الشفاف”- بيروت ”
اشارت مصادر مطلعة في العاصمة اللبنانية بيروت الى ان الموازنة العامة للدولة لن ترى النور حتى ولو تم إقرارها في مجلس الوزراء كما اوحى العديد من الوزراء في الايام الماضية.
واعتبر المراقبون ان اكثر من مؤشر على تعثر إقرار الموازنة بدأت تباشيره تلوح في الافق وكانت ذروتها مع إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن إصراره على معرفة اين أنففت حكومات الرئيس فؤاد السنيورة مبلغا قال الرئيس بري إنه 11 مليار دولار في حين اعتبر الوزير بطرس حرب ان الامر أشكل على الرئيس بري والمبلغ هو 11 مليار ليرة لبنانية.
وفي معزل عن صحة الرقم وما إذا كان بالليرة اللبنانية او الدولار، فإن الموضوع بين الرئيس بري والرئيس السابق السنيورة يتجاوز “قصة الرمانة والقلوب المليانة” ليصل الى تسييس الموازنة وضرب صدقية الحكومة الحالية التي يرى فيها اقطاب قوى الثامن من آذار إمتدادا لسياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومشروعه ورؤيته الاقتصادية لدور لبنان ومن بعده حكومات الرئيس السنيورة.
وفي هذا السياق عاد المراقبون الى مرحلة تشكيل الحكومة والإصرار على تعيين الوزير شربل نحاس في عداد الفريق الحكومي إنطلاقا من ان لنحاس رؤية إقتصادية تناقض تلك التي عمل على إنجازها الرئيس الشهيد رفيق الحريري فبدا وكأن هذا التعيين أتى ثماره مع اول استحقاق للموازنة فأعلن الوزير نحاس عن فذلكته للموازنة متجاوزا دوره كوزير ينحصر شأنه في إعداد موازنة للوزارة التي يتولاها ليطلع على مجلس الوزراء بموازنة رديفة للدولة تمت الاشادة والتهليل لها من قبل قوى 8 آذار من دون ان يعرف اللبنانيون منها سوى مفردات تقنية بعضها من خمسينيات القرن الماضي. وعلى ما ذكر خبراء إقتصاديون فإن ما طرحه نحاس لا يتعدى العرقلة الحكومية من دون ان يقدم اي طرح جدي يأخذ في الاعتبار المتغيرات الاقتصادية العالمية وأثرها على الاقتصاد اللبناني.
ومن بعد الوزير نحاس كان موقف الرئيس بري بشأن الاموال التي صرفتها حكومات الرئيس السنيورة على القاعدة الاثنية عشرية المعمول بها قانونا في حال عدم إقرار موازنة.
المراقبون اعتبروا ان الرئيس بري أصاب اكثر من عصفور بحجر واحد فهو اولا يريد الحفاظ على مجلس الجنوب وميزانته التي قيل عنها في لبنان انها “تخضع لاعتبارات حركة امل في الصرف”. وهو تاليا يريد الاخذ بالثأر من الرئيس السنيورة الذي رفض سابقا إقرار موازنة منفصلة لمجلس الجنوب غير خاضعة للهيئات الرقابية في الدولة، كما ان الرئيس السنيورة كان يسعى لاقفال الصناديق المتفرعة عن الازمات التي عصفت بالبلاد ليعيد الامور الى نصابها الدستوري فتصبح المشاريع خاضعة للوزارات والهيئات والمؤسسات المتخصصة وليس عبر الصناديق.
والرئيس بري الذي وصف في ايران ذات يوم حكومة الرئيس السنيورة بـ”حكومة المقاومة” (الصورة) في اعقاب الاعتداء الاسرائيلي على لبنان عام 2006 عاد بعد ساعات ليصفها بـ”البتراء والعرجاء” وغير الميثاقية بعد ان كان وصفها بـ”الدستورية”.
واضاف المراقبون ان آخر من يحق له التحدث بالدستور والقوانين والميثاق في لبنان هو الرئيس بري الذي اقفل المجلس النيابي ورفض مناقشة او استقبال اي موازنة متجاوزا دوره كرئيس للسلطة التشريعية في البلاد وتصرف على اساس رئاسته لحركة “امل” المعارضة.
واجمل المراقبون الاوركسترا المعارضة للحكومة من داخلها وخارجها بموقف مستتر لدى قوى الثامن من آذار يسعى الى تعطيل إقرار الموازنة لاسباب عدة ليس اولها إفشال الرئيس سعد الحريري في اول تجربة له على رأس الحكومة وحيث وضع الحريري هموم المواطنين في مقدم سلم اولويات الحكومة واهتماماتها ومن شأن تعطيل إقرار الموازنة الإطاحة بهذا الهدف الذي وضعه الرئيس الحريري كعنوان لمرحلة حكمه.
اما السبب الثاني والابرز لتعطيل إقرار الموازنة يعود الى بند تتضمنه وينعلق بمساهمة لبنان في نفقات المحكمة ذات الطابع الدولي الخاص لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء ثورة الارز حيث اصبح القرار الظني جاهزا ومعززا حسب ما اعلن رئيس المحكمة القاضي انطونيو كاسيزي ومن شان عدم إقرار الموازنة إخلال لبنان بالتزاماته تجاه المحكمة ما يتسبب في إعاقة عملها وصولا الى عرقلتها.
لهذه الاسباب اعتبر المراقبون ان الموازنة لن تر النور قريبا وإن ابصرته في مجلس الوزراء فهي لن تبصره في مجلس النواب حيث ستتحول جلسات المناقشة العامة الى حفلات زجل على الطريقة اللبنانية لإدانة سياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري الاقتصادية منذ العام 1992 حتى اليوم ويبقى المستتر جوازا في جميع مسببات العرقلة الاطاحة بالمحكمة الدولية لبنانيا بعد ان تعذرت الاطاحة بها دوليا.