وبينما تتواجه ايران فيما بينها يسارا ويمينا، تستعد اسرائيل للتعامل مع الملف النووي الايراني من خلال التلويح بضربة عسكرية، وبنفس الوقت تسعى الولايات المتحدة لمفاوضات محتملة حول نفس الملف مع ايران. طريقة اسرائيل تختلف الان عن الولايات المتحدة. فأسرائيل يقيادة نتنياهو تلوح باستخدام القوة بينما اوباما يختلف عن سلفه بوش: فهو يعتمد مبدأ الحوار والاستعداد للتحدث المباشر مع ايران.
ان الولايات المتحده واسرائيل ليستا على اتفاق حول كل شيئ تجاه ايران. لهذا سيبقى السؤال مفتوحا: هل تقوم أسرائيل باستباق السعي الامريكي للحوار، ام انها ستكتشف ان الولايات المتحدة لن تتحمل قيام اسرائيل بضربة استباقية تفجر الشرق الاوسط وتحرج الولايات المتحدة؟ على الاغلب ستواجه اسرائيل صعوبة كبيرة في توجيه ضربة عسكرية لايران. ولكن بنفس الوقت لا نستطيع ان نجزم بأن المواجهة لن تقع؟. فقد تقبل ايران بالجزرة المطروحة عليها من ادارة اوباما من خلال التوصل لحل وسط حول الملف النووي مما يبعد عنها شبح المواجهة المسلحة؟ فالواضح ان سير ايران بلا حساب باتجاه النووي سيؤدي لمشكلات كبرى لايران وللمنطقة سيؤدي لمواجهات عسكرية بين اسرائيل وايران. ولكن استعداد ايران للتفاوض ولحلول وسط ولتفاهمات سوف يغير الاجواء ويصعب المهمة الاسرائيلية. لهذا تعيش منطقتنا في المسألة الايرانية النووية في ارض وسط بين المواجهه والمساومة.
والمواجهة قد تكون هي الاخرى فرصة لاسرائيل ان وجدت واكتشفت ان ضربة جوية واحدة تدوم لساعات قادرة على اعادة البرنامج النووي الايراني عشرة سنوات الى الوراء. لكن ايران تؤكد ومصادرها تؤكد بأن برنامجها موزع في كل مكان وانه فكرة قائمة في عقول علماءها وان ضربة جوية اسرائيلية لن تؤخر البرنامج. بل تؤكد مصادر عديدة ان توجيه ضربة لايران سوف يجعلها اكثر تصميما على انتاج القنبلة. وهناك مدرسة تؤكد بأن الضربة الجوية لايران ستوحد الايرانيين وتكون اكبر هدية توجهها اسرائيل لنظام خامئني والمحافظين: تحول كل الايرانيين نحو وحدة جديدة واعادة سيطرة المتشددين على الحدث السياسي الايراني.
وفي غياب المواجهة المسلحة وفي ظل اجواء الاصلاح الراهنة التي يتصدى لها الشارع الايراني يسأل المواطن الايراني ومعه التيار الاصلاحي كيف تستفيد ايران من تطوير برنامج نووي وهي بالكاد قادرة على اطعام شعبها وحل مشكلاته الانسانية والاقتصادية؟ ما فائدة النووي والبلاد تفتقد للحريات والحقوق والنمو والتطور والانفتاح والاقتصاد الحديث المتجدد. سيتساءل المواطن الايراني هل قامت ايران بوضع العربة امام الخيل؟ فالنووي يجب ان يكون تتويج لتقدم وليس العكس. فها هو الاتحاد السوفياتي قبل ايران امتلك اكبر ترسانة نووية في العالم ولكنه لم يكن متقدما كفاية.
صراع ايران مع نفسها مستمر في هذه المرحلة. لقد تغيرت ايران في الاسابيع الماضية ولا وعوة الى السابق، اذ انكسر حاجز الخوف الداخلي واصبحت مطالب المجتمع الاصلاحية حدثا علينا. لم تعد ايران متحدة على ولاية الفقيه، ولم تعد متحدة على صلاحياته، ولم تعد ايضا متفقه على برنامجها النووي خاصة ان كان سيؤدي الي عقوبات ومواجهات لا داعي لها ولا تصب بمصلحة الشعب الايراني. ايران الاصلاحية تبحث عن انفتاح سياسي واصلاح اقتصادي وصلاحيات للشعب اكبر. فهي تعيش مخاضا سيساهم في تغيرها. اما ايران التقليدية فتعيش هاجس بناء القوة النووية والنظام المركزي.
والواضح الان انه في ظل غياب المواجهات الخارجية سوف تزداد محاولات الايرانيين التصدي لمتطلبات التغير والاصلاح الذاتي. لكن من جهة اخرى ان وقعت الحرب مع ايران ستكون بطبيعة الحال انقاذ للنظام ومساعدة له على قمع الاصلاح في ايران. يصعب ان نعرف كيف يمكن ان يتحول الشرق بين يوم وليلة لمواجهة مسلحة تمتد من ايران الي جنوب لبنان. ففي منطقتنا قد يكون الفارق بين حرب وسلام: شرارة.
استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
ايران بين التحدي النووي والاصلاح السياسي!
الحمد الله ..
نعم إن الموضوع حرب وسلام أي ( الخير والشر ) بمعنى أكثر وضوحاً بين الماديين والروحانيين , فكيف نوفق بين رؤية المادي للحياة أي من يؤمن بالتطور والتقدم بالمقابل رؤية الروحي أي من يؤمن بتطهير النفس والرجوع للذات ..؟
فهذه مسألة جدلية منذ نبينا آدم عليه السلام إلى يومنا هذا ..
وشكرا لك
موفق
لنفهم بعضنا