تحمل الكتابة في موضوعات أمنية واستخبارية غامضة، مثل موضوع عماد مغنية واغتياله قبل نحو الشهر في دمشق، من يتصدى لها ولا دراية له سابقة، بها قريبة أو بعيدة (وهي حال كاتب التعليق)، تحمله على الشطط والتيه في التخييلات من غير ضابط ولا معيار. والمضي على الكتابة، على رغم ادراك الأمر، أنما هو من باب الاختبار الذهني، أولاً، ومن باب القياس السياسي، والتقريب بين بعض الحوادث والأدوار والظروف، ثانياً. ولا يسوغ الاختبار والقياس إلمام بالمسألة يزيد عن المشهور والتداول.
ولعل أظهر الوقائع الظاهرة، والمستغنية عن التأويل، مشهد تأبين القتيل. فتلاوة رسالة شخصية من رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لواء الاستخبارات السابق في الحرس الثوري الإيراني، ثم إلقاء وزير الخارجية الإيراني وساعد محمود أحمدي نجاد كلمة تأبين، وحضور موفد شخصي للمرشد الثاني «الإمام» الخامنئي، واقتصار الحضور على «العائلة» الأقرب من دون «الحلفاء» و «الرعاة»، لا تترك (الأمور الأربعة هذه) شكاً في رتبة الراحل الغامض والمتخفي أو في وظيفته وعمله. فهو، في ضوء اخراج التأبين هذا، قطب من أقطاب النظام الإيراني الخميني، وركن أو جزء من «طبقته» الحاكمة والسائدة. فهو ليس وزير الاستخبارات والأمن المعلن، وليس قطعاً وزير الداخلية أو رئيس شرطة طهران (على غرار رجل مثل قاليباف، منافس أحمدي نجاد في الانتخابات 2005 الرئاسية، وأحد وجهي اللائحة المحافظة المنافسة للائحة الرئيس في انتخابات مجلس الشورى)، أو قائداً سابقاً للحرس الثوري. ولكن القيادة الإيرانية، بشطريها: «المدني» الإداري والسياسي، و «الفقهي» التوجيهي والسياسي، تعمدت إبراز ابن طير دبا الجنوبية اللبنانية في صورة القطب القيادي والرسمي «الإسلامي» – على معنى الجمهورية «الإسلامية»، والمقاومة «الإسلامية»، التي لا تتستر على الصفتين الشيعية والإيرانية، ولا على ارادة دمجهما الواحدة في الأخرى. وتستبعد ارادة الدمج هذه، ويستبعد واقع الدمج، المظاهر المسرحية «اللبنانية» مثل العلم الوطني وراء الخطباء، أو مثل لف الجثمان به، أو دعوة ممثل الدولة الوطنية أو الحلفاء الأقرب الى المشاركة في المنبر.
ولا يشذ عن سياقة الدمج في طاقم الحكم الشيعي الإيراني إلا إدراج خطبة أمين عام «حزب الله»، وقائد جيش «المقاومة الإسلامية»، القطب القتيل في سلسلة أقطاب قتلى قبله (هما قطبان، حرب والموسوي) يجمع بينهم دورهم (المفترض) في انشاء الجيش الشيعي المقاتل، ومنظمته السياسية العلنية، وفي سقوطهم بيد اسرائيلية. ويضطلع ادراج مغنية في سلسلة واحدة مع راغب حرب (وهو أقرب الى الأيقونة والعلم الرمزي منه الى «القائد» على المثال الحرسي)، وعباس الموسوي (وهو عالم الدين الإمامي، والكاتب في التقريب بين المذاهب، والخطيب المنبري المتواضع، فوق المحارب الذي نشرت «التعبئة الإعلامية» صوره) بوظيفة تاريخية وروائية. فيشبِّه اللبننة من غير زعمها وادعائها. ويجدد تأسيس «المقاومة الإسلامية» على وجهها الثابت والمتصل، وهو «وجه» الحرب على اسرائيل في كنف الدولة الإيرانية الشيعية. وحلقة مغنية، «المدني» والمقاتل الأمني، بعد حلقتين «دينيتين» أو معممتين، الشيخ حرب والسيد حجة الإسلام الموسوي، وسلك الحلقات الثلاث في سلك حربي وحزبي واحد، قرينة ربما على نفي الفرق بين المدني والعسكري والسياسي، وبين المدني العسكري السياسي وبين المعمم «الديني». ويخلص الخطيب المؤبن من سلسلته المثلثة الى اعلان «الحرب المفتوحة». وهذا إجراء سياسي تكتيكي، والى «لحظة تبصر» أو رؤيا، على شاكلة رؤى المعصومين في الحديث والأثر الإماميين، أرته (فالرؤى ليس مصدرها إنسياً ولا يراها رائيها) نهاية «الكيان الصهيوني». وهذا الهام استراتيجي ومهدوي. وجدل الإجراء والرؤيا تقدمة من الأمين العام القائد، على ما يلقب، الى محمود أحمدي نجاد، اللواء الحرسي والاستخباراتي السابق، وداعية ولاية «الإنسان الكامل» على قوله (هل يضمر القول الرئاسي هذا تحفظاً عن «ولاية الفقيه»؟).
ولم يكد يوارى مغنية الثرى حتى خرج الى العلن ما لم يكن يقال قبل اغتياله. فزعم (أي قال وحدَّث) أحد أولياء انخراط القتيل في القتال و«الأمن» الفلسطينيين بلبنان، (والولي هو أحد «مسدسات» الاغتيالات الإيرانية في الخارج)، أن عماد مغنية هو قائد حرب «حزب الله» في صيف 2006 على الدولة العبرية، وهو مهندس الجيش الشيعي، وصاحب «النظرية» العسكرية التي أنشئ الجيش بموجبها منذ أنشئ، وقاتل في ضوئها منذ ابتدائه القتال الى «نصره» في الصيف العتيد. ولم تخالف الرواية هذه صراحةً الرواية الشائعة، وهي تصور «الحاج»، بحسب لقب عرفه به رهائن «الجهاد الإسلامي» الغربيون وربما المحليون في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي، في صورة «رجل» العمليات الاستخبارية المعقدة مثل خطف الطائرات والرهائن والاغتيالات وتفجير السفارات والمقرات المدنية وإلقاء النفس على العدو ومَرافقه. وتجلو الرواية الصادرة عن مقاتل أمني «فلسطيني» إسلامي ثم إيراني (ولبناني التابعية الورقية) القتيل الراحل قائداً ومخططاً استراتيجياً، «تدرس نظرياته في الكليات الحربية الغربية وهو من لم يدرس الفن العسكري في مدرسة يوماً» (على قول الراوي). وعلى هذا، فما قيل في 1999، غداة عملية إنزال إسرائيلية خاسرة وفاشلة على شاطئ الصرفند اللبنانية، من أن اخفاق العملية حمل الجيش الإسرائيلي على إنشاء «وحدة دراسية عسكرية» تعنى بدراسة قتال الجيش الشيعي، ينبغي أن يعزى الى قائد أركان الجيش، عماد مغنية. وخصت «التعبئة الإعلامية»، يومها، الصحافي اللبناني الراحل، جوزيف سماحة، بدعوة خاصة أدت الى كتابته تحقيقاً في خمس حلقات، ونشره صور أشلاء فيها أقدام وأيدٍ وأصابع أرهصت ربما بخطبة الأشلاء. وأفشى رفيق جوزيف سماحة، وناشر «الأخبار»، ابراهيم الأمين، في ذكرى وفاة رفيقه الأول، ان صورة فوتوغرافية جمعت أمين «حزب الله» وعماد مغنية والصحافي الراحل و «آخرين»، هم ناشر «الأخبار» نفسه على الأرجح، لم يعرض على الجمهور منها غير وجهي القائدين، وقد تكون الصورة صورت في مناسبة التقرير الصحافي عن العملية – الكمين. وهذا، إذا صح، قرينة على دور القتيل «الاستراتيجي»، بحسب الصفة المحببة الى قلوب الأمنيين.
وإخراج «الحاج» من دور أمني واستخباراتي تفصيلي ضيق وتنفيذي، وإسباغ الصفة الاستراتيجية والتخطيطية والميدانية العسكرية عليه، وعلى عمله ومهماته، يتفق، وربما يتلازم مع تعاظم مكانة الحرس الثوري الإيراني السياسي والاقتصادي ودوره، وتوليه قيادة سياسة إقليمية خشنة، على خلاف وصف بعض ساسة الصين «صعود» بلدهم قوةً دوليةً كبيرة بـ «الهادئ». وفي ساحات السياسة الإقليمية الإيرانية الحاسمة، أي لبنان وفلسطين والعراق والخليج (من غير ترتيب)، وامتدادات بعض هذه الساحات الى المهاجر وبلدان الشتات، اضطلع «القائد» الراحل بأدوار راجحة. وبمعزل من العمليات نفسها، وهي ما لا علم به إلا للراسخين في علوم «الأمان»، تنسب الى الرجل مناهج في القتال اختبرت في الساحات الأربع. فهو تدرج في معارج عمليات التفجير الكبيرة والمباشرة بأطنان المتفجرات وسياراتها وحافلاتها وأحزمتها، الى العبوات المحلية الصنع والخارقة الدروع، المطمورة في حفر الى جانب طرقات الانتقال والتموين والرصد في الأراضي المحتلة، فالكمائن المحصنة والمحمية بوحدات اسناد ناري كثيف، قريب وبعيد، اتسع من البنادق الى الصواريخ المتدرجة المسافات. وأتاح له تنقله منذ نحو ثلاثين سنة، بين ساحات قتال متفرقة ومختلفة، وتوليه فحصها ومراقبتها واختبارها والضلوع المباشر فيها على وجوهها، جمع خبرات وعلاقات رفعته، على الأرجح، الى مكانة فريدة ربما بين أقرانه من قادة الحرس الثوري وألويته.
وخولته مكانته، الى التصرف من غير رقابة بأموال طائلة وبالسلاح والمقاتلين والعلاقات المتشعبة والمتعرجة، بالتعاون اللوجستي والاستخباري والسياسي مع جهات وجماعات، وبعضها ضلعت، ولا تزال ضالعة، في أعمال ارهابية ببلدان عربية قريبة، وبطواقم الحكم والأجهزة في البلدان هذه. والأرجح أن العراق، حيث تنشط «القاعدة» النشاط المشهود، الى سورية ولبنان، ميدان الطرق المفضية منهما الى العراق، محور من محاور عمل مغنية الأثيرة والراجحة. ولم يخف على المراقبين انتقال «خبرة» العبوات المحلية الصنع، والقاتلة، من جنوب لبنان الى جماعات «القاعدة» العراقية أو العاملة بالعراق (ومعظمها قدم من البوابة السورية). ولكن «الخبرة» هذه لم تقتصر على الجماعات السنّية. وبعض الجماعات الشيعية المستقلة، المستظلة «جيش المهدي» أو «لواء بدر» أو غيرهما من الفرق التي يقودها معممون ومشايخ مساجد وفتوات أحياء «ملهمون»، لم تقصر في استعمال التقنية الناجعة والرخيصة هذه. ولا ريب في أن رجلاً خبر الميدان اللبناني، والميدان الفلسطيني، ولا تعوزه العلاقة المتينة بحواشي المنظمات الجهادية السنية، بطرابلس وصيدا وبعلبك وربما بالأردن (حيث اعتقل أحد مساعدي مغنية قبل أعوام) وبعض الخليج، وتربطه بالأجهزة السورية وتشكيلاتها اللبنانية والفلسطينية المشتركة أوثق الروابط، ولا تنقصه الإلفة بالعراقيين المهاجرين الى لبنان وبعض علمائه ومراجعه (ومغنية كان في حرس محمد حسين فضل الله، أبرز المراجع هؤلاء، وبعض مريديه يدرس في بعض بلدان الخليج) – لا ريب في أن مثل هذا الرجل يتقدم سواه في ميدان التنسيق والتعاون والاستدراج. وهو يتقدم سواه كذلك من باب الخطر الذي يترتب على اختراقه.
فهو المثال، ربما من غير نظير، على اندماج شيعي غير ايراني في القيادة الحاكمة الإيرانية الشيعية. وعلى هذا، فهو يستبق نموذجاً «امبراطورياً» يقضي باصطفاء الطبقة الحاكمة في المركز نخب الولايات المتميزة، وضمها اليها، وتوليتها المناصب الرفيعة. ولبنان «العزة الإسلامية» (أي الشيعي الإيراني والمسلح)، على قول حسين دهقان رئيس «مؤسسة الشهيد»، هو التمثيل المتبلور على الولاية المقتطعة من دولة وطنية، والملحقة أرضاً (أو بعض أرض) وحرباً وناساً وسياسة بالمركز. ويأمل بعض الحكم بإيران في الحذو على المثال في العراق وأفغانستان وبعض الخليج، في يوم آتٍ.
ولا ريب في أن الرجل المتقلب بين الساحات الكثيرة تقدم في بعض أحواله أعيان النظام الخميني الحاليين. ومن الأعيان هؤلاء أحمدي نجاد. فرئيس الجمهورية «الإسلامية» الرابع (بعد خامنئي ورفسنجاني وخاتمي) حرسي قديم، وليس من ألمع ضباط الحرس الاستخباراتي. وهو خدم تحت امرة ضباط في الحرس تقدموه مرتبة ونفوذاً وعلاقات ودراية بشعاب النظام الداخلية والخارجية. ومن هؤلاء الضباط اللواء (السابق) علي عسكري. وعسكري هذا هو قائد اللواء الحرسي الذي أوفده المرشد الأول روح الله خميني، في 1982، الى بعلبك ليصد الحملة الإسرائيلية، «سلامة الجليل»، ويرعى هو والسفير بدمشق يومها، انشاء حزب شيعي مسلح بجوار «الكيان الصهيوني». وربما رعى عسكري، فيمن رعاهم، عماد مغنية. وهو (عسكري) كان على رأس العملية التي اغتال أصحابها بعض قادة الحزب الديموقراطي الكردستاني بإيران.
وأحد أفراد «الكوماندوس» هذا كان الرئيس الإيراني الحالي. وتولى عسكري، قبل لجوئه الى الأميركيين مطلع 2007 بأنقرة، حراسة المنشآت النووية الإيرانية، المعلن منها والسري. ولجوؤه، على رغم انحسار دوره في الفصل الناشط الأخير من عمله الاستخباري، امتحان قاسٍ للجسم الحرسي، ومزاعمه في قيادة ايران في عهد «ثورتها الثانية»، على قول أحمدي نجاد إبان حملته الانتخابية. ولكن الغموض يلف، الى اليوم، لجوء الجنرال عسكري الى الأميركيين. وقد يكون هربه، وهو كان مراقباً منذ بعض الوقت ومهمشاً، ثمرة «إيحاء» واستشعار مصدرهما الجهاز الذي كان اللاجئ، الفقير الوفاض بالمعلومات الطازجة، أحد أركانه السابقين. وعلى هذا، ففي وسعه الهرب واللجوء الى العدو من غير انزال أذى كبير بجهازه، ولا منفعة كبيرة للعدو.
ولا يبدو أن منفعة الاستخبار الأميركي من لجوء عسكري كانت كبيرة. فتردد الاستخبارات الأميركية في تقدير البرنامج النووي الإيراني، بين تقرير وآخر، قرينة على ضآلة المعلومات. ويلاحظ أن القيادة الإيرانية، بعد نفي وسكوت محرجين، طوت صفحة لجوء عسكري. ولم تتأخر كثيراً في الرد ايجاباً على اقتراح عراقي باجتماع ثلاثي، أميركي وايراني وعراقي، يتولى مناقشة المسائل المشتركة بين الأطراف الثلاثة. وكان الرد الإيراني، قبل أشهر قليلة، على اعتقال الأميركيين ستة ضباط استخباريين ايرانيين بأربيل أكثر حدة بكثير من الرد على لجوء عسكري. وكاد الرد يؤدي الى معركة بحرية في الخليج إثر اعتقال البحرية الإيرانية دورية بريطانية. ويقارن الرد الإيراني، ورد «حزب الله»، اليوم، على اغتيال مغنية (ولعل عملية القدس حلقة من حلقاته) بالرد على اعتقال الضباط الستة. ولكن لجوء عسكري، مستدرجاً كان أم متطوعاً، سابقة. وصحبها، في وقت قريب، نجاح جهاز العمليات الخارجية الإسرائيلي في اغتيال أحد كبار علماء الذرة الإيرانيين، حسن بور، مسمماً. ويدل العملان على علاقات واتصالات تتمتع بها أجهزة غربية واسرائيلية في قلب القلعة الخمينية و «الإسلامية». وهذا نذير خطر شديد يتهدد، أول ما يتهدد، من يتولون الربط بين مسارح العمليات الاستخبارية والعسكرية. وعلى رأسهم عماد مغنية. فوقوع واحد من هؤلاء بيد جهاز أجنبي تترتب عليه نتائج استخبارية فاضحة. ومغنية عاصر سياسات ايران وضلوعها في المسارح البارزة والثانوية كلها. فإذا تهدد مغنية خطر من هذا الصنف، وهذا جائز في ضوء لجوء عسكري أو الجائه، وفي ضوء تسميم حسن بور، فخير للحرس الباسط ظله المتعاظم على ايران النجادية، والخامنئية، أن يتخفف من تهديد ثقيل مثل هذا.
وليس في سيرة «القائد الحاج» ما ينم بطموح سياسي أو قيادي ظاهر، أو برغبة في التصدي، أو بانحياز الى جناح من أجنحة النظام. فـ«استراتيجياته» اقتصرت على الآلة الاستخبارية والعسكرية، وعلى التصفيات على أنواعها. وخدمت «الاستراتيجيات» غايات سياسية و«فقهية» لم يبدُ أن «الحاج» ناقشها في يوم من الأيام أو تحفظ عنها. وهو كان، الى النفس الأخير، في قلب ما يحاك ويدبر، اذا صدق تنصيبه مخططاً استراتيجياً وميدانياً.
فلا يتوقع الجاؤه، على سبيل التمثيل البعيد. وتهمته بالضلوع في منازعة المحاور والأجنحة متعذرة. ويتعذر، على هذا، تصفيته داخل ايران على مثال تصفية الأخوين هاشمي في 1988. وهما كانا مقربين من منتظري، خليفة المرشد الأول المزمع قبل عودة هذا عن استخلافه، ومسؤولين عن «مكتب حركات التحرر»، القريب من «العمليات الخارجية». ومهدت تصفية الأخوين الناشطين والفاعلين الى ما سماه المرشد يومها «تجرع العلقم»، أي الرضوخ لوقف العمليات العسكرية على العراق، على ما كان ينصح رفسنجاني.
ولا نعلم اذا كان، اليوم، ثمة «علقم» يتراءى لبعض القيادة الإيرانية أن عليها تجرعه. وهو قد يشبه التخلي عن تخصيب اليورانيوم وتوقيع بروتوكول الوكالة الدولية الإضافي، أو يشبه الرجوع عن انشاء «الولايات الإمامية» في ربوع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. والأرجح أن «القائد» مغنية لم يكن ضالعاً في المسألة الأولى. وكان منخرطاً انخراطاً قوياً في الثانية. وسبق لقيادات عسكرية وأمنية ايرانية رفيعة، مثل وزير الدفاع الأول وقادة ألوية في الحرب العراقية – الإيرانية وقادة سياسيين وآيات الله من الصف الأول، أن قتلوا في حوادث طيران لا تحصى، وطوي التحقيق فيها أو نسبت الى أعطال ميكانيكية، والى رداءة الطقس، أو قتلوا في حوادث اغتيال جماعية لم تجلَ ملابساتها. فإذا قتل التقني الاستراتيجي بأرض سورية، على مثال اغتيال يستوفي شرائط «الموساد» كلها، وبيد «الموساد» المستدرجة بالإيماء البعيد والمتكتم، انقلب «دم» الرجل الى عَلَم ساطع على طريق الشهادة والولاية والإمامة المظفرة. وأمن أصحابه وزملاؤه إما تعاظمه، على شاكلة زميله وأمينه العام القريب، وإما خطفه ومحنته. وقد يحمل القتل بأرض غير دار الأهل على تلويح بانعطاف في غابة السياسة الإيرانية الملتفة الأغصان، والمنطوية على عتمتها. وهذا كله مجزٍ.
كاتب لبناني
انبعاث عماد مغنية غداة مقتله قائداً استراتيجياً يصله بسابقات إيرانية غامضة وكثيرةالغدر والغدير:جلس الرسول (ص) بين سبعين من الصحابة المقربين، بما هو أكثر من أصحاب الشجرة والبيعة الكبرى في غدير خم فقال: انظروا جيدا لقد استخلفت عليا من بعدي، مثل الانتخابات الأمريكية بعدي لأربع سنين ، واحذروا من الانقلابيين والمروانيين؟ وبعد دورتين انتخابيتين، يرشح ابن الرئيس وينتخب مرة أخرى ، ولكن هذه المرة إلى الأبد إلى الأبد ) … فالشيعة هم سبب تفرق المسلمين وضياع حقوقهم وتفوق إسرائيل عليهم ، والشيعة في العراق ما كان عليهم أن يتحالفوا مع الأمريكيين وينبغي أن يصبروا على ماكنة النظام الصدامي البعثي الشيعة سبب… قراءة المزيد ..