“الشفاف”- خاص
أثير الكثر من الغبار السياسي بشأن انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في مراحلها الاربع، ولكن ما تم استثماره سياسيا في المرحلة الرابعة والاخيرة في محافظة الشمال فاق جميع التوقعات وانتشرت المغالطات على انواعها ربما لخصوصية المحافظة وتعدد اقضيتها المسيحية من البترون الى بشري مرورا بالكورة وزغرتا الزاوية.
وبعد انقشاع الغبار الذي نثره النائب ميشال عون وصهره الوزير جبران باسيل، ومن بعدهما الوزير السابق النائب سليمان فرنجية، لا بد من قراءة تضع نتائج الانتخابية البلدية والاختيارية في الشمال المسيحي في نصابها الطبيعي بعيدا عن البروباغندا الاعلامية للتيار العوني في ضوء الخصوصية الشمالية والوقائع التي افرزتها انتخابات المجالس البلدية والاختيارية ثانيا.
بداية لا بد من تسجيل استمرار تراجع التيار العوني في الشمال المسيحي بعد ان جاءت المجالس البلدية متجانسة ومتطابقة مع نتائج الانتخابات النيابية.
في البترون اولا. قد تكون مصيبة القضاء التي استفاد منها التيار العوني ان اسم عاصمته مدينة البترون على اسم القضاء نفسه بحيث تلتبس على المواطنين إدعاءات التيار العوني من انه ربح الانتخابات في البترون. وهذا ما جرى في المدينة، من دون الاشارة الى النتائج في القضاء التي جاءت كارثية على التيار العوني حيث فاز فقط في 4 بلديات من اصل 22 بلدية، مع تسجيل تراجع التيار في عدد من البلدات من بينها على سبيل المثال بلدة كوبا في حين ان فوز التيار في مدينة البترون جاء على ظهر رئيس المجلس البلدي السابق – الحالي والذي لا ينتمي للتيار العوني بل هو من انصار النائب السابق سايد عقل وهو هزم الوزير باسيل في دورتين انتخابيتين بلديتين سابقا.
في حين ان رئيس بلدية شكا السابق والمجدد له فرج الله الكفوري اقرب الى الوزير سليمان فرنجية منه الى التيار العوني، ما يعني ان الانتصار ليس عونيا في شكا. واذا كان من انتصار يسجل للعونيين فهو في بلدة حامات وبلدة عبرين التي ايضا خيضت فيها المعركة الانتخابية بطريقة خاطئة من قبل قوى الرابع عشر من آذار التي فشلت في الاتفاق على لائحة موحدة فتشتت الاصوات بما سمح للعونيين باختراق البلدة.
اذا اين هو الانتصار العوني في البترون؟
وأخيرا لا بد من الاشارة الى ان التحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات قال في بيان له “إن “الوزير جبران باسيل لم يلتزم بالفصل بين آدائه بصفته وزير الطاقة، وبين مشاركته النشيطة في قيادة الحملة الانتخابية في البترون التي بدا في وسائل الاعلام أنه كان يقودها مباشرة بإسم التيار السياسي الذي ينتمي اليه، الا ان الحدث الابرز الذي يشكل خرقاً مباشراً للفصل بين الموقعين العام والخاص، كان استخدام الوزير باسيل لمكاتب الوزارة والمناسبات المتعلقة بعملها في الحملة الانتخابية”.
ومع ذلك يحدث باسيل اللبنانيين عن الفساد والنزاهة وما الى ذلك…
الكورة
في قضاء الكورة ركب التيار العوني الوجود التاريخي للحزب السوري القومي الاجتماعي ونفوذ تيار المردة لينسب لنفسه انتصارات وهمية لا تستند الى الواقع الميداني بشيء. فقد جاءت انتخابات المجالس البلدية والاختيارية لتؤكد ايضا نتائج الانتخابات النيابية التي فازت بها قوى الرابع عشر من آذار. فقد اسفرت نتائج البلديات عن فوز قوى 14 آذار بعشرين مجلسا بلديا من اصل إثنين وثلاثين فازت من بينها سبع بلديات بالتزكية والتوافق ما يعني فوز قوى الرابع عشر من آذار بعشرين مجلسا بلديا من بين اربعة وعشرين حصل فيها تنافس انتخابي.
وفي الكورة ايضا لا بد من تسجيل تراجع مزدوج للتيار العوني ولتيار المردة خصوصا في بلدة كوسبا التي كانت حتى الامس القريب معقلا لانصار النائب فرنجية بعد ان فرض جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية عقب سيطرة ميلشياته على القضاء، في اعقاب مقتل نجله النائب طوني فرنجية واجتياح الجيش السوري لقضاء الكورة بعضا من قضاء البترون.
زغرتا
في قضاء زغرتا الزاوية استطاع رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض والقوات اللبنانية كسر احتكار الوزير فرنجية وانصاره للعمل السياسي في القضاء الممتد منذ عقود. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة الى ان التيار العوني غير موةجود اصلا في هذا القضاء وما استبعاد الوزير فرنجيه للمرشح العوني العميد المتقاعد فايز كرم سوى مؤشر على عدم تقبل فرنجيه لوجود اي تيار سياسي في منطقة نفوذه حتى التيار العوني .
معوض اعلن عن فوز حركته بالتحالف مع القوات اللبنانية وقوى الرابع عشر من آذار بسبع بلديات من اصل إثنين وثلاثين من دون احتساب البلديات التوافقية في حين ان المجالس البلدية السابقة كانت جميعها للوزير فرنجية ما شكل بداية خرق واعتراض على زعامة فرنجية المطلقة على القضاء والتي كرسها بغلبة الجيش السوري والمنافع التي تأمنت لعائلة فرنجية منذ العام 1972 تاريخ انتخاب جده رئيسا للجمهورية وحتى اليوم، حيث تمر جميع خدمات الدولة في الشمال على عائلة فرنجية قبل ان تصل الى مستحقيها.
وفي سياق متصل لا بد من الاشارة الى ان فرنجيه سجل تراجعا كبيرا في زعامته حيث ضمت كتلته النيابية سابقا نواب قضاء زغرتا الثلاثة إضافة الى نواب الكورة الثلاثة ونائب من البترون إضافة الى ابن عمته النائب كريم الراسي، في حين ان كتلته النيابية حاليا تقتصر على نواب زغرتا الثلاثة والذين فاز آخرهم بفارق لا يتجاوز الالف صوت عن المتقدم في اللائحة المنافسة التي كان يرأسها رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض.
بشري
في قضاء بشري اكدت القوات اللبنانية سيطرتها على جميع المجالس البلدية العشرة في حين انها كانت تسيطر على ستة مجالس بلدية في الدورة السابقة ولا يسجل اي تواجد معبر للتيار العوني في هذا القضاء.
اخيرا لا بد من الاشارة الى ان القوات اللبنانية تثبت استحقاقا بعد استحقاق قدرتها التنظيمية والتعبوية وانتظام ماكيناتها الانتخابية والتزامها في سائر المحافظات والاقضية في مؤشر على استمرار نهج التقدم التي تحظى به القوات شعبيا على الساحة المسيحية خصوصا واللبنانية عموما. ويشير المراقبون انه مع تزايد الاستحقاقات تزداد القوات اللبنانية رسوخا في الجمهور المسيحي وإن كانت ما تزال تفتقر الى قيادات من نوع الصف الاول.