أهالي بلدية الغبيري يعلمون ان بلديتهم هي ثالث او رابع اكبر بلدية في لبنان من حيث حجم الموارد المالية. بلدية الغبيري ممتدة من ساحل البحر في منطقة “السمرلند”، وصولا الى خط صيدا القديمة ومن ضمنها المدينة الرياضية ومنطقة بئر حسن مرورا بصبرا وشاتيلا وغيرها من الاحياء. لكن المفارقة ان في نطاق هذه البلدية مشاهد لا تشير الى ان المجلس البلدي، المستمر منذ العام 1998 حتى اليوم، تحت اشراف وادارة حزب الله وبمشاركة من حركة امل، قد احدث تغييرا ايجابيا على مستوى استنهاض احياء هذه المنطقة التي تعاني من اهمال مزمن وباد على احيائها بشكل لا لبس فيه.
هذا بعض ما يشير اليه اعضاء في لائحة “الغبيري للجميع” التي قررت خوض الانتخابات البلدية في مواجهة المجلس البلدي الحالي. مجلس لم يزل مستمرا منذ عقدين رغم بعض التعديلات في بعض الاسماء، لكن من دون اي تغيير في النهج الانمائي. فحزب الله، الذي يمسك بمقاليد البلدية وقرارها وبتحالف مع حركة امل، يرفض ان يقدم جردة حساب شفافة تكشف الموارد المالية التي جبتها بلدية الغبيري بشكل مباشر او من خلال الصندوق المستقل، وكيف تم صرفها.
ببساطة يجابه من يسأل في هذا الموضوع بأجوبة لا تروي غليل الباحث عن الحقيقة وعما يجري داخل الغرف السوداء التي تدير البلدية. ببساطة يمكن ان يلاحظ الداخل الى احياء الشياح الداخلية، وحتى تلك الاحياء المسماة بالغبيري، وان يلمس مظاهر الاهمال والفقر وسوء التنظيم المدني. فيما بلدية الغبيري يمكن ان تكون نموذجا مختلفا…
يكفي ان تجري مقارنة بسيطة على بعد عشرات الامتار، اي في منطقة عين الرمانة، ليلمس المراقب كم ان ثمة فارقا كبيرا بين منطقتين يفصل شارع بينهما. هو ليس فارقا في وجود المال هنا او عدم وجوده هناك، بل هو فارق في اين يذهب مال البلدية لانماء البلدة او مسارب الفساد وصولا الى مجهودات اخرى حزبية وجهادية؟ وربما في دعم المقاومة من جنوب لبنان الى جنوب حلب…
“فتش عن المحاصصة والفساد والزبائنية”، هو الجواب الذي تسمعه من اعضاء لائحة “الغبيري للجميع” في وصفهم لاداء البلدية الحالية طيلة 18 عاما، وليس الولاية الاخيرة فقط وهذا مبرر خوضهم المعركة رغم هروب حزب الله الى العنوان السياسي في هذه المعركة، كاستحضار المقاومة وانجازاتها ودماء الشهداء، وتوجيه التهم للمنافسين بانهم اعداء المقاومة او انهم يريدون اسقاط قلعة حزب الله في الضاحية. وهي اتهامات صارت ممجوجة بعدما صار يعلم ابناء المنطقة مدى الفساد الذي استشرى لدى اصحاب السلطة البلدية. علما ان هؤلاء يعلنون ليل نهار انهم في خط المقاومة ومعها. فالمقاومة تحولت الى وسيلة مثالية للمفسدين لكي يوغلوا اكثر في ملفات الفساد. فلكونهم يمثلون المقاومة ويحملون سيفها في الغبيري او برج البراجنة وحارة حريك يسهل عليهم ان يتحولوا الى قديسين. والمال العام الذي استولوا عليه يصبح، على ما يقول احد ابناء الغبيري، من “نِعَم الله”.
الصوت “المقاوم” بـ٥٠٠ دولار!
اما في بلدية برج البراجنة فقامت مجموعة من المستقلين بتشكيل لائحة “قلبي لبرج البراجنة” في مواجهة لائحة حزب الله، معتبرين ان بلدة برج البراجنة تعرضت لاكبر عملية نهب لما تبقى من املاكها العامة لحسابات حزبية. فيما التوظيفات في البلدية يكاد يستثنى ابناء برج البراجنة منها، لتذهب معظمها الى حزبيين من خارج البلدة. التهم كالعادة جاهزة. فكل من يريد ان يواجه سلطة حزب الله البلدية يكفي ان يرفع في وجهه سيف “المقاومة”.
حال برج البراجنة لا تسر ابناءها وقضايا الفساد وسوء الادارة في البلدية وغياب الخطط الانمائية، فضلا عن تحول المجلس البلدي الى مركز لتقاسم الاملاك البلدية والعامة في نطاق برج البراجنة… كل هذه الاسباب الموجبة لمواجهة هذه السياسة هو ما يجعل المستقلين مصرين على استمرارها رغم التهديدات التي اكدها لنا اكثر من مرشح، والتهويل على لائحة “قلبي لبرج البراجنة” لم يتوقف.
اضف الحديث من شهود عيان عن ظاهرة جديدة او متضخمة هذه الايام في بلديات الضاحية لا سيما الغبيري. الصوت في الغبيري بات ثمنه 500 دولار كما يشاع. ولأن المعركة ستكون قاسية يشير مصدر في لائحة “الغبيري للجميع”، التي تفتقد لأي دعم مالي، والتي أعضاؤها معروفون بكون معظمهم من متوسطي الحال… الى ان خصومهم بدأوا بدفع الاموال للناخبين. ويحسبونها بطريقة تجارية. هم يشترون صندوق بلدية الغبيري بمليوني دولار فقط. تجارة رابحة لمن يعتبر العمل البلدي مجالا للنفوذ والمحاصصة كما هو حالها اليوم.