الاجتماع الثالث
الخميس في 26/10/2017
تتفاقم الأحداث والتطورات في لبنان ومن حوله؛ في حين لا يهتم أطراف التسوية في الحكومة اللبنانية إلاّ بكيفية تحقيق الغلبة في الانتخابات القادمة، في ظل قانون عجائبي للانتخاب، لا يفهم أحدٌ بعد كيف يمكن تطبيقه. وبالنظر لبروز الأخطار على السلم الوطني، وعلى مصائر الوطن والنظام، رأت اللجنة التحضيرية لحركة المبادرة إصدار البيان السياسي التالي:
أولاً: التنديد بالتصريح الخطير الذي أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني، وفيه يعظّم من شأن إنجازات إيران وحرسها الثوري في الجوار العربي، في العراق وسورية ولبنان. وقد أوضح روحاني أنّ هذه الدول صارت مستتبعةً لإيران، بحيث لا يستطيع المسؤولون فيها اتخاذ أي قرارٍ سياسي سيادي بدون موافقةٍ إيرانيةٍ مسبقة. وعلى الرغم مما يعنيه ذلك من تحدٍ للسيادة والكرامة والاستقلالية؛ فإنَّ أحداً من المسؤولين اللبنانيين لم يستدع السفير الإيراني للاستنكار أو للاستيضاح. وهذه مهانةٌ ما بعدها مهانة، ما يستدعي ردود أفعالٍ وطنية وقومية، لكي لا يبقى الصمت والاستسلام سيدي الموقف. بالأمس كان الأمين العام للحزب يقول إنه جندي في جيش الولي الفقيه، واليوم نعلم أن الدول ذاتها صارت تتمتع بالعضوية في محورالغلبة الإيراني.
ثانياً: إنّ هذا الواقع المُزري والمهدِّد لنظام الدولة الوطنية اللبنانية، يستدعي النهوض بمهمة التمييز وإعادة رسم الحدود بين الدولة اللبنانية وحزب السلاح غير الشرعي، وذلك على أساس الشرعيات الثلاث: شرعية الطائف والدستور والعيش المشترك- والشرعية العربية القائمة على نظام المصلحة العربية – والشرعية الدولية المتمثلة بالقرارات الدولية الحافظة لأمن لبنان وبخاصةٍ القرارات 1559 و1701 و1757. إنّ التسوية السياسية التي أتت بهذه الحكومة بعد رئاسة الجمهورية تهدد هذه الشرعيات وتتجاوزُها لصالح إعادة بناء النظام وسياساته بشروط فريقٍ واحد. وهذا أمرٌ لا يستقيم، وما نجحت إجراءات الغَلَبة من قبل في فرض نظام الفريق الواحد، واللون الواحد.
ثالثاً: في ظل حكومة التسوية القائمة تهدَّدَ أمن الحدود الجنوبية للبنان، هذه الحدود المستقرة منذ العام 2006 بفضل القرار الدولي 1701 والقوات الدولية التي حَضَرت بمقتضاه؛ وذلك حين قرر رئيس الجمهورية وبخلاف القرار الدولي، أنّ لبنان ما يزال يحتاج لقوات الحزب، لأنّ الجيش ما يزال ضعيفاً! ثم تهددت حدود لبنان مع سورية حين قرر الحزب الحرب عبرها على الشعب السوري، على مدى أربع سنوات، ثم قرر التصالح مع الإرهابيين وجرَّ وراءه الجيش والسياسيين أخيراً. وقد أنتجت هذه الزعزعة لكل الثوابت، صعوداً في أخطار الحرب على لبنان، حيث تجري التهديدات المتبادلة بذلك من جانب الإسرائيليين والأميركيين والحزب والإيرانيين. ولأنّ التسوية منخفضة السقف؛ فإنّ صوتاً لم يرتفع ضد تجاوزات الحزب على أمن الوطن، كما أنه ما عاد بوسع لبنان الأمل في تضامن عربي أو دولي، بعد أن تخلى المسؤولون اللبنانيون عن ضمانات الشرعيات بأنفُسهم، حين قرروا الاستسلام للإملاءات.
رابعاً: يعاني لبنان من أزمةٍ إقتصادية ومعيشية طاحنة. ولا يبدي أطراف الحكومة أي نيّة جدّية للمبادرة والمعالجة وللخروج من الفساد المستشري. ولذلك فنحن نعلن إدانتنا لعقلية الصفقات والتقاسمات والإجحاف والفساد. ونعلن عن العمل لمكافحة الفساد ولخدمة المواطنين في نظامٍ للعدالة والشفافية والتنمية. فالسيادة ومكافحة الفساد قضيتان مترابطتان، فبقدر ما يستردّ لبنان قراراته السيادية تُفتح الأبواب للإصلاح الاقتصادي ومكافحة تفشي الفساد.
خامساً: نحن أعضاء الهيئة التحضيرية لحركة المبادرة الوطنية، نستنكر أشدَّ الاستنكار، حملة الكراهية الجارية ضد النازحين السوريين.إنّ ثمانين بالمائة من النازحين هم من الأطفال والنساء، ومعظمهم موجودٌ في مناطق معينة. واللبنانيون مجمعون على ضرورة عودة النازحين إلى ديارهم إنما في ظروفٍ آمنة وإلى مناطقهم الأصلية، كما اتفقت حكومة لبنان مع جهات الأمم المتحدة الراعية للنازحين عام 2015. ولكي لا يستمر وزير الخارجية في حملة الكراهية هذه، فلينهض وزيرا شؤون النازحين والشؤون الاجتماعية، وهما الوزيران المختصان، بطرح خطةٍ لمعالجة قضية اللاجئين تُلاقي القانون الدولي، والتوافقات الداخلية. إنّ الهمَّ ينبغي أن يكون: استعادة السوريين لمساكنهم وديارهم وحياتهم في المناطق التي هجّروا منها – وأن تؤدّي الجهات الدولية دورها الفاعل بشأن الضمانات- وأن لا يُستخدم النازحون أحجار شطرنج في ألعاب الانتخابات النيابية.
إستناداً إلى ما تقدّم نحن ماضون في النضال من أجل استعادة الشرعيات الثلاث وتقويتها. والإصرار على حصرية السلاح بيد الدولة، والعمل على مكافحة الاستبداد ومنطق الغَلَبة، من أجل أن يعود لبنان وطناً حراً سيداً مستقلاً.
لقد قررنا في الهيئة التحضيرية أن يكون اجتماعنا الثالث هذا هو الأخير في سياق التحضير للمبادرة. على أن تُعلن المبادرة بيانها التأسيسي وتنطلق في عملها على الأرض قريباً وبدون تأخير.