أمير مير- “الشفاف”، لاهور
اتسع الخلاف بين مركزي السلطة الرئيسيين في باكستان بعد قرار رئيس الحكومة، يوسف رضا غيلاني، بإقالة مستشار الأمن القومي، الجنرال محمود دورّاني، بسبب إقراره بأن الجهادي “أجمال كسّاب”، الذي نجا من عملية “مومباي” كان مواطنا باكستانياً. وقد اتخذ القرار بدون إستشارة الرئيس آصف علي زرداري.
وكان معروفاً أن هنالك خلافات كبيرة بين زرداري وغيلاني بسبب ما يٌُقال عن تدخّل الرئاسة في شؤون الحكومة، الأمر الذي دفع غيلاني لاتخاذ موقف تحدّي وإقالة دورّاني في خطوة القصد منها إفهام زرداري بأنه يريد إدارة شؤون الحكومة كرئيس حكومة فعلي وليس كمجرّد دمية. ومع أن الجنرال دورّاني كان مستشاراً لرئيس الحكومة، فقد دأب على رفع تقاريره للرئيس مع أن غيلاني وجّه له عدة تحذيرات في الفترة الأخيرة. وتقول المصادر الرسمية أن عزل درّاني يظهر أن رئيس الحكومة، يوسف غيلاني، بدأ يشعر بنفاد الصبر إزاء تدخلات زرداري المتزايدة في تسيير الشؤون اليومية للحكومة.
وتقول المصادر الرسمية في إٍسلام آباد أن الجنرال دورّاني كان قد أصدر بيانه بخصوص الجنسية الباكستانية لـ”أجمال كسّاب” بعد استئذان الرئيس زرداري، غير أنه لم يطلع رئيس الحكومة على الموضوع قبل أن يعطي مقابلة لتلفزيون هندي كشف خلالها هذه المعلومة المهمة. ولم يعرف رئيس الحكومة بما قاله دورّاني سوى عبر وسائل الإعلام. وبعد ساعتين فقط، تعمّد رئيس الحكومة أن يعرف الرئيس بخبر إقالة دورّاني عبر نشرة أخبار التلفزيون، حيث أنه لم يخبر الرئيس بخبر الإقالة.
وقد أوضح الجنرال دورّاني موقفه بعد عزله، قائلاً: “لم أقل أثناء المقابلة التلفزيونية سوى أن أجمال كسّاب يمكن أن يكون مواطناً باكستانياً”. ولكنه أعرب عن أسفه لأن رئيس الحكومة لم يطلب منه تفسيراً للكلام الذي تسبّب بإقالته. ويلفت النظر أن وزيرة الإعلام والإذاعة “شيري رحمن” أرسلت البيان المنسوب للجنرال دورّاني إلى عدد من الأشخاص بواسطة رسائل “إس إم إس”. وقالت المصادر أن غيلاني اتخذ قراراً واعياً بإبراز نفسه كرئيس حكومة قوي يتمتع بدعم البرلمان.
لكن ثمة من يعتقد، في إسلام آباد، ان الخلاف بين زرداري وغيلاني يمكن أن يؤثّر في العلاقات الباكستانية-الأميركية. وتقول مصادر وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة تضغط على الرئيس زرداري لإعادة مستشار الأمن القومي المعزول إلى منصبه. وتقول المصادر أن الإقالة المفاجئة للجنرال دورّاني، الذي كان يعتبر مقرّباً من كبار المسؤولين الأميركيين والذين كان خدم كسفير باكستان في واشنطن في عهد مشرّف، أثارت ضجّة في البيت الأبيض. وبناءً عليه، عقدت السفيرة الأميركية لدى باكستان، “آن باترسون” إجتماعاً طارئاً مع زرداري فور عودته من كابول يوم الخميس، لتنقل له طلباً أميركياً بإعادة الجنرال دورّاني إلى منصبه لأنه كان، حسب قولها، يتولّى تنسيق الجهود الأميركية والباكستانية في الحرب ضد الإرهاب. وتفيد معلومات أن الرئيس عقد، بعد ذلك، إجتماعاً مطولاً مع غيلاني في إسلام آباد، ولكنه أخفق في إقناعه بسحب قرار عزل دورّاني.
لكن رئيس الحكومة غيلاني تحدّث إلى الصحفيين في إسلام آباد يوم الجمعة، وقال أنه تم عزل الجنرال دورّاني بقرار من الرئيس زرداري بناءً على توصية منه هو، لأن دورّاني قام بخرق أصول العمل الرسمي وأدلى بتصريحات بدون الحصول على موافقة الجهات الرسمية المعنية. وكذّب غيلاني تقارير وسائل الإعلام حول خلافه مع الرئيس زرداري، مضيفاً أنه لو كانت هذه التقارير صحيحة لما كان الرئيس زرداري قد وافق على إقالة دورّاني بناءً على توصية رئيس الحكومة.
amir.mir1969@gmail.com