وساطــة موسى تعثــرت والطاولــة الفرنسيــة منتصــف تمــوز
بــري للوفــد العــربي: حكومــة إتحــاد وطني ولا شــيء آخــر
نسبة القرَاء %20.65
بينما كان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني الياس المر يعلن مساء امس انتهاء معركة مخيم نهر البارد و”سحق ابطال الجيش لحركة فتح الاسلام وتدمير كل مواقعها”، ترنحت الوساطة العربية المتجددة في لبنان بقوة تحت وطأة شرط احادي طرحته المعارضة ورفضت عبره اي حوار مشترطة قيام حكومة وحدة وطنية اولاً.
ورسمت الانتكاسات التي اصيبت بها وساطة الجامعة العربية علامات تساؤل كثيرة وخصوصاً عن ارتباطها المحتمل بتحرك مسألة الحدود اللبنانية – السورية والمواقف التي اطلقها امس تحديداً نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قبل ان يتبلغ الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والوفد العربي المرافق له في بيروت شرط المعارضة وموقفها، وجاء كلاهما واحداً من حيث التمسك بحكومة وحدة وطنية ورفض الحوار في موضوعي الامن والانتخابات الرئاسية. ومع ان موسى كان مدد مهمة الوفد في بيروت الى اليوم، بعدما لمس الاربعاء ملامح مرونة دفعته الى طرح مشروع لاحياء الحوار بين الغالبية والمعارضة، فإن اللقاءات التي عقدها بعد ظهر الخميس اطاحت هذه الفرصة واعادت الوضع برمته الى نقطة الصفر.
وكشفت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”النهار” ان بري ابلغ الى موسى والوفد العربي في لقاء طويل عقد بعد ظهر امس في عين التينة واستمر نحو ثلاث ساعات ونصف ساعة، جواباً باسم اطراف المعارضة هو ان “موقفنا محصور بقيام حكومة الوحدة الوطنية ولا شيء آخر”. واوضحت ان موسى كان اقترح على بري اول من امس عقد حوار وطني بين فريقي الغالبية والمعارضة على مستوى شخصيات الصف الثاني، على ان يتضمن جدول اعمال الحوار الحكومة والامن ورئاسة الجمهورية، وان بري رد بأنه سيدرس هذا الاقتراح مع “كتلة التحرير والتنمية” وقيادة حركة “امل” وقوى المعارضة. وافاده موسى انه سيستكمل مهمته عاكساً له ان “الجو ايجابي لدى فريق الغالبية”. وحين عاد موسى والوفد امس الى عين التينة فاتحه بري بما ورد في بعض الصحف من انه اقترح فكرة الحوار بين شخصيات الصف الثاني، في حين انه لم يكن هو من طرحها. ونقلت المصادر عن بري قوله لموسى: “انا قمت باتصالاتي مع المعارضة في الساعات الاخيرة وتوصلنا الى تقديم طرح واحد هو قيام حكومة الوحدة الوطنية وبعد تشكيلها نبحث في كل الامور المطروحة على المسرح السياسي”. واضاف: “في السابق كانت قوى الاكثرية تقول المحكمة ثم الحكومة، واليوم بعد تحقيق الاولى واقرارها لم يبق الا الحكومة. اما في موضوع الاستحقاق الرئاسي فسبق لي ان اعلنت 25 ايلول موعداً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية وانا كنت من اوائل من طرح التوافق في موضوع هذا الاستحقاق وما زلت على موقفي في هذا الشأن”.
وفي المقابل اكدت مختلف الاوساط المعنية في قوى 14 آذار ان تراجعاً طرأ على موقف بري بين الاربعاء والخميس يعتقد انه نتيجة ضغوط تعرض لها. وفي المعلومات المتوافرة لدى “النهار” من هذه الاوساط ان موسى طرح لدى وصوله اسئلة مبدئية تتعلق بموضوع قيام حكومة وحدة وطنية ومعاودة الحوار وشموله القضايا الاساسية. وعاد الامين العام الاربعاء الى اطراف الغالبية بعد لقائه بري حاملاً مشروع اطلاق الحوار على اساس ثلاث نقاط يتولى معالجتها محاورون من الصف الثاني يفوّض اليهم القيام بحوار جدي ودائم، وهي: حكومة الوحدة الوطنية، الاستحقاق الرئاسي بمعنى الاعداد الوطني للتوافق على رئيس جديد، والموضوع الامني الذي يتضمن دعم الجيش والقوى والاجهزة الامنية وموضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والوضع على الحدود اللبنانية – السورية. ولقي هذا الاقتراح تجاوباً من فريق الغالبية من دون التزام اي شروط، خصوصاً ان موسى نقل الى الغالبية تفاصيل عرضت في لقائه وبري تؤكد موافقته على جدول الاعمال المطروح لمعاودة الحوار. ومع الموافقات التي تبلغها موسى من زعماء الغالبية امس بدت المبادرة العربية كأنها على مشارف تحقيق نجاح فعلي وشيك. وتردد ان الحديث بدأ يدور حول مكان الحوار وزمانه، وطرح امكان انعقاد الجولة الأولى في فندق “فينيسيا” حيث ينزل موسى الاسبوع المقبل. حتى ان موسى كان ينوي اعلان شيء ما يتعلق بالاعتصام في وسط بيروت بالتزامن مع بدء الحوار.
وليلاً علم ان موسى والوفد العربي اجتمعا مدة طويلة مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. وكان يفترض ان يلتقي الوفد عدداً من أركان 14 آذار الى عشاء في منزل النائبة نايلة معوض في الحازمية لكن زيارته للسيد نصرالله امتدت الى ما بعد منتصف الليل وحالت دون توجهه الى الحازمية. والتقى موسى بعد زيارته نصرالله قرابة الأولى النائب سعد الحريري على ان يزور اليوم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
الطاولة الفرنسية
هذه التطورات تزامنت مع اعلان وزارة الخارجية الفرنسية أمس ان لقاء الاطراف اللبنانيين الذي كان مقرراً في نهاية حزيران في سان كلو قرب باريس لتسهيل الحوار بين القوى السياسية قد يعقد “منتصف تموز”. وصرح الناطق باسم الوزارة جان – باتيست ماتيي: “نواصل تحضيراتنا لهذا اللقاء، هو ليس مؤتمراً بل مجرد اجتماع غير رسمي قد ينعقد منتصف تموز”.
وكان الموفد الفرنسي السفير جان – كلود كوسران المكلف التحضير لهذا الاجتماع التقى الاربعاء وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في طهران، كما التقى قبل اسبوع في المغرب وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل.
وأوضح ماتيي أمس ان كوسران اكد لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير “ان مشروع اللقاء بين اللبنانيين اثار اهتماماً كبيراً لدى الافرقاء الذين التقاهم كونه قد يسهل معاودة الحوار بين القوى السياسية اللبنانية”.
والواقع ان متكي صرح اثر لقائه كوسران في طهران بان ايران ترحب بأي جهد لمعاودة الحوار بين جميع الاطراف اللبنانيين. وقال ان “ايران ترحب بأي جهد للتقريب بين وجهات نظر اللبنانيين في ما بينهم”، مؤكداً ان “أمن لبنان واستقراره يرتديان اهمية كبرى بالنسبة الى الجمهورية الاسلامية”. وأضاف ان ايران “على استعداد لتقديم كل مساعدة ضرورية لحل الازمة اللبنانية وتقريب وجهات نظر مختلف الاطراف”. ورأى ان “من الطبيعي وضع اطار لتشارك كل الاطراف اللبنانيين في حكومة وحدة وطنية”.
المر: نهاية المعركة
وليل امس اعلن الوزير المر في حديث الى برنامج “كلام الناس” من “المؤسسة اللبنانية للارسال” انتهاء معركة مخيم نهر البارد وقال: “ابلغ اللبنانيين ان العملية العسكرية انتهت. الجيش دمّر كل مراكز الارهابيين وفي هذه اللحظات يستكمل التمشيط ويقوم بتنظيف الالغام والفخاخ”. واذ اكد ان “ابطال الجيش سحقوا الارهابيين”، اوضح ان المخيم “سيبقى حالياً منطقة عسكرية الى ان ينهي الجيش الموضوع وسيبقى المخيم مطوقاً”. واشار الى ان الجيش فقد 76 شهيداً وسقط له 150 جريحاً لا يزال 46 منهم في المستشفيات.
وعن الوساطة التي تقوم بها “رابطة علماء فلسطين” قال ان “التفاوض هو فقط على تسليم المطلوبين مثل قائد المجموعة شاكر العبسي وآخرين اضافة الى نحو 100 جريح من “فتح الاسلام” موجودين في المخيم”. و”بالنسبة الى قيادة الجيش ليس هناك مخيم قديم ومخيم جديد. المنظمة الارهابية اقتلعت من جذورها وعدد كبير من قياداتها قتل”. واكد ان بعض قيادات “فتح الاسلام” فرّت الى المخيم القديم وان العمليات ستستمر لاعتقالها.
واسترعى الانتباه في حديث المر اشادته بقائد الجيش العماد ميشال سليمان وقوله انه اذا اقتضت المرحلة السياسية – الامنية انتخابه رئيساً للجمهورية فهو اثبت الكفاية اللازمة.
واقترح اجراء محادثات لبنانية – سورية في اشراف الامم المتحدة، رافضاً رفضاً باتاً نشر قوات دولية على الحدود بين البلدين.
وفي معلومات لـ”النهار” ان سقوط آخر معقل لـ”فتح الاسلام” يعتبر مركز القيادة في منطقة “مخيم المهجرين” داخل المخيم اتاح للجيش الحصول على وثائق تتضمن احصاء دقيقاً لمن تبقى في المخيم القديم.
وقالت مصادر متطابقة انه لم يبق في هذا المخيم سوى 500 شخص بينهم 280 مدنياً. اما العناصر المسلحة والمعروفة بالأسماء فموزعة كالآتي: 125 من حركة “فتح”، 35 من “الجبهة الشعبية” بأمرة محمد خليل الملقب “أبو نبيل”، 15 من “المجلس الثوري” بإمرة مصطفى الدلو، 45 من “فتح الاسلام”. ويعتقد ان هؤلاء يمثلون مربع الحماية الشخصية الاخير لشاكر العبسي.
وتبين من الوثائق التي صودرت ان بين المدنيين الـ 280 عدداً كبيراً من افراد عائلات عناصر “فتح الاسلام”.
معدات عسكرية
وكشف النقاب عن عملية أنجزتها مخابرات الجيش تمثلت في توقيف المدعو هشام ع. ا. د. من طرابلس والذي كان يحاول تهريب معدات عسكرية الى بيروت.
وفي التفاصيل ان الموقوف حاول ادخال مستوعب عبر مرفأ بيروت مستورد من الصين على أساس انه يحتوي على العاب اطفال. ولدى تفتيشه تبين ان فيه نحو 50 نوعاً من المعدات العسكرية بينها مناظير ليلية وجعب عسكرية واقنعة وقبضات اسلحة رشاشة غير مصرّح بها.
وفيما بدأت التحقيقات مع الموقوف لمعرفة الجهة التي استوردت هذه المعدات لمصلحتها، تبين انه كان ينتمي سابقاً الى “حركة التوحيد الاسلامي”.