كان حريّاً بـ”القوات اللبنانية” ألا تتجاهل، في بيانها الجديد، أن النخبة “المدنية” المسيحية، بما فيها شخصيات سياسية ونيابية بارزة (وكوادر وقواعد “قواتية”)، سبقت “القوات” في ملاحظة الطابع المعادي لـ”الصيغة والميثاق” في القانون المسمّى زوراً بـ”الأرثوذكسي”، واحتجت على استئثار بضعة أحزاب (تمثّل عددياً أقلية الناخبين المسيحيين) بحق اتخاذ قرار بإسم المسيحيين، وعلى “تعويم” سفير رستم غزالة في لبنان السيد إيلي الفرزلي (الذي ما يزال “يسبح سعيداً” بين الرابية ومعراب وبكفيا). كما كان حريّاً بـ”القوات” ألا تتجاهل التصدّع الذي أحدثته مواقف “القوات” في جبهة ١٤ آذار في لحظة استخدام لبنان كقاعدة إيرانية للحرب على الشعب السوري.
وهذا”التصدّع” ما يزال قائماً، ومفاعيله مستمرة!
وهذا كله، في حين كانت البطريركية المارونية (والبطريرك الراعي) تبدو “مغتبطة” بقانون إيلي الفرزلي!
بالنسبة للرأي العام اللبناني، أو “شعب ١٤ آذار”، فذلك هو “بيت القصيد”! وهذا، بالمناسبة، ينطبق على القانون المختلط المقترح، الذي لا يعرف أحد من قام بوضعه!
أما النقاش مع المطران مظلوم (وقد كتبنا مراراً في “الشفاف” عن انتماءاته.. السياسية!)، أو التلميح إلى أن هنالك “في الصرح من لا يحبذ هذا التوجه” ، فهو يندرج في إطار الشؤون “الأبرشية” التي لا تعني الرأي العام اللبناني كثيراً، بما فيه نخبته “المسيحية” التي لا يعترف معظمها بدور “الولي الفقيه الماروني” في قيادة السياسات اللبنانية!
لبنان الآن على أبواب استقلاله الثالث (إذا تفاءلنا) أو على وشك السقوط.. وهذا يعني كل اللبنانيين، بكل طوائفهم ومذاهبهم وزواريبهم!
وهذا أهم من جميع الإعتبارات الإنتخابية، خصوصاً أن البلد مهدد بأن ينتهي إلى “قانون انتخابي” على طريقة “مجلس الوصاية على الدستور” في طهران!
الشفاف
*
صدر عن الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية البيان الآتي:
إن الكلام الذي أدلى به سيادة النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم في حديث تلفزيوني يوم أمس كان مفاجئاً في بعض مفاصله التي تناول فيها القوات اللبنانية، وبدا وكأنه يوحي بمحاولة لحرف الحقائق وإثارة المزيد من الفرقة والمسافات بين القوى المسيحية الاساسية نفسها، وبين القوات اللبنانية وسيد بكركي. وهو أمر نأسف له أشد الاسف، لأننا نعتبر أن دور الصرح البكريركي والسادة الأساقفة هو لمّ الشمل والحرص على الحق والحقيقة بمعزل عن الإعتبارات الشخصية والسياسية.
وحرصاً على التوضيح ومنعاً للالتباس لدى الرأي العام، يهمّ الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية التأكيد على النقاط التالية:
أولاً صحيح أن سمير جعجع هو من حمل في البداية لواء مشروع اللقاء الأورثوذكسي، لكن الصحيح أيضاً أنه سعى إلى مشروع توافقي بديل يؤمّن صحة التمثيل، عندما وجد أن لا قبول لمكوّنات وطنية أساسية ب”الأورثوذكسي”، وأنه يشكّل تهديداً للميثاق والصيغة بما يخالف طبيعة لبنان كوطن كانت بكركي وراء نشوئه جامعاً بين المسيحيين والمسلمين، وواكبته من خلال أحبار كبار من البطريرك الحويك مروراً بالبطريرك عريضة وسواهما إلى البطريركين صفير والراعي.
ثانياً لقد كانت القوات اللبنانية على تواصل دائم في الفترة الأخيرة مع صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، الذي كان يتابع ما يحصل قائلاً أن اتركوا التفاصيل للقوى السياسية.
ولكن يبدو أن المواقيت قد التبست على سيادة المطران مظلوم، فعندما اتصل سيادته بالنائب جورج عدوان، لم يكن قد تمّ التوصل إلى اي اتفاق بعد على القانون المختلط، بينما كان غبطة البطريرك كل الوقت في اجواء الخطوات المتلاحقة، ولمّا تمّ الاتفاق، أبلغت القوات اللبنانية صاحب الغبطة بالامر، وبالتالي إن من تفاجأ أو يعتبر أنه تفاجأ هو المطران مظلوم وليس البطريرك الراعي الذي كان لديه الخبر اليقين، وهو في أي حال رأس الكنيسة المارونية وسيد الصرح.
ثالثاً لقد وضعت القوات اللبنانية القوى المسيحية الأساسية التي هي على تواصل معها ولا سيما حزب الكتائب والتيار الوطني الحر، في أجواء الإتفاق، وإذا كان غبطة البطريرك الراعي قد خاب أمله فعلاً بعد الاتفاق على مشروع القانون المختلط، فيجب أن نعرف لماذا، وهو لم يعبّر عن هذا الانطباع، بل أبدى الحرص على لمّ الشمل ولم يتخذ جانب فريق على حساب فريق آخر، إلا إذا كان في الصرح من لا يحبذ هذا التوجه.