من يشاهد اعلام 8 آذار ويستمع الى السيد حسن نصرالله يشعر فورًا ان حزب الله والرئيس بشار الاسد انتصر في سورية. وقد ينهض ويتوجّه إلى أقرب مركز لحزب الله كي يبارك ويطلب البركة.
لكنّ الذي يتحدث الى النافذين في تيار المستقبل، من المطلّعين على تفاصيل الملفّ السوري، داخل لبنان وخارجه، تبدو له الصورة معاكسة تماماً. وقد يشعر أنّه يريد النهوض والتوجّه الى أقرب مسؤول في 14 آذار ليخطب ودّه قبيل الانتصار.
في خطاب النصر الأخير للسيد حسن نصر الله، الذي “بشّر” بهزيمة الخيار السعودي في سورية، وانتصار الخيار الاميركي – الايراني – الروسي، ومن خلفه الرئيس الاسد وحزب الله، دعا فريق 14 آذار وتيار المستقبل الى عدم التأخير والانتظار. وهدّدهم بأنّ التأخير سيحسن من ظروف وموقعية الفريق الآخر.
في السياق نفسه تابعت اوساط في حزب الله النسج على خطاب النصر لبنانياً، في حديث لموقع “جنوبية” الالكتروني، معتبرة ان الهدف الآن هو “قطف ثمار المرحلة السابقة التي انتهت الى انتصار عسكري ثم دبلوماسي في سورية، بعنوانين بارزين هما: التقارب الغربي الايراني، وتعويم نظام الرئيس بشار الاسد في مؤتمر جنيف 2”. وتابعت الاوساط في “حزب الله” ضمن حديثها لـ”جنوبية”: “من الطبيعي ان ينعكس ذلك على لبنان بشكل فوري، لا سيما تشكيل الحكومة واجراء انتخابات نيابية قبل الاستحقاق الرئاسي”.
لكنّ مسؤولا كبيرا في تيار المستقبل، على صلة بالملف السوري، يقول لـ”البلد” إنّ “أكثر ما يثلج قلب ١٤ آذار حاليا هو تغني ٨ آذار وتحديدا حزب الله بالتقارب مع الشيطان الأكبر”. ويكمل هذا المسؤول الذي يتابع التفاصيل السورية عن قرب شديد: “حين يصير مفخرة ما كان يعتبر عمالة، سيفقد حزب الله فزاعة التخوين التي تسند منظومته كلّها”.
ويتابع المسؤول المستقبلي الحديث مبتهجا ومطمئنا إلى “الأشهر الآتية وما ستحمله من مفاجآت”، فيقول: “حصل اتفاق أميركي روسي على تنحّي الاسد بعد تشكيل حكومة سورية كاملة الصلاحيات، بما فيها الأمن والعسكر”، ويستطرد ردّا على كلام النائب وليد جنبلاط بأنّ “14 آذار خسرت في سورية”، من دون أن يسمّيه، فيكمل: ” حلفاء ١٤ آذار سيكون لهم، في أقل تقدير، نصف القرار في سورية”.
ويقرأ المسؤول الممسك بالملفّ السوري أنّ “التقارب الأميركي الإيراني جاء في أعقاب تدهور الحالة الاقتصادية في ايران، وبالتالي فإنّ المفاوض الإيراني جاهز لتنازلات غير محددة حتى الآن وليس العكس”.
ويسخر المسؤول البارز من “عبقرية القائلين إنّ رئيس الجمهورية سيسير في ركب من يريدون دفن مشروعه ومشروع الشراكة”، ويتابع: “هذا اذا سلمنا جدلا أنّ جنبلاط سينتحر بهذا المشروع عن سابق تصور وتصميم”.
وإذ يذكّر باستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يقول المسؤول المستقبلي المرتاح: “أغرق حزب الله وحكومته لبنان في مأزق مالي أمني سياسي عسكري ودبلوماسي استدعى سقوط الحكومة من داخلها”، قاصدًا الإشارة الى تورّط حزب الله عسكريًا في قمع الثورة السورية. ويكمل: “فكيف وبأي مؤهل سيمسك بكل السلطات في لبنان على ما توحي تصريحات مسؤوليه”. ويضيف: “هذا ان سلمنا اننا في ١٤ آذار، مع حلفائنا، سنقف متفرّجين”.
ويعد المسؤول “بمفاجآت ستخلط موازين الحقل بحسابات بيدر حزب الله في الأيام المقبلة”. ويسخر من أنّ “نشوة احتلال ضيعة القصير أنْست حزب الله ان مساحة ريف دمشق وحدها تزيد عن مساحة لبنان وأن لا مجال لمقارنتها بضيعة القصير الا من منظار ضيق الأفق الذي يعوضه حزب الله بغزارة النيران ولكن ليس بوقت طويل أبدا”.
ويختم المسؤول حديثه، هو الذي يقرّش “معلومات” وليس “تحليلات”، فيعد بأنّ “من يعش الشهرين الأولين من ٢٠١٤ سيرى”.
هكذا يبدو أنّ “خطاب النصر” الذي سارع إليه السيّد نصر الله ليس أكثر من محاولة أخيرة “لتقريش” تطورات ميدانية ومجموعة معطيات سياسية إقليمية آنية، في “حكومة” لبنانية طويلة العمر، وفي تثبيت وقائع سياسية على أسس عابرة سبيل. في حين أنّ “المستقبل” يعرف جيّدا “أنّ أيام الأسد، وإن كان عدّها سيطول، إلا أنّها مسألة عدد”. ويختم هذا المسؤول أنّ “حزب الله يحلم” في ما يحاول تسويقه.
alyalamine@gmail.com
البلد