إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
المواطن اللبناني في جنوب لبنان، سواءً كان مسيحياً او شيعياً أو سنّياً أو..شيوعياً، ليس بحاجة إلى حزب إيراني للحصول على شهادات بالوطنية، مثل هذا “الأهبل” الظاهر في الفيديو المرفق. والمواطن اللبناني “لا يتشرّف” بالوقوف في جبهة تأتمر بأوامر الديكتاتور الإيراني. يستطيع “حزبلو” أن يُجنّد بعض “العَطَلجية” أو بعض “العونية” لالتقاط فيديو على “إكس”. لكن يظل عليه، وعلى أسياده في الحرس الإيراني، أن ينسحبوا من القرى المسيحية التي “احتلوها” على الحدود مع إسرائيل.
بالمناسبة، المشكلة ليست مشكلة مسيحية ـ شيعية.
المشكلة أن سماسرة “الثنائي المأجور” وضعوا يدهم على “مشاعات القرى الشيعية” في السنوات الماضية، وحققوا منها أرباحاً بمئات الملايين من الدولارات، وهم يستفيدون الآن من حرب خامنئي في الجنوب “للسَلبَطة” على بيوت القرى المسيحية.
اللبناني لا يريد الحرب. واللبناني لا يتشرف بـ”الخدمة” في جيش إيراني. ولن يترك أرضه في جنوب لبنان لـ..”باسداران”!
منازل القوزح ثكنات بعد النزوح…ماذا يجري؟
جوانا فرحات
المركزية- كأن لعنة الجغرافيا التي تلاحقهم منذ السبعينات مكتوبة على جباههم، حتى بات مصيرهم مرتبطا بقرار من انتزع قرار الحرب والسلم من الدولة . إنهم مسيحيو قرى الشريط الحدودي الذين عادوا بعد خروج الجيش الإسرائيلي من أرضهم عام 2000 وأعادوا بناء ما تهدم من أملاك ومنازل ومحال تجارية. لكن الضريبة التي دفعوها في تموز ال2006 كانت أقسى وأشد وجعا . وللمرة الثانية أعادوا بناء ما تهدم لأنهم يعلمون حتما أن الأرض لا تستباح بقرار “لو كنت أعلم”.
قد تكون الثالثة ثابتة وربما الأخيرة التي يدفع فيها مسيحيو الشريط الحدودي ثمن فاتورة حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. لكن صمتهم على وجع التهجير والخوف والمعاناة اليومية صار نازفا، خصوصا وأن أهالي بعض القرى باتوا شهودا على عمليات اقتحام عناصر حزب الله بيوتهم وتحويلها إلى مقرات أمنية وثكنات عسكرية مما يعرضها للقصف المباشر والتدمير. وهذا ما حصل في قرية “القوزح” التاريخية الشاهدة على الآثار الرومانية المحفورة في ثناياها.
موقع البلدة الإستراتيجي على تلة مواجهة لإسرائيل والمحاذية لبلدات تتعرض لقصف متواصل لا سيما بيت ليف وعيتا الشعب ورميا دفع بأهلها للنزوح منذ ليل 9 تشرين الأول 2023 أي بعد مرور 24 ساعة فقط على عملية طوفان الأقصى ودخول حزب الله في حرب الإسناد. ويؤكد مصدر من داخل البلدة لـ”المركزية” أن عند اندلاع حرب طوفان الأقصى كان هناك 52 عائلة في بلدة القوزح من أصل 170 عائلة مسجلين في دوائر النفوس، وفي أقل من 24 ساعة فرغت المنازل التي نسج أهلها عمرهم فيها ببساطة وقوة إرادة. أما العائلات الخمس التي بقيت في البلدة فلحقت بالباقين بعد أيام بسبب اشتداد القصف ولم يبق في القوزح سوى شقيقتان طاعنتان في السن “.
ما توقعه الأهالي من خراب ودمار بفعل قصف الطيران جاءهم من ” جيرانهم المسلحين من القرى المجاورة”. ويقول المصدر”بعد أيام على نزوح الأهالي علمنا أن عناصر تابعة لحزب الله اقتحمت منازلنا في بلدة القوزح وتمركزت فيها وقامت بتمديد شبكة اتصالات أرضية وعمدت إلى تغطية النوافذ والأبواب الزجاجية بالبطانيات السميكة الموجودة في المنازل لحجب الرؤية. إلا أن الإتصالات التي أجراها أحد أعيان البلدة مع مسؤول أمني في الحزب أسفرت عن خروج المسلحين من المنازل وذلك في شباط الماضي.
عملية الإخلاء لم تدم أكثر من شهر ونصف إذ عاد العناصر وتمركزوا في المنازل التي سبق واقتحموها بعد خلع أبوابها إضافة إلى منازل أخرى. وعلى رغم المفاوضات التي تجددت بين اعيان البلدة و”المسؤول في الحزب ” ،لم تسفر إلا عن وعود بالإخلاء بحسب الوضع الميداني”.
آخر محاولة لطرد هؤلاء من المنازل جاءت وفق خطة أعدها الأهالي لاستعادة جنى عمرهم والحفاظ عليه بأقل قدر ممكن من الخسائر. واعتمدت على عودة جماعية إلى منازلهم . لكن اللافت أن بعد وصولهم إلى بيوتهم شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على البلدة أدت إلى إصابة عدد منها مما اضطر الأهالي إلى الهرب من جديد وسط حالة من الهلع والخوف الشديدين. وبعد 20 يوما تعرضت القوزح من جديد للقصف بواسطة دبابات الميركافا وأصيب عدد كبير من المنازل بشكل مباشر أدى إلى تدميرها بالكامل. صدفة أم خطة بالتنسيق بين الأعداء؟
يدرك أهالي القوزح كما مسيحيو الشريط الحدودي الذين نزحوا عن بيوتهم أن “الحرب طويلة” و”كما في كل مرة سندفع الثمن، لكننا لن نترك أرضنا مهما حاولوا ورسموا من خطط وتسويات” يقول أحد أبناء البلدة، ويضيف “بعد حرب تموز ما طلعلنا شي كقرى مسيحية من المساعدات والأموال التي رصدت لإعادة إعمار البلدات والقرى المدمرة. وهذه المرة قد تكون النتائج نفسها، لكن المشكلة أن الوضع الإقتصادي والإجتماعي مختلف تماما وسيء جدا ،لذلك يبقى السؤال الأبرز من سيعيد إعمار بيوتنا وما هو مصير العام الدراسي في مدارس الشريط الحدودي وهل سيدخل أولادنا المدارس هذه السنة؟”.
يروي نازحون من قرية “دبل” الحدودية أن خلال قيام بعض الأهالي بأعمال زراعية في أراضيهم وقطف الدخان في بساتينهم مستغلين فترات الهدوء المتقطع، تعرضوا للتعنيف اللفظي والشتائم من قبل مواطنين من بلدة عيتا الشعب كانوا يشيعون أحد ضحاياهم “.
هي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أهالي دبل لمحاولات مماثلة لكن قرار الصمود والبقاء أقوى، بدليل أن نسبة الصامدين في دبل يراوح بين الـ70 والـ80 في المئة بحسب أحد الأهالي فيما نزح 30 في المئة منهم إلى بيروت، معظمهم ممن لديهم أطفال، وانتقلوا للإقامة لدى أقارب أو في منازل يملكونها في العاصمة. ويلفت إلى أن أبناء البلدة المقيمين يتلقون المساعدات الغذائية والطبية من جمعيات، لكن مع الوقت وإطالة عمر حرب الإستنزاف بات هناك نقص في الأدوية في مستوصف البلدة مما يضطر الأهالي التوجه إلى مستوصف بلدة “رميش”.
أمنيا، يؤكد أهالي دبل أن القصف يطال أطراف القرية فقط بخلاف ما حصل عام 2006.لكن ماذا لو استمرت حرب الإسناد إلى حين موعد دخول الطلاب إلى المدارس؟ “في حال استمرت الحرب سيضطر الأهالي إلى النزوح عن البلدة واستئجار بيوت في بيروت وجبل لبنان ليتمكن أولادهم من تحصيل سنتهم الدراسية. هذا فقط ما نخشاه”.