كمال ريشا – الشفاف – خاص
يبدو المشهد الايراني وقد فتح على أزمة غير واضحة المعالم في ظل تجاوز الخطوط الحمراء بين السلطة الايرانية مدعومة من المرشد الاعلى السيد علي خامنئي والمعارضة الاصلاحية بقادتها المعلنين الثلاثي الرئيس السابق محمد خاتمي ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورجل الدين مهدي كروبي.
في السياقات الايرانية يسود الاعتقاد ان المعارضة او الاصلاحيين اصبحوا اليوم منقادين الى الشارع الذي يحكم خطواتهم بعد ان تجاوزهم وخرج الشعار من “اين صوتي” و”اعيدوا لي صوتي” ليصبح الشعار التكبير الليلي “الموت للديكتاتور”.
والمتتبع لبداية الحركة الاحتجاجية الايرانية التي انطلقت في اعقاب اعلان نتائج الانتخابات وصولا الى عاشوراء الدامي وحتى اليوم يجد ان المواجهة بين النظام والاصلاحيين في طريق مسدود. فلا النظام قادر على التراجع خطوة واحدة الى الوراء ولا الاصلاحيين استطاعوا الى اليوم تقديم نموذج واضح المعالم للتعاطي مع النظام الحالي لجهة اصلاحه كما هو او لجهة العمل على تغييره .
بدايةً، خرج الاصلاحيون الى الشارع مطالبين باصواتهم الانتخابية، متهمين السلطة بسرقتها. ويسود الاعتقاد انهم لم يكونوا على يقين .من ان المرشد الاعلى للجمهورية السيد علي خامنئي سوف ينحاز الى طرف الرئيس محمود احمدي نجاد وفريقه في النزاع الانتخابي ويسود الاعتقاد ايضا ان سقف التحرك الاصلاحي كان محكوما، بحده الاقصى، بإعادة إجراء الانتخابات وفق مخرج يحفظ ماء وجه الجميع، معارضين وموالين اصلاحيين ومحافظين، ولكنهم على ما يبدو تفاجأوا بموقف المرشد الحاسم لجهة نتائج الانتخابات وإصراره على صدقيتها وبالتالي تكريس غلبة الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد.
استمرت الاحتجاجات في محاولة لممارسة مزيد من الضغوط على السلطة والعمل على إعادة تحييد مرشد الجمهورية إلا أنها باءت بالفشل. واقسم الرئيس محمود احمدي نجاد اليمين الدستوري لولاية ثانية ففتحت الازمة على مصراعيها ولكن من دون ان يتواجه فيها، أقله حتى الساعة، مشروع إصلاحي في مواجهة مشروع محافظ.
فالاصلاحيون تفاجأوا ايضا بحركة الشارع الايراني واستنباطه اشكالا مختلفة ومتنوعة للتعبيرعن احتجاجه وبما يؤمن الاستمرار في تكريس هذا الاحتجاج والعمل على اتساع رقعته شعبيا وجغرافيا. فبدا لوهلة وكأن الشارع الايراني اصبح خارج السيطرة الاصلاحية والسلطوية على حد سواء، الامر الذي دفع بقادة الاصلاحيين الى المسارعة لمواكبة حركة الشارع كي لا تخرج الامور بالكامل عن السيطرة.
ومنذ بداية الاحتجاجات وحتى اليوم لا يبدو ان هناك مشروعا إصلاحيا لتولي السلطة أو على الاقل خطة طريق لمعالجة ما يعتبرونه خللا في النظام أدى، ليس فقط الى خسارتهم الانتخابات، بل، وايضا، فتح نقاشا داخليا على مدى واسع بشأن آليات التعاطي مع حقوق الانسان ومواجهة الاحتجاجات والتظاهرات وتوقيف رجال الاعلام والرأي والسياسة وصولا الى رجال الدين.
فما يثير التساؤل هو الى اين تتجه ايران وما هو المستقبل الذي ينتظرها؟
الاصلاحيون تقدموا بمشاريع خجولة، ربما تمت صياغتها على مقاس قدرة الوضع الحالي في البلاد على التحمل، وتمثلت بنقاط مير حسين موسوي الخمس ومن بعدها النقاط الخمس للخروج من المأزق الحالي لمهدي كروبي.
ولكن حتى النقاط العشر لكروبي ومير حسين موسوي لم تلق آذانا صاغية من السلطة على الرغم من تواضعها، بل وتم اتهام موسوي بان ايادٍ اسرائيلية وصهيونية تقف وراء نقاطه الخمس.
وفي سياق متصل هل يريد قادة الاصلاح تغيير السلطة الحالية، وكيف وما هي الآليات التي سيعتمدونها، وهل الاستمرار في التظاهر والاحتجاج وابتكار اشكال جديدة لتأمين استمرارية الاحتجاجات كاف لاحراج السلطة الحالية بما يخرجها من كراسي الحكم؟
ايضا، الى اي مدى يستطيع قادة الاصلاح الاستمرار في مواكبة حركة الشارع الذي يبدو وكأنه يريد تغييرا اكبر واوسع يصل الى نظام الحياة الكامل للشعب الايراني لجهة اللباس والحريات والاجتماع والاقتصاد؟
وإزاء ما سبق لا يبدو ان هناك خطة طريق للمعارضة الايرانية للمرحلة المقبلة. وإذا كانت هناك من خطة ما فهي، إما غير معلنة او غير واضحة المعالم.
بالمقابل، لا تبدو السلطة وكأنها صاحبة مشروع مستقبلي لحل المأزق مع الاصلاحيين في ظل إصرارها على عدم الاعتراف بهمومهم، وبالتالي عدم رغبتها في التواصل او التحاور معهم بل هي ممعنة في ممارسة سلطانها بما يعطيها الدستور الايراني من اوجه حق.
لذلك يرى مراقبون انه من المبكر الحديث عن اي تطور في المشهد الايراني اقله ليس قبل ان تتضح خطة الطريق لمعالجة المأزق الحالي سواء لدى السلطة او لدى قادة الاصلاح الذين يتحملون مسؤولية مضاعفة في الإسهام والعمل على إخراج إيران من مأزقها الحالي.
ايران: التغيير لم ينضج تحليل مختصر ورائع أستاذ كمال ريشا. وأنا مثلك لا أعتقد أنّ هناك مخرج للأزمة. والسبب هو أنّ النظام متحجّر على عقيدته المتصلّبة، ويتكلّس بأستمرار فيذبح شعبه ويخنق أنفاس الحرية. أما المعارضة فهي تتفاقم، ويزداد فعلها. وبين النظام والمعارضة تيار يستمر في رفد التذمر وزيادة أعداد من يحمل عبئة. فمنطق التطور لا يتراجع ولا يمكن أن يتراجع. وهذا الفكر الظلامي قد جعل الشعب الأيراني صاحب الثورة الأسلامية يصبح أكثر شعوب الدنيا الحاداً. فنسبة المؤمنين في أيران 11% بينما نسبة المؤمنين في المجتمع الغربي 25% حسب أحصائية باحثة فرنسية كتبت عنها الفيغارو. أي أنّ النظام الأيراني الأسود كافح… قراءة المزيد ..