لم يعد خافيا أن الخلل القانوني الذي يصيب المجلس الاسلامي الشيعي من خلال انتهاء صلاحية هيئاته المنتخبة منذ سنوات وعلى رأسها نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، شرع الابواب لتناسل التجاوزات التي طالت تعيينات بمخالفة للقانون في ادارته او في ادارة الاوقاف او لجهة بدعة تعيين المفتين من خارج الملاك فضلا عن مخالفة الجمع بين وظيفتين من دون التطرق والغرق في سوء ادارة الاوقاف واستغلالها لمصالح حزبية وشخصية. كما ليس خافياً ان هذه المخالفات تمت وتتم بمشاركة ورعاية من قبل قيادتي حركة امل وحزب الله سواء من خلال المحاصصة في التعيينات، او عبر المقايضة بين الولاء السياسي للمؤسسة. والنتيجة المزيد من الاهتراء والحضور الهزيل.
انطلاقا من هذه الاعتبارات تقدم (المهندس راشد صبري حمادة، الشيخ محمد علي الحاج الناشر لقمان سليم) الاعضاء في الهيئة العامة للمجلس الاسلامي بمراجعة امام الغرفة الرابعة في مجلس شورى الدولة تحت رقم (18103/2012) ضد الدولة اللبنانية ورئاسة مجلس الوزراء ممثلا برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، ومطالبتها باتخاذ التدابير اللازمة لمنع سماحة الشيخ عبد الامير قبلان من القيام بأي مهام في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى.
وتتضمن المراجعة امام مجلس شورى الدولة الطعن بقرار رفض ضمني، صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، بالمراجعة الادارية المقدمة من المستدعين انفسهم بتاريخ 23 اذار 2012، وتستند هذه المراجعة في الاساس والقانون الى انه “بعد وفاة رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين في 10 كانون الثاني 2001 لم يُصر حتى اليوم، الى انتخاب خليفة له على رأس المجلس المذكور مما يشكل مخالفة قانونية صريحة”. فبموجب المادة 17 من قانون “المجلس” :” اذا شغر منصب الرئاسة يقوم مقامه النائب الاول، على انه يجب انتخاب رئيس جديد للمجلس خلال مدة شهرين…” عليه فان “ممارسة النائب الاول لرئيس المجلس صلاحية الرئيس باطلة بطلانا مطلقا لمخالفتها هذه المادة وغيرها التي جاء نصها أمراً وبالتالي تتعلق بالنظام العام”.
واستنادا الى ذلك اعتبر المستدعون في مراجعتهم ان جملة اعمال غير قانونية صدرت منذ انتهاء ولاية سماحة الشيخ عبد الامير قبلان يقتضي ابطالها لعدم قانونيتها منها:
• تعيين سماحة الشيخ احمد قبلان في منصب المفتي الجعفري الممتاز (علما ان القرار مذيل بتوقيع والده، ما يتعارض مع روح التشريعات والدساتير…)
• تعيين مفتين في الملاك الخاص للمجلس، وهذه بدعة لا تستند الى اي اساس قانوني.
• تعيين الاستاذ عبد الحليم قبلان عام 2003، في الملاك العام فئة ثالثة خلافا للشروط المفروضة قانونا، ثم ترفيعه للفئة الثانية وباعتباره لا يحوز شهادة تؤهله او لسنوات خدمة تسمح له بالترفع من فئة الى اخرى( فضلا عن كونه ابن شقيق الشيخ عبد الامير قبلان…)
• تكليف الاستاذ محمد حرب بادارة المديرية العامة للاوقاف، علما انه موظف فئة ثانية في ملاك مجلس الجنوب. ومن المسلمات القانونية انه لا يجوز الجمع بين الوظائف في الادارات والمؤسسات العامة.
• تعيين القاضي الشيخ عبد الحليم شرارة مديرا عاما للتبليغ الديني علما انه لا يجوز الجمع بين وظيفة المدير العام للتبليغ الديني ووظيفة القاضي الشرعي. اذ نصت المادة 458 من قانون القضاء الشرعي على ان وظييفة القضاء الشرعي لا تجتمع مع وظيفة عامة او خاصة او اي مهمة اخرى. والامر نفسه ينطبق على القاضي الشيخ حسن عبد الله الذي يتولى منصب مفتي صور.
هذه القرارات وغيرها التي وردت في المراجعة امام مجلس شورى الدولة كأعمال غير قانونية، انتهت الى خلاصة اعتبرت ان هذه المؤسسة الدينية التي تمثل الطائفة الشيعية وتنطق باسمها، “والتي يفترض ان تكون مثالا يحتذى في تطبيق احكام الشريعة والقوانين والانظمة المرعية ان تسجل على نفسها مخالفات مجحفة وجسيمة بالنظام العام وباحكام القوانين المرعية الاجراء”. وطلب المستدعون من المجلس اصدار قرار معجل التنفيذ يقضي “بمنع سماحة الشيخ عبد الامير قبلان من القيام بأي عمل يدخل ضمن مهام رئاسة او نيابة رئاسة. والقيام بالاعمال القانونية اللازمة ليصار الى انتخاب رئيس “المجلس” و”هيئتيه”. وابطال تعيين كل من وردت اسماؤهم اعلاه وغيرهم لعدم استيفائهم الشروط المفروضة قانونا وشرعاً”.
بعد هذه المطالعة القانونية التي باتت امام مجلس شورى الدولة وبانتظار ما سيحمله الرد، يمكن الاستنتاج انطلاقا من القانون والاصول ان المجلس والقائمين عليه سياسيا ووظيفيا نجحوا الى حد كبير في جعل “المجلس الشيعي” بكل ما صدر عنه من قرارات وافعال خارج القانون وخارج الاصول الشرعية لجهة احترام القوانين.
alyalamine@gmail.com
البلد