القتل بالجوع نهج الأسـد الجديد
“أولادنا يأكلون أوراق الأشجار”
ايثيل بونيت – موقع: الكونفيدينثيال الإسباني
“أنجزت القوى العالمية في أقل من ساعتين اتفاقاً حمل النظام السوري على القبول بنزع أسلحته الكيميائية، لكنها لم تكن قادرة على أن تطلب من دمشق السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المعضمية”. يقول أبو غيث، الناشط المحلي، مطلقاً عنان غضبه في مقابلة مع الكونفيدينثال عبر سكايب.
في يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، دانت وزارة الخارجية الأمريكية الحصار المفروض من قبل قوات بشار الأسـد على المعضمية وطلبت من الحكومة السورية أن تسمح بوصول شاحنات الأغذية لتخفيف معاناة المدنيين. “حتى الساعة لم يكن هناك جواب”، يقول أبو غيث. “انهمار قذائف الهاون وطلقات المدفعية الثقيلة على المدينة هو الجواب الملموس الوحيد من النظام”، يضيف محبطاً.
هذه البلدة ذات الـ 12000 قاطن (حالياً)، من ضواحي دمشق، هي منطقة تُعرف بشكل أكبر بأنها الغوطة الغربية، مضى عليها محاصرةً من قبل قوات الأسـد عام تقريباً. المعضمية هي إحدى نواحي دمشق التي تعرضت للهجوم بالأسلحة الكيميائية في 21 من آب|أغسطس الماضي، في عمل يفترض أن النظام السوري هو من ارتكبه وتسبب في موت أكثر من خمسمائة مدني. في هذه البلدة المعذبة، قضى واحد وثمانون شخصاً على الأقل متسممين بغاز السارين.
“أبناؤنا يأكلون أوراق الأشجار”
بينما اجتمع وزيرا خارجية المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ويليام هيغ وجون كيري، يوم أمس مع المعارضة السورية في لندن، متوافقين على أنه لا مكان للأسـد في المستقبل السياسي للبلد، يتواصل حصار المعضمية. “نعاني حصاراً شاملاً. نعيش تحت القصف المتكرر بالمدفعية والصواريخ، بدون الوصول إلى الماء، والكهرباء، أو الغذاء. أبناؤنا يأكلون أوراق الأشجار، ويعانون مشكلات سوء التغذية”، يقول أبو غيث. يحذر هذا الناشط من أنه إذا لم يُسمح بدخول المساعدات، فإن المدينة “ستواجه كارثة إنسانية”.
منذ أكثر من عشرة أشهر لا تدخل الإمدادات الإنسانية إلى هذه البلدة المحاصرة، حيث سُدت أنابيب المياه أو دُمرت من قبل النظام، الأمر الذي حرم السكان من الحصول على المياه الصالحة للشرب. “إلى ما قبل أربعة شهور، وبفضل كرم قرى أخرى مجاورة، كانت بعض السيارات التي تأتي على طريق دمشق- القنيطرة باتجاه المعضمية، كانت ترمي من نوافذها، وهي سائرة، أكياس طعام من الرز والباذنجان المجفف، وكنا نخرج لالتقاطها، متعرضين لخطر كبير”، يشرح أبو غيث. لكن ” كل الطعام نفد”.
الوضع خطير إلى درجة أن النظام الغذائي المتقشف لسكان المعضمية يتكون من “أوراق الكرمة والزيتون والتين المجفف”. بل إنه، كما يقول الناشط، بمناسبة عيد الأضحى أصدرت مجموعة من المشايخ فتوى “يُباح بموجبها للجائعين أكل لحوم الحمير والقطط والكلاب للبقاء على قيد الحياة”. “الكلاب والقطط هي مريضة أيضاً، ولا نستطيع تعريض حياة أبنائنا للخطر”، يقول يائساً.
المجاعة تحصد أوائل ضحاياها
تسببت المجاعة في موت سبعة أشخاص على الأقل: خمسة قاصرون، امرأة واحدة وابنها حديث الولادة. بالإضافة إلى ذلك، يوجد مائة طفل آخرون في حالة خطرة بسبب سوء التغذية، يأسف الناشط. “الأم لم يكن لديها الحليب الكافي لتغذية الرضيع، الذي مات بعد ثلاثة أيام من ولادته. هي ماتت بعده بخمسة أيام”.
في اليوم السادس عشر من الشهر (المنصرم) جرت محاولة لإدخال بعض المؤن إلى المدينة، لكن، حالما اقتربت قافلة الصليب الأحمر، فتحت قوات النظام النار لتعود الشاحنات أدراجها باتجاه دمشق. “كان هناك الكثير من المدنيين المحصورين في الجبهة بين قوات الأسـد والجيش السوري الحر ولم تستطع القافلة الوصول إليهم”، يقول أبو غيث.
تحتل المعضمية موقعاً استراتيجياً.إنها المدينة السورية الوحيدة المحاصرة، حرفياً، من جميع الجهات. في الشرق يوجد مطار المزة العسكري؛ إلى الشمال، مقر الفرقة الرابعة المدرعة، التي يقودها ماهر الأسـد، شقيق الرئيس؛ إلى الغرب، الحرس الجمهوري، وإلى الجنوب، داريا، الضاحية الثائرة.
الوضع في المعضمية، يقول أبو غيث، أُعلن عنه “قضية خاصة بـ(القائد)”، يقول مشيراً إلى العميد ماهر الأسـد، الذي “يتولى الحملة بشكل شخصي، يساعده ضباط روس وإيرانيون”.
“في البداية القتل جوعاً؛ بعد ذلك، الهجوم. هذه شيطنة”
“بعد التخلص من السكان المدنيين، سيبدأ النظام حملة كبيرة لاستعادة السيطرة على المدينة. إنه تدبير شيطاني. الاستراتيجية هي ترك الناس يموتون من الجوع وبعد ذلك يتم الهجوم”، يقول الناشط. “النظام يريد أن نموت ببطء لكي نتخلى عن القتال”، كما يؤكد.
ليست المعضمية فقط هي التي تعاني من حصار قوات الأسـد. منذ أربعة شهور لا يوجد وقود، ولا كهرباء، ولا تزويد بالمياه الصالحة للشرب في عربين، ضاحية أخرى في الغوطة، على بعد عشرة كيلومترات إلى شمال دمشق. بقي هنالك حالياً ما يقرب من 42000 شخص. “نحن نعيش كما في العصور الوسطى. للطبخ نستخدم جذوع الحطب ونسحب المياه من الآبار”، يقول سامي، ناشط من عربين، لـ الكونفيدينثيال.
على الأقل يحصل قاطنو هذه الضاحية على بعض المؤن التي يبيعها لهم بأسعار باهظة “عناصر حواجز التفتيش، وكلهم أشخاص فاسدون”، يقول سامي ساخطاً، وهو يخشى أن يؤدي الوضع الحالي إلى “موجة هائلة من الراديكالية ستعدي جميع الشبان السوريين إذا لم تُوقف الحرب سريعاً”.
لكن، في الوقت الراهن، يبدو أن نظام الرئيس بشار الأسـد سيستمر في السلطة، بفضل الاتفاق الموقع بين روسيا والولايات المتحدة وبموجبه تمتلك دمشق مهلة من تسعة أشهر لتسليم كامل ترسانتها الكيميائية. في غضون ذلك، سيستمر السكان المدنيون بالموت جراء القصف بالأسلحة “التقليدية”، والهجمات الانتحارية للمجموعات القريبة من القاعدة، والجوع.
ترجمة: الحدرامي الأميني
http://www.elconfidencial.com/mundo/2013-10-23/nuestros-hijos-comen-hojas-de-arboles_44647/