في أواخر نيسان/أبريل، أدرجت إدارة أوباما مكتبين لبنانيين للصرافة في القائمة السوداء لما اتُهما به من تسهيل استخدام «حزب الله» لأرباح الاتجار بالمخدرات في تمويل الأنشطة الإرهابية. وأوضح ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ومؤلف الكتاب القادم باللغة الانكليزية «حزب الله»: البصمة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني في مقابلة عبر البريد الإلكتروني النطاق المتسع لأنشطة «حزب الله» غير المشروعة والذكاء المتنامي لشبكته الإجرامية.
ما هي أبرز الأنشطة التجارية غير المشروعة لـ «حزب الله» وما هي أهم أماكن نشاطها؟
يعمل «حزب الله» في مجموعة واسعة من الأنشطة غير المشروعة بشكل مثير للدهشة، بدءاً من تزييف العملات والوثائق والسلع وحتى تزوير بطاقات الائتمان وغسل الأموال وتهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات. وعلق أحد الباحثين ساخراً عن «حزب الله» بأنه يشبه “مافيا جامبينو في تجارتها بالسموم المنشطة”. في عام 2002، أُدين نشطاء لـ «حزب الله» في ولاية نورث كارولينا الأمريكية بتهمة تهريب السجائر داخل حدود الولاية وإرسال بعض من مكاسبهم إلى قادتهم في لبنان. وفي 2009، وُجه اتهام لعشرة أشخاص في مدينة فيلادلفيا بتآمرهم لتقديم الدعم المادي لـ«حزب الله» من خلال الاتجار في أجهزة الحاسوب المحمولة وجوازات سفر وأنظمة “بلاي ستيشن 2” من طراز سوني وسيارات مسروقة. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011، ثبتت إدانة مجموعة من رجال الأعمال في محاولة شحن أجهزة إلكترونية لمركز تسوق في أمريكا الجنوبية كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد صنفته كواجهة لـ«حزب الله».
وقد تتبعت السلطات أنشطة غير مشروعة مماثلة إلى أماكن مختلفة مثل بنين وفنزويلا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. كما تتبع تحقيق مكثف في 2011 أجرته “وكالة مكافحة المخدرات” الأمريكية مبيعات للكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط بمبلغ 200 مليون دولار شهرياً من عمليات متصلة بـ «حزب الله» في كولومبيا ولبنان وبنما وغرب أفريقيا. ومع ذلك، تتم معظم عمليات «حزب الله» غير المشروعة في منطقة الحدود الثلاثية المنفلتة في أمريكا الجنوبية حيث تتلاقى الأرجنتين والبرازيل وباراغواي. وفي السنوات الأخيرة نمت أيضاً الروابط بين «حزب الله» وعصابات المخدرات على طول الحدود الأمريكية- المكسيكية.
ما هي أهمية أنواع التجارة المذكورة كمورد لتمويل هذه الجماعة؟
توسعت الشبكة الإجرامية لـ «حزب الله» حجماً ونطاقاً وذكاءً. فقلق «حزب الله» من حالة عدم الاستقرار التي تضرب رعاته في طهران منذ انتفاضة “الحركة الخضراء” عام 2009، جعلت المنظمة توسع من أنشطتها غير المشروعة لكي تحقق قدراً أكبر من الاستقلال المالي — وهو توسع من المؤكد أن يستمر في أعقاب الثورة في سوريا، الراعية الرئيسية الأخرى لـ«حزب الله». وقد طورت المنظمة شبكة إجرامية معقدة ومنظمة على مستوى عالمي تُدر عشرات الملايين من الدولارات كل عام. وتنظر المنظمة إلى دخلها غير الشرعي كضرورة لتقديم الخدمات الاجتماعية فتصيب بها قطاعاً أوسع من جمهور الناخبين اللبنانيين، وتنفق على أسر مقاتليها وتستثمر في ترسانتها المتنامية من الصواريخ والأسلحة المتطورة الأخرى.
ما مدى فاعلية الحملة التي تشنها الولايات المتحدة ضد هذه الأنشطة؟
بذلت الولايات المتحدة جهوداً قوية لمجابهة نشاط «حزب الله» سواء في الداخل أو في الخارج. فعلى الصعيد المحلي، استهدف المحققون إساءة استعمال «حزب الله» للتبرعات ومشاريعه الإجرامية. وعلى الصعيد الدولي، تابع الدبلوماسيون ضغوطهم على الدول الأوربية وغيرها من الدول لاتخاذ إجراءات أكثر تركيزاً ضد أنشطة «حزب الله» الإرهابية والإجرامية. وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، زادت واشنطن من جهودها بهدف “تسليط الضوء على إفلاس هذه الجماعة أخلاقياً” من خلال فضح شبكات الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال التابعة لـ«حزب الله» وفرض عقوبات على البنوك وشركات الصرافة التي تسهل معاملات «حزب الله» المالية غير المشروعة. وفي حين أن هناك دائماً المزيد الذي يتعين القيام به، إلا أن الجمع بين إنفاذ القانون والاستخبارات والأدوات الدبلوماسية والمالية يمكن تصنيفه إلى نهج شمولي أوسع من أجل مجابهة النشاط الإجرامي لـ«حزب الله» أكثر من أي وقت مضى. وتجابه واشنطن الجريمة المنظمة لـ«حزب الله» بأفضل ما تستطيع مع مساعدة محدودة من أوروبا؛ وحتى الآن، لم تعمل أي دولة على إدراج هذه الجماعة أو “أجنحتها” على قائمة المنظمات الإرهابية باستثناء بريطانيا وهولندا. إن اتخاذ تدابير ضد عمليات جمع الأموال التي يقوم بها «حزب الله» سوف يكون لها تأثير أكبر بكثير إذا ما اتخذت جميع الدول الصناعية هذه التدابير بدلاً من اتخاذها بطريقة مجزأة.