ماذا سيكون تأثير فشل حزب إردوغان في إحراز الأغلبية البرلمانية؟
يتوقّع رئيس تحرير جريدة “حرية“، “مراد يتكين“، أن ترغم الضغوط التي تمارسها أوساطُ رجال الأعمال، والنوّاب المنتخبون حديثاً، والمجتمع التركي بشكل عام، قادة الحزبين الكبيرين، أي “العدالة والتنمية“ بقيادة أحمد داوود أوغلو و“حزب الشعب الجمهوري“ بقيادة كمال كيليتشدار أوغلو على تشكيل حكومة إئتلافية بعد مفاوضات يمكن أن تستمر عدة أسابيع.
وهذا سيقطع الطريق على إجراء انتخابات جديدة في شهر نوفمبر كما يفضّل رئيس“حزب الحركة القومية“، دولت بحصلي، الذي يرفض أي تحالف مع “حزب ديمقراطية الشعوب“ الذي يتزعمه “صلاح الدين ديمرطاش“، أو حتى رجب طيّب إردوغان الذي ربما ما يزال يحلم بأكثرية ساحقة تسمح له بالتحوّل إلى “سوبر رئيس“.
وإذا ما تم تشكيل حكومة إئتلافية بين الحزبين الكبيرين، كما تطالب أوساط رجال الأعمال، فإن أول ما قد يتغير هو سياسة تركيا الخارجية. فالسياسات الخارجية لحكومات حزب العدالة والتنمية منذ بداية “الربيع العربي“ في ٢٠١٠، وخصوصاً سياساته إزاء سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، كانت موضوع إنتقادات من حزب الشعب الجمهوري إبان الحملة الإنتخابية، وحتى قبلها. ولذلك يمكن أن يصرّ كمال كيليتشدار أوغلو على إعطاء حقيبة وزارة الخارجية لحزبه، أي “حزب الشعب الجمهوري“.
ويقول “مراد يتكين“ أن أول ما يرغب حزب الشعب الجمهوري في القيام به هو تعديل السياسة التركية إزاء سوريا، بما في ذلك بالنسبة لموضوع مكافحة “داعش“ وغيره من التنظيمات المرتبطة بـ“القاعدة“”. ويمكن أن يؤثر مثل ذلك التعديل في حظوظ الجماعات الكردية المسلحة في سوريا التي تخوض حرباً ضد “داعش“ في حين تظل محادثات السلام بين الدولة التركية والأكراد معلقة منذ بداية الحملة الإنتخابية التي سبقت وصول البرلمان الجديد.
ويتحفّظ “مراد يتكين“ قائلاً أن التغيير لن يكون جذرياً باعتبار أن “حزب العدالة والتنمية“ سيحتفظ برئاسة الحكومة. ولكن حزب كمال كيليتشدار أوغلو سيتبع سياسة أكثر عدائية تجاه “داعش“ وأكثر انسجاماً مع سياسات حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي، وسيفرض رقابة أشد على الحدود، وسيسعى للحدّ من الهجرة إلى تركيا.
وكان كمال كيليتشدار أوغلو قد تعهّد أثناء الإنتخابات بالسعي لعودة ٢ مليون لاجئ سوري سالمين إلى بلادهم– بعد التوصّل إلى تسوية سياسية ستسهم تركيا في التوصّل إليها.
كما يرغب “حزب الشعب الجمهوري“، ذو الجذور “الكِمالية” نسبة لمصطفى كمال أتاتورك، في العودة إلى سياسة خارجية أكثر حذراً إزاء العراق، ومصر، وإسرائيل، وليبيا، ودول الشرق الأوسط عموماً.
وجدير بالذكر أنه ليس لتركيا حالياً سفراء في سوريا، ومصر، وإسرائيل، وليبيا، وأرمينيا، وجمهورية قبرص!
يُضاف إلى ما سبق أن كمال كيليتشدار أوغلو كان قد تعهّد بالسعي لإحياء علاقات تركيا مع “الإتحاد الأوروبي“ عبر اتباع سياسة أكثر “غربية“، وأكثر تركيزاً على “الديمقراطية“ و“حقوق الإنسان“.
وستحصل تغييرات حتى على مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا. فالعلاقات التركية مع الأميركيين اقتصرت على العلاقات بين جيشي البلدين خلال السنتين الأخيرتين بشكل خاص– في ما يشبه العلاقات أثناء “الحرب الباردة“.
بالنسبة لروسيا، لا يرحّب “حزب الشعب الجمهوري“ بمشروعات إردوغان التي تجعل تركيا معتمدة كلياً على روسيا في شؤون النفط والغاز