لندن –
هناك محاولة خبيثة، لا يقودها رئيس وزراء لبنان الفعلي، بل المهندس الدائم للمكائد السياسية، فؤاد السنيورة، لفرض حاكم جديد لمصرف لبنان، لا يقتصر دوره على غض الطرف عن الفضائح المالية والنقدية السابقة، بل يكون أيضاً مرناً بما يكفي لتقليص صلاحيات الحاكم نفسه. المخطط واضح ومتكرر: استغلال الأزمة الراهنة للادعاء—زوراً—بأن الحاكم يتمتع بسلطات مفرطة، ومن ثم استخدام هذه الذريعة الملفقة لتجريده من سلطته.
لكن، إلى أين ستذهب هذه الصلاحيات؟ مخطط السنيورة مكشوف بقدر ما هو انتهازي: تفتيت الإشراف المالي الأساسي بين لجان متعددة، كل منها تحت قيادة مدراء سُنّة مختارين بعناية. إنها إعادة هيكلة بأسلوب اتفاق الطائف، ولكن هذه المرة تستهدف النظام المالي بدلاً من النظام السياسي. وبالطبع، لإنجاح هذا المخطط، يحتاج السنيورة إلى حاكم سهل الانقياد، طيع، وقبل كل شيء، مستعد للتواطؤ. فمن سيكون المرشح المثالي لهذا الدور؟ سنترك لكم استنتاج الجواب.
في هذه الأثناء، يجد حزب الله نفسه في وضع حرج بشكل متزايد. فالعقوبات تتصاعد، و”مؤسسة القرض الحسن” باتت تحت تهديد وشيك، وآلاف مكاتب الصرافة غير المرخصة—التي طالما كانت قنوات لغسل الأموال المشبوهة—تواجه الإغلاق المحتمل. بعضها، مثل Monty، حظي حتى بترخيص رسمي من الحاكم الحالي بالوكالة، في خطوة تثير الكثير من التساؤلات. وإزاء هذه الحملة، لجأ الحزب إلى تكتيكه الكلاسيكي في صرف الأنظار: شن هجوم على المرشح الوحيد الذي لا جدال في أنه مناهض لحزب الله، مؤيد لسيادة الدولة، مخلص للجمهورية فقط، ومعارض بشدة لأي تمويل غير مشروع.
أما حملة التشويه، فهي سخيفة بقدر ما هي يائسة. يزعمون أن هذا المرشح هو عميل للمصارف، يسعى إلى القضاء على الودائع لمصلحة المؤسسات المالية. يتجاهلون حقيقة أن هذا الشخص لم يمتلك بطاقة ائتمان أو حساباً مصرفياً أو قرضاً أو أي تسهيلات مالية من أي مصرف لبناني—سواء في الداخل أو الخارج—لمدة عشرين عاماً. بل ولم يسبق له، في أي مناسبة، أن أدلى بتصريح—شفوياً أو كتابياً—حول سياسات القطاع المصرفي أو حقوق المودعين أو القوانين المالية.
ومع ذلك، فهو الرجل الذي يخشاه بشدة كل من المؤسسة المالية العميقة التي ترسخت منذ عهد الحريري، وحزب الله. مرشح ذو خلفية أكاديمية لا تشوبها شائبة، تلقى تعليمه في أرقى الجامعات اللبنانية والدولية. خبير قانوني ومالي متمرس، اكتسب خبرته في الولايات المتحدة والشرق الأوسط والخليج. إصلاحي متحمس لاستقلالية المصرف المركزي، بعيداً عن سطوة الأوليغارشية السياسية والتأثير غير المشروع للقطاع الخاص. معارض شرس لتمويل الإرهاب، وتبييض الأموال، وعوائد تجارة المخدرات.
ولذلك، لم يكن مفاجئاً أن يصبح الهدف الرئيسي لقطبي الفساد في لبنان: الحرس المالي القديم للسنيورة، وميليشيا حزب الله التي فقدت مؤخراً الكثير من أنيابها. وإذا كانت هاتان القوتان، اللتان نادراً ما تتفقان، قد وحدتا جهودهما ضده، فربما يكون هذا وحده دليلاً على أنه بالفعل الرجل المناسب لهذا المنصب.
ربما.