لن يكون للعلويين كطائفة، حصة في كعكة الحكم في سورية، في حال كان النظام غير طائفي، لكن سيكون لشخصيات علوية مؤيدة للثورة، أماكن في الحكم، سواء في المناصب العسكرية أو المدنية، وفي مجالات بعيدة عن الجيش والمخابرات، لأن السوريين عموماً لن يكرروا تجربة وصول قائد عسكري علوي الى السلطة كحافظ الأسد، ثم استيلائه على كل البلاد بكل ما فيها! قدّم حافظ وبشار مثالاً شديد السوء للسوريين وللعالم عن العلويين، ربما سيبقى في ذاكرة السوريين عشرات السنين إن لم نقل لمئة عام. فإن كانت جرائم حافظ مما يمكن نسيانه، فجرائم بشار لايمكن لأحد ان ينساها، لا سوري ولاعربي ولا بشري..
أما في حال كان النظام طائفياً، فسيكون لهم حصة بقدر حجمهم العددي.
على المثقفين العلويين أن يمارسوا فعلاً تاريخياً في هذه اللحظات، وفيما سياتي، لينقذوا ما تبقّى من سمعة الطائفة التي لوثها آل الأسد وأتباعهم بالوحل. والمثقفون العلويون، بذلك، ينقذون وطنهم السوري من الشرذمة بمحاولتهم تقويم اعوجاج لحق بالطائفة من ارتكابات العائلة الاسدية ومن لف لفيفها من عوائل علوية في السلطة تسلبطت على الطائفة والبلاد.
اول ما على المثقفين العلويين القيام به هو نقد النظام والعائلة الحاكمة ومن ثم الدفاع عن الثورة السورية باعتبارها ثورة المقهورين المنتهكين ضد الطغمة الحاكمة (شبيحة ومخابرات وقيادات عسكرية واقتصادية نهبت وقتلت وقمعت وشنّعت في الشعب السوري). وبعد ذلك نقد الموقف الخائف واللامبالي من قطاعات واسعة من الطائفة ارتبطت مصالحها بالنظام التشبيحي الاسدي.
تطبيق ما سبق يكون عبر إصدار بيانات وتكوين مجموعات عاملة في جميع مجالات الإغاثة ودعم الثورة، تأسيس حزب سياسي من المكون العلوي غايته إنقاذ البلاد، كما فعلت مجموعات أخرى في بقية المكونات. لاحظ “تجمع الجبل” وهو من المكون الدرزي، اسلوب لا مفر منه لإنخراط الطائفة في دعم الثورة وتحييد نفسها عن النظام. لامستقبل للعلويين كجزء من التكوين السوري الوطني دون هذه الفاعليات.
بيانات المشايخ والمثقفين العلويين
لم يقصّر المثقفون العلويون المنتمون للثورة، أصدروا حتى الآن ثلاثة بيانات تدين جرائم النظام، هذا إذا استثنينا بيان مشايخ العلويين الثلاثة الافاضل والذي جاء في وقته مع بداية الثورة ومحاولة النظام افتعال فتنة طائفية في حمص، كان بياناً واضحاً وحاسماً في دعوة العلويين للإنشقاق عن النظام والإنضمام للثورة.
على الصعيد السياسي لا يتوقف السياسيون العلويون في المجلس الوطني عن تقديم التصريحات الاعلامية التي تجرّم النظام الاسدي ونعته بأشد الأوصاف. على سبيل المثال يقول الدكتور “منذر ماخوس” في لقاء عبر “العربية”، تعليقاً على انفجار حدث وسط العاصمة دمشق، أن النظام الاسدي “نظام شيطاني” وهو أكثر الأنظمة معرفة في تنفيذ التفجيرات الإرهابية عند الضرورة.
هناك محاولة خجولة تحت التأسيس لما يشبه تجمع سياسي علوي، يدعو العلويين للإنشقاق عن النظام والإنخراط في الثورة. وقد اصدر التجمع بياناً على شكل رسالة موجهه للعلويين منذ أيام. التجمع تحت التأسيس، واختار أن يسمي نفسه: “احرار الساحل والجبل”.
الصمت عن الثورة يوازي الصمت عن دعم النظام. صحيح ان العلويين لا يشاركون شعبياً في الثورة على نظام الأسد، لكنهم لم يخرجوا بمظاهرة عفوية واحدة لدعم النظام أو لرفض الثورة! هذا دليل على أن العلويين هم مع الثورة على نظام الأسد، وهذا دليل على أحقية وصوابية الثورة السورية.
صدم العلويون الموالون للنظام، بالثورة السورية، صدمة وجودية! ففي أذهانهم أن النظام الأسدي هو حاميهم، هو نظامهم!
ما آمله بعد انحياز قطاع كبير من العلويين إلى نظام بشار، وبعد خروجهم من مستقبل سورية السياسي، ألاّ يخرجوا من التاريخ، وهم لم يكادوا يدخلوه عن طريق صالح العلي وحزب البعث! الأخطر أن يخرجوا من الوطن في حال أصرّت بقايا النظام على جزّهم في المعركة النهائية، لمحاولة يقائه اليائسة.
من الواضح تماماً في الأيام الماضية تصاعد نبرة التذمّر والرفض للنظام في القرى العلوية في ريف اللاذقية، بعد تزايد أعداد قتلى الجيش والشبيحة. الناس هناك تسأل: لماذا، ولحساب من يموت أبناؤنا؟ النظام المجرم يزجّ الشباب الذين يدعوهم لخدمة الإحتياط في الصفوف الأولى كما يجري في حلب، بعض الجنود الشباب عادوا إلى قراهم بعد أيام قليلة من سحبهم إلى الخدمة، في التوابيت.
مدينة طرطوس تحولت بالفعل إلى فرع مخابرات ضخم، مقطعة أوصالها بحواجز المخابرات والجيش واللجان الشعبية. المعارضون العلنيون هناك ما زالوا يتعرضوا للإعتقال والتعذيب الخطير. الناشط “نوار قاسم” ليس سوى مثال واحد. آخرون يتعرضوا لمضايقات إجتماعية يتفرّد نظام بشار من بين كل أنظمة العالم في ابتداعها. ينشر الموالون للنظام بدعم المخابرات ملصقات ومناشير علنية تدين المعارضين وتتهمهم بالخيانة والتجسس والتكفير والعهر… اتهامات متناقضة تشي بذهنية فصامية مهووسة لمؤلفها، لا ينسى كتبتها أن يتركوا في آخرها أرقام هواتف المعارضين ومكان سكنهم ليتعرضوا لمزيد من المقاطعة، لا ينقص هذا النظام ليكون نموذجاً معاصراً لمحاكم التفتيش سوى أن يدعوا أنصاره لحرق المعارضين العلويين في الساحات العامة.
كاتب سوري