فيلم “بشارت منجي أو المسيح” ليس فيلماً “إسلامياً” كما زعم مدير “محطة نبيه برّي” (“إن بي إن”) في بيروت. بل هو فيلم “نجادي”، أو “مهدوي على الطريقة النجادية”، وهذه الطريقة تثير إعتراضات كثيرة بين الشيعة الإيرانيين ويعترض عليها حتى “المرشد” علي خامنئي.
وحينما يقول السيد قاسم سويد (مدير محطة نبيه برّي) أن الفيلم “لا يسيء الى المسيحيين اطلاقا. وقد تأكدنا انه مشغول وفقا للقرآن الكريم” فكلامه غير صحيح على الإطلاق. فالفيلم “مشغول” وفقاً لنظريات جمعية “الحجتية” في إيران، أي وفقاً لمدرسة دينية لا تمثّل سوى أقلية ضئيلة جداً حتى بين الشيعة الإيرانيين.. والعرب طبعاً.
أي أن فيلم “بشارت منجي أو المسيح” يندرج في إطار إيديولوجية “آخر الزمان” النجادية التي حذّر مير حسين موسوي قبل أيام من تأثيرها على سياسات إيران الخارجية. وهذه الإيديولوجية ليست مقبولة من رجال الدين الشيعة التقليديين. ناهيك برجال الدين من “السنّة”.
والسؤال الأساسي هنا هو: هل دفعت حكومة أحمدي نجاد لمحطة حزب الله (المنار) ومحطة “الأستاذ” (إن بي إن) لكي تقوم المحطتان بـ”ترويج” فكرة “المهدوية النجادية” في لبنان؟ علماً بأن حزب الله، أو قسماً منه على الأقل، ليس بعيداً عن هذه النظريات. أما “حركة أمل” فتعتنق نظريات “البيزنس” بالدرجة الأولىّ!
بكلام آخر، هدف الفيلم هو كسب أنصار لـ”النجادية” بين الشيعة اللبنانيين بالدرجة الأولى، وهذا سبب بثّه على قناتين “شيعيتين”.
أما ما اعتبره المسيحيون اللبنانيون (عن حق) إساءة لدينهم فليس سوى هدف ثانوي في نظر النجاديين الذين يصدّقون آن “آخر الزمان” على الأبواب!!
جمعية سرّية لا تقيم وزناً للملات أو للمؤسسة الدينية
يقول خريج حوزة قم مهدي خلجي في دراسة “سياسات آخر الزمان في إيران” التي قام “الشفاف” بترجمتها ونشرها:
ينتمي أحمدي نجاد إلى صنف مختلف تماماً من المتعبّدين-السياسيين. فيبدو أنه ينتمي إلى جمعية سرّية تؤمن بالعودة الوشيكة للإمام الغائب. ولا تعطي هذه الجمعية وزناً كبيراً للملات أو للمؤسسة الدينية، وذلك لأن قلة من أعضاء الجمعية يملكون الدراية الفقهية والقدرة على قراءة وفهم النصوص الدينية المكتوبة بالعربية. وتعتبر الجماعة نفسها الممثّل الحقيقي للتعاليم الإسلامية، وتعتقد أنها مكلّفة تكليفاً نبويّاً بتغيير المجتمع الإيراني- وكل ذلك تمهيداً لعودة “المهدي”. وتبعاً لإيديولوجية آخر الزمان التي تعتنقها الجماعة، يمكن استخدام التكنولوجيا المتقدّمة لتسريع عودة “الإمام الغائب”. إن من الصعب معرفة ما تؤمن به هذه الجمعية السرّية على وجه الدقّة، ولكن الشائعات تشير إلى توقها للسيطرة على البرنامج النووي الإيراني. ويُقال أن “غلام رضا آغا زاده”، وهو رئيس منظمة الطاقة الذرّية في إيران، ينتمي إلى هذه الجمعية. ويمتلك بعض المحيطين بأحمدي نجاد خلفية معلومات حول الجماعات النازية الجديدة في ألمانيا، على غرار “محمد علي رامين” وهو رئيس”مؤسسة المحرقة اليهودية”، وأمين عام “مؤتمر المحرقة اليهودية” الذي انعقد في طهران، علاوة على وظيفته كمستشار للرئيس أحمدي نجاد. والظاهر أن إيديولوجية أحمدي نجاد هي مزيج من الإشتراكية والنازية في إطار من الأصولية الإسلامية. وترفع هذه الإيديولوجية شعارين دوليين: العداء للصهيونية، والعداء لأميركا.
(1) “سياسات آخر الزمان” في إيران
دين جديد.. والمهدي ينجز ما تركه محمد غير ناجز!!
ويضيف:
الإنحراف عن الإسلام هو أحد علامات عودة الإمام الغائب. وحسب القرآن، فقد أرسل الله المسيحية إلى العالم لأن اليهود حرّفوا التوراة وتعاليم موسى. ويرد في القرآن، كذلك، أن الله بعث الإسلام وجعل محمد رسوله بعد أن قام المسيحيون بتحريف الإنجيل وبعد أن انحرفوا عن رسالة يسوع المسيح. وفي يومنا، يؤمن المهدويون بأنه بعد قرون من الهيمنة، بات الإٍسلام فاسداً وأن المهدي سيعود حاملاً التأويل الصحيح للإسلام. وحسب تراث آخر الزمان، فحينما يعود المهدي حاملاً “الإسلام الصحيح”، فسيعتقد الناس أن ذلك “دين جديد”، وسيقف علماء المسلمين ضدّه، فيجد نفسه مرغماً على قطع رؤوسهم.
وفي أحد الأحاديث يحدّث الإمام الشيعي الخامس أنه حينما يظهر المهدي (مثل محمد رسول الله، فإنه سيدمّر كل ما سبق ويعيد الإسلام إلى أصله). ويعتبر المهدويون أن تاريخ الإسلام ليس سوى مسار إنحدار وفساد. وبالنسبة للمهدويين الأصوليين، فإن “المدينة”، أي حكومة محمد، هي المثال الأعلى للمجتمع الإسلامي والسياسات الإسلامية. وحيث أنه لم يكن بوسع محمد أن ينجز كل ما رغب به، فإن المهدي سيُبعَث لينجز ما تركه محمد غير ناجز.
(سياسات آخر الزمان” في إيران (2): المهدوية التراثية وقبل الثورة الإسلامية
وبديهي أن دعاوى غلاة المهدويين تصدم المسلم العادي لأن النبي قال “اليوم أكملت لكم دينكم”، ولأن هذه الصورة للمهدي كما يقدّمها الغلاة تبدو بعيدة عن الإسلام كما عرفه المسلمون. وفي أي حال، فحسب الرواية المهدوية التي يعتنقها أحمدي نجاد فإن المسيح سوف يصلّي خلف المهدي في آخر الزمان!!
والطريف أن ما لا يقوله المهدويون النجاديون هو أن بعض روايات عودة المهدي تقول بأن المهدي (العربي) سيذبح الترك والفرس!
المخرج نادر طالب زاده: “الهولوكوست” كذبة و11 سبتمبر مؤامرة وحكومة نجاد تعمل لتسريع عودة المهدي!
خاض المخرج الإيراني نادر طالب زاده مغامرة التصدي للرواية الأميركية الرسمية حول هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 مستعينا بشهادات أميركية خالصة تضمنها شريطه الوثائقي الذي حمل عنوان “I was there – كنت هناك”.
وعرض الفيلم الذي أنتجته محطة “press tv” ومقرها طهران في ثاني أيام مهرجان الجزيرة الرابع للأفلام التسجيلية في الدوحة.
وعدا فيلمه عن 11 سبتمبر 2001، فقد صرّح المخرج في مقابلات تلفزيونية أن “الهولوكوست”، أي إبادة اليهود على أيدي النازيين هو “كذبة”، على غرار ما يزعم أحمدي نجاد الذي نظم مؤتمراً في طهران قبل سنتين لفضح “كذبة الهولوكوست”.
فيلم قادم عن علاقة عيسى والمهدي المنتظر الذي تعمل حكومة نجاد للإسراع بعودته
ماذا يقول المخرج عن فيلمه؟ البرقية التالية من وكالة الصحافة الفرنسية تعود إلى يناير 2008 وهي جديرة بالقراءة لأنها تستند إلى مقابلة مع المخرج:
محمد حامد – أ ف ب
يصعد نبي الله عيسى إلى السماء، في الوقت الذي يتم صلب شبيهه.. ذلك الاعتقاد الإسلامي عن السيد المسيح هو خاتمة فيلم إيراني باسم “المسيح روح الله” لا يزال يلقى نجاحًا لافتًا في إيران.
وهذا الفيلم يأتي ردًّا على فيلم “آلام المسيح” الشهير، ومحاولة لجسر هوّة بين الخلافات القائمة بين الإسلام والمسيحية بشأنه، بحسب مخرجه.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية اليوم الأحد عن مخرج الفيلم نادر طالب زاده رؤيته بأن قوله: “الفيلم رد إسلامي على فيلم آلام المسيح للمخرج ميل جيبسون عام 2004 والذي لاقى إقبالا بالغًا، لكنه ببساطة كان مخطئًا”.
“فيلم جيبسون هو فيلم جيد.. أعني أنه جيّد من الناحية المهنية، لكن القصة خاطئة تمامًا.. فهي لم تكن كما عالجها”، بهذه الكلمات تابع طالب زاده، مشيرًا إلى اختلافين رئيسيين بين الإسلام والمسيحية بشأن عيسى، هما: أن الإسلام يرى عيسى رسولاً وليس ابن إله، وأنه لم يُصلب.
ولفت طالب زاده إلى أنه تردد أكثر من مرة على شقة المخرج جيبسون في كاليفورنيا لعرض فيلمه عليه، مضيفًا “إنه كان يوم الأحد والأمن محتشد على البوابة، حيث أخذ أحد عناصره الفيلم وكتيبا خاصا به ووعدني بتسليمه إياه”، لكنه لم يتلق ردًّا.
جسر
وأصر طالب زاده على أن الهدف من فيلمه هو إقامة جسر بين الخلافات القائمة بين الإسلام والمسيحية، برغم التباعد الشاسع بينهما بشأن ساعات المسيح الأخيرة على وجه الأرض.
وأضاف “من المثير للمسيحيين أن يعلموا أن الإسلام يعطي عيسى حقه من التمجيد، ولديه الكثير من المعلومات حول عيسى”، وتابع “بهذا الفيلم أريد إقامة جسر بين المسلمين والمسيحيين؛ لفتح باب الحوار حتى يتسنى إيجاد أرضية مشتركة بين الإسلام والمسيحية”.
وبمزيد من الإيضاح قال: “القرآن قال إن عيسى لم يكن المصلوب، لكن يهوذا أحد حواريه الاثني عشر والذي خان المسيح عيسى وأراد تسليمه للرومان ليقتلوه.. في الفيلم أظهرنا أن المصلوب هو يهوذا”.
المهدي المنتظر
وإظهارًا لمذهبه الشيعي، لم ينسَ المخرج في حديثه أن يربط بين عيسى والإمام المهدي كأبرز شخصية لدى الشيعة، قائلاً: إنه اختفى منذ 12 قرنًا، وإن عودته إلى الأرض مذهب عقدي رئيسي في فترة رئاسة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، بحسب ما نقلته عن وكالة الأنباء الفرنسية.
وعن عمله الفني القادم قال: “إنه سينصبّ على إظهار العلاقة بين المسيح عيسى والمهدي المنتظر والذي تعمل حكومة نجاد على الإسراع بعودته” على حد اعتقاده، مضيفًا “نحن المسلمين نصلي وندعو من أجل المهدي المنتظر والمسيح عيسى، ومن ثَم تكون النهاية”.
وعن علاقة الفن والدين تساءل طالب زاده “هل ينبغي علينا كفنانين أن نقف مكتوفي الأيدي حتى يأتي ذلك الوقت؟ أليس هناك واجب علينا القيام به”.
وحظي فيلم “عيسى روح الله” الذي أشرف على تمويله التلفزيون الإيراني باستقبال حافل، حيث تم عرضه في 5 دور سينما في طهران خلال شهر رمضان الماضي. كما حصل على جائزة حوار الحضارات في مراسم خاصة أقيمت بمهرجان “دين اليوم” الذي عُقد في إيطاليا منتصف أكتوبر الماضي.
وكانت بداية ظهور طالب زاده إلى النور بتصويره لأحداث الحرب الإيرانية – العراقية بين عامي 1980 – 1988. وأفلامه محط اهتمام جمهور عريض في إيران.
وبالنسبة للديانة المسيحية في إيران، فإنه يوجد عشرات الآلاف منهم ويمارسون طقوسهم الدينية في حرية تامة بمقتضى الدستور الإيراني، لكن عددهم تناقص بشدة في أعقاب الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979.