التمييز ضد الأقباط في مناسبات عديدة لا يأتي نتيجة سياسة حكومية, ولكن تعبيرا عن ضيق أفق شخصي. إذا تراكم ضيق الأفق الشخصي, وأخذ شكلا جماعيا عاما, هنا يستلزم العلاج تدخلا حكوميا جادا واضحا.
منذ أيام أعلنت قوائم أعضاء هيئة التدريس والباحثين والمبعوثين إلى الخارج. المفاجأة أن العدد الإجمالي للمبعوثين 425 مبعوثا, لم يوجد بينهم من الأقباط سوى شخص واحد في القائمة الأساسية, وعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وضع في قائمة الاحتياطي.
في حدود علمي أن هذا التصرف ليس سياسة حكومية, ولا يعبر عن توجه رسمي للدولة, لكنه إفراز طبيعي لمناخ لتعصب الذي جعل أصحاب القرار في المستويات الإدارية الوسطي والعليا يتجهون لاستبعاد الأقباط, لأنه لا يعقل أن تختفي أسماء الأقباط من قوائم المبعوثين وكأنهم أصيبوا بالجهل والغباء المفاجئ. من يتولون مواقع اتخاذ القرار في الإدارة الحكومية الآن هم المنتج البشري لماكينة الطائفية التي تسارعت وتيرتها منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن. هذه هي أزمة الأقباط الفعلية.بعض الذين يتولون مواقع قيادية وسطي وعليا تربوا علي مناخ الطائفية, ولم تعد نظرتهم صافية تجاه الآخر المختلف دينيا. ربما مفيدا أن أستعيد هنا مقولة أحد المسئولين ذكرها لي في لقاء شخصي :”إنني قلق علي البلد بعد أن يزول جيل الاتحاد الاشتراكي ومنظمات الشباب”. يقصد بذلك الجيل الذي تشكل وعيه في الخمسينيات والستينيات, ولم تكن تؤرقه المسألة الطائفية, أو تشكل أي أزمة بالنسبة له. بصرف النظر عن صحة هذا الرأي من عدمه فإن الأمر الظاهر أن المناخ الطائفي الرديء منذ أكثر من ثلاثة عقود أصبح له وكلاء في مواقع اتخاذ القرار. المشكلة لم تعد في رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزراء ولكن في مستويات الإدارة الوسطي والعليا التي تصنع القرار. من هنا موضع استغرابي وهو موقف وزير التعليم العالي الذي لم يسترع انتباهه غياب الأقباط عن قوائم المبعوثين, ولم يقف أمام المشكلة أو أنها تعبر عن حالة غير طبيعية.
الذين أقدموا على هذا القرار مثل غيرهم في مواقع أخرى من الدولة لا يدركون أنهم يزيدون مناخ التعصب والجهل, ويرسخون شعور الأقباط بالاضطهاد والتمييز. هي جريمة في حق وطن بأكمله, تماما مثل استبعاد اسم باحث مسلم من حقه في البعثة التعليمية لأن ليس له وساطة أو استبعاد امرأة بلا مبرر مفهوم. كل مظاهر الاستبعاد مرفوضة مهما كانت المبررات. ولعلنا نتذكر قصة الشاب أحمد شتا -خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- الذي انتحر في مواجهة التعسف الذي وجده للحصول على موقع وظيفي يستحقه, ولم تكن جريمته سوى أنه من أسرة رقيقة الحال.
تحتاج هذه المسألة إلى موقف حاسم. المطلوب هو وضع آلية اختيار واضحة تتسم بالشفافية والتنافسية, تتيح لكل شخص أن يحصل على حقه, وتضمن أن تكون كل فئات المجتمع ممثلة في البعثات الخارجية.
هذا العام يكلف المبعوثون ميزانية الدولة نحو 400 مليون جنيه, من أموال دافعي الضرائب, أليس من حق كل المواطنين التمتع بهذه الأموال طالما أنهم مواطنون متساوون -دستوريا- في الحقوق والواجبات؟
بماذا نسمي هذا؟
والله لقد سئمنا من هذه المقالات التي تبكي وتنوح على حظ الاقباط, والمعاملة السيئة والتفرقة التي يعانيها الاخوة الاقباط, وانا نفسي شاهد على هذه المعاناة, ولا شك ان كثير من هذه الشكاوي والانين هي من صميم الحقيقة ولا ريب فيها, ولا ادافع عن هضم حقوقهم , ولكنني لم اقرأ ولم اسمع لقبطي او مسلم واحد يدافع عن النوبيين, هل يوجد نوبي واحد في قائمة المبعوثين تلك؟؟ اخوتي الاقباط كفانا بكاءً وعويلاً , فنحن لم نجد احد حتى الآن من يبكي على السكان الاصليين لمصر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟