هل اتّخذ الأميركيون والإسرائيليون قراراً بشنّ الحرب على طهران خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، كما تزعم “الكنار أنشينيه” التي تُعتَبَر مصدراً ذا مصداقية عالية؟ وهل كانت الغارة الإسرائيلية على سوريا (إلى جانب هدفها الإصلي) “تمريناً” (شارك في الأميركيون) على ضربة مماثلة للمواقع الإيرانية؟
وجاء في مقال “الكنار أنشينيه” المنشور اليوم الأربعاء أن الرئيس بوتين سيقوم بزيارة طهران في شهر أكتوبر على الأرجح، وأن هذه الزيارة تثير إستياء الرئيس بوش. “فالبعض في واشنطن لا بد أن يكونوا مطّلعين على المعلومات التي وصلت إلى قصر الإليزيه في باريس: وهي أن بوتين قد نقل تحذيراً إلى طهران بأن الحرب أصبحت وشيكة. وحسب جهاز “إف إس بي” (الذي حلّ محلّ “الكا جي بي”) وكذلك جهاز الإستخبارات العسكرية، فإن الغارات الأولى على المواقع النووية الإيرانية ينبغي أن تتم بواسطة الطيران الإسرائيلي الذي سيحظى بدعم وتوجيه طائرات الرادار الأميركية. ثم تعقبها، تبعاً لنتائج القصف ولردود الفعل الدولية، ضربات أميركية.
“هيئة الأركان وأجهزة الإستخبارات الفرنسية تؤكّد أن “مصادر” أبلغتها أن الروس نقلوا إلى الإيرانيين أن الإسرائيليين والأميركيين حدّدوا “نافذة قصف” تمتدّ من آخر شهر رمضان وحتى مطلع العام 2008. وتعرض المصادر الفرنسية الأسلحة الكثيرة التي قام الكرملين ببيعها لطهران. وهي تشمل بظاريات صواريخ مضادة للسفن (“إم 82 موسكيت”)، وصواريخ أبعد مدى، وهليكوبترات، وزوارق صغيرة تسمح بتعطيل الملاحة في مياه الخليج. وأخيراً، وبصورة خاصة، صواريخ حديثة مضادة للطائرات فئة “إس-300 أنتي” و”تور إم1″.
“وفي إطار الإستعدادات لقصف إيران، سجّلت أجهزة الإستخبارات الفرنسية أن طائرات إسرائيلية قامت بطلعات مشتركة مع طائرات رادار “أواكس” أميركية في مناطق غير بعيدة عن الأجواء الإيرانية. هذا علاوة على أن الغارة التي تعرّض لها هدف سوري في 6 سبتمبر، والتي حظيت بنفس الدعم الأميركي، يمكن أن تُعتَبَر تمهيداً لمغامرات جديدة”.
“عيون واشنطن”
تضيف “الكنار أنشينيه” أن مراقبة المواقع النووية الإيرانية، والإستعدادات لتدميرها، تعود إلى أمد طويل. ومنذ أشهر، تقوم 8 أقمار أميركية بالتحليق فوق إيران. و4 من هذه الأقمار هي من فئة “لاكروس-2”. ويزن كل واحد منها 15 طنّأً، وتبلغ كلفته 1 مليار دولار، ويمكنه التصوير بدقّة تصل إلى 50 سنتيمتر حتى عبر الأجواء الملبّدة بالغيوم. “وقد أبلغ الأميركيون محاوريهم الفرنسيين أن كل واحد من هذه الأقمار الأربعة يحلّق فوق المواقع الإيرانية بمعدل 8 أو 9 مرّات في اليوم، في حين تحلّق الأقمار الأخرى فوق مواقع أخرى في إيران والعراق وأفغانستان.
“مع ذلك، فتدمير الأهداف الإيرانية ليس سهلاً. ذلك أن الإيرانيين طمروا مرافقهم النووية على عمق عشرات الأمتار، وغطّوها بطبقات سميكة من الباطون، تحسّباً لهجوم مفاجئ. ولهذا السبب، قامت واشنطن بتزويد الإسرائيليين بقنابل “إختراق عميق” قادرة على خرق التحصينات الإيرانية.
“وبسبب هذه التجهيزات التي حصلت عليها إسرائيل من أميركا، فإن هيئة الأركان الفرنسية- التي تعتبر إسرائيل “مستشاراً سيّئاً للولايات المتحدة”، حسب تعبير أحد الجنرالات الفرنسيين- متيقّنة من أن إسرائيل لا تكتفي بممارسة ضغوط على واشنطن للتدخّل في إيران، بل وأن الطيران الإسرائيلي سيلعب دوراً رئيسياً في عمليات القصف المقبلة.
مراقبة أم قصف؟
تضيف “الكنار أنشينيه” أن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، يعارض أية عملية يمكن أن تشعل النيران في الشرق الأوسط. وهو ما زال يذكر الأكاذيب الأميركية حول أسلحة الدمار الشامل التي ثبت أن صدام حسين لم يكن يمتلكها. وقد حصل البرادعي، بمؤازرة الروس، على مهلة تمتد حتى ديسمبر 2007 للتوصّل إلى إتفاقات مراقبة جديدة علىكل الأشغال التي يقوم بها الإيرانيون في مرافقهم النووية.
وقد طلب البرادعي، الذي لا يثق سواء بالفريقين، من الأميركيين تزويده بالوثائق التي تثبت أن الإيرانيين يعملون للحصول على سلاح نووي. وحسب المصادر الفرنسية الرسمية، فالبرادعي يشكّ في أن تكون إيران قد حقّقت التقدّم الذي تتحدث عنه واشنطن.
بيار عقل