بيروت – محمد شقير- الحياة
يتهيب رئيس الجمهورية إميل لحود الكشف عن مضمون الإجراء الذي سيلجأ إليه في حال عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان في الموعد الدستوري، على رغم ان رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون كان صارح أعضاء التكتل في اجتماعه الأخير عشية استعداده للقاء رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري في باريس بأن لا مفر من تشكيل حكومة انتقالية برئاسة شخصية مارونية وأن لحود سيصدر المراسيم في هذا الشأن قبل انتهاء ولايته.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية مواكبة للتحرك الأخير للسفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان في اتجاه الرئيس لحود من خلال الوزير السابق وديع الخازن والعماد عون، إن اسباباً عدة تدفع برئيس الجمهورية الى التريث في ضوء الرسالة السياسية التي تبلغها من واشنطن وإن جاءته بالواسطة عبر الخازن.
وأضافت المصادر عينها لـ «الحياة» ان لقاء فيلتمان والخازن في منزل الأخير لم يكن الوحيد من نوعه، إذ سبق لهما والتقيا بعيداً من الأضواء إضافة الى لقاءات مماثلة كانت جمعت فيلتمان مع العضو السابق في المجلس الدستوري القاضي سليم جريصاتي الذي يعرف عنه انه احد ابرز المستشارين لدى رئيس الجمهورية.
وأكدت ان فيلتمان وضع الخازن في صورة الموقف الأميركي من لحود في ضوء الإجراء الذي سيتخذه في حال انتهاء ولايته من دون ان ينتخب البرلمان اللبناني خلفاً له.
وكشفت المصادر نفسها ان الموقف الأميركي من لحود في هذا الخصوص، يأتي بمثابة تحذير له لمنعه من اللجوء الى أي من التدابير الآتية:
– الموافقة على تشكيل حكومة ثانية موازية لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
– الالتفاف من خلال هذه الحكومة على القرارات الدولية الخاصة بلبنان وأبرزها القرار 1701.
– إيجاد المناخ السياسي والأمني الذي يساعد أطرافاً إقليمية معروفة، في إشارة الى سورية وإيران، على تهديد الاستقرار العام في لبنان جراء إحداث فراغ في السلطة وإغراقه في الفوضى والمجهول.
وأوضحت المصادر أن أي خطوة من هذا القبيل سيلجأ إليها لحود سيرتب عليها رد فعل دولياً لم يعد خافياً على أحد.
ولفتت الى ان فيلتمان أراد من اجتماعه بالخازن وتحميله رسالة الى لحود، ان يستبق التطورات الدراماتيكية التي يمكن ان يشهدها لبنان على خلفية انتهاء ولايته من دون انتخاب رئيس جديد.
وقالت المصادر ان الموقف الأميركي الذي تبلغه الخازن تدبير وقائي لتطويق الضغوط المحلية التي يمكن ان يتعرض لها لحود من قبل المعارضة، أو تلك التي قد تستهدفه من جهات إقليمية وتحديداً سورية.
وأكدت ان تلويح لحود بتشكيل حكومة وفاقية برئاسة قائد الجيش العماد ميشال سليمان لملء الفراغ في السلطة بسبب عدم انتخاب الرئيس، بدأ يواجه اعتراضاً شديداً من سليمان نفسه الذي يرى، كما ينقل عنه زواره، انه اذا كانت الظروف مواتية لتشكيل حكومة وفاقية، فالحري إجراء الانتخابات الرئاسية، لأن من يتوافق على هذه الحكومة لن يواجه مشكلة مستعصية في اختيار الرئيس.
واعتبرت ان موقف العماد سليمان من حكومة كهذه، بحسب زواره، يقطع الطريق منذ الآن على استخدام اسمه في خضم النزاع على السلطة السياسية، مشيرة الى ان بعض النافذين المقربين من رئاسة الجمهورية أخذوا يغمزون منذ الآن من قناة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بذريعة انه السبب في قطع الطريق على ولادة الحكومة الثانية التي كان يجرى التحضير لها في النصف الثاني من تموز (يوليو) الماضي.
هذا بالنسبة الى مخاوف لحود من ردود الفعل العربية والدولية على تشكيل حكومة ثانية، مع انه لا يزال يردد انه سيقدم على خطوة تؤمن الحفاظ على وحدة البلد ومؤسساته. أما بخصوص موقف العماد عون، فهناك من يراهن على نجاح النائب الحريري في إقناعه بالتخلي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية ليتحول الى ناخب اساسي فيها، ومن خلالها الى رقم فاعل في المعادلة السياسية من خلال تشكيل الحكومة العتيدة.
وإلى أن تظهر نتائج لقاء عون – الحريري، فإن الجنرال ليس في وارد التخلي عن ترشحه للرئاسة، وهذا ما أبلغه الى نواب «تكتل التغيير والإصلاح» في اجتماعه الأخير الاثنين الماضي، مؤكداً كما نقل عنه النواب، ان تخليه عن الرئاسة أشبه بتخليه عن عائلته وجميع أفراد أسرته نظراً الى انه يمثل أكثرية المسيحيين «الذين يطمحون الى انتخابه رئيساً للجمهورية».
وأضاف النواب ان عون تحدى الأكثرية ان تقدم على انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، وأن ترشح على هذا الأساس رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي سيفاجأ بأنه لن يُنتخب بأكثرية النصف زائداً واحداً وأن النصر الأكيد سيكون حليف عون.
ورأى عون، بحسب النواب، ان البديل من عدم انتخاب الرئيس سيكون تشكيل حكومة انتقالية برئاسة ماروني وأن الرئيس لحود لن يتردد في هذا المجال وسيصدر مراسيم تشكيل الحكومة قبل انتهاء ولايته.
وأكد النواب ان عون ليس في وارد إدخال أي تعديل على موقفه واعتبروا ان اندفاعه من حين الى آخر في اتجاه قيادات أساسية في الأكثرية يأتي في إطار الرد على بعض حلفائه ممن لا يحبذون ترشحه ويدعمون في العلن أحد ابرز المرشحين المنافسين له.
وأوضح النواب انهم ليسوا ضد انفتاح عون على الأكثرية اذا كان هذا الأمر يسهل وصوله الى رئاسة الجمهورية، لكنهم يجدون صعوبة في انتخابه وبالتالي يدركون ان موقف التكتل اخذ يضعف من الداخل لغياب الانسجام من جهة، ولشعورهم بأنه آن الأوان لكي يعيد العماد عون النظر في حساباته، وأن يقرر في نهاية المطاف انه قادر على ان يكون أحد أبرز الناخبين في رئاسة الجمهورية، لكنه يرفض حتى الساعة ابداء أي مرونة في هذا الشأن، على رغم انه تسلم اخيراً رسالة اميركية فيها من المحاذير المماثلة التي حمّلها فيلتمان الى الخازن لينقلها الى رئيس الجمهورية.
الحياة