تعبّر الرواية التالية لتطوّرات قضية الحوثيين في اليمن عن وجهة نظر المحامي السيّد عادل الذهب، الذي كان قد تعاون مع السيّد يحيى الحوثي قبل أن يختلف معه. وقد نقلناها عن صحيفة “الوسط” اليمنية:
فيما كانت الحرب بصعدة تأكل الأخضر واليابس كانت هناك حرب من نوع آخر لم يدرها يحيى الحوثي كما كان يعتقد باعتباره صاحب ا لقضية وإنما شخص أخر حمل لواءها في الخارج وجعلها حية وفاعلة في المنضمات ا لحقوقية الدولية الى أن أصبحت تحمل بعدها الخارجي الذي حاول النظام التقليل من أهميته ورفضه ثم القبول به كأمر واقع ونحن هنا إذ نكشف اللاعب الحقيقي في إدارة معركة الخارج إنما هي بداية للتوغل أكثر في فتح ملف الحرب وفضح المخفي منه وهو أكثر بكثير مما ا ظهرته الأحداث.
القصة بدأت مع نشوب الحرب الرابعة وضغوط الحكومة اليمنية على ليبيا لتسليم يحى الحوثي الذي بدأ يشعر بخطورة موقفه حيث قام بالاتصال بالمحامي والناشط السياسي عادل الذهب إلى مكان إقامته بكندا وطلب تدخله ومعاونته لإيجاد حل دائم للمشكلة باعتبار انه كان قد قدم له تصورا مفصلا لحل القضية بعد انتهاء الحرب الثالثة وفعلا التقى الاثنان في ألمانيا وكان محور الحديث يدور حول إدخال أطراف خارجية للتدخل في إقناع السلطة اليمنية بالمفاوضات وكان يحيى يفضل وساطة تونسية أو أماراتية باعتبار أن الأولى رئيسها من آل البيت ولأن الثانية لديها موارد ماليه.. تمكنها من الضغط على الرئيس .
في حين كان الذهب يميل لوساطة قطرية أو أردنية. وتم الاتفاق على الوساطة القطرية حيث تواصل الذهب مع وزارة الخارجية القطرية طالبا الاجتماع بوزير خارجيتها إلا أن الوزارة لم ترد و طلبت منه انتظار الرد دون موعد محدد وهو ماجعله يبحث عن قنوات أخرى أثناء . فترة الانتظار خوفا من أن يكون الرد القطري سلبيا.
وتم التواصل مع كل من وزارة الخارجية الألمانية بتأريخ 1/3 التي اعتذرت متحدثة باسمها بعد أسبوع عن التدخل بحجة أن رئاسة المانيا للاتحاد الأوربي هذا العام وانشغالها بأولويات أوروبية يجعل قدرتها على تقديم شيء مجد محدودا.. بعدها تم الاستنجاد با البرلمان الألماني للضغط على الحكومة الألمانية للتدخل، حيث التقى الحوثي والذهب بعضو لجنة العلاقات الخارجية عن الحزب الاشتراكي الألماني السيد جهرك الذي وعد بالتحرك.
ما يخص فتح قناة مع الأردن فقد تم إرسال رسالة إلى الملك عبد الله تطالبه بالتدخل عبر البطاينة القائم باعمال سفارة الأردن ببرلين وكذلك مخاطبة الأمير الحسن إلا انه تم تجاهل الطلبين تماما وهو ذات الموقف الذي اتخذته الإمارات حيث اعتذرت سفارتها في برلين حتى عن استقبال يحيى الحوثي.. جامعة الدول العربية.. ايضا تم طرق بابها وتحدد فعلا موعد ليحيى للاجتماع مع عمر موسى غير ان خوفه من أن يسلمه النظام المصري لليمن جعله يؤجل خيارا كهذا وفي هذه الأثناء كان التواصل مع الأميركيين مستمرا لم ينقطع من خلال المسئولين في سفارتيهما بصنعاء وبرلين وكان يدار عبر (عادل الذهب) و(جوي هوود) مسؤول القسم السياسي بسفارة واشنطن بصنعاء من جهة وبالسيدة جوسته مديرة مكتب السفير الأمريكي ببرلين وكان يتم حوار حول عدم استهداف امريكا وأفضى ذلك الى طرح مسألة إمكانية جمع يحيى الحوثي بمثل هؤلاء المسئولين الذين وافقوا بعد أن تم استئذان واشنطن التي بدورها لم تمانع وبعد أن تم الإعلام بالموافقة على استقبال الحوثي في السفارة الأمريكية ببرلين لم يتم اللقاء بسبب انسحاب الذهب من القضية بعد خلاف مع الحوثي ولأن الأخير خشي من أن يؤثر تسرب اللقاء على مساندة الناس لأخيه الذي يرفع شعار الموت لامريكا ..وعلى ذات التوجه في محاولة التأليب الدولي على النظام في اليمن لاخضاعه لوقف الحرب تم التواصل مع مركز الحوار الإنساني لحل المنازعات الدوليه بسويسرا وهو مركز مستقل مدعوم من سويسرا وأوربا وقد ساهم في حل نزاع إقليم اتشه الاندونيسي من خلال رعاية مفاوضات سلام بين حكومة اندونيسيا ومقاتلي الإقليم كما أطلق المركز مبادرة جنيف لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني -ما عرف بمبادرة ياسر عبدربه ويوسي بيلين- وأيضا ساهم المركز في حل نزاع جبهة مورو مع حكومة الفلبين وبعض مفاوضات إقليم دارفور. فكرة توسيط المركز كانت من قبل ناشط حقوق الإنسان الاندونيسي افريدال دارمي وكان زميل دراسة للذهب في أميركا وفعلا .استجاب المركز لطلب التدخل وأرسل موفدين إلى ألمانيا هما السيد ديفيد بيترسك وآخر بريطاني كان يعمل مديرا لمنظمة اوكسفام في اليمن،اجتمع الوفد بالحوثي والذهب واستمع للمطالب واستفسر المركز ماالذي ستقدمونه أنتم للحكومة اليمنية على طاولة المفاوضات في مقابل تلبية مطالبكم؟.
واقترح المركز أن يدخل معه منظمة المؤتمر الإسلامي كمظلة إقليمية للتحرك خاصة ولدى المركز سوابق تعاون مع المنظمة وأشار إلى انه سيشكل وفدا رفيعا ليقابل الرئيس اليمني إلا أن الحوثي والذهب اقترحا أن يتم تنسيق المركز مع قطر في حالة كان ردها بالتدخل إيجابيا وتم الاتفاق على ذلك بداية خلاف الذهب مع الحوثي ولم يقف التصعيد عند هذا الحد، إذ وفي محاولة لزيادة أوراق الضغط وتعزيز القدرة على التفاوض اقترح الذهب البدء بإجراءات رفع قضية في ا لمحكمة الخاصة بمجرمي الحرب وتم تسمية قائد الفرقة الأولى مدرع وقائد الحرس الجمهوري والعمري محافظ صعدة السابق وقيادات أخرى وبالفعل تم لقاء المحامي الألماني ولفجانج كالك احد أشهر المحامين في هذا المجال والذي يقاضي وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفلد وحينما أبدى المحامي قبوله بالقضية وطلب خمسه عشر ألف يورو كأتعاب محاماة رفض يحيى معتذرا بعدم وجود التمويل الكافي وكان هذا الرفض ضمن خلافات بدأت تطل بقرونها وأجل من تفاقمها قبول قطر التدخل لحل الأزمة كان ذلك بعد اجتماع أمير قطر بالرئيس على هامش القمة العربية. حيث اتصل السفير القطري بعادل الذهب وابلغه أن الأمير اتخذ قرار التدخل وتم عقد اجتماع بين السفير القطري في ألمانيا صالح النصف وعادل الذهب في السفارة القطرية قدم فيه الذهب تصوره كمستقل للنزاع وآلية معالجته ويتلخص في مسألتين الأولى حل النزاع والثانية أن يتبنى الرئيس عمل إصلاحات بحيث تبدو معالجة الأزمة في صعدة وكأنها مقدمة لهذه الإصلاحات واقترح الذهب على قطر ان تستخدم ثقلها لدى اليمن كصديق وكدولة مانحة لإقناع الرئيس بالإصلاح قبل انهيار الوضع.
وتم تحديد موعد في اليوم التالي يحضره بالإضافة إليهما يحيى الحوثي وتم اللقاء في منزل السفير القطري وقدم الحوثي مطالبه وهي نفس المطالب التي تم تقديمها عبر الوساطة الليبية وتتلخص في مطالب مذهبية و مما جاء فيها اشتراط الحوثيين الا يفرض عليهم القيام بعمل يتنافى وعقيدتهم وانهم وحدهم من يقرر مااذا كان هناك أمر ما مخالف لعقيدتهم كما اشترطوا أن يكون من حقهم ان يجيروا من طلب جوارهم والاعتذار لهم ورد اعتبارهم جراء الدعايات التي وصفوها بالظالمة.. والأكثر إثارة للانتباه هو ما قالوا انه بذل من الحوثيين لعفو خاص للرئيس وأولاده فقط تحت عنوان (غض الطرف وعفوالكرماء) ووفقا لشرح احد العارفين بأعراف خولان بن عامر فان صيغة العفو هذه تعني إمكانية الرجوع عن العفو إذا اقترف من منح له العفو تعديا على من منح العفو وهو أمر يستغرب له باعتبار السؤال عمن هو الأقوى ومن الذي هو قادر على العفو من عدمه؟.. بعد هذا اللقاء جاءت زيارة أمير قطر وانتهت كما هو معروف دون تحقيق أي نتيجة وأرجع مطلعون ذلك إلى رغبة الرئيس بتحقيق إنجاز عسكري على الأرض حتى يكون أي تفاوض ناتجا عن قوة وحافظا لهيبة الجيش والدولة ولأجل ذلك علمت الوسط. أن الذهب كان قد اقترح على الحوثي التواصل مع إخوانه في الميدان وطرح فكرة القبول بدخول الجيش إلى منطقة ضحيان التي لم يستطع دخولها مقابل ضمان قطر تلبية مطالب الحوثيين إلا أن مثل هذا الطرح تم تجاهله من الحوثيين ولم يتمكن الذهب من طرح وجهة نظره هذه على الفريق القطري المكلف بالوساطة في الدوحة بسبب الامتعاض لذي بدأ يبدو على الحوثي من الحضور الذي حققه أثناء المفاوضات، حيث أكدت معلومات خاصة للوسط انه عند بدء المفاوضات المباشرة برعاية قطر حدث خلاف بين الذهب والحوثي بسبب أن الأخير اتهم الأول بالتحكم بجميع قنوات الوساطة القطرية وغيرها وبسبب اقتراحه على القطريين بكسر احتكار يحيى لتمثيل القضية وتشكيل لجنة من الخيواني ومفتاح والديلمي واسماعيل المتوكل في الوقت الذي اتهم فيه الذهب الحوثي بأنه غير مستقل في قراراته وهو ماأدى بعد ذلك إلى انسحابه من المفاوضات ومغادرة ألمانيا إلى كندا بتأريخ 13/5 خاصة بعد أن تم استبعاده من اللقاءات اليمن كلفت سفيرها في القاهرة عبد الولي الشميري بالتفاوض مع يحيى حيث التقاه في المانيا وبعد حوار طويل اختار الحوثي الأستاذ عبدالله سلام الحكيمي مفوضا من قبله والذي يبدو أنه تم تجاوزه في الاتفاق الأخيربصفقة لم تتضح ملامحها حتى اللحظة وبالذات بعد أن كان قد حدث خلاف في وجهة النظر حول طلبات الحوثيين إذ كان يرى الحكيمي ضرورة ان تكون المطالب وطنية وعامة حيث قدمها مكتوبة في سبع صفحات تناولت حل مشكلة الحرب في صعدة وآليات تنفيذه وحل أزمات ومشكلات البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وآليات هذا الحل بينما أصر الحوثي على أنها ينبغي ان تحصر بالزيديه.. وبصعدة بحجة أنهم من ضحوا ولا يجوز ان يستفيد منها من قعدوا مع الخوالف .
الاخفاقات العسكرية المتتالية بالإضافة الى ما قيل أنه خلاف في الرؤى بين اليمن والسعودية عقب زيارة الأمير نايف لصنعاء جعل الرئيس يرسل الارياني لاحياء جهود لوساطة القطرية التي انتهت بوقف الحرب بناء على تدخل خارجي ظل يرفضه النظام هنا الحرب انتهت إلا أن تداعياتها تظل حاضرة مالم يقم النظام بفعل حقيقي تجاه تأسيس دولة نظام وقانون ومواطنة متساوية
(نقلاً عن “الوسط” اليمنية)