قتل أكثر من 109 عراقيين في هجمات أمس، بينهم 85 قضوا في أسوأ حادث تتعرض له كركوك، حيث وقعت ثلاثة تفجيرات، أحدها انتحاري بشاحنة مفخخة استهدف مقر «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، ما أسفر أيضاً عن إصابة 185.
الى ذلك بدأ الجيش الأميركي عملية واسعة النطاق في ما يعرف بـ «مثلث الموت» لوقف تدفق المقاتلين على هذه المنطقة بعد محاصرتهم في محافظة ديالى. بينما استمرت الاشتباكات بين تنظيم «القاعدة» و «الجيش الاسلامي».
على الصعيد السياسي علمت «الحياة» أن رئيس الوزراء نوري المالكي سيزور ايران قريباً وسيطالبها بوقف الدعم للجماعات المسلحة العراقية مقابل تعهد الحكومة العراقية عدم السماح بتحويل العراق الى قاعدة للهجوم عليها أو على الدول المجاورة.
في كركوك أعلن اللواء تورهان يوسف أن «انتحارياً يستقل شاحنة مفخخة اقتحم مبنى تابعاً للاتحاد الوطني الكردستاني في منطقة رأس القلعة في شمال المدينة». وتابع أن «المبنى يضم عدداً من المكاتب الإدارية ومنظمات المجتمع المدني واللجنة الاولمبية الكردستانية ونادياً ثقافياً»، مشيراً الى اصابته «بأضرار جسيمة وانهيار أجزاء منه على رغم وجود مطبات وحواجز اسمنتية تحيط به».
وأوضح يوسف أن بين الجرحى عدداً من النساء والأطفال، لافتاً الى أن عدداً كبيراً من الجرحى «في حالة خطرة جداً بسبب تعرضهم إلى حروق شديدة». كما أدى الانفجار إلى تدمير عشرات المنازل والمتاجر في صورة كاملة، علاوة على تدمير أحد أسوار قلعة كركوك التاريخية. كما اندلعت النار في عشرات السيارات، وحوصر ركاب إحدى الحافلات داخلها حيث لقوا حتفهم لاحقاً حرقاً. وأفادت الشرطة أن كثيراً من الجثث ما زالت مدفونة تحت الانقاض.
وأوضح اللواء طيب أن «انتحارياً آخر كان يحاول تفجير سيارته وسط سوق الشورجة لكنه تركها وهرب قبل وصوله اليها، وانفجرت بعد ذلك ما أسفر عن اصابة شخص واحد فقط». كما أعلن المقدم في الشرطة كامل رشيد «انفجار سيارة ثالثة في منطقة حي دوميز جنوب المدينة استهدفت دورية للشرطة، ما أسفر عن مقتل ضابط واصابة عناصر الدورية.
وفي لندن أعلن وزير الدفاع البريطاني ديس براون انه يتوقع سحب 500 جندي بريطاني من العراق خلال اسابيع.
وأوضح براون أمام البرلمان «وصلنا الى مرحلة لنا فيها 5500 جندي في العراق، واذا استطعنا، كما نتوقع، تسليم قصر البصرة للسيطرة الأمنية العراقية خلال اسابيع فسنتمكن من خفض القوات بمقدار 500» فرد آخر.
وأضاف: «وفي تلك المرحلة سنجري تقويماً لقدرة قوات الأمن العراقية بالتشاور مع حلفائنا، وأساساً مع حليفنا الرئيسي الولايات المتحدة، بشأن قدرتنا على الانطلاق من تلك النقطة الى حيث يمكننا سحب قواتنا».
جاء ذلك فيما استمرت الاشتباكات بين «الجيش الاسلامي» وتنظيم «القاعدة» لليوم الرابع على التوالي في ناحية جرف الصخر التابعة لقضاء المسيب الكائن في المنطقة ذاتها.
وقال الناطق باسم الجيش الاميركي ألن كونوي إن «آلاف الجنود الاميركيين والعراقيين بدأوا هجوماً واسع النطاق على معاقل تنظيم القاعدة في مناطق زراعية جنوب بغداد ضمن عملية عسكرية جديدة تنفذها قوات مشتركة وتستمر أسابيع». وأضاف كونوي خلال مؤتمر صحافي في بغداد أن «العملية تهدف الى وقف تدفق المتمردين الى المنطقة واتخاذهم ملاذات آمنة فيها، ومنع نقل الاسلحة والذخائر الى مركز العاصمة». وأوضح بيان للجيش الاميركي أن «طائراته المقاتلة بدأت قبل فجر اليوم (أمس) قصف مواقع مسلحين بعدد من القنابل الموجهة»، فيما أنزلت مروحيات قوات تشارك في العملية الهادفة الى القضاء على نشاطات المسلحين ومنعهم من نقل عملياتهم من منطقة عرب جبور وجنوب بغداد الى داخل العاصمة.
وأفاد شهود في المنطقة لـ «الحياة» أن «قوات أميركية وأخرى تابعة لوزارة الداخلية اقتحمت المنطقة منذ الصباح وأعلنت قوات لواء الصقر العراقية عبر مكبرات الصوت فرض حظر للتجول داخل المنطقة، ثم تبعت ذلك عمليات دهم وتفتيش في المنازل المنتشرة داخل المناطق الزراعية».
وقال مدير مركز القيادة في وزارة الداخلية اللواء عبدالكريم خلف إن «هذه العملية تأتي لتأمين حزام أمني حول بغداد»، وأضاف في تصريح إلى «الحياة» أن «هناك خطة شاملة تسعى الى تأمين محيط العاصمة من الأوكار الارهابية بعدما كشفت التقارير أن المسلحين يجدون في أطراف العاصمة ملاذات آمنة لهم كونها مناطق زراعية مفتوحة».
في غضون ذلك، أعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي صادق الركابي ان المالكي سيطالب طهران، خلال زيارته المرتقبة قريباً، بـ «تحجيم الدعم الايراني لعدد من الجماعات المسلحة التي تعدها الحكومة خارجة عن القانون وجزءاً من أسباب تصاعد العنف في البلاد». وبـ «وقف أي نوع من أنواع الدعم للجماعات المسلحة العراقية»، مشيراً الى ان «المساعدات الايرانية للعراقيين التي نقبلها هي تلك التي تمر عبر الحكومة الشرعية». مقابل ذلك «تتعهد الحكومة منع أي خطر يهدد ايران من جراء وجود القوات الاجنبية على أراضيها، ولن تسمح بأن يكون العراق مصدر تهديد او نقطة انطلاق للاعتداء على البلدان المجاورة كما انها ستمنع أي اساءة للأنظمة السياسية الموجودة في المنطقة».
وستعقد قيادات الكتل البرلمانية العراقية اجتماعاً في غضون أيام في بغداد لمناقشة القضايا السياسية العالقة وفي مقدمها قانون النفط والغاز، فيما أكد الناطق باسم «جبهة التوافق» النائب سليم الجبوري «استمرار الجبهة بمقاطعة أعمال مجلس النواب الى حين تلبية مطالبها، ومنها عودة محمود المشهداني لرئاسة المجلس».
على صعيد آخر، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون من عواقب انسحاب أميركي مفاجئ من العراق، وقال في مؤتمر صحافي أمس ان «قراراً مفاجئاً بالانسحاب قد يؤدي الى تدهور الوضع أكثر في العراق». وأضاف: «يجب التصرف بحذر من أجل الشعب العراقي».
ودعا الأسرة الدولية الى «مساعدة الشعب والحكومة العراقية للتغلب على مصاعبهما بأسرع ما يمكن لأن الكل موافق على ان الوضع في العراق هو مشكلة العالم أجمع». وأعلن بان انه سيرأس الجمعة المقبل اجتماعاً للأطراف التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ.
وقال: «لا أريد في هذا الوقت ان أقحم نفسي بالحوار القائم بين الشعب الاميركي والإدارة والكونغرس». وتابع: «ان اتخاذ قرار الانسحاب عائد الى الرئيس (جورج بوش) والادارة بالتشاور مع الكونغرس»، انما أود ان أضيف، بصفتي الأمين العام، ان الامم المتحدة قد لعبت دوراً في العراق عبر تسهيل المفاوضات السياسية وتقديم المساعدة الانسانية».
الحياة