التهليل الذي يقوم به اعلام الثامن من آذار منذ الأمس، حول وضع النائب أحمد فتفت استقالته من مسؤولياته في تيار المستقبل بتصرف الرئيس سعد الحريري ليس عاديا، انه التهليل لسقوط صقر آخر من صقور تيار المستقبل والرابع عشر من آذار، باطار حملة التدجين التي بدأت مسيرتها منذ الزيارة الأولى للرئيس سعد الحريري الى دمشق والحفاوة الغير مجانية التي استقبل بها، فوراء الأكمة ما وراءها.
منذ فترة والكلام يدور عن ضرورة ضبط لغة بعض قيادات تيار المستقبل المصنفة من صقور الرابع عشر من آذار تجاه سوريا، حيث لم تستوعب هذه القيادات التغييرات على مستوى العلاقة السياسية مع سوريا وحافظت على نبرتها العالية. الكاتب عماد مرمل المقرب من حزب الله والعامل في اعلامه، كتب لجريدة السفير في 30 مارس آذار تحت عنوان “رئيس الحكومة يحسم داخل تياره … ويتمهل خارجه” ” من الواضح أن العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ودمشق انتقلت عمليا خلال الأيام الماضية الى مرحلة جديدة سمتها الانضباط في اللغة المتبادلة، ولا سيما من قبل قيادات تيار المستقبل التي كان بعضها قد واصل جنوحه نحو استخدام مصطلحات عدائية في مخاطبة دمشق”.
من أبرز رموز المستقبل المطلوب اخراجهم من المعادلة، واغتيال صوتهم الغير مناسب للمرحلة الجديدة، النائب السابق مصطفى علوش والنائب أحمد فتفت وربما غدا يأتينا من يطالب باضافة الرئيس السنيورة اليهم كونه الرمز الأبرز لشرعية ثورة الأرز.
لماذا فتفت وعلوش؟
لمن لا يعلم من المفيد التذكير أن النائب أحمد فتفت لم يدخل جنة المجلس النيابي على لوائح تيار المستقبل، فعندما ترشح العام 1996 دخل البرلمان كنائب مستقل متكلا على ارث والده النائب السابق محمد خضر فتفت، بعد انتخابه تعرف على الرئيس الحريري وانضم الى تياره ايمانا منه بضرورة اخراج لبنان من تحت هيمنة التقليد السياسي المتحكم بالرقاب والعباد، هو نائب للدورة الرابعة منذ العام 1996، معروف عن فتفت تمسكه بالقيم والمبادىء، فهو لا يقدم المصالح على المبادىء، هو ليس من نواب الخدمات، مقتنع أن على الناس التصويت للخط السياسي وليس للخط الأكثر نفعية وهو لذلك ربما ليس الأكثر شعبية كونه لا يشتري المحبة بالمال والخدمات، أولويته الخدمات العامة والانمائية على حساب الخدمات الشخصية.
منذ الانعطافة نحو سوريا والنائب فتفت يرفع الصوت عاليا مطالبا تيار المستقبل ببذل جهد مع الأنصار والمؤيدين لشرح تلك الانعطافة غير المفهومة، حيث الرأي العام المناصر لتيار المستقبل غير قادر على مواكبة المشروع السياسي للتيار بسبب الانطباع السائدحول عدم الوضوح في التوجه السياسي للتيار بعد السابع من يونيو حزيران.
النائب السابق مصطفى علوش الذي أكد لموقع ناو ليبانون “أن كل الأمور التي قالها فتفت محقة” ووافق في حديث للمحطة اللبنانية للارسال على مقولة عدم تقبل الشارع للتبدلات السياسية، يصنَّف في خانة صقور المستقبل والرابع عشر من آذار، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة تحسينه للغته تجاه سوريا فهو معروف بنبرته العالية غير المساومة على المبادىء، وهو واضح الموقف والقناعات. قال عن سوريا العام 2007 في 30 ديسمبر لمجلة الشراع “لا ينجح مع سوريا الا لغة التهديد والعقوبات”. وعندما سُئل من قبل جريدة السياسة الكويتية في 28/04/2010 حول وجود فيتو سوري عليه واشتراط سوريا على الرئيس الحريري ابعاده عن تيار المستقبل أجاب “لا أتصور العلاقات اللبنانية السورية متوقفة على شخصي، وأستغرب أن يكون منطق الدول متوقفا على أشخاص، على اعتبار ان العلاقات بين الدول لا تبنى على تفاصيل الأفراد”.
قالت لي احداهن بعد أن دخلت الصفحة الالكترونية لتيار المستقبل وقرأت التالي:
رئيس تيار المستقبل سعد الحريري
منسق تيار المستقبل أحمد الحريري
مدير مكتب رئيس الوزراء نادر الحريري….
هل هذا تيار أم تجمع عائلي، وسألني آخر عن العبرة من ادارة معركة الشمال البلدية بوجه من صيدا (المقصود أحمد الحريري)، وأُكمل متسائلا: اليس هناك شخص واحد موثوق من قيادات التيار الشمالية لادارة المعركة؟ للحقيقة، شعرت بالاهانة….
لا أملك جوابا لتلك الأسئلة الا أنه يبدو أن المطلوب تيار بلا لون وبلا طعم وبلا رائحة. ويبدو أن عدم انجاز الوثيقة السياسية للتيار مرتبط بتطور علاقاته الداخلية والاقليمية. الأهم والأخطر عدم قراءة مجريات وأحداث ما جرى من تحد لتيار المستقبل وجمهوره من الجنوب مرورا بالبقاع وانتهاء بالشمال بسياق الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية الفرعية بدقة، والعيش على أوهام حكايات المستشارين والمستنفعين الوردية التي تزين الهزائم انتصارا، الى أن يأتي يوم ويجد فيه الرئيس سعد الحريري نفسه رئيسا لكتلة نيابية صغيرة تحت السيطرة ومحدودة الفعالية.
بالأمس علوش، واليوم فتفت، هل يكون الغد موعد مراجعة للعلاقات مع مسيحيي الرابع عشر من آذار وتكميمهم لاستكمال عملية السابع من أيار والسيطرة على البلد بالكامل؟
mammassoud@yahoo.com
بالأمس علوش واليوم فتفت، من يكون غداً؟
من الذي أتى بالمدعو سامي فتفت الى منصب المراقب المالي لبلدية طرابلس بالتواطأ مع رئيسها الجمالي