يعيش الأكراد الإيرانيون، وتقدر نسبتهم بنحو ١١٪ من عديد الشعوب الايرانية، بصورة أساسية في الأقاليم الشمالية والغربية بأذربيجان الغربية وكيرمانشاه وكردستان التي تتاخم الحدود مع تركيا وشمال العراق. ولطالما ثارت خلافات بين الأكراد في إيران والحكومة في طهران على مدار عقود جراء محاولتهم الحصول على استقلال ذاتي في المحافظات التي يقطنها الأكراد وتشكيل تحالف مع الأكراد في تركيا والعراق وسورية. لذلك تجد ان تلك الدول تختلف على الكثير من الأمور الا انها تتفق على عدم السماح بنشؤ كيان كردي يوحّد الكرد. يرى الأكراد أحقيتهم في دولة قومية حال دونها ما يرونه مؤامرة لإبقائهم مجزئين في دول مختلفة للحيلولة دون قيام كيان سياسي واحد يجمع الاكراد.
حزب الحياة الحرّة الكردستاني (PJAK):
حزب كردي ايراني يدعو الى تحقيق النظام الكونفدرالي في إيران (على غرار إقليم كردستان العراقي الذي يتزعمه مسعود البرازاني) لتمكين شعوبها من التعايش السلمي فيما بينها وتحقيق الديمقراطية الحقيقية في البلاد .
ويشن الحزب هجماته على إيران انطلاقا من قواعده في منطقة جبلية بشمال العراق. وحزب «الحياة الحرة» لم يظهر على الساحة بغفلة من الزمن أو خلال فترة قصيرة. بدأ الحزب يتكون منذ عام 1999 من قبل مجموعة من الشباب الكرد الجامعيين، الذين اتفقوا على تأسيس حركة سياسية في شرق كردستان، تأثرت تلك المجموعة بأفكار زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، ومنذ انبثاق الحزب في 4/4/ 2004 من قبل عبد الرحمن حاجي احمدي، والحزب يؤكد باستمرار عبر بياناته وبلاغاته بان «بيجاك» حزب مستقل من حيث الاقتصاد والقوة البشرية.
زعيم الحزب:
(عبدالرحمن حاجي أحمدي) يحمل الجنسيّة الألمانيَّة، ولد احمدي في إحدى قرى محافظة مهاباد، وتوجّه سنة 1964 إلى ألمانيا لاكمال دراساته العليا، وانخرط في العمل النضالي لصالح شعبه الكردي فعمل مع الدكتور عبدالرحمن قاسملو في فرع «الحزب الديموقراطي الكردستاني» ايران. ثم انتقل الى «حزب العمال الكردستاني» وشارك مع عدد من البرلمانيين والشخصيّات الوطنيّة الكرديّة في تأسيس البرلمان الكردي في المنفى. وتولى مسؤولية العلاقات الديبلوماسية في المؤتمر الوطني الكردستاني.
وفي عام 2009 اتهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الولايات المتحدة بتدريب من وصفهم بالإرهابيين في محافظة كردستان الإيرانية وكان يقصد بذلك (بيجاك) للعمل على زعزعة الاستقرار هناك.
وقال خامنئي في خطاب بمدينة سقز في غرب إيران ” إن طهران حصلت على معلومات عن قيام ضباط أميركيين بتقديم المال والسلاح لـ”جماعات إرهابية” خلف الحدود الغربية لإيران للعمل على زعزعة الاستقرار وجمع المعلومات في محافظة كردستان. وأضاف أن الأميركيين يسعون لتنفيذ مخطط خطير بهدف زعزعة الأمن في المنطقة والاستيلاء على مقدرات الأكراد في إيران”.
حاورت القبس عضو المكتب السياسي والناطق باسم الحزب شيرزاد كمانگر لتسأله عن ظروف نضال الشعب الكردي في ايران ورؤية الكرد للاتفاق النووي فكان الحوار التالي:
ما علاقة حزبكم بحزب العمال الكردستاني وما الذي يربطكم به؟
ما يربطنا بحزب العمال الكردستاني بداية هو فكر الزعيم عبدالله اوجلان فنحن كحزب متأثرين جداً بفكر القائد اوجلان ونتبناه باديولوجيا الحزب. ثانياً هو حليف ككل الأحزاب الكردستانية الأخرى التي نتشاور معها في الصالح الكردي العام. ما عدا ذلك، اؤكد اننا حزبان مستقلان لكل منا برنامجه السياسي والفكري والعملاني بما يتناسب مع ظروف ساحته النضالية. فحزب العمال بذروة كفاحنا ضد الحكومة الايرانية كانت له علاقاته مع النظام الايراني، فلكل حزب منا مصالحه وتحالفاته الخاصة المتناسبة مع مصلحة شعبه. نحن حزب مستقل يناضل في الجزء الشرقي من كردستان (كردستان إيران)، ومصادر تمويلنا في جميع المجالات اللوجستية والمادية والتسليحية هي شعبنا في ذلك الجزء، الذي يمدنا بالمقاتلين والمؤيدين.
استكمالا للسؤال الأول هل لحزب العمال علاقات حالياً مع ايران؟
ما قبل كوباني ليس كما بعدها. ايران وتركيا تعلمان ان حزب العمال سيفرض منطقة كردية تحكم نفسها في المناطق الكردية في سوريا، وسيدعمم حكماً مشروعاً مماثلاً في ايران، كما يسعى لتحقيق ذلك في تركيا. وبالتالي أصبح برنامج حزب العمال الكردستاني يتعارض مع المصالح والأجندة الايرانية. كانت علاقات حزب العمال الكردستاني جيدة مع ايران الى العام ٢٠٠٧ بعد ذلك تغيرت العلاقات وتبدلت التحالفات، لا أظن اليوم انه حليف لإيران. المصالح افترقت. ايران لن تصادق من يسعى لحكم ذاتي للكرد في كافة اجزاء كردستان بما فيها إيران.
٣- كيف تقيمون علاقاتكم مع كردستان العراق وحكومة ورئاسة الإقليم؟ وهل تتلقون منها أي مساعدات؟
لدينا علاقات جيدة مع كافة الأطراف الكردستانية العراقية، باستثناء الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود البرزاني، فهذا الحزب نختلف معه بالاديولوجيا والفكر، لا نوافق على منهجه، ولا على طريقة قيادته، فهو حزب الشخص الواحد. فكما ترى رغم اعتراض كافة الأحزاب الكردستانية العراقية على التمديد لرئاسته للإقليم، هو مصر على التمسك بالكرسي وهذا يجهض التجربة الديمقراطية للإقليم. من ناحية أخرى علاقات الإقليم المفتوحة مع النظام الايراني غير مقبولة، فالساسة الايرانيين يسرحون ويمرحون في الإقليم دون أي اعتبار لعداوة ايران للشعب الكردي. بالنسبة للمساعدات، كلا نحن لا نتلقى منها اي مساعدة.
سألته عن معلوماته حول الاشتباك بين مقاتلي الديمقراطي ايران ومقاتلي PKK على الحدود العراقية الايرانية؟
هناك تفاهم على تقسيم محاور العبور بين كردستان العراق وكردستان ايران بين PKK والأحزاب الكردستانية العراقية، وقواعد حزب العمال هناك منذ فترة طويلة، دخل مجموعة من مقاتلي الديمقراطي ايران الى تلك المنطقة بهدف العبور الى ايران كما صرحوا، فسمح لهم مقاتلي PKK بالعبور على ان يدخلوا الى كردستان ايران، ليتبين لاحقاً ان الهدف كان انشاء نقاط عسكرية لفرض ما سموه جمارك عبور وذلك لحل مشكلتهم المالية بسبب قطع حكومة إقليم كردستان العراق كافة مساعداتها للأحزاب الكردستانية، فرفض PKK منطق فرض جمارك العبور فحصل الاشتباك المؤسف. على كافة القوى الكردستانية ان تكرس جهدها لقتال العدو لا للاقتتال فيما بينها.
سألته عن قوات الحزب العسكرية ونشاطاته؟
لدينا قوات عسكرية عاملة في كردستان ايران منذ ١١ عاماً ويطلق عليها اسم (YRK) وهناك اشتباكات دائمة بيننا وبين قوات النظام الايراني، فلقد سقط لنا مؤخراً ٤ شهداء، وسقط للنظام الايراني قتلى في العديد من المناطق الكردستانية.
– في ايلام سقط لإيران ٥ قتلى من الباسدران.
– في كاميران سقط لإيران ١٢ قتيلاً من الباسدران.
– في أرومية سقط لإيران قتيلا من الاستطلاعات و٤ قتلى من الكوماندوز
– في مريوان سقط لإيران ٢٠ قتيل من الباسدران.
كما يتبين لك فإن اشتباكاتنا مع النظام الايراني تنتشر على كافة الجغرافيا الايرانية. نحن على أهبة الإستعداد للدفاع عن شعبنا، وقواتنا جاهزة للتدخل في أي بقعة كردستانية إيرانية للدفاع عن شعبنا.
ما هو برنامج الحزب لإيران ؟ وهل لديه علاقات مع بقية الأطراف الإيرانية؟
“الديمقراطية والفيدرالية لإيران”. وبالتأكيد جلب انتباه المجتمع الدولي الى قضايا حقوق الإنسان ومصير الأقليات في ايران، وجعله جزئاً من الملفات المثارة في النقاشات الدولية حول ايران. الديمقراطية والفيدرالية مدخل لضمان حقوق أقليات ايران من ضمنهم الكرد. جعل ايران دولة فيدرالية يضمن وحدتها وحقوق الأقليات. علاقة الحزب جيدة مع الكثير من أطراف المعارضة الايرانية وبالتحديد مع اليسار الإيراني.
كيف تقيم الاتفاق النووي فيما بين أمريكا وإيران؟
رغم كل ما يشاع، الإتفاق هزيمة لإيران بكل معنى الكلمة! فهي تخلت عن حلمها ووعدها النووي، وخسرت مليارات بسبب الحصار وتخلفت اقتصادياً وتكنولوجياً. تزداد أحاسيس و مشاعر اليأس و الاحباط بشأن الاتفاق النووي الذي تم الاعلان عنه في الرابع عشر من تموز الماضي، ذلك إن معظم المٶشرات و الادلة الى الآن لا تدفع للثقة والامل بهذا الاتفاق الذي تدور حوله الکثير من الشبهات والشکوك ولاسيما من قبل دول المنطقة بعد أن أکد المرشد الاعلى لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومسٶولون آخرون استمرار سياسة التدخل في شٶون المنطقة وعدم إجراء أي تغيير في السياسات السابقة المتبعة من قبل هذا النظام. ان إتساع دائرة القمع الداخلي في إيران و إرتفاع نسبة الاعدامات بوتائر إستثنائية الى الحد الذي يمکن لو إستمرت بهذه الصورة لمدة معينة أخرى أن يجعل من إيران الدولة الاولى في العالم من حيث تنفيذ أحکام الاعدام فيها، کل هذا بالاضافة ما قد سبق وأعلن عنه خامنئي بإستمرار سياسة التدخلات في المنطقة، التي تدفع الى التوجس ريبة من هذا الاتفاق من حيث تأثيراته على داخل إيران والمنطقة والتي تکهن البعض من المٶيدين لهذا الاتفاق بإن الامور ستسير نحو الأفضل، إلا أن الحقيقة الى الآن مغايرة لذلك. إن هذا الاتفاق خطوة تراجعية للنظام لکن من المهم جدا أن يقترن بأمور أخرى وأهمها الصرامة في وجه طهران کي يتم ضمان تخليها عن طموحها لإمتلاك أسلحة نووية، والتزامها بالديمقراطية، وملف حقوق الانسان داخل ايران، وان لا يغمض الغرب عينه عن جرائم النظام في الداخل. في حالة الاستفادة من هذا الملف بالاسلوب و الطريقة والمناسبة فإنه سيشکل ورقة ضغط إستثنائية على نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى الحد الذي يمکن فيه أن تقلب الموازين و تحدث تغييرا جوهريا لصالح الشعب الايراني من جانب ولصالح المجتمع الدولي من جانب آخر، والحقيقة الثابتة والواضحة إنه من دون إتباع الصرامة وأخذ ملف حقوق الانسان في إيران بالحسبان مع طهران، فإنه ليس هنالك من ضمان أبدا بإلتزامها ببنود الاتفاق النووي وتنفيذه.
ما رأيكم بالتجربة التي يحاول حليفكم في سوريا حزب الإتحاد الديمقراطي بإنشاء كانتون في المناطق الكردية؟
إنها تجربة تأسيسية على مستوى المنطقة وهي تجربة ديمقراطية تعددية، العارفين في شؤون حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) والقريبين منه يعلمون بأنه تحرر من انغلاقات العصبية التي تعتور الوعي القومي التقليدي، لينحاز إلى معنى سياسي جديد ممتلئ بالمضامين الإنسانية، متخليا عن مطلب الدولة القومية التقليدية، لمصلحة دولة الأمة الديمقراطية، بحيث يكون نموذج الدولة القائم على مفهوم الإدارات الذاتية الديمقراطية الموسعة،هو تجسيد عملي لفهمه عن الدولة و الوطن، وأن تركيبة السلطة والمؤسسات في مناطق الإدارة الذاتية الموسعة التي أنشأها ويشرف عليها، إنما تعكس إلى حد بعيد إيمانه بقيم الديمقراطية والشراكة مع جميع مكونات المنطقة. وهذا النموذج ان نجح يشكل مثالاً يحتذى لحل الكثير من مشاكل المنطقة.
كيف تقيمون وصول حزب HDP في تركيا الى البرلمان؟ وما هو الحل للأزمة الحالية؟ وهل تشجعون الحزب على الاستمرار بنضاله السلمي البرلماني؟
وصول حزب الشعوب بقيادة صلاح الدين ديمرطاش كان نتيجة تراكمات نضالية لسنين طويلة في تركيا، حزب العمال لم يكن من ضمن استراتيجيته الاستمرار بالقتال هو أجبر على القتال للدفاع عن نفسه. لو كان الحزب يهدف للقتال لما بادر لوقف اطلاق النار لأكثر من عشر مرات. نحن مع عودة الحوار واكمال النضال ديمقراطياً وبرلمانياً وصولاً للمشاركة الحكومية لتحسين ظروف الكرد في تركيا. المشكلة ليست عند الكرد، المشكلة هي عند القيادة التركية التي تفكر بعقلية طورانية ولا تقبل الآخر كشريك كامل الحقوق في تركيا. بكلمات بسيطة اذا جنحت تركيا للسلم والحوار الديمقراطي البناء الهادف لتحسين وتطوير مشاركة الكرد فأهلاً وسهلاً، وفي حال جنحت للحرب فقوات الحزب جاهزة لحماية منجزات الكرد وصولاً الى اعلان الادارة الذاتية في مناطق الحرب ومنع الجيش والسلطات التركية من دخول المنطقة الا بضمانات دولية بعدم التعرض للكرد.
ما الدور الذي يستطيع ان يلعبه رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني في تلك المفاوضات ان حصلت؟
هو قادر على لعب دور مهم لو تخلى عن إرتمائه بشكل كامل بحضن التركي. ليس هناك إجماع على دوره القومي بسبب علاقاته التركية واستسلامه لهم بالكامل. الى جانب ان هناك خلافا فكريا وعقائديا مع السيد البرزاني. فنحن لا نوافقه على نموذجه الحزبي، وهو لا يستطيع نسخ تجربته على بقية الأحزاب. أقولها بود ليس هناك عداوة ولكن هناك اختلاف كبير بالتفكير والتوجه. كنا نتمنى ان لا يعارض الأحزاب الكردستانية ويفرض سلطة الحزب الواحد والشخص على كردستان ويسمح باللعبة الديمقراطية لتأخذ مجراها، حينها كان سيشكل نموذجاً مغايراً لنموذج صدام حسين.
هل من خلاف بين الزعيم السياسي لحزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان وزعيم عسكر قنديل جميل بايك؟
الحزب كله يقف وراء زعيمه عبدالله اوجلان، ولا اختلاف ولا شك بقيادته للحزب. والأخ جميل يكن تقديراً كبيراً للزعيم اوجلان، وهو يفتخر بكونه بشمركة بصفوف حزب يقوده أوجلان. العدو يحب خلق سيناريوهات للفتنة ويختلق حكايات الخلافات ليضعف عزيمة الناس. منذ بداية الأزمة منع الوسطاء من لقاء القائد اوجلان فكيف تم التأكد من وجود خلاف؟ ليسمح بلقاء القائد وليعلن هو الخلاف. هناك تفاهم استراتيجي على دعم التجربة HDP البرلمانية، ولن يتكلم العسكر الا اذا فشلت كل الجهود السلمية.
أجرى الحوار للقبس مسعود محمد