عندما كنا صبية نلعب فى الحارة كان هناك صبيا أكبر منا سنا وأكثر ضخامة ، وبصراحة كان “واد مفترى” ، وكان معرفته بكرة القدم لا تتعدى كثيرا معرفتى باللغة اليابانية ، وبالرغم من ذلك كان يصر على أن يلعب معنا ، وكان يحضر ونحن نلعب ويحاول أن يوقف اللعب ويقول: عاوز ألعب
فيقول له الشجعان منا: أيوه يامحمود إحنا دلوقت فى نص الماتش ، إيه رأيك تلعب الماتش الجاى؟
فيرد محمود بكل صلافة : لأ أنا عاوز ألعب دلوقت !
فيرد عليه الأقل شجاعة وأصحاب الحلول الوسط (مثل حالاتى): طيب إيه رأيك تقف جون ؟
فيرد بصلافة أقل: أنا ما بأعرفش أقف جون ، أنا عاوز ألعب راس حربة!!
فيرد عليه صبى متهور بدون عمل أى حساب للعواقب: هو إنت بتعرف تلعب خالص ، كتر خيرنا إللى حنخليك تقف جون .
فيسب ويلعن محمود كل من فى الحارة شاملا بالشتائم كل أفراد عائلاتنا ويجرى وراء الصبى المتهور (والذى أفرد ساقيه للريح) ويقول: كده وحياة أمك … طيب “فيها لأخفيها” .
وتعبير “فيها لأخفيها” يعنى أنه لن يكون هناك لعبا بدون مشاركة محمود مشاركة إيجابية ، كما وأنه يرفض أن يقف “جونا” . وهذا كان يضعنا أمام خيارين ، إما أن نستسلم “لإبتزاز” و”فتونة” و”زعرنة” محمود أو نقف له بالمرصاد كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، وكنا فى أغلب الحالات نكتفى بالحل الأول والأسهل وأن ندعه يلعب “فيها” أفضل من أن “يخفيها” .
ولست أدرى لماذا أتذكر محمود كلما جاءت سيرة النظام السورى فى الأخبار ، فدائما كنت أتسائل ما هو سر تأثير النظام السورى فى المنطقة فى نصف القرن الأخير من القرن العشرين ، دائما يعمل له ألف حساب أكبر من حجمه بدون مبرر منطقى:
النظام السورى ليس وراءه ثقل سكانى أو عسكرى مثل مصر أوثقافى مثل لبنان ومصر .
النظام السورى ليس وراءه ثقل مالى أو بترولى مثل بلدان الخليج والعراق وإيران وليس له ثقل دينى مثل السعودية وإيران .
النظام السورى ليس وراءه ثقل تقاليد ديموقراطية مثل لبنان أو إسرائيل
……
ما ساعد النظام السورى حقيقة هو أنه إعتبر نفسه مخترع القومية العربية ، بداية من ميشيل عفلق منظر حزب البعث . وبعد صدام عبد الناصر مع الغرب فى أزمة السويس وبعد أن تغذى بالإخوان المسلمين قبل أن يتعشوا به ركب موجة القومية العربية مع حزب البعث وفى نفس الوقت ركب حزب البعث عبد الناصر (كحصان طروادة) ليستفيد من شعبيته الطاغية ، وكان أقصى ماوصل إليه النظام السورى فى تحقيق فكرة القومية العربية هو الوحدة بين مصر وسوريا والتى إستمرت إقل من أربع سنوات بالرغم من أن الجميع إعتبرها “وحدة لا يغلبها غلاب” ، وبعد فشل تجربة الوحدة لم يتخل النظام السورى عن علم الوحدة (أبو نجمتين) ، بالرغم من أن مصر قد تخلت عنه ، ومش مهم الوحدة ، المهم العلم أبو نجمتين !!
وظل النظام السورى يحمل لواء القومية العربية فى الشرق حتى بعد الهزيمة القاسية لأنظمة القوميين العرب فى عام 1967، وظلت “دمشق الشرق” تذود عن علم القومية العربية بالرغم من ظهور أمين جديد للقومية العربية فى “طرابلس الغرب” ، والذى كفر مؤخرا بالقومية العربية ولبس بدلة بيضاء عليها علم أخضر لأفريقيا !! لذلك فأصبح النظام السورى هو المتعهد الوحيد فى المنطقة للقومية العربية!!
…..
وبعد أن شارك الجيش السورى فى نصر أكتوبر مع مصر ، وكان (فيها ولم يخفها) ، توقع الجميع أن يشترك النظام السوري مع مصر (السادات) فى محادثات السلام مع إسرائيل ، ولكن النظام هذه المرة رفع شعار “مش فيها ولسوف أخفيها” ، و أصر على أن يكون “فيها” عندما رفض حضور مؤتمر فندق (مينا هاوس) بالرغم من إرتفاع العلم السورى (أبو نجمتين) على بوابة الفندق ، كما أنه فشل فى أن “يخفيها” بعد أن إستمر السادات فى طريقه وعادت لمصر أراضيها كاملة وتمت إزالة مستوطنات سيناء بالرغم من سياسة الرفض والمقاطعة والتى قادها حزب البعث فى كلا من سوريا والعراق ضد مصر وهللت لها منظمة التحرير الفلسطينية ، وبالطبع ثبت للجميع بعد نظر السادات ، وجاء النظام السورى إلى مائدة المفاوضات مع إسرائيل فى مدريد ، وبالطبع أفشلت السياسة السورية تلك المفاوضات ، وعاد النظام السورى إلى تبنى سياسة “اللاسلم واللاحرب” ، بالرغم من أن أصحاب القضية الأساسية إعترفوا بوجود إسرائيل فى معاهدة أوسلو وتمت المصافحة الشهيرة فى حديقة البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكى كلينتون بين الرئيس عرفات والرئيس رابين ، ومرة أخرى حاول النظام السورى إلى تبنى سياسة “فيها لأخفيها” ، فحاول ضم كل العناصر الفلسطينية الرافضة لإتفاقية أوسلو ، مثل الجبهة الشعبية ، وجورج حبش ، وأبو جلمبو وغير من منظمات “الأبو” ، وفشل الجميع فى إفشال إتفاقية أوسلو ، حتى وجد النظام السورى غايته فى خالد مشعل قائد منظمة حماس (فرع الإخوان المسلمون الفلسطينى) بالرغم من أن المواطن السورى لا يستطيع الإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين السورية إلا إذا أراد أن يقضى بقية عمره مسجونا ، ولكن النظام السورى تبنى (الأخوان الفلسطينين) فى سوريا لكى (يخفى) معاهدة أوسلو (لأنه لم يكن فيها) ، وقد نجح هذه المرة وخاصة بعد أن أوصلت إتفاقية أوسلو نفسها منظمة حماس إلى حكم فلسطين ، وسبحان مغير الأحوال ، ولا أدرى لماذا يصمت خالد مشعل على معامل “إخوانه المسلمين” السوريين تحت عينه فى دمشق ، ربما لأنه وجد حلفاء جدد فى كلا من دمشق وطهران ، ولكنها تلك السياسة اللعينة ، صاحبة المقولة الدائمة :”إللى تغلب به … إلعب به” .
….
وكانت من المفاجْات الكبرى للنظام السورى هو إنضمام بعض القوات السورية إلى قوات التحالف مع الأمريكان فى حرب الخليج الأولى لطرد صدام حسين من الكويت ، ونجح النظام هذه المرة أن يكون “فيها” ولم يحاول أن “يخفيها” ، وأقول لكم الحق أنا عجزت عن معرفة سر إنضمام القوات السورية إلى الأمريكان جنبا إلى جنب فى تلك الحرب ، سوى أن النظام السورى لا بد وأن يشارك فى كل أحداث المنطقة سواء كانت تعنيه أو لا تعنيه .
…
أما أكبر دليل لأتباع النظام السورى لسياسة “فيها لأخفيها” فكانت سياسته فى لبنان الجميل ، فلا شك أن الدور السورى كان إيجابيا فى وقف الحرب الأهلية اللبنانية وتحقيق قدر معقول من الإستقرار ، ولكن يبدو أن “القعدة” قد إحلوت فى لبنان وقرر النظلم السورى أن “يبلط” هناك ، وعندما وقع النظام تحت الضغط الأمريكى من ناحية وتحت ضغط شعب لبنان من ناحية أخرى (وخاصة بعد إغتيال رفيق الحريرى) قرر أن يرحل من لبنان ، وعندما لم يستطع أن يكون “فيها” فقد قرر أن “يخفيها” ، وفجأة إزدادت الإغتيالات والإنقسامات وأصبحت تنذر بحرب أهلية أخرى ، وأصبح النظام وبتأييد من حليفه الجديد فى طهران له وجود فى لبنان على شكل حزب الله لصاحبه حسن نصر الله ، ورأينا أسلحة فى حوزة حزب الله لا مثيل لها لدى الجيش اللبنانى ، وأصبح لحزب الله دولة داخل الدولة وجيش “ملاكى” داخل الدولة لا يخضع لأى سيطرة من الحكومة الشرعية اللبنانية ولا يسيطر عليه سوى” سيدى” حسن نصر الله .
وحلاوة النظام السورى أنه لا يحرك ساكنا أمام عدوه الحقيقى المزعوم إسرائيل فقد حرك القوات السورية لتحرير الكويت و”طنش” عن تحرير الجولان والتى قررت إسرائيل ضمها من سنين عديدة ومنحت سكانها السوريين الجنسية الإسرائيلية ، وقامت إسرائيل بغزو لبنان أكثر من مرة ولم تحرك القوات السورية سيارة جيب ضدإسرائيل ، وفعلت إسرائيل ما فعلت بلبنان من مذابح فى الصيف الماضى على مرأى ومسمع القوات السورية ومرة أخرى “طنش” النظام السورى ، وإخترقت الطائرات الإسرائيلية حاجز الصوت فوق قصر الرئيس فى دمشق ، و”طنش” النظام السورى عن تلك المداعبات والمشاغبات الإسرائيلية لأن هدفه أكبر من هذا ألا وهو حماية القومية العربية بالرغم من تبنيه هذه الأيام القومية “الفارسية” .
samybehiri@aol.com
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!استغرب .. وانت تدلي بسياق واقعي طبيعة النظام السوري .. ان تذكر بعد نظر السادات وكانها امر مسلم به .. الا تستحي و انت تشاهد ما آلت اليه الامة بسبب هذيان السادات و ما سببه من تمزق لهذه الامة لان دور مصر ليس كدور جيبوتي مثلا بل دورها اكبر من الدور السوري نفسه . ثم لنكن عادلين وان اختلفنا مع النظام السوري .. هل اعطت اسرائيل كل مرتفعات الجولان و سورية رفضت هذا السلام .. ام هي هنا تتماحك بقصص اليهود التي لاتخطر على بال لتبق الامر كما هو .. و هل حلال عليكم ان تطالبو… قراءة المزيد ..
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!
أضحكتموني أضحك الله أسنانكم
من المؤسف أن من نتوخى فيهم أن يكونوا مثقفين ـ كرواد هذا المنتدى ـ نفاجأ بهم يردون ردودا سطحية طفولية .. من مثل :
( بلدي أحسن من بلدك وبيتنا أكبر من بيتكم ونحن أغنى منكم وأنا أشطر في المدرسة وبابا قوي )
إذا كانت هذه طريقة تفكيركم فعلينا السلام
إذا كنتم إلى الآن لم تعرفوا أن كل دولة فيها سلبيات وإيجابيات حتى دولكم أنتم فهذه مشكلة تحتاج إلى طبيب يشرح الدماغ العربي فقد يكتشف جينات غريبة على الجنس البشري
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!للكاتب.. مع تأييدي لما ورد في المقال, اسمح لي يا سيدي ان اصحح نقطة وردت فيه عن سكان الجولان المقيمين تحت الاحتلال- صحيح ان اسرائيل وزعت جنسيتها بالقوة على السكان عام 1982 (عندما زجت 10000 جندي في مجدل شمس التي لم يتجاوز عدد سكانها 8000 بمن فيهم من اطفال وعجزة) لكن السكان رفضوها رفضا قاطعا وقاموا بحرقها في ساحة سلطان الأطرش في ذات الليلة) ولا يزالوا يحملون وثائق سفر (عجيبة غريبة) عليها دمغة “الجنسية: غير معرفة” (Undefined) مما يسبب الكثير من المتاعب في كافة دول العالم. لا زلنا على العهد وان عم الفساد بلادنا وحكمها الظلم… قراءة المزيد ..
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!استغربت الكثير من المغالطات الواردة فيها، خاصة ما ورد في مقدمتها حول أن النظام السوري لايملك ثقلاً سكانيا أو عسكريا مثل مصر أو ثقلاً ثقافيا مثل لبنان ومصر. بداية سأوضح لك نقطة تتمثل في أن النظام السوري لايملك أي ثقل سوى مخابراته القمعية. لكن بحديثك عن الثقل السكاني والثقافي – وهنا يظهر مزجك مابين الشعب والنظام- قأقول لك إن الثقل السكاني السوري هو بنوعه وليس بكمه كحال مصر ، أما عن الثقل الثقافي المصري الذي ألصقته هكذا مع الثقل الثقافي اللبناني فأي ثقل ثقافي تمتلكه مصر ونسبة الأمية تقارب ال 40% “الأمية هنا فقط من لايجيدون… قراءة المزيد ..
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!كما تفضل احد الاخوة لكل دولة خصوصياتها والحديث عن سوريا يخص السوريين ولو قسنا على نفس القياس فسأعطي الكاتب مثل يناسب مصر .. مصر تلعب على مبدأ (اللي يتجوز أمي بقوله يا عمي) .. ومبدأ (العين متعلاش على الحاجب) ومبدأ (اذا ليك حاجة عند الكلب قوله يا سيدي) .. نجي بقى لحكاية الثقل السكاني والثقافي والمالي والعسكري .. الثقل السكاني متعلق بالنوعية والا كان عدد بدون فائدة والدليل ان دولة مثل مصر مش قادرة تكتفي غذائياً بشكل ذاتي .. أما الثقل المالي فمتعلق بكيفية استخدام هذا الثقل ويكفيك ان تعرف مدى تفشي الفقر والامية في دولة… قراءة المزيد ..
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!
الاخ السوري الذي تصدي للرد جانبه الصواب ولم يقل الحقيقه بل اعتمد على الشتائم والاستظراف …. ومعروف كثيرا عن النظام السوري تجنيده لبعض الكتبه المرتزقه واستخدامهم للرد على الانتقادات الواقعيه للنظام السوري….نعم ماهو حجم سوريا بالمنطقه؟؟؟ كل دورها بالمنطقه الفتن والمؤمرات … نحن المصريون نعرف ان عبد الناصر اخطأ بالوحده مع سوريا ..فقد وجدنا بها شعبا تعود على اذلال وقهر حزب البعث ولم يكن بهم اي امل بالاصلاح .. ومهندسوا الانفصال الذين تحدثت عنهم لم يكونوا سوي مجموعه من المرتشين والمنتفعين الذين خافوا على مراكزهم من عبد الناصر
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!لقد دعوتني الاخ ولست اخاك ولا حتى صاحبك من قال لك ان السوريين متمسكين بالشعار الفاشل حتى البعثيين منهم ان حكومتنا فقط هي المتمسكه بهذا الشعار اما توارث السلطه فقد اضحكتني ( بالمناسبه اكتشفت جنسيتك ) فعلا اضحكتني ان توارث السلطه هو موروث ديني مطبق عند العربان ولنلق نظره الى الدول العربانيه لنر من لم يورث ومن لم يحضر للتوريث عندما قلت ان مشاكل سوريا ادرى بها السوريين فانا مصر على ذلك استطيع يوميا ان انتقد المملكه المغربيه والجزائر وتونس والكويت وقطر وووووو واسوق حقائق ولكن مادام في بلدي الكثير مما اكتب عنه فلماذا احمل السلم… قراءة المزيد ..
إلى الأخ smartevil
(اقسى وابشع ماابتلى به الشعب السوري الابي هو شعار الوحده العربيه ) كلامك صحيح مية بالمية، لكن المصريين تخلو عنه والجميع كذلك لرثاثته ما عدا السوريين لازالو متمسكين به، والسوريين اذين أقصدهم هم البعثيون الحلوين وآل أسد الأمورين، والسبب أنهم وجدوها أفضل مسمار جحا يتوارثون به السلطة، ثم لماذا لا تريد من أحد أن يتكلم عن مشاكل السوريين، هل تحمي النعامة نفسها بدفن رأسها
النظام السورى وسياسة “فيها لأخفيها”!!ان من اقسى وابشع ماابتلى به الشعب السوري الابي هو شعار الوحده العربيه الذي اركبه فوق اكتافنا عبد الناصر بتاعكم ورحم الله مهندسي الانفصال حيث تشرفت بصداقة واحد منهم وكنت سعيدا جدا بخدمته ( كان عمري 20 سنه وكان عمره 60 سنه ) وقد سمعت منه الكثير من المهازل التي تعرضت لها سوريا في عهد الوحده وسجل التاريخ السوري لهؤلاء الرجال صفحة مشرفه في قلوب كل السوريين والان الى المهم عندما ينط مايسمى بكاتب مصري وينتقد الوضع السوري ويترك كل البلاوي التي تكفي الوطن العرباني في مصر فهذا مما يجعلنا نتاكد تماما ان وجبة الفول الصباحيه… قراءة المزيد ..