المطران الراعي لـ «الراي»: بري طعن كرامة اللبنانيين بإقفاله البرلمان

0

حاوره ربيع كلاس

وصف المطران بشارة الراعي، راعي أبرشية جبيل المارونية ان الصراع الحالي في لبنان سني – شيعي «لأنهم صاروا يعتقدون ان المسيحيين عموما والموارنة خصوصا انتهى دورهم في لبنان».

وأضاف في حوار خاص مع «الراي» ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وباقفاله باب البرلمان امام النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية «ارتكب خطيئة كبيرة وطعن كرامة اللبنانيين بمعاملته نواب الأمة كأولاد»، مشيرا الى ان «الجميع يعلم ان بري لا حول ولا قوة له، وقراره ليس حرا بل انه يسير في الخط الشيعي ومن قبل سورية وايران».

واعتبر ان لسورية «دوراً أساسياً ومعروفاً في تعطيل انتخاب رئيس للبنان»، مشيرا في الوقت نفسه الى ان «حلم عودة الوصاية لا يزال يراود السوريين لعودتهم إلى لبنان».

وقال الراعي رداً على سؤال عن رئيس «التكتل والاصلاح» العماد ميشال عون ان «المعارضة تستغل العماد عون لنقل الصراع في لبنان من صراع سني – شيعي إلى صراع مسيحي – مسيحي»، مؤكدا ان العماد عون «مجرد أداة للاستخدام ولا يستطيع ان يقرر أي شيء، لان الذي يملك القرار هو (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله وحزبه».

وفي ما يلي نص الحوار:

• من المسؤول عن المجازفة بـ «شطب» الرئيس المسيحي الأوحد في العالم العربي؟

– كلمة شطب، كبيرة جدا وصعبة جدا… انا لا استعمل كلمة شطب، ولكن بطريقة غير مباشرة، يمكن ان نكون نجازف برئيس مسيحي في لبنان والذي هو الرئيس المسيحي الوحيد في هذا الشرق.

قراءتي الشخصية، انه يوجد صراع اقليمي دولي، سني – شيعي، وهذا يدخل في اطار «فكفكة» الشرق الأوسط، وهذا الأمر عشناه في لبنان منذ سنة 1975 ولغاية اليوم.

وبداية الحرب كان هدفها التقسيم، ليس لان اللبنانيين يريدون التقسيم، انما لأن اسرائيل لا تستطيع ان تعيش في عالم عربي موحد ومتكامل ومتماسك، بل كل هم اسرائيل هو تفكيك العالم العربي على مستوى الطوائف، لتبرهن ان العيش المشترك بين اليهود والعرب غير ممكن، ولتبرهن ايضا ان حتى العرب بين بعضهم البعض، ليس بامكانهم ان يتعايشوا.

وقال الاسرائيليون عام 1956 ان «لبنان كذبة وسنبرهن ان لبنان كذبة»، وبدأوا العمل على ذلك حتى بداية حرب العام 1975، عندها بدأت حرب التقسيم، لان هم اسرائيل ان يبدأ التقسيم على المستوى الداخلي، أي إذا امكن ان يكونوا دويلات طائفية متنازعة، ومن ثم فكفكته اقتصاديا وافقاره، كما يعلم الجميع، فان العالم العربي غني جدا بسبب النفط، واسرائيل تريد ان «تكسره» في غناه، وتدخله في حروب، والحروب بحاجة إلى أموال.

واعتقد ان الكويت لا تزال لغاية اليوم، تدفع فواتير تحريرها من الغزو العراقي.

ثالثا هدف اسرائيل كسر أي بلد عربي عسكريا، وأحسن طريقة هي الخلافات والحروب.

لذلك، فبسبب الحرب على العراق، تحولت الامور الى صراع سني – شيعي، وصارت هناك خطوط: الخط السوري – الايراني ومن معهما وخط السعودية ومصر واميركا ومن معهم… دائما في لبنان، الازمات تولد عندنا، فكما يقال، ان الحبل يحصل في الخارج والولادة تتم في لبنان…

الصراع الحالي بات سنيا – شيعيا بسبب هذا الخلاف الدولي وقراءتي الشخصية، انهم يعتقدون ان المسيحيين عموما والموارنة خصوصا انتهى دورهم، وما كان يسمى بـ «المارونية السياسية» انتهى دورها، فمن سيحل مكانها «السنة السياسية»، أو «الشيعة السياسية».

هذا الصراع، تذهب ضحيته رئاسة الجمهورية، ولكن في الوقت نفسه لا يوجد خطر ان نخسر الرئاسة الأولى، لان السنة والشيعة لا يزالان يعتبران ان الحل بينهما في لبنان، بقاء رئيس مسيحي ماروني ولكن أي رئيس وأي سلطة وأي امكانية.
يريدون ان يبقى رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، لكنهم يريدون معرفة من هو الذي له الكلمة الأولى في لبنان ومن الذي يقرر في لبنان.

لغاية اليوم، السنة والشيعة في لبنان، وحتى إقليميا ودوليا، لا يوجد أحد يريد ان «يشطب» أو يلغي الرئاسة للمسيحيين.

• لماذا يتم تأجيل جلسات البرلمان لانتخاب الرئيس الواحدة تلو الاخرى؟

– لأن الصراع لم ينحل بعد، وأنا آسف ان يتصرف الرئيس بري بهذه الطريقة، الرئيس بري هو رئيس البرلمان، ولا يحق له تسكير أبواب المجلس النيابي، ثم هذه اهانة كبيرة جداً للأمة اللبنانية وللنواب الذين يحضرون بناء على موعد ولا يصار إلى انعقاد جلسة لمجلس النواب.

في العالم أجمع، يلتقي النواب في الجلسة، ويحصون عدد الموجودين من النواب، وفي حال اكتمل النصاب يفتتحون الجلسة ويسجلون محضراً، ولكن بهذه الطريقة أي بعدم الاحترام للمجلس النيابي وبعدم الاحترام للبنانيين ولكرامتهم، ولا يتم افتتاح جلسة؟ ورغم وجود أكثر من مئة نائب والرئيس بري لا يفتتح الجلسة؟ بل تراه يكتفي بالاجتماع مع شخص او مع ثلاثة، ثم يرسل شخصاً من قبله ليبلغ النواب بالذهاب إلى منازلهم مثل تلاميذ المدرسة الذين يقال لهم: اليوم عطلة، اذهبوا وعودوا لاحقاً.

أنا اعتقد ان الرئيس بري يخطئ تجاه كرامة المجلس وكرامة لبنان، ولا يحق له اقفال المجلس وأنا قلت له ذلك، فلماذا يختزل الرئيس بري البرلمان؟ تقولون انكم تريدون طاولة حوار، وطاولة الحوار الأساسية هي داخل المجلس النيابي، وأي حوار خارج المجلس لا قيمة له، بل المجلس النيابي هو مكان الحوار الوحيد، لأن كل الناس وكل الطوائف وكل التيارات وكل الاحزاب متمثلة في البرلمان، وأفضل طاولة للحوار هو المجلس النيابي.

الجميع بات يعلم ان قرار رئيس مجلس النواب اللبناني ليس حراً بل انه يسير في الخط الشيعي، ومن قبل سورية وإيران تالياً لا حول ولا قوة له.

• اللافت ان الكنيسة رفضت ربط انتخاب الرئيس بشروط مسبقة، لماذا؟

– طبعاً رفضنا، لأن الشروط الموضوعة لانتخاب رئيس الجمهورية هي:

• من يكون رئيس الحكومة؟

• من يكون الوزراء؟

• من يكون قائد الجيش؟

هذه الشروط مجتمعة ضد الدستور وضد صلاحيات رئاسة الجمهورية. هل بامكان رئيس الجمهورية ان يقرر من يريد رئيساً للوزراء أم هذا الأمر يتم من خلال الاستشارات النيابية؟ هل يستطيع رئيس الجمهورية تقرير فمثلاً التعيينات في الوزارات وإلى من يسند الحقائب الوزارية؟ ام ان الأمر يتم من خلال الاستشارات مع رئيس الحكومة. هل بإمكان رئيس الجمهورية تقرير من يكون قائد الجيش من دون استشارات رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة؟… اذا، هذه الشروط منافية للدستور ومنافية لصلاحيات رئاسة الجمهورية، ثم ماذا يعني رئيس الجمهورية؟ هل رئيس الجمهورية الذي يريدون احضاره عليه ان يكون مأموراً ام يكون رئيساً للبلاد لديه الحكمة والمعرفة والمسؤولية؟

هذا هو موقف الكنيسة وهذا هو موقف مرشح التوافق الاجماعي العماد ميشال سليمان، الذي قال انه ليس مستعداً ان يأتي بشروط احد، وقال انه ليس طامحاً كي يكون رئيساً «ولم اترجى احداً كي اكون رئيساً»، اضاف سليمان: «اما ان اكون رئيساً مسؤولاً ولا يملي عليّ احد اي شروط واسير حسب الدستور، او لا اكون رئيساً» اذاً، نحن والعالم اجمع ضد هذه الشروط التعجيزية، هذه الشروط التي تقول بكلام آخر: لا نريد انتخاب رئيس!

هذا هو موقفنا الصريح والواضح، ننتخب رئيسا، تسقط الحكومة، يتم تعيين حكومة جديدة حسب الدستور، يتسلم رئيس مقاليد الحكم، ويعين مكانه قائداً للجيش في حال وصول العماد سليمان إلى سدة الحكم، ثم تبدأ مرحلة قانون جديد للانتخابات النيابية، وتعود بعدها الحياة السياسية الطبيعية وتعود المؤسسات الدستورية إلى عملها السابق، ولكن ذلك كله يحصل عند انتخاب الرئيس، فما هي هذه الشروط المسبقة التي تضعونها، وكأنكم تضعون العربة امام الخيل؟

• هل قرار تعطيل انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، رغم التوافق عليه هو لبناني محض؟

– البعض في لبنان مؤتمر اقليمياً ودولياً، فالخط السني لا يزال يؤثر على السنة والخط الشيعي لايزال يؤثر على الشيعة، لذلك تراهم يقولون ان القرار بين السعودية وسورية، والبعض لا يستحي بقول ذلك على الملأ، وهذا مؤسف.

نحن نطالبهم بأن يكونوا احراراً، ونحن نريد افضل العلاقات مع السعودية ومع سورية ولكن في المقابل اريد سيادة ومسؤولية عن وطني وسيادة لبنان ليست ضد سورية او السعودية ولبنان لا مصلحة له الا في بناء علاقات طيبة مع كل الدول، وهم يمنعوننا من بناء علاقات طيبة مع كل الدول.

• هل تعتقد الكنيسة ان من الملائم الاستجابة لشروط العماد ميشال عون بتقصير ولاية الرئيس والاتفاق المسبق على الحكومة وأشياء اخرى قبل الانتخاب؟

– طبعاً نحن لا نوافق على طرحهم الحالي. فمثلاً نحن ضد انتخاب رئيس جمهورية مدة سنتين فقط، ثم كل الطروحات الباقية من يقررها؟

فاذا كنتم رجالا بما فيه الكفاية، ادخلوا إلى المجلس وعدلوا الدستور كي تحفظوا كرامتكم، خصوصاً انكم جميعاً اتفقتم على تولي قائد الجيش رئيساً للجمهورية، الأمر الذي يتطلب تعديل الدستور، فاذا كنتم رجالاً، تفضلوا وعدلوا الدستور ما هي هذه الطروحات؟ نحن ضد هذه القضايا، لأنها كلها قضايا تسويفية، نحن معها بالمضمون – ما عدا السنتين – ولكننا لسنا معها بتوقيتها.

هذه الأمور تتم دراستها بعد انتخاب الرئيس وليس قبل انتخابه، وعندما تعود المؤسسات الدستورية إلى طبيعتها ، عندها نطرح كل هذه الأمور.

نحن نطالب بقانون جديد للانتخابات النيابية منذ زمن طويل، اضافة إلى قضية اتفاق الطائف الذي لم يتم تطبيقه لا روحاً ولا نصاً، اضافة إلى الخلل الذي ظهر حالياً مع فراغ سدة الرئاسة، فمن يحسم في لبنان؟

نحن نريد كل هذه الشروط ولكن ضمن المؤسسات الدستورية.

وقالها اخيراً سيدنا البطريرك (الكاردينال نصرالله صفير) «لا توجد رئاسة جمهورية، جسم من دون رأس، المجلس مقفل والمفتاح في جيب رئيسه، الحكومة مبتورة»، ولايزال هناك الجيش، وقد بدأوا بضربه كي يكسروه فإلى اين نحن ذاهبون؟

• المعارضة تريد الثلث المعطل في حكومة العهد الأولي كشرط لانتخاب العماد سليمان، والأكثرية تريد الصوت الوازن بيد الرئيس الجديد، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟

– طبعاً، يجب ان يكون لدى رئيس الجمهورية وزراء والا ما قيمته اذا لم يكن لديه وزير من قبله؟ ولماذا يجب ان يكون للموالاة وللمعارضة سنة وشيعة 14 وزيراً و8 وزراء؟

لماذا السنة والشيعة يريدون ان يقرروا في البلد؟ وماذا عن المسيحيين؟ وماذا عن رئيس الجمهورية؟

اضافة إلى ذلك، نحن نطالب بضمانة، اي في حال حصول امر ما لا يعجبهم، تراهم يجلسون خارج جلسات مجلس الوزراء، في حين يواصلون عملهم داخل مكتبهم.

وكما نرى، هناك وزراء مستقيلون وفي الوقت نفسه يتابعون عملهم ويتقاضون رواتب شهرياً موقعة من وزير مالية يعتبرونه غير شرعي؟

ما هذه المهزلة؟ اذا المطلوب توازن في الوزراء ونريد اشخاصاً يقولون لا عندما تجب اللا ونعم عند اللزوم.

العماد سليمان قال لهم: هل يعقل انتخاب رئيس الجمهورية وليس لديه احد معه؟ عملي فقط مشاهدتكم وانتم تتقاتلون وتعطلون الجلسة ساعة تريدون وتتركون مجلس الوزراء ساعة تريدون؟

العمل السياسي هو نضال، وعليك ان تفرض نفسك برأيك وبمشاريعك، وليس ان تفرض نفسك بمطامحك الخاصة وبمصالحك الخاصة او لأن لديك علاقة مع دولة تريد تقوية نفوذها في لبنان… وكل هذه الأمور ليست موجودة في اي دولة في العالم الا في لبنان، اضافة إلى ذلك، هناك خلل في اتفاق الطائف، اذ لا احد بإمكانه ان يحل اي مشكلة، فماذا ننتظر؟ ندعو سورية كي تدخل وتصنع لنا رئيساً؟ من يحسم في لبنان؟ لا احد.

اليست هذه مهزلة كل يوم هناك اجتماع في مجلس النواب، ثم اذهبوا إلى منازلكم وعودوا لاحقاً؟

ليقول لي احد، في اي بلد من بلدان العالم هذا الأمر موجود. المؤسف ان المسؤولين في لبنان هم الذين يدمرون، والمعروف ان السلطة توجد كي تبني وليس كي تهدم، ولكن الشكر يعود إلى الشعب اللبناني الذي لا يأكل بعضه، فالذي يسير الدولة في لبنان هو الشعب، والسلطة في لبنان هي التي تصنع المشاغبات، ترانا نتفرج على بعضنا البعض من دون اي كرامة ومن دون اي قيمة للوطن ولا تتفقون على رئيس.

• كيف تفسرون التطابق بين شروط المعارضة وشروط سورية حيال الافراج عن الانتخابات الرئاسية (تصريحات الوزير المعلم)؟

– لسورية دور أساسي ومعروف في تعطيل انتخاب الرئيس، ربما هي لا تزال تحلم في العودة إلى لبنان، معتبرة انها اذا تسلمت لبنان لفترة ساعة واحدة، بإمكانها حسم الموضوع، لدى سورية الرغبة في العودة إلى لبنان، لأنها ماذا خسرت خلال وجودها مدة 3 عقود في لبنان؟ على العكس، فهي ربحت الورقة السياسية والورقة الاقتصادية. سورية ربحت كثيراً في لبنان ولم تخسر ابداً، طبعاً رغبتها في العودة إلى لبنان. وإذا طلبوا منها الآن ان تعود إلى لبنان، لرجعت ركضاً، الموقف بات معلوما ان التعطيل من سورية، فكل هذه الوساطات الدولية تجري مع سورية.

سورية تريد ثمناً، مثلما اخذت هذا الثمن طوال ايام وصايتها وهيمنتها على لبنان. فهي اخذت حقها بمجاراة السياسة الاميركية في العراق واعطوها لبنان في المقابل. على العموم، أنا اضع المسؤولية على السياسيين اللبنانيين الذين يمهدون إلى عودة سورية لا سمح الله نحن نريد ان نكون على علاقة ممتازة مع سورية، حيث لدينا شعب وأهل وكنائس واصدقاء وروابط، ولكن في الوقت نفسه، لا نقبل ان تفرض سورية سلطتها على لبنان. وكما نحن نرفض التدخل في شؤونها، عليها عدم التدخل في شؤوننا، لأنها بذلك توتر العلاقات بينما لا يجوز هذا الحلم ان يراود السوريين مرة اخرى بالعودة إلى لبنان، ولا اعتقد ان هذه مصلحتها الآن بالعودة إلى لبنان.

• هل حقيقة ان الحل هو في جيب العماد ميشال عون كما قال «حزب الله» أم انه في مكان آخر؟

– هم قالوا انهم سلموا عون 4 نقاط ووضعوها في جيبه، ولكننا نقول ان هذه النقاط يجب ان تتم بعد انتخاب رئيس للجمهورية وليس قبل.

وهم يستغلون العماد عون لنقل الصراع السني – الشيعي إلى صراع مسيحي – مسيحي.

لماذا يفاوض عنكم العماد عون في حين ان الخلاف سني – شيعي؟ لماذا على الماروني ان يدافع عن هذا الصراع؟ انتم المعارضة فلماذا تضعون العماد عون أمام فوهة المدفع؟ من منا يصدق ان العماد عون بامكانه ان يقرر ماذا يريد؟ فهو عندما لوح باعادة النظر بصلاحيات رئاسة الجمهورية ، وعندما لوح باعادة النظر باتفاق الطائف، علت الصرخات في المقابل. اذا العماد عون هو مجرد اداة للاستخدام وليس بامكانه ان يقرر اي شيء، لأن الذي يملك القرار هو حسن نصرالله وليس عون، «حزب الله» هو الذي يقرر وليس عون.

• قال الرئيس جورج بوش الذي «نفد صبره» من الرئيس السوري بشار الأسد انه اذا لم يحصل تفاهم بين الأكثرية والمعارضة على انتخاب الرئيس، فالعالم مستعد للاعتراف برئيس بالنصف زائد واحد، هل ثمة مفاضلة بين استمرار الفراغ ورئيس بالنصف زائد واحد؟

– هذه مشكلة فالفراغ مشكلة والانتخاب بـ «النصف + 1» مشكلة اولاً، الفراغ مسيرة ضد الدستور بسبب العرف والتقليد الذي مشينا عليه في لبنان، فمنذ انتخاب رئيس لم يوافقوا ولا حتى مرة واحدة ان يعقدوا جلسة من دون نصاب الثلثين، وهذا الأمر تكرس بالعرف وتكرس بشرع من البرلمان واذا اتينا وقلنا ان بدل الفراغ، يجب انتخاب النصف زائد واحد، من بامكانه ان يهدئ المعارضة؟ فهل بامكان احد ازالة الاعتصام في الاسواق التجارية (وسط بيروت)؟ خربوا السياحة وافلسوا الناس وخربوا الاقتصاد في الوسط التجاري، هل بإمكان احد ان يفعل شيء معهم؟ هل بإمكان احد ان يعيد الوزراء الشيعة إلى الحكومة؟ هل بامكان احد فتح باب المجلس النيابي؟

فطالما لا يزالون مسنودين من قبل إيران ومن سورية وطالما ان هناك سلاحاً بين أيدي «حزب الله»، ليس بامكانهم ان يفعلوا شيئاً.

وإذا قررنا الذهاب وانتخاب رئيس بـ «نصف + 1» كي نتجنب الفراغ، فاننا نصنع مشكلة أكبر من المشكلة الحالية. نحن لسنا مع هذا الطرح، لانه سيزجنا في مشاكل كبيرة.

فرضا انتخبنا رئيساً بالنصف زائد واحد، ماذا بامكان الجيش ان يفعل؟ ما العمل اذا تدخلوا بشؤون الجيش؟ ما العمل اذا وضعوا يدهم على المصرف المركزي؟ البلد سائب، لان قراره بأياد اقليمية ودولية، واعتقد اننا سنصل إلى النهاية.

• من كان المسؤول عن احباط المبادرة البطريركية التي تجلت بما عرف بـ «لائحة بكركي»؟

– الذي فهمناه، ان صاحب الغبطة علم من وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير، انه أخذ ضمانات من سورية ومن المعارضة اللبنانية، انهم سيسيرون بلائحة البطريرك، فاضطر البطريرك صفير ان يجهز لائحته المؤلفة من 4 مرشحين ثابتين، وزاد عليها اسمين أو ثلاثة اسماء على ان يتم انتخاب واحد من هؤلاء الثلاثة. فكل الذين اعطوا ضمانات الى كوشنير لم يظهر منهم الا التعطيل، إذاً كلها مناورات.

قالوا سابقا اننا جميعا نسير وراء البطريرك ولكن عندما قدم البطريرك اللائحة، لم يعد هناك أحد خلفه. اتفق الجميع على العماد سليمان، ماذا حصل؟ هذا كله تسويف وكله اسمه: لا نريد انتخابات. لبنان يموت، لبنان الذي كان طوال عمره زينة الشرق بات اليوم مؤخرة الشرق بفضل هكذا زعماء اتمنى ان يصحو الشعب ويعرف كيفية اختيار زعمائه.

• كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي واضحا في قوله انه وصل الى «نهاية المطاف» مع الرئيس الاسد لممانعة سورية في تسهيل الانتخاب، ما مسؤولية اللبنانيين على هذا المستوى؟

– على اللبنانيين ان يكفوا ألا يبقوا أدوات في يد احد، وان يكون اللبناني صديقاً لسورية والرئيس الأسد شيء وان يكون أداة في يد سورية والرئيس الأسد شيء آخر، لا نريد ان نكون أدوات في يد أحد، بل نريد ان نكون معاونين مع الجميع لبناء مجتمعات ودول تبنى على أسس التعاون والاحترام المتبادل.

غلطة اللبنانيين انهم أدوات. فلماذا يريدون ان يكونوا أدوات بيد الرئيس الاسد، ولماذا يريدون تنفيذ سياسته في لبنان؟ هذا ليس احترماً للرئيس الأسد، بل احترام الأسد عندما نعمل لمصلحة لبنان ومصلحة سورية. نحن نريد مصلحة البلدين وليس مصلحة بلد على حساب بلد آخر. هذا يناقض كل القوانين الدولية وكل العلاقات المشتركة. ولكن اذا كانت مصلحة البعض ان الرئيس الأسد أو غيره يبقيك جالسا على الكرسي مدى الحياة لتنفيذ مصالحه فهذا الموضوع يجب ان ينتهي.

كانوا يقولون لنا في الماضي: شئتم أم أبيتم، نحن نواب عليكم وسلطة عليكم. وهذا الأمر يطعن بالكرامة اللبنانية، لذلك انا انادي بأن يخرج الشعب اللبناني من العبودية ويعرف تقييم الامور ويعرف ان لديه كرامة ولا يجوز ان ندوس هذه الكرامة بأقدامنا، وعلى الرئيس الأسد وغيره ان يحترم الدولة اللبنانية ويحترم الشعب اللبناني ويؤسس لعلاقات طيبة.

• لماذا لم يستجب النواب، وخصوصا المسيحيين الى نداءات مجلس المطارنة بالنزول الى البرلمان والانتخاب، وأي مسؤولية يتحملونها من جراء «مقاطعة الوطن»؟

– النواب نزلوا الى مجلس النواب، وفي المرة الأخيرة كان هناك 100 ونائب وفي جلسة نوفمبر الحاسمة، كان هناك 106 نواب، بمعنى انه كان هناك مسيحيون ومسلمون، ولكن الخطيئة الكبيرة ان الرئيس بري لم يفتتح المجلس ولم يدخل الى المجلس النيابي بل بقي في مكتبه، وكما سبق وقلت، قرر انه ليست هناك جلسة؟

الرئيس بري طعن كرامتي كمواطن لبناني، النواب لا حول ولا قوة، هذا موضوع آخر، ولكن بري عامل النواب كالأولاد، علما ان النواب يمثلون الشعب اللبناني، فلماذا هذا الاستهتار بالشعب اللبناني؟ هل هذه هي المشاركة التي تحدث عنها اتفاق الطائف؟

• تعرضت بكركي لانتقادات في أدائها، لا سيما من العماد عون الذي اعتبر نفسه «البطريرك السياسي» للمسيحيين… ألا تتحمل الكنيسة مسؤولية «أزمة الثقة» بينها وبين العماد عون؟

– البطريركية ليست بصراع مع العماد عون، ولا تطمح البطريركية بالجلوس في البرلمان او في مجلس الوزراء… منذ انشاء البطريركية المارونية في لبنان وهي مرجعية وطنية، وعادوا لها في معظم الأمور الحاسمة.

وبعودة الى التاريخ، وعندما كان لبنان (قبل أن يصبح دولة) عندما كان جبل لبنان في أيام العثمانيين والمماليك، كانت بكركي (مقر البطريركية) تتدخل في كل مرة تتأزم فيها الأمور. وحتى فخر الدين عندما كان حاكما في لبنان، وعندما أراد بناء علاقة مع الغرب ومع ايطاليا، كان للبطريرك الماروني وقتها الدور الأساسي، وخلال الاستقلال اللبناني فوض اللبنانيون، مسلمون ومسيحيون، البطريرك الحويك، ان يترأس الوفد الى فرساي، وبعدها ولد ما عرف بـ «لبنان الكبير»، وعندما أراد الانتداب الفرنسي مغادرة لبنان، اجتمعوا في بكركي وتحدث البطريرك العريضي باسم لبنان، وحاليا، عند مرورنا بأي محطة لا يتمكن اللبنانيون من حل ازمتهم، يرجعون الى بكركي، وبكركي ليست البطريرك صفير. والبطريرك صفير لا يريد ان ينافس العماد عون أو غيره، ولا يستطيع احد ان يلغي بكركي ودورها كمرجعية وطنية معروفة من جهة، ومن جهة أخرى لا أحد يستطيع ان يلغي دور الكنيسة في لبنان، إذاً نحن لا ننافس أحداً.

طبعا نحن نرفض هذا الامر رفضا كليا، فنحن لا نريد ان نتقاسم البلد كما وانه قطعة من الجبن، لبنان قائم منذ القدم وتكرس هذا الأمر باتفاق الطائف، ان العملية تجري بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ولكن ان نأتي اليوم ونقول «المثالثة»، أي ثلث سنة وثلث شيعة وثلث مسيحي وبعدها، الله أعلم ماذا سيحصل، فنحن نرفض كل هذه الطروحات لانها ضد مفهوم الوفاق الوطني، ومنذ القدم ونحن نتحدث مسلمين ومسيحيين ولم نتحدث أي مرة بالطوائف والمذاهب، لأن ذلك انتهاك للهوية اللبنانية وانتهاك للعيش المشترك وانتهاك لرسالة لبنان في هذا العالم، ونراهم يدخلون ضمن المخطط الإسرائيلي الهادف إلى «فتفتة» البلدان طائفياً.

إذاً نحن ضد هذا الطرح، لأنه انتهاك وتدمير للهوية اللبنانية وللرسالة اللبنانية وللنموذج اللبناني ونكون من حيث لا ندري انزلقنا إلى حرب وصراعات.

• استغلت مواقف سابقة اطلقت حول «اسلمة لبنان » في اطار حملة ضد الحكومة، هل انتم مطمئنون إلى اداء الحكومة بعدما انتقلت اليها وكالة صلاحيات الرئاسة بعد تعطيل الانتخابات؟

– هذه الحكومة تتصرف بحكمة وبفطنة، بمعنى، انه رغم كل شيء، فهذه الحكومة لا تستعمل السلطات المعطاة لهم بغياب رئيس الجمهورية، وهذا أمر يشكرون عليه، لعدم خلق حساسيات.

لا نقول ان هذه أسلمة للبنان أبداً.

لاننا عندما تحدثنا عن الأسلمة، تحدثنا عن 4 مواضيع في حينها وهي:

– إلغاء يوم الجمعة العظيمة من دون الرجوع إلى الكنيسة.

– عند إعلان انضمام لبنان إلى معاهدة الطفل حسب الشريعة الإسلامية.
– مسألة بيع الأراضي في المناطق المسيحية إلى مسلمين لبنانيين وغير لبنانيين.

– التعيينات في الإدارات العامة واحترام التوازن.

هذه الأمور التي تحدثنا عنها في حينها ولكننا لم نحملها إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مثلما أراد فريق «8 آذار» (مارس) ان يفسرها. ونحن لا نعتبر ان السنيورة كرئيس مجلس وزراء وبغياب رئيس الجمهورية والصلاحيات صارت تابعة لمجلس الوزراء، لا نعتبر هذا الأمر أسلمة للبنان.

• هل تخشون استمرار الفراغ في مقام الرئاسة إلى أمد طويل، أي إلى الربيع وربما إلى ما بعده؟

– طبعاً نخاف، لانه لا يوجد أي مبرر بأننا لم ننتخب رئيساً منذ 25 سبتمبر الماضي، لا يوجد أي مبرر للتأخير، ولا وجود أي فرق بين 25 سبتمبر و29 ديسمبر، هذا تسويف ولعب من أجل مصالح دولية واقليمية وشخصية وهذا ما نرفضه. طالما المسؤولون الذين يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية همهم الوحيد، ليس الصالح العام، بل مصالحهم وارضاء أسيادهم دولياً أو اقليمياً، أكيد نحن نخاف ألا ينتخب رئيس، ولكن هذا الأمر في حاجة إلى حل لاننا لا نستطيع الاستمرار هكذا.

لا يحق لأي سياسي أن يهدم البلد.

العمل السياسي للبناء وليس للهدم.

على الشعب أن يثور ويرفض تعطيل الحياة السياسية.

• ثمة من يوحي بأن الحكومة قد تتجه إلى تعيين وزير بديل عن الشهيد بيار الجميل…

– (مقاطعاً) لا يوجد أي مانع في تعيين وزير محله ومحل الوزراء الشيعة المستقيلين. ولكن الحكومة والرئيس السابق للجمهورية رفضا استقالة الوزراء.

فعندما يستقيل أي انسان وبالعرف العالمي على أحد أن يقبل هذه الاستقالة، وإذا لم تقبل الاستقالة، فيعتبر ان الشخص لا يزال أصيلاً.

والأمر نفسه ينساق على الوزراء الشيعة الذين لم تقبل استقالتهم، فانهم لا يزالون وزراء أصيلين، لذلك، فإن الحكومة الحالية هي شرعية ودستورية.

أين هو المنطق؟ عندما نقبل استقالة أي وزير، فلا يستطيع مواصلة التوقيع على معاملات وتسيير أمور وزارته، أي ان هذا الوزير رفضت استقالته ولا يزال أصيلاً، ولكن هذا المنطق ليس موجودا لدى اللبنانيين، لأن الذين خلفهم يأمرونهم بألا يفعلوا هكذا.

وهؤلاء لا يتمتعون بأي كرامة، وتراهم يقبلون.

وقالها سيدنا البطريرك: وزير وليس وزيراً، مستقيل وليس مستقيلاً.

نتمنى لو قبلت الحكومة استقالتهم وعينت بديلاً لهم ولكنهم يعرفون أكثر أن ليس باستطاعة الحكومة قبول استقالتهم، لأنهم لن يدعوا أحدا غيرهم أن يكون وزيراً.

يعطلون الدستور ويريدون الاستمرار بالغريزة.

• ما قراءتك لاغتيال قائد العمليات العسكرية في الجيش اللبناني اللواء الركن فرانسوا الحاج؟

– اعتبرها خسارة كبيرة جدا للبنان ولجيشه وهذا الاعتداء يأتي في سياق تعطيل لجميع القوى الممتازة في لبنان.

وإذا استعرضنا الذين تم اغتيالهم، لوجدنا انهم من خيرة شعبنا وخيرة نوابنا وخيرة وزرائنا وخيرة قادتنا، هؤلاء الذين يشكلون للشعب اللبناني أملاً ورجاءً، هم الذين يقتلون مثل العصافير وذلك لاستمرار تعطيل البلد.

أنا أقول لهم: كل يوم تغتالون… فاغتيال البلد لا يعتبر اغتيالاً؟ تعطيل رئاسة الجمهورية لا يعتبر اغتيال الدولة؟ تعطيل الاقتصاد وتهجير اللبنانيين وافلاس التجار أليس اغتيال بلد؟

الاغتيال هو فقط عندما تغتالون إنساناً؟ وعندما يغتالون شعبا أليس ذلك اغتيالاً؟ وأنا أقول دائماً اذا كان هناك من خيانة عظيمة فهي الخيانة التي ترتكبونها حاليا بحق لبنان.

ليقول لي أحد: أي مجموعة في الكون أو أي حزب لا ينتخب رئيساً؟ أي دولة لا تنتخب رئيساً إلا في لبنان، أليس ذلك اغتيال بلد؟

أطالب بمحاكمة جميع الذين يعطلون مسيرة لبنان وجميع الذين يغتالون الشعب اللبناني ومؤسساته ولكن مع الأسف، هناك عبادة الأشخاص… لا أتحدث شعراً عندما أقول اغتيال بلد، لأن الوطن هو أكبر شخص معنوي تغتالونه.

(جريدة “الرأي” الكويتية)

http://www.alrai.com.kw/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=15851

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading