مجازر طائفية التي لا تنتهي، أي شبه الأسبوعية، في باكستان (واكثرها دموية في أيام “الأعياد الإسلامية” بالذات!). وقبلها، في عهد الطالبان، “التطهير العرقي” للشيعة الأفغان، الذي لعب فيه دوراً بارزاً غير المغفور له أسامة بن لادن. وإلى المجازر الطائفية ضد الشيعة والمسيحيين والسنّة في العراق. وإلى المجازر التي تعرّض لها الأقباط المصريون. ثم، الآن، المجازر التي يتعرض لها المسيحيون في نيجيريا منذ العام ١٩٩٩، وخصوصاً منذ “تطبيق الشريعة” في الولايات الشمالية (المسيحيون هم سكان وسط وجنوب نيجيريا). والهجمات على الكنائس في كينيا.
بعد هذه السلسلة كلها، لا مفرّ من الإشارة بالإصبع إلى الدور الإجرامي الذي تقوم به الأصولية الإسلامية العربية، بمنوّعاتها، من السلفية إلى “الإخوان”، وكذلك قناة “الجزيرة” وقناة “المجد” وغيرها كثيرة في تأجيج الصراعات الدينية في آسيا وإفريقيا.
في السودان، نجح السيد حسن الترابي وتلميذه عمر البشير في تقسيم بلد كان ينعم بالديمقراطية والتنوّع العرقي والسياسي، وبوجود أحزاب ونقابات راسخة، وقضاء مستقل، إلى دولتين، من غير أن ينجح في وقف حرب تجاوز عمرها نصف قرن! فهل يكون مصير نيجيريا (٥٠ بالمئة مسلمين مقابل ٥٠ بالمئة مسيحيين) مثل مصير السودان؟
الآن، الأصولية الإسلامية تطلّ برأسها في دول الخليج، ولا بدّ من مواجهتها.. قبل أن يفوت الأوان.
“الشفاف”
*
وجه رئيس جمعية المسيحيين في نيجيريا الاربعاء “نداء اخيرا” للحكومة لتضع حدا لهجمات الاسلاميين، مؤكدا انه لم يعد في مقدوره ان يضمن استمرار المؤمنين في التحلي بضبط النفس بينما يتعرضون للاستهداف.
واعلن ايو اوريتسيافور في مؤتمر صحافي “اريد ان اوجه الان نداء اخيرا للحكومة النيجيرية لكي تستخدم كل ما تتمتع به من امكانات بهدف تحديد المشكلة بوضوح ووضع حد لها على غرار ما فعلت امم اخرى”.
وتعرض مسيحيو نيجيريا مرارا لهجمات دامية نسبت الى مجموعة بوكو حرام التي تكثف منذ اشهر الهجمات ضد اهداف مختلفة (الامم المتحدة والشرطة والجيش وصحف).
وفي كانون الثاني/يناير، تحدث اوريتسيافور عن “تطهير عرقي وديني منهجي” وحذر من ان المسيحيين سيحددون الوسائل الضرورية للدفاع عن النفس في مواجهة عمليات القتل.
واتت هذه التصريحات بعد ان تبنت بوكو حرام مسؤولية الاعتداء على كنيسة في وسط نيجيريا في 25 كانون الاول/ديسمبر 2011، يوم عيد الميلاد، بينما كان المصلون يخرجون من قداس الميلاد. وقتل 44 شخصا على الاقل في ذلك الاعتداء.
واسفر انفجار قرب كنيسة في كادونا (شمال) عن مقتل 41 شخصا يوم احد الفصح. وفي 29 نيسان/ابريل، قتل 19 شخصا عندما القى مسلحون قنابل يدوية الصنع وفتحوا نيران اسلحتهم على المحتشدين لاحياء مراسم دينية في كانو، كبرى مدن الشمال. ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن هذه الاعتداءات.
وتعد نيجيريا البلد الاكثر اكتظاظا في افريقيا، 160 مليون نسمة موزعين مناصفة بين مسلمين غالبيتهم في الشمال، ومسيحيين غالبيتهم في الجنوب.