«الناس ملّت وتبي تفرح.. ونحن ماضون في هذا الطريق»، كلمة لسمو الأمير لامست قلب كل كويتي وكل مقيم على هذه الأرض.
في أمسية من أمسيات الشتاء الجميلة خرجت من حفلة لـ«لوياك» في حديقة الشهيد بألم في عنقي، بعد أن قضيت معظم مدة الحفل وأنا أنظر إلى الخلف أتابع الفرح والبهجة على وجوه الناس. من لم يحضر حفلة من حفلات «لوياك» في حديقة الشهيد لن يستطيع استيعاب كمية الطاقة الإيجابية التي تملأ الجو. كبار، صغار، عجائز، شباب وصبايا ملأوا المكان بأجسادهم وأرواحهم واصواتهم، وقوفا وقعودا.. بهجة، موسيقى، أغاني.. باختصار كما قال سمو الأمير «فرح».
الكويت تستحق الفرح، بل ويليق بها. شعب الكويت تعب من الأوضاع السياسية الكئيبة التي أثقلت عليه بهموم وشجون جعلته في دائرة من الكآبة، بعد هيمنة أعداء الفرح على صناعة القرار. صراع سياسي جر البلد من أزمة إلى أخرى، نواب لم يجدوا أهم من أن ينادوا بمنع الحفلات والمطالبة بلجنة ظواهر سلبية، نائب جرحت مشاعره رؤية شجرة الميلاد في سوق مركزي فطالب بإزالتها، والمصيبة أن الوزارة استجابت وأزالتها، مواطن كويتي ينشر تغريدات طائفية تدعو إلى التفرقة والعنصرية بين أفراد الشعب الواحد، ونائب اعترض على حفلات دار الأوبرا الكويتية، لكن عند حفل الملك سلمان «انكتم» ولم ينبس ببنت شفة.
إلى متى ستظلون تسرقون الفرح من عيوننا؟ إلى متى سنظل رهن إشارتكم: ابكوا فنبكي، احزنوا فنحزن، افرحوا (حسب تعاليمنا) فنفرح. نحن نعيش في دولة مدنية قوامها الدستور الذي أقسم عليه نوابنا، والذي ينص على احترام الحريات، وأن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان.. فإن كانت شجرة كريسماس جرحت مشاعرك، «قر» في بيتك.. لأنه لا يوجد قانون يمنع وجودها، ولأن هناك كويتيين مسيحيين ومقيمين أيضا لهم الحق في الاحتفال بشعائرهم، ولأنه ببساطة أغلبنا يفرح لرؤيتها.
أما عن الذي يطالب بمنع الاحتفالات في الكويت بسبب ما يحصل في سوريا، فدعني أقل لك إن الحياة والفرح والحب لم تنقطع في سوريا رغم كل المآسي التي يمر بها هذا البلد. ما زالت هناك أفراح وأعراس، وما زالت هناك حفلات ميلاد، وما زال هناك أطفال يولدون كل يوم… فلا تزايدوا على أحزان سوريا، فحتى سوريا تحتاج إلى الفرح. بدلا من أن تمنعوا الحفلات، خصصوا جزءا من ريعها لمصلحة اللاجئين السوريين وأهل حلب كما حصل في حفل نوال، هكذا تسعدون شعبين.
كانت الكويت الأولى وما زالت في دعمها للشعب السوري. ولقد شاءت الأقدار أن أنتمي إلى قطبين، أحدهما يعيش أكبر مأساة في تاريخه، والآخر يمثل القلب الأكبر واليد «الأحّن» التي تداوي جروح الأول وتمسح دموعه، وكأن نصف قلبي الأيمن يطبطب على نصف قلبي الأيسر.. فمن ياسمين الشام.. عمار وفرح يا كويت.
***
لكل مسيحيينا أعيادا مجيدة وكل عام وأنتم بخير في بلدكم وبين أهلكم.