ماذا يفعل عدد من رجالات العراق الشيعية على اراضي لبنان في ظل ازمة حكومية متفاقمة وداخل البيت الشيعي العراقي تحديدا؟
سؤال جرى تداوله اثر خبر عرضته قناة الميادين المقربة من ايران وحزب الله منذ يومين عن وصول السيد مقتدى الصدر الى بيروت آتيا من النجف في العراق. هذه المعلومة ارفقت بمعلومات اكدتها اوساط عراقية من العراق وبيروت عن وصول رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الى بيروت امس الخميس، فيما كان وصل الى بيروت نهاية الاسبوع الماضي السيد جواد الشهرستاني قادما من ايران، ومن المعروف ان الشهرستاني هو وكيل المرجع الاعلى للشيعة السيد علي السيستاني في ايران. وتترافق هذه الزيارات الى بيروت مع الازمة المتصلة بالحكومة العراقية، لاسيما مسألة تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط، او مختلطة، ووسط خلافات حادة في ما يسمى البيت الشيعي داخل العراق، حول الحكومة وتشكيلتها الجديدة، بعدما حسم امر بقاء رئيس الحكومة حيدر العبادي على رأس اي حكومة مقبلة.
قريبون من مقتدى الصدر نفوا ما جرى تداوله في بعض وسائل الاعلام عن مساع ايرانية ومن قبل حزب الله لايجاد تسوية بين اركان البيت الشيعي ولاسيما بين المالكي والصدر. خصوصا ان العلاقة بين الرجلين مقطوعة وسيئة منذ سنوات وليس من لقاءات بينهما. ولأن المالكي يعتبر من المقربين جداً للقيادة الايرانية ولقيادة حزب الله، بسبب الخدمات الكبرى التي قدمها لايران وحزب الله على مستويات اقتصادية ومالية وعسكرية... لذا فإن الطرفين شكلا الحاضنة الاهم له بعد اقالته من رئاسة الحكومة بسبب حجم الفساد المريع الذي رافق حكمه طيلة 8 سنوات. لذا تبدي القيادة الايرانية، ولاسيما الجنرال قاسم سليماني، اهتماما في تثبيت دور المالكي من جهة وحماية التوافق داخل البيت الشيعي باعتباره ركيزة اساسية لنفوذها في العراق.
تجدر الاشارة الى ان مقتدى الصدر يقوم بزيارة بيروت مرات عدة خلال العام لمتابعة علاجه من مشكلة صحية يعاني منها، ويحرص ان تكون زيارته الى بيروت غير معلنة، في المقابل لم يصدر ايّ بيان من قبل حزب الله يشير الى لقاء عقد بين امينه العام او احد مسؤوليه مع الصدر. علما ان الازمة الحكومية في العراق على اشدها وسط خلاف برز اخيرا بشكل حاد بين القيادات الشيعية. وكان مقتدى الصدر صاحب الدور البارز في دفع السياسيين العراقيين نحو تغيير الحكومة. اضف ان موقف المرجع الشيعي السيد السيستاني، كما يتناقله وكلاؤه، هو ضرورة الدفع نحو اجراء تغيير حكومي بعدما اثبتت القيادات الحزبية والسياسية وتحديدا الشيعية فشلها في ادارة الحكومة واوصلت البلاد الى مأزق خطير اقتصاديا وسياسيا فضلا عن تورط معظمها بالفساد من خلال نظام المحاصصة الذي تقوم عليه الحكومة.
ازاء هذا التوجه، الذي تشجّعه المرجعية ويتبناه مقتدى الصدر، برزت بوضوح مشكلة اذرع ايران داخل الحكومة، وجرت عملية التفاف على هذا التوجه من خلال اعطاء القوى السياسية فرصة تسمية مرشحين من التكنوقراط. فيما برزت جهات اخرى رافضة لحكومة التكنوقراط في الاصل. من هنا بدأت الاخبار المتداولة عن عقد لقاء في بيروت، برعاية ايرانية ومن حزب الله، تأخذ حيزا من الاهتمام. لكن اوساطا عراقية مطلعة في بيروت نفت امكانية عقد لقاء موسع في بيروت. ولم تنف امكانية حصول اتصالات جانبية من قبل حزب الله مع الاطراف الموجودة داخل بيروت، في سبيل ترميم العلاقة داخل البيت الشيعي. وهي لم تستبعد ان يكون هناك لقاء يجمع بين نصرالله والصدر وبعض المسؤولين الايرانيين في محاولة للتخفيف من حدة الصراع مع اقرانه في البيت الشيعي، لاسيما المالكي.
في المقابل تشير اوساط شيعية لبنانية مطلعة على الملف العراقي، الى زاوية متصلة بدور حزب الله الاقليمي والشيعي. فتلفت الى توجّه ايراني لتفعيل دور حزب الله واشراكه في الشأن العراقي، من خلال الاستفادة من دور السيد حسن نصرالله لترتيب العلاقات بين القيادات الشيعية. وتلفت الى ان السيد نصرالله يحظى باحترام لدى هذه القيادات وهو قام بادوار ايجابية في مراحل سابقة على هذا الصعيد. كما ان القيادة الايرانية، من جهة اخرى، تريد من خلال ربط الدوائر الشيعية، من العراق الى لبنان، التأكيد على ان الملف الشيعي واحد في هذه الدوائر… وبالتالي لايمكن انجاز تسويات اقليمية منفصلة في كل دولة على دون الأخرى. وان سياسة الحصار، من خلال ادراج حزب الله على لوائح الارهاب، ستقابل بمزيد من تظهير الحاجة الى دور حزب الله في اي تسوية محتملة في المنطقة.