“الإخوان” و”السلفيون”، حتى الذين تحفّظوا على إعلان الرئيس “مرسي” أو تمنّوا لو أنه لم يَصدر، كانوا يجمعون على “استهجان” أي حديث عن تراجع الرئيس! فكرة “التراجع” كانت تبدو لهم بمثابة الكفر! “الإخوان” لا يتراجعون، و”المتأسلمون” لا يتراجعون أمام “الليبراليين” و”العلمانيين” و”المتآمرين”.. !
كل شيء قابل للنقاش والنقد إلا.. التراجع!
ولكنهم تراجعوا!
تراجعوا أمام شعب مصر المدهش. لم يتوقّعوا مثل ردة الفعل هذه. كانوا يتصوّرون أن الإحتجاج سيقتصر على جماعات صغيرة تستطيع “ميليشيات” الإخوان، وميليشيات السلفي حازم أبو اسماعيل أن “تأكلها” بسهولة. ولكن شعب مصر كان اقوى من ميليشياتهم.
لقد سعى دكتور محمد سليم العوا مساء اليوم الأحد، وهو يتلو إعلان التراجع عن “الإعلان الدستوري”، على طمس فكرة “التراجع” بالذات مع أن المادة الأولى من الإعلان الجديد تقول: “يـُلغى الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2012اعتباراً من اليوم”. وهو مخطئ. فـ”التراجع” جزء أساسي من أية عملية ديمقراطية ومن أية “ثقافة ديمقراطية”!
بشار الأسد لا يتراجع، صحيح!
صدام حسين لا يتراجع، صحيح! معمر القذافي لا يتراجع، صحيح! حسن نصرالله لا يتراجع، صحيح! هذا في نظم الإستبداد. أما في النظم الديمقراطية (ومصر تسعى لبناء نظام ديمقراطي يحكمه الدستور) فـ”التراجع” ليس وصمة عار، وليس خيانة، ولا تعبيراً عن “ضعف”! كل رؤساء الدول، أو رؤساء الحكومات، في الدول الديمقراطية يتراجعون. لماذا؟ لأنهم مضطرون لأخذ الرأي العام بالإعتبار، وإلا فقدوا مناصبهم.
لقد تلقّن “الإخوان” درساً في الحياة الديمقراطية، وفقدوا ثقة قسم من الفئات التي اقترعت لمرشّحهم الرئاسي رغم حذرها منهم. وسيكون لهزيمة الرئيس “مرسي” وجماعته أثره على جماعات “الإخوان” (التي كانت تراقب المشهد المصري بانتباه شديد) في غزة وتونس وليبيا وسوريا وغيرها.
“الإخوان” و”السلفيون” يواجهون الآن وغداً إمتحان العمل السياسي في نظام ديمقراطي. هذا يعني أن عليهم أن يختاروا بين غريزتهم الإنقلابية وأصول الحياة الديمقراطية!
والشعوب لهم بالمرصاد.
الشفاف
*
في ظل تواجد آلاف المتظاهرين بمحيط القصر الرئاسي، مرددين: “ارحل.. باطل.. محمد مرسي.. باطل.. يسقط ،يسقط حكم المرشد، عقب دخول الرئيس القصر صباح السبت”، بحسب ما ذكرت صحيفة “اليوم السابع” المصرية
انعقدت اليوم السبت
جلسة حوار بين نائب الرئيس المصري محمود مكي وعدد من ممثلي المعارضة لبحث سبل حل الأزمة السياسية في البلاد.
ألقى الرئيس محمد مرسي كلمة على الحضور في الاجتماع الذي انعقد في مقر رئاسة الجمهورية، مع العديد من الشخصيات الحزبية والقانونية والعامة، ثم غادر الاجتماع بعد ساعة من انعقاده، وذهب إلى مكتبه.
وقالت مصادر رئاسية، إن الرئيس أوكل رئاسة الاجتماع لنائبه المستشار محمود مكي، وسط غياب قطاع عريض من المعارضة، في طليعتهم جبهة الانقاذ الوطني التي تضم عمرو موسى وحمدين صباحي والدكتور محمد البرادعي.
وكان المستشار محمود مكي، نائب رئيس الجمهورية، قد أشار إلى إمكانية إرجاء الاستفتاء على الدستور، في حال التوافق بين القوى السياسية، على إطار لحل الأزمة الراهنة.
ومن بين الشخصيات التي شاركت في الحوار الدكتور محمد سليم العوا، والمستشار محمود الخضيري، وأبو العلا ماضي، وعصام سلطان، وعمرو خالد، وفهمي هويدي، وجمال جبريل، ومنتصر الزيات، وإبراهيم المعلم، والدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة (الذي ستطرح مشاركته أكثر من علامة استفهام).
وبعد انتهاء الحوار الذي استغرق ٩ ساعات أذاع الدكتور محمد سليم العوا إعلان إلغاء “الإعلان الدستوري” الصادر في ٢١ نوفمبر. كما أعلن تثبيت موعد الإستفتاء على الدستور في ١٥ ديسمبر، وهو أمر ترفضه المعارضة والمتظاهرون في الشارع.
ولكن الرئاسة المصرية بدت متراجعة حتى في هذه النقطة. ففي حال عدم الموافقة على الدستور سيتم انتخاب جمعية تأسيسية جديدة بالإنتخاب المباشر. وهذا ما سيجعل صعباً على “الإخوان” أن يطرحوا الدستور الجديد على أساس أنه منافسة بين “المؤمنين بالشريعة” و”العلمانيين”!
هل تقبل جبهة الإنقاذ المصرية، أي أحزاب المعارضة والشارع المصري، بهذا القدر من التنازل؟
ليس مؤكدا! فقد تمّ سلق مشروع الدستور خلال ساعات، مع أن نقاشه كان ممكناً أن يستمرّ لمدة شهرين آخرين. ثم إن الإعلان الدستوري الساقط كان المقصود به التمهيد لـ”فرض” الإستفتاء على الدستور الذي لعب “الإخوان” دوراً كبيراً في تحريره.
الساعات المقبلة ستبيّن ردود فعل المعارضة.
«العوا»: إذا رُفض الدستور في الاستفتاء يدعو الرئيس لانتخاب «تأسيسية» جديدة
قال الدكتور محمد سليم العوا، أحد أعضاء اللجنة الثمانية المشكلة لصياغة إعلان دستوري جديد، في مؤتمر صحفي، عقدته رئاسة الجمهورية، إنه «في حالة عدم الموافقة على الدستور الحالي في الاستفتاء يدعو الرئيس لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة خلال 3 أشهر، ويدعو لاستفتاء شعبي على الدستور الذي تضعه الجمعية الجديدة في مدة أقصاها 30 يومًا».
*
نص الإعلان الدستوري الجديد:
إعلان دستوري
رئيس الجمهورية
بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير سنة 2011،
وعلى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011،
وعلى الإعلان الدستورى الصادر فى 11 من أغسطس سنة 2012،
وعلى الإعلان الدستورىالصادرفى 21 مننوفمبرسنة 2012 ،
قــــــــــــرر:
(المادة الأولى)
يـُلغى الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2012اعتباراً من اليوم، ويبقى صحيحاً ما ترتب علي ذلك الإعلان من آثار.
(المادة الثانية)
فى حالة ظهور دلائل أو قرائن جديدة تعاد التحقيقات فى جرائم قتل ، والشروع فى قتل ، وإصابة المتظاهرين ، وجرائم الإرهاب التى ارتكبت ضد المواطنين فى المدة الواقعة ما بين يوم 25 يناير 2011 ، ويوم 30 يونيو 2012 ، وكان ارتكابها بسبب ثورة 25 يناير أو بمناسبتها أو متعلقاً بها .
فإذا انتهت التحقيقات إلى توافر أدلة على ارتكاب الجرائم المذكورة أحالت النيابة العامة القضية إلى المحاكم المختصة قانوناً ، ولو كان قد صدرفيها حكم نهائى بالبراءة أو برفض الطعن بالنقض المقام من النيابة العامة على حكم البراءة.
(المادة الثالثة)
فى حالة عدم موافقة الناخبين على مشروع الدستور، المحددلاستفتاء الشعب عليه يوم السبت الموافق 15 من ديسمبر 2012 ، يدعو رئيس الجمهورية، خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر،لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة ، مكونة من مائة عضو، انتخاباً حراً مباشراً.
وتنجز هذه الجمعية أعمالها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتخابها.
ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور المقدم من هذه الجمعية خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تسليمه إلى رئيس الجمهورية.
وفى جميع الأحوال تجرى عملية الفرز وإعلان نتائج أى استفتاء على الدستور باللجان الفرعية علانية فور انتهاء عملية التصويت ؛على أن يـُعلق كشفٌ بكل لجنة فرعيةموقعاً من رئيسها ، يشتمل على نتيجة الفرز .
(المادةالرابعة)
الإعلانات الدستورية ، بما فيها هذا الإعلان ،لا تقبل الطعن عليها أمام أية جهة قضائية ؛ وتنقضى الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم .
(المادة الخامسة)
يـُنشر هذا الإعلان الدستورى فى الجريدة الرسمية ، ويـُعمل به اعتباراً من تاريخ صدوره.
صدر برئاسة الجمهورية فى يوم السبت 24 محرم 1434 هجرية
الموافق 8ديسمبر 2012 ميلادية
محمد مرسى