يطرح موضوع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وقرار المحكمة، الذي يلزم الكنيسة بالسماح للمطلّق بالزواج مرة ثانية… الكثير من الجدل والمناقشات، من كافة الناس مسلمين ومسيحيين..
بدايةً، ان ما يلفت في هذه المناقشات هو أن كل طرف ينطلق من معتقداته الدينية، كمسلمات ثابتة وملزمة، دون مراعاة أن معتقد كل طرف انما يعنيه وحده، ولا يلزم الطرف الآخر.. ولا يحق لشريعة أن تفرض نفسها على غير أتباعها..
فمن زاوية انسانية بحتة، من الظلم، عدم السماح لمطلق بالزواج مرة ثانية، وكأن على الانسان أن يعاقب مدى الحياة بسبب تعثر وسوء حظه وكأنها نهاية الدنيا.. لكن من وجهة نظر العقائد الدينية، فلا يمكننا مناقشة الأمر، لأنه من اختصاص رجال الدين… وأن يأتي القرار، من محكمة تستند الى الشريعة الاسلامية في أحكامها، وتريد الزام الكنيسة بتغيير عقيدة ما، فهذا أمر سيؤدي الى تعقيد الاشكالات الدينية الحاصلة أساسا بين المسلمين والأقباط. ويأتي قرار المحكمة في توقيت غير مناسب، كما أشار الى ذلك البابا شنوده.. وأن مثل هذا الأمر كان من الممكن مناقشته، عبر الجهات المختصة، وليس في المحاكم، رغم تقدم أحد الأقباط برفع قضية بهذا الشأن، وكان من الممكن النظر اليها كدعوة فردية، ولا تلزم بتغيير العقيدة..
ولنطرح السؤال التالي: ماذا كان سيحصل لو أن المحكمة، أصدرت قرارا بمنع تعدد الزوجات مثلا؟
فمن وجهة نظر انسانية، أيضا، هو انتهاك لحقوق المرأة ويمسّ مشاعرها وكرامتها، وان تعدد الزوجات أو الطلاق المجحف من طرف واحد وهو طرف الرجل بالطبع، هو انتهاك لحقوق الانسان وامتهان لكرامته.. والدليل على ذلك هو عدم تقبل المرأة لهذا الأمر، رغم تدينها ومعرفتها بهذا الحق المعطى لزوجها! بل هي تثور وتغضب، رغم علمها بأن هذا الرفض والغضب انما يصب في خانة معارضة ما أحلّه الله…. وما زال الاعلام مشغولا بتلك المرأة الكويتية التي أحرقت خيمة عرس زوجها وحكم عليها بالاعدام، بينما تخفف العقوبة على الرجل اذا ما ارتكب جريمة تمسّ كرامته !!!
قد يجد الانسان الفرد لنفسه مخرجا من مآزقه.. امّا بالتحوّل الى دين آخر، بداعي المصلحة، أو عبر الزواج المدني.. وهذا ما يوفر على الدولة والكنيسة الإحراج، والدخول في متاهات لا تؤدي الاّ الى اذكاء الصراعات الدينية بين أبناء الشعب الواحد..
وهنا تحضرني قصة قديمة، تعود لخمسينات القرن الماضي، حيث امرأة مسلمة متزوجة من طبيب مثقف.. لكنه معروف في أوساطه بشراسة أخلاقه، وصعوبة التعامل معه.. وعندما طفح كيل الزوجة، التي أصرت على طلب الطلاق لكن دون جدوى، بسبب تعنت الزوج ورفضه ذلك، وذهبت أدراج الرياح توسلات المرأة للقاضي.. الى أن صرخت بوجهه: “ان لم تطلقني فسوف أتحوّل الى المسيحية وأنزع غطاء رأسي”.. ثم بادرت الى نزع غطاء رأسها أمام القاضي، فما كان منه الاّ أن طلقها في التوّ والساعة، على أن لا تخبر قصتها لأحد خشية أن تحذو النساء حذوها…
معروف أن موضوع الزنا في المسيحية أكثر تعقيدا وتشددا منه في الاسلام، حيث لا يمكن اثبات علّة الزنا، بينما في المسيحية فان مجرد الاشتهاء بالنظر يعتبر زنا.. لكن الغرب المسيحي قد تجاوز ذلك بتطبيق قوانين مدنية، دون المسّ بتعاليم المسيحية.
لذلك فان الطراز الأنسب من الحكم في المجتمعات المتعددة الديانات والطوائف والاثنيات، انما هو طراز الدولة المدنية ولا نقول العلمانية لما تثيره من حساسيات لدى الكثيرين، وحيث يتساوى المواطنون أمام القانون، وتصان حريات العبادة، والا ستبقى مجتمعاتنا تغلي على مرجل الأحقاد الدينية، وتشكل مناخا مناسبا لتوالد الأصوليات المتصارعة.
albakir8@hotmail.com
* كاتبة فلسطينية
الكنيسة القبطية ومشكلة الطلاق– مصر اعلى نسبة في العالم بعدد القضايا المرفوعة في المحاكم (3576010) تليها بريطانيا (1436552) .. والدولة رقم (110) في نسبة عدد اجهزة الحاسوب للسكان (37821) لكل مليون ؟! صدر هذا القرار نفس اليوم الذي صدر فيه قرار رفض حظر الطبعة الثانية من الف ليلة وليلة .. لا يوجد رابط هنا , ولكن عمليا تم الربط بتحرك الخبرين اعلاميا , فظهر ك(حبة فوق وحبة تحت) .. المشكلة في (تضخم) القضاء , ومن الحماقة في هذا العصر فصل الصورة الشاملة عن التفاصيل لصالح اي نهاية .. القضاء هو الذراع الثالث للحكومة بالاضافة الى (التشريعي والتنفيذي) .. وتدخل أقل… قراءة المزيد ..