للمرة الأولى وبعد عدة خطابات طوال أحد عشر شهراً من عمر الثورة في سوريا، يترك خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأخير ردة فعل غاضبة لدى الرأي العام الشيعي اللبناني، خاصة في مناطق الجنوب!
هذا لا يعني أن شيعة لبنان المستقلين كانوا خلال هذه المدة موافقين على ما يقوله نصرالله، لكنها المرة الأولى التي تتحول فيها ردة الفعل الفردية إلى موقف جماعي توحدت فيه أصوات المستقلين الشيعة لصياغة موقف رسمي داعم لثورة سوريا بوجه الموقف السياسي الذي اتخذه حزب الله إلى جانب نظام الأسد. فقامت مجموعة ناشطين مستقلين، بعد خطاب نصر الله مباشرةً، بإنشاء ثلاث صفحات على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” حملت اسم “مواطنون لبنانيون من الجنوب اللبناني مع ثورة أهلهم في سوريا” و”متضامنون“، و”لبنانيون شيعة مستقلون“، حصدت حتى هذه الساعة أكثر من ألف توقيع.
وأكد الموقعون على الصفحات الثلاثة أن كلام نصر الله لا يعبر إلا عن وجهة نظر حزبه وأنصاره وأن الأحرار الشيعة يرفضون التنكر لقيمهم وتاريخهم المشرف في مناصرة الشعوب العربية في ثوراتها ضد أنظمة القتل والإستبداد والتوريث، خاصة ثورة الشعب السوري الشقيق. كما أدان الموقعون ما اعتبروه “الموقف المشين” للسيد نصر الله في تأييده لنظام الأسد ومحاولة جعل الطائفة الشيعية طرفا في الحرب التي يشنها على شعبه.
ورأى متابعون أن العبارة التي رددها نصر الله في خطابه “لا يوجد شيء في حمص”، في وقت كانت صواريخ شبيحة الأسد تدك المنازل والمستشفيات في أحياء المدينة المنكوبة على من فيها، في مشهد أعاد إلى أذهان الجنوبيين ذكريات حرب تموز، كانت بمثابة الفتيل الذي أشعل غضب الشارع الشيعي المستقل. فسارع إلى بلورة موقف مناقض يحفظ ماء وجه الطائفة التي يقودها نصر الله إلى التهلكة.
كما تمنى الموقعون على الشعب السوري فصل موقف نصر الله عن موقف الطائفة الشيعية، مؤكدين أنه موقف سياسي وليس موقفا شعبيا، سببه شعور نصر الله بالخطر على مصيره ومصير حزبه المرتبط ببقاء النظام البعثي، ونتيجة للفراغ الذي يعيشه الحزب بعد أن صرف نظره عن العمل المقاوم وتفرّغ لمقارعة خصومه في الداخل وتنفيذ أوامر أولياء أمره في دمشق وطهران.
لا بد من الإشارة أنه في الآونة الأخيرة وتزامنا مع بداية الربيع العربي، وبالأخص الثورة السورية، بدأت تتشكل ملامح إنتفاضة شعبية بوجه حزب الله في المناطق الشيعية!
وربما تشذ هذه الإنتفاضة عن سياق ثورات الربيع العربي,من حيث أسبابها وأهدافها، لأنها محصورة في طائفة معينة وموجهة ضد حزب بعينه، لكنها تشبه إلى حد بعيد الأسباب التي أدت إلى اشتعال الشارع السوري. فالمناطق الشيعية الخاضعة لنفوذ حزب الله تعاني الأمرّين من الرقابة الأمنية المشددة التي يفرضها حزب الله على كل متحرك فيها،عبر “أمنه” و”أمنه المضاد” و”لجانه الأمنية” التي تحكم البلاد وتتحكم بالعباد، وعبر جواسيسه الذين يملأون الأرض نميمة وافتراء، وما يتبع ذلك من أساليب الرهاب الفكري و قمع حريات الرأي والتعبير.
على صعيد الإقتصاد والهم المعيشي، فمنذ تشكيل حكومة الإنقلاب، وسيطرة حزب الله وحلفائه على ما تبقى من إمكانيات البلد، دخلت المناطق الشيعية في دوامة من الفقر والفاقة، وإزداد المحتاجون والعاطلون عن العمل، وأصيبت حركة البيع والشراء في أسواق صور والنبطية وبنت جبيل والضاحية الجنوبية بحالة من الشلل! بالمقابل ظلت المنظومة الإقتصادية الخاصة بحزب الله في أحسن أحوالها الإنتاجية، وتضاعفت قدرة عناصره الشرائية، استنادا إلى الأموال التي تتدفق عليهم من إيران، ودخولهم في تجارات مشبوهة داخل لبنان وخارجه. ويعلق هنا أحد المراقبين أن “الشيعة يدفعون ضريبة حروب حزب الله من دمهم وأرزاقهم، أما التعويضات فتصرف لعناصره وحدهم”.
على صعيد السياسة يستفرد أمين عام حزب الله بتظهير الموقف الرسمي الشيعي تبعا لتحالفاته الداخلية والإقليمية، دون الأخذ بعين الإعتبار أن هناك رأيا شيعيا آخر يخالف قناعاته ويعترض على تحالفاته ويرفض أن يزج به في مواقف سياسية لا تعبر عنه. ومن ذلك موقف عدد لا يستهان به من المثقفين الشيعة من ولاية الفقيه، وما يسمى “محور الممانعة والمقاومة”.
ثورة الشعب السوري الشقيق، وصمود السوريين العزل منذ حوالي السنة بوجه آلة القتل والدمار البعثية وإصراراهم على العبور ببلدهم نحو شاطئ الحرية والديمقراطية، والأحداث الدموية التي تعصف بمدينة حمص منذ حوالي الأسبوع، استنهضت الضمائر الشيعية الحرة في لبنان ودفعتها إلى بلورة موقف علني مناقض لموقف حزب الله، موقف وصفه المنتفضون بالواجب الإنساني والتاريخي الذي يتلاءم وطبيعة الطائفة الشيعية التي عُرِفت، منذ خروج الحسين إلى كربلاء بغرض الإصلاح في أمة جده رسول الله، بمناصرة الحق والثورة على الظلم.
هذه الأسباب تضافرت مجتمعة لتحفز الأكثرية الشيعية الصامتة على رفع الصوت بوجه من يكم أفواهها ويصادر رأيها ويعبث بأمنها ويجعلها رهائن أنظمة القتل والإحتيال وإدعاء المقاومة والممانعة.
بعد “لا شيء في حمص”: ملامح إنتفاضة شعبية بوجه حزب الله في المناطق الشيعيةمقطع من المقالة التي تم نشرها لي في الصحيفة الإكترونية “دنيا الوطن” بقسم “دنيا الرأي” تحت عنوان (المشايخ السيّاد والخطابات الضالّة) مشكورة بتاريخ 15/11/2011 لم يعرف أهل الجنوب وتحديدا ً الطائفة الشيعية الكريمة تلك الخطابات الضالّة قبل ظهور الثورة الإيرانية التي استطاعت بمالها الطاهر “المخمس” شراء النفوس من المشايخ السيّاد وبعض السياسيين لتضليل فكر وثقافة الطائفة الشيعية الكريمة عن تراثها ومحيطها العربي وعلى ما أظن ستتغيّر الأمور في الجنوب, لسبب إدراك المواطن اللبناني الجنوبي أنّ ما يحصل في محيطه الإقليمي سيكون له الأثر الكبير عليه. علي ب.… قراءة المزيد ..