حوار- رانيا سنجر
لا تزال قضية الاتفاق الأمني اللبناني الأميركي تتفاعل يوما تلو الآخر، في ظل حملات هجومية قادتها قوى الثامن من آذار وتحديدا حزب الله. فهذه القوى وتحت حجة الخرق الأمني لسيادة لبنان، رفضت الاتفاقية رفضا كاملا. ولكنها لم تعط بالمقابل، أي أسباب منطقية أو حتى مبررات تشرح مكامن قدرة الولايات المتحدة الأميركية على التنصت أو حتى الخرق.
عضو لجنة الاتصالات والاعلام النيابية النائب غازي يوسف تحدث لـ”الشفاف” بشكل مفصل عن هذه الاتفاقية أو الهبة، كما أراد أن يسميها. وأوضح أن هذه الهبة أعطيت الى لبنان من بين هبات باريس 3، وقسم منها يتعلق بمساعدات للقوى الأمنية في لبنان.
وُضعت شروط على الهبة هذه، والبالغة قيمتها خمسين مليون دولار. ونصت الشروط على ان تصرف على تدريب عناصر قوى الأمن الداخلي، باشراف اللواء أشرف ريفي. وعلى هذا الأساس قال يوسف، طُلب من اللواء ريفي ان يوقع على شروط استعمال وانفاق الشق المالي للتدريب.
وحول اصرار الأميركيون لمعرفة الاحداثيات، أشار يوسف الى أن الأميركيين طلبوا معرفة احداثيات “انتين” (هوائي) واحد، وذلك ليأتوا بالمعدات اللازمة معهم، ويقوموا فيما بعد بتركيب معداتهم على هذا الأنتين لبدء التدريب مع عناصر قوى الأمن.
الخطوة اللاحقة التي قام بها ريفي بكل بساطة وشفافية، بحسب النائب يوسف، أن أرسل طلب الأميركيين الى وزارة الاتصالات وطلب منها، بناء لهذه الهبة التي تنص على التدرب مع الأميركيين، أن يقوموا باعطائهم احداثيات هذا “الأنتين” كي يأتوا بالمعدات اللازمة. وزير الاتصالات آنذاك، جبران باسيل، لم يسأل حينها ان كانت هذه التقنية تعرض أمن لبنان للخطر. ولغاية اليوم لم تجاوب وزارة الاتصالات احدا من التقنيين على مدى صحة خرق هذه الاتفاقية للأمن اللبناني.
الجواب لم يأت، ولكن يوسف يؤكد أنه اذا كان هناك من تعرض ولو بنسبة واحد بالمليون للأمن اللبناني، فهم بالطبع سيرفضون اعطاء الأميركيين احداثيات “الأنتين”.
ومن جملة الأسئلة التي يطرحها المعارضون لهذ الهبة، عن سبب مرورها مباشرة الى السفارة الأميركية وعدم مرورها بوزارة الخارجية؟
الهبة هذه، كما أوضح يوسف مرت عبر مجلس الوزراء ووافق عليها مجتمعا. ولكن المشكلة، كما قال يوسف، تكمن اذا كان البعض يعتقد أن مجلس الوزراء أقل شأنا من مقام وزارة الخارجية.
النائب غازي يوسف تابع قائلا: قوى الثامن من آذار كانت أول من صوب أصابع الاتهام الى مؤسسة قوى الأمن الداخلي بشخص مديرها العام اللواء أشرف ريفي، بالاضافة الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ولكن هذه القوى تناست عندما قدمت وكالة التنمية الأميركية أموالا بهدف اقامة مشاريع انمائية في الجنوب كأن قامت بحفر بئر هناك. هذا الأمر يؤكد أن هناك أمورا ترفضها هذه القوى من الولايات المتحدة الأميركية تحت ذريعة أنها حليف العدو الاسرائيلي، ولكن بالمقابل هناك أمور لمصلحتها تقبل بها هذه القوى. فليحددوا قرارهم ويعلنوا ان كانوا يريدون التعامل مع أميركا لأنها تساوي اسرائيل، أم لا؟
وهل يعتقد الشعب اللبناني أن التعامل مع أميركا، لجهةمشاريع انمائية واجتماعية، هو كالتعامل مع اسرائيل؟ ونحن نعلم أن هناك عددا كبيرا من أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية الذين يعملون في أميركا ويحملون جوازات سفر أميركية، هل هذا يعني أن هؤلاء خونة؟
اما السؤال الأبرز الذي يمكن طرحه فهو: لماذا الآن بدأ حزب الله حملته على الاتفاقية الأمنية اللبنانية الأميركية علما أن وقتا مضى عليها؟
اختيار هذا التوقيت، كما قال يوسف، هو لأنه توقيت مناسب لبعض القوى السياسية في لبنان لتعود وتطعن بقرارات حكومتي الرئيس السنيورة. وسأل: هل نحن نفتح صفحة جديدة لكي يكون هناك تصادم بين شركاء في هذا الوطن؟ وهل قررنا ان نفتح صفحة جديدة وندخل في حكومة ائتلاف وطني، أم أننا سنستبدل هذه الحكومة بحكومة تعطيل وطني؟!
rania_sanjar@hotmail.com