لم تسلم الصحافة ولا الصحافيون في سورية من حالة الاعتقالات الهستيرية التي تشهدها البلاد اثر الاحتجاجات والتظاهرات التي تشهدها المحافظات السورية منذ أسبوعين حتى الآن .
ورغم أن حالة الصحافة والحريات المتدهورة أصلا في سورية ,الأمر الذي جعلها في المراتب الأخيرة في الجداول والمعايير الدولية لجهة الحريات الصحافية, إلا أن سورية شهدت تصعيدا خطيرا في انتهاك الحريات خلال الأسبوعين الماضيين ، والذي انعكس أيضا على الصحافيين والمدونين في سورية .
حيث قامت الأجهزة الأمنية السورية باعتقال كل من :
-الصحافي محمد ديبو وهو شاعر وقاص, مراسل جريدة الدستور الأردنية ، عمل في مواقع “الأوان” الالكتروني وموقع “شاكو ماكو” الالكتروني السوري .له العديد من الدوريات العربية والسورية ,حاصل على جائزة مانديلا عن القصة عام 2007 .
– اعتقال الصحافي كمال شيخو للمرة الثانية, إذ اعتقل للمرة الأولى بتاريخ 23\6\2010 وأحيل إلى محكمة الجنايات الثانية بدمشق بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شانها أن توهن نفسية الأمة” وحددت جلسة علنية أولى لمحاكمته في 7/3/2011.إلا أن إضراب شيخو عن الطعام والشراب وتدهور حالته الصحية أجبر السلطات على إخلاء سبيله لتعود وتعتقله بعد أيام قليلة اثر اعتصامه مع مجموعة من أهالي المعتقلين السياسيين أمام وزارة الداخلية السورية في 15\3\2011 , شيخو من مواليد 1978 ,يكتب في عدد من الدوريات العربية من بينها “كلنا شركاء” و”الوارف”.
– اعتقال المدون أحمد محمد حديفة للمرة الثانية , حيث اعتقل للمرة الأولى بتاريخ 19/2 /2011 من مدينة بانياس (قضاء محافظة طرطوس) أثناء سفره إلى دمشق,وأطلقت سراحه في24/2/2011 لتعود وتعتقله الأسبوع الماضي. المدون حديفة من مواليد 1983, طالب سنة رابعة صحافة وإعلام, يعرف نفسه في مدونته باسم احمد أبو الخير .
– اعتقال الصحافية ضحى حسن مراسلة تليفزيون أورينت (المشرق).
– اعتقال الصحافي زاهر عمرين مدير الإعلام في مهرجان دمشق السينمائي
– اعتقال الصحافي عامر مطر وهو صحافي بجريدة “الحياة”.
– اعتقال كلاً من الصحافيين الأردنيين أكرم أبو صافي، وصبحي نعيم العسل، في 24 آذار الماضي وعلمت المنظمة أن أبوصافي والعسل يعملان في مؤسسة( Arab Broadcasting Services ) حيث تم اعتقال الاثنين وهما في طريقهما لإيصال “كاميرات” تلفزيونية إلى لبنان.
– اعتقال خمسة أشخاص من نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” لم نتمكن من معرفة أسمائهم الحقيقية.
– كما اعتقلت السلطات السورية المصور خالد الحريري الذي يعمل في وكالة الأنباء “رويترز” لمدة اسبوع، وكانت السلطات السورية قد اعتقلت الثلاثاء الماضي سليمان الخالدي مدير مكتب رويترز في عمّان العاصمة الأردنية ، بعد مجيئه لتغطية الأحداث في سورية اثر طرد مدير مكتب رويترز في دمشق الصحافي الأردني خالد يعقوب عويس وسحب اعتماده , ورغم إطلاق سراح الخالدي ,إلا أن السلطات السورية استمرت في التضييق على فريق” رويترز” حيث اعتقلت الصحافيين اللبنانيين آيات بسمة والمصور عزت بلطجي من “رويترز” يوم السبت الماضي وأفرجت عنهما يوم الاثنين ورحلتّهما إلى لبنان.
– كما قامت السلطات السورية باعتقال الكاتب والصحفي البارز لؤي حسين من مواليد 1960, وهو صاحب دار نشر “بترا” وصحفي في جريدة السفير , لتعود وتطلق سراحه بعد يومين.
– كما أوقفت السلطات الأمنية كلا من الصحافيين عمر أدلبي ، و معن عاقل لمدة يوم ، وما لبثت أن أطلقت سراحهما .
إضافة إلى ذلك تمارس السلطات السورية سياستي “التضليل” و” التعتيم” الإعلامي :
– فقد أخلت السلطات السورية محافظة درعا من الصحافيين منذ يوم الجمعة 25-3-2011 وطالبتهم بعدم العودة إلا بإذن خاص كما أنها لم تسمح للصحافيين الأجانب بالتوجه إلى مدينة اللاذقية اثر موجة الاحتجاجات التي شهدتها اللاذقية منذ أسبوع .
– قامت الأجهزة الأمنية بالاعتداء على فريق وكالة الصحافة الفرنسية أثناء عملهم في تغطية أحداث درعا وتم مصادرة معدات التصوير.
– أيضا قامت وزارة الإعلام السورية يوم الجمعة الماضي بالطلب من فريق عمل وكالة اشيوتيد برس (AP) المؤلف من صحافي ومصور مغادرة الأراضي السورية ، وأعطوا مهلة ساعة للمغادرة.
– أيضا لاحظ متابعو قناة المشرق السورية “الأورينت” ، والتي تبث من دبي قيام جهات (ُيعتقد أنها سورية) بالتشويش على بث القناة جراء تغطيتها للتظاهرات السورية ,كما تم الاعتداء على ممتلكات السيد غسان عبود مالك القناة في محافظة أدلب. يذكر أن الأجهزة الأمنية السورية كانت قد أغلقت مكاتب القناة في دمشق في وقت سابق وقامت بتوقيع العاملين فيها على تعهدات بعدم العمل مع قناة المشرق .
– يستمر الإعلام السوري الرسمي بالتحريض على الإعلام العربي والدولي متهما إياه بإثارة الفتنة وتحميله مسؤولية الاحتجاجات الشعبية في سورية, ضمن هجمة منظمة على الفضائيات لثنيها عن تغطية ما يجري في سورية .
إن اعتقال هؤلاء الصحافيون ُيعد انتهاكاً صارخاً للدستور السوري الذي نصّت المادّة /38/ على انّه لكلّ مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحريّة وعلنيّة بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى.. وتكفل الدولة حريّة الصحافة والطباعة والنشر وفقا” للقانون , وانتهاكاً للمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة, خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سيما والمادة \19\ منه والذي صادقت ووقعت عليه الحكومة السورية.
إن تصاعد موجة الاعتقالات في سورية التي تستند إلى حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ نصف قرن يجعل الحديث عن تشكيل لجنة لدراسة رفع حالة الطوارئ أمراً يفتقر إلى المصداقية.
إنّ المنظّمة الوطنية لحقوق الإنسان تعود لتؤكّد على أنّ الاعتقال السياسي أضحى شيئاً من الماضي البعيد لأنّ البشرية قد تجاوزته حينما تكوّنت مجتمعات متحضّرة التزمت بمبادئ الدستور و رسّخت هذه الحقوق. وتطالب المنظمات السلطات السورية بإطلاق سراح كل معتقلي الرأي بمن فيهم الصحافيين فوراً وإغلاق ملف الاعتقال السياسي.
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان 5\ 4 \ 20