو تبرئة للحرس الثوري الإيراني من دم الشعب السوري، لكن الإيرانيين أذكى وأعقل من أن يقدموا القرابين من لدنهم، وهم يتصرفون على طريقة مثلهم الشعبي الذي يصف من يتصدق من مال غيره بأنه “يتصدق من كيس الخليفة”، لذلك لا بد من وجود “كبش محرقة” يفي بالمطلوب، وكبش المحرقة في هذه اللعبة هو ليس إلا عناصر حزب الله في لبنان.

وعليه يؤكد سكان المناطق الشيعية أنه منذ اتجهت الثورة الشعبية في سوريا نحو المواجهة المسلحة مع جيش النظام، أصبح مشهد نقل الجثامين بواسطة “الفانات” أمرا مألوفا لدى الأهالي في القرى والبلدات الشيعية، حيث يتم بعدها توزيعهم على عائلاتهم بسيارات الإسعاف، ومن ثم تشييعهم في جنازات متفرقة تحت جنح الظلام، في ظل تكتم شديد من قبل قيادة حزب الله حول مكان وزمان استشهادهم، والإكتفاء بالقول إنهم قضوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي.

ويتناقل أهالي “المتفرغين” في حزب الله أن أبناءهم خلافا لما اعتادوا عليه سابقا، أصبحوا لا ينتهون من دورة تدريبية إلا ليلتحقوا بأخرى، وهذا ما لم يحصل حتى في أكثر الأوقات توترا مع إسرائيل، ويؤكدون أن مدة الخدمة العسكرية الروتينية على الحدود، لم تكن تتجاوز الخمسة عشر يوما في الحالات العادية، وترتفع إلى شهر في حالات الإستنفار، لكن أبناءهم هذه الأيام يذهبون ولا يعودون، رغم أن الحدود مع إسرائيل أكثر من مستقرة.

ومع إنطلاق أولى الطلقات في معركة حلب، تحدث سكان الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب عن وصول أكثر من خمسين جثة لعناصر في حزب الله، توزعت على هذه المناطق ليلا، كانت الحصة الأكبر لمناطق بعلبك والهرمل، فشيعت بلدة الكرك قرب زحلة وحدها ستة جثامين، واستقبلت “روضة الشهيدين” في الشياح عددا آخر، كذلك مناطق النبطية وبنت جبيل والبسطا وزقاق البلاط في بيروت، وقيل يومها إن “الشباب” قضوا خلال تدريبات عسكرية في مركز للحرس الثوري في إيران، وهذا ما لم يقتنع به أهاليهم الذين أوشكوا على الإنتفاض بوجه حزب الله، لولا تدخل مسؤولين جهاديين في الحزب لتهدئة الخواطر، ولملة الفضيحة، إضافة إلى أن مؤسسة الشهيد التي تعنى بدفع تعويضات لعائلات شهداء المقاومة، قد رفعت هذه الأيام قيمة التعويض إلى أكثر من ثلاثين مليون، وهو المبلغ المتعارف عليه، في سبيل شراء السكوت.

هذا في ما يتعلق بالقتلى أما الجرحى فلهم تدبير آخر، يقول أحد الممرضين العاملين في
“إن المستشفى تستقبل بشكل سري جرحى حزب الله في سوريا”، ويؤكد “أن المستشفى امتنع عن استقبال المرضى بطلب من حزب الله، لئلا ينكشف أمر الجرحى”، وتتطابق معلومات الممرض مع شهادة من أحد عناصر الصليب الأحمر الذي كان يقوم بنقل مصاب في حادث سير على أوتوستراد الزهراني- صور، إلى المستشفى إياه، فتفاجأ بوجود عناصر من حزب الله عند بوابة المستشفى منعوه من الإقتراب منها.

وفي المحصلة يبدو أن تبادل الخبرات وتبادل القمع سمة محور الممانعة والمقاومة، فيوميات المعارضة الإيرانية تشهد أن عناصر حزب الله الذين تدربوا على أيدي الحرس الثوري الإيراني، شاركوا في قمع المظاهرات التي اندلعت في طهران عقب الإنتخابات الرئاسية صيف 2009، لذلك لا ليس هناك ما يدعو إلى الإستغراب في ما أعلنه اللواء جعفري، فقد بدا كمن “فسر الماء بعد جهد بالماء”، هذا إن لم الإعتراف الرسمي الإيراني تمهيدا للبدء بمفاوضات رسمية برعاية تركية، للوصول إلى تحرير المختطفين الإيرانيين لدى الجيش الحر.

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading