الشاعر موسى حوامدة يفوز بالجائزة الكبرى
في ختام مهرجان تيرانوفا الفرنسي
عبير زكي: فاز الشاعر موسى حوامدة بجائزة “La Plume” (الريشة) وهي الجائزة الكبرى Grand Prix والتي تمنحها مؤسسة اورياني “Fondation Oriani ” الفرنسية، وقد منحت الجائزة في احتفال تكريمي في قاعة بلدية نانسي الفرنسية، في ختام مهرجان تيرانوفا الفرنسي الذي يقام للسنة الرابعة في مدينة ميتس ونانسي وهايني وعدة مدن في مقاطعة اللورين شرق فرنسا، وسبق ان فاز بنفس الجائزة الشاعر الايطالي إدواردو سانيغونيتي لعام 2003والشاعر الاسباني فيرناندو أرابال لعام 2004والشاعر الايطالي انتونيو بيرتولي لعام 2005، وقد تم الاعلان عن الجائزة على موقع المهرجان
http://www.teranova.fr /
الذي عقد في نهاية شهر تشرين الثاني للعام الجاري، واقيمت العديد من القراءات الشعرية في عدد من الجامعات والمدارس والمسارح والمدن الفرنسية.
وكان المهرجان الذي يديره الشاعر الفرنسي ماريو ساليس قد افتتح في مدينة ميتز الفرنسية في ال19من الشهر الماضي واستمر لمدة اسبوع وشارك فيه عدة شعراء من مختلف دول العالم.
الشاعر موسى حوامدة شارك بقصيدة( سلالتي الريح وعنواني المطر) والتي ترجمها للفرنسية المترجم الجزائري مدني قصري ونشرت في انطولوجيا المهرجان والتي ضمت العديد من القصائد للشعراء المشاركين.
كما طلبت ادارة المهرجان أن تكون الكلمة الاخيرة في المهرجان للشاعر موسى حوامدة والتي ترجمتها الشاعرة المغربية ثريا اقبال للفرنسية والقيت بالعربية والفرنسية في مدينة وايبي وجاء فيها؛ ( قبل السلام دعونا نحرر الكلمات من قداسة اللغة، فالشعب الفلسطيني ما زال يدفع ثمن اللغة الشعرية من ارضه ودمائه وما زال محروما من كلمة السلام التي يبحث عنها منذ الاف السنين ولم يجدها، ولم يشكل الفلسطينيون امة او دولة عبر التاريخ، فقد ظلت بلادهم محتلة منذ فجر التاريخ، رغم انهم لم ينجبوا للعالم هولاكو اونيرون او دراكولا ولا جنكيزخان او هتلر، ولم يخرج من بينهم الا لاجئون نازحون شهداء ومعتقلون، وليس معقولا أن يقر الفلسطيني بالسلام والاعتراف بحق الاخرين في بلاده وهو منفي او محتل، فالسلام مثل الحب لا يكون من طرف واحد، ولا يكون فقط على حساب الضحية).
سُلالتي الريح
وعنواني المطر
قَبْلَ أنْ تَرتطمَ الفكرةُ بالأرضِِِ
قبْلَ أنْ تفوحَ رائحةُ الطينِ
تَجولتُ في سوق الوشايات
أحملُ ضياعي
أقتلُ نفسي
أنا حواءُ وآدمُ
هابيلُ وقابيل،
نسلُ الخطيئةِ وزواجُ السوسنِ من بيتِ الطيوبْ.
لعلي هنا أو هناكْ،
في نَسْغ الصنوبرة أو الأرزة
في طَمْي النيل أو قاع التايمز
لعلي ريشةٌ في جناح غراب
ذرةٌ مطمورةٌ في رماد منجم فحمٍ صيني
بعضٌ من فاكهةٍ أفريقيةٍ أو جذعُ شجرة في بنما
ظلامٌ يغطي القطبَ الشمالي
أو نهارٌ يشرقُ فوق المحيط الهادي
لعلي من أسلاف مغول
أو من نسلِ قاتلٍ روماني،
لعلي من سلالة آشورية
من عائلة بوذية
من بقايا الهنود الحمر
أو من كاهنٍ هندوسي،
من يجزم أنَّ دمع العين لا يتغير
وأن ريحَ الخريف لا تعبرُ كلَّ أيام السنة،
من يضمن أن ترابَ المقبرةِ لم يسكنْ غيمَ شتاء القرن السابق لميلاد سقراط
من يثبت أن الحرارة التي طبخت جسد الفرعون تحتمس
ليست نفس الحرارة التي تعبث بوجه طفلتي الصغيرة
لعلي من أُممٍ كثيرة ورجال كثيرين
لعلَّ لي جداتٍ روسياتٍ وعماتٍ اسبانيات
واثقٌ أن مياهَ الخلقِ تدورُ بين الوديان والشهوة
بين الحرير واللهاثْ،
واثق أن لغتي ليست جسدي
وأن أصوات الطيور ليست غريبةً عن حركة الريح والمطر.
كنتُ طائراً في زمن الفرس
صليبا في عهد قسطنطينْ
سيفا في يد صلاح الدينْ
كأسا في يد الخيام
من يدلني عليّ ؟
لست قادرا على شتم كوكب المريخ
لا رغبةَ عندي لانتقاد مسار الزهرة
ولستُ حريصاً على وقف هبوب المغناطيس فوق عظام الأجداد الميتين،
معي ومضةٌ من سلاح الإله مارس
قبسٌ من نار بروميثيوس
ومعي آياتٌ من القرآن
مزاميرُ من داود
تراتيلُ من بولص
مقاطعُ من بوذا
كلماتٌ من عبد البهاء
لستُ عارفاً مطالعَ الفُلْكِ ولا مغاربَ الخلق
بدأتُ أعتادُ الدهشة
وأتجلَّى في مراياي!
أعرفُ من لا يعرفني
أخي الذي لا يمت لي بصلةٍ ولم يسمع باسمي من قبل
أختي من قفقاسيا
عمتي من اليونان
ربما وَشَمَ صوتي الأتراكُ
أو هذَّبَ وحشيتي البحرُ
ربما وُلدَ مني مزارعٌ فرنسي
أو سياسي مخادعٌ في ايطاليا
ربما جئت من تراب لوس انجلس
أو من طين أثينا
من يعرف تاريخ جسدي قبل ألفي سنة
من يملك بيضةَ الرُخِّ في يده
من يدلني عليّ؟
قلبي مليءٌ بوجيب العالم
خطواتي تأخذني لبيت النار الأول،
لعلَكَ أنتَ مني وأنا من ثرى المريخ
لا أنكرُ صلتي بزيوس
ولا أقرُّ بدمه في عروقي
لا أطعنُ في صحة النهر
ولا أخبئُ البحر في خزانتي
سلالتي الريح وعنواني المطر.
بعد فوزه بجائزة «لا بلوم» الفرنسية
موسى حوامدة: أسعى لكشف زيف الأسطورة لذا هيمنت على لغتي الشعرية
“لعلَكَ أنتَ مني وأنا من ثرى المريخ ـ لا أنكرُ صلتي بزيوس ـ ولا أقرُّ بدمه في عروقي ـ لا أطعنُ في صحة النهر ـ ولا أخبئُ البحر في خزانتي ـ سلالتي الريح وعنواني المطر”.
هذا المقطع ينتسب لقصيدة “سلالتي الريح وعنواني المطر” للشاعر الزميل موسى حوامدة التي استحق عليها جائزة “La Plume” (الريشة) الجائزة الكبرى التي تمنحها مؤسسة اورياني “Fondation Oriani” الفرنسية. وحوامده المتخفف، على الدوام، من قيود سلطات عديدة ليس أولها اللغة ولا آخرها الوجود، يكتب منتمياً لفكرة الجمال الخالصة التي رآها ذات يوم وطناً، وفي اليوم الذي يليه حكمة، ثم روحاً تتعذب أملاً في التحرر. وقد أشار حوامدة في حديثه لـ “الدستور” إلى نقضه للأسطورة مرة من خلال تكريسها في سيران مختلف ومرة من خلال توظيفها بشكل مغاير، لأنه توصل الى نتيجة قد لا تكون شعرية وهي أنه دفع ثمن هذه الاساطير جغرافياً وتاريخياً.
يشار إلى أن لحوامدة خمس مجموعات شعرية هي:”شغب”، “تزدادين سماء وبساتين”، “شجري أعلى”،”أسفار موسى العهد الاخير”و”أحسن الى الحمامة القتيلة”، ولديه ثلاثة كتب نثرية منها “حكايات السموع”، وهو يعمل في الدائرة الثقافية في “الدستور”.
ماذا تعني لك الجائزة وهي تأتي في إطار اعتراف الآخر بقصيدتك وهل يمكن أن تشكل الجائزة تواصلاً من نوع ما ؟
– لم أتوقع الفوز، ولم أحسب حساب الجوائز من قبل، كنت موقنا أن الجوائز وخاصة في العالم العربي تعطى دائما لأسباب كثيرة، ولكنها تعطى للأسماء وللجهات ولحسابات مغايرة، لذلك لم أضع في حسباني ان أفوز بأي جائزة عربية، ولا أتقدم لأي منها، لأنني أعرف دهاليزها، نعم فوجئت باعلان لجنة مهرجان تيرانوفا فوزي بهذه الجائزة، وقد كان الفوز صريحا بسبب القصيدة والشعر نفسه، وقال مدير المهرجان ماريو ساليس أن لجنة التحكيم هي التي قررت بالاجماع وبعد قراءة الشعر المترجم لموسى حوامدة ان يمنح الجائزة، ولا أود إعادة ما قاله في ذلك الاحتفال في جامعة نانسي، على كل إجابة على سؤالك أقول: حين يأتي الإعتراف من الآخر مع تحفظي على كلمة (الآخر) الذي قد يكون فينا وليس فقط ذلك الناطق بلغة مختلفة، وإن شئت التساؤل هل يشكل هذا اعترافا لي من الثقافة الفرنسية، فربما يكون صحيحا، لكني لا أريد التنكر لثقافتي التي اعتز بها، فلا يكون التقدير فقط بالجوائز فحجم التهاني التي وصلتني من المثقفين العرب بدءا من المغرب وحتى اليمن، كانت تشير إلى تقدير من نوع خاص وهو التقدير الذي اسعى اليه وليس بالضرورة ان ياتي من الجهات الرسمية او من المؤسسات التابعة لهذه الجهات. وعن الشق الثاني من سؤالك أقول: نعم جعلني هذا الاحتفاء أكثر ايمانا بضرورة الانفتاح على ثقافات العالم، وعدم التقوقع في الأطر التقليدية والخوف من عداوات قد تكون وهمية لان الهم الانساني واحد والشعر واحد وان اختلفت الكلمات، لأن الاحساس لا يتغير، وهذا ما لمسته خلال المهرجان فقد كان البعض يحس بالقصيدة ويفرق في مستوى الشعر حتى وان قرئ بلغات غير فرنسية.
تراهن في مشروعك الشعري على اللغة كأداة لتفجير المعنى والصورة وتؤكد دوماً على الحداثة من هذا المنظور ما الذي حققته قصيدتك لتصل إلى المتلقي الغربي؟
– لم يكن في ذهني الوصول للمتلقي الغربي ربما تكون الترجمة قد فعلت ذلك، لكني في العمق لا أؤمن بتشظي الهم الانساني وأعتقد بلا مجاملة ان الرؤيا الكونية حتى للألم الوطني والشخصي أرحب بكثير من كراهية الآخرين وعدم تقبلهم وتقبل ثقافتهم، لهذا قد يكون التغيير جرى من قبل في روح الكتابة وليس في القصيدة نفسها، لأن نفس الكلمات عربية ولوعتها وحرقتها لم تتبدل. ودائما أسعى لتحرير لغتي حتى من بعض الوهم الذي أصله احيانا، وإن كنت لا أفكر كثيرا بالحداثة لكني دائما أبحث عن فضاء جديد.
ثمة حضور للرمز التاريخي أو للرمز الشعبي في قصيدتك كيف تنظر إلى اختلافك في ظل سطوة هذا الرمز على معظم التجارب الشعرية العربية؟
– هذه قضيتي الأساسية وهي تحطيم الرموز الشعرية العربية، ليس تحطيمها بمعنى تجاوز التجارب العربية الكبرى ولكن من حقي ان اتعامل مع الاسطورة بشكل مختلف، وهي نقض الاسطورة نفسها: مرة من خلال تكريسها في سيرانا مختلفا ومرة من خلال توظيفها بشكل مغاير، لأنني توصلت الى نتيجة قد لا تكون شعرية وهي أنني دفعت ثمن هذه الاساطير جغرافيا وتاريخيا وكان ان ضاع وطن بكامله نتيجة تصديق الاساطير لذلك من حقي ان افكر بتحرير نفسي ولغتي منها واحاول تعريتها وتنقية قمحي من زوانها، وحتى لو كانت اساطيرا معترفا بها فربما يكون اختلافي معها، تأكيدا لحقي في الكتابة قبل حقي الطبيعي في التنفس والحرية، لهذا لا اجفل من استخدام الشعراء للرموز الشعرية لكني أرتعد حينما يكرر كثيرون منهم نفس الاساطير، لتقوية نصوصهم وتحميلها ميزة شعرية بغض النظر حتى لو كانت هذه الأساطير تستعمل في غير صالحنا، لا أدعي أنني حارس الأسطورة ولا مغيرها، لكني أبحث عن تغيير مجراها وكشف زيفها، لذا هيمنت على لغتي الشعرية ذات مرة كلمة (لم) ولم أنج منها إلا بعد الايغال في استعمالها دون لفظها، لكنها تستبد بي لاجراء هدم كامل للرموز التي تزرع شجرة في حديقتي، ولا تشكل أكثر من برهان جديد على استلابي.
لديك آراء صريحة في الأدب أو في نقد كثير من الرموز الشعرية إضافة لمشاكساتك في السياسة ونقد الموروث الإجتماعي والثقافي، أين ترى المثقف العربي بين السلطة والإستعمار الغربي الجديد وتراجعنا الحضاري والإنساني؟
– هل بالضرورة ان يقف المثقف العربي بين هذا او ذاك، ألا يمكن أن يكون مستقلاً وليس تابعا، اغلب الذين ينافقون للسلطة قادرون للوصول حتى للمستعمر أكثر من غيرهم لأن المستعمر لديه صلات حميمة مع اتباع السلطات في كل مكان، أما تراجعنا الحضاري فلا يتحمل المثقف العربي وحده مسؤوليته مع أنه يتحمل جزءا كبيرا منها، خاصة اولئك الذين ينتقدون البعوض مثلا ولا ينتقدون الفساد في بلادهم، أو اولئك الذين يكيلون التهم للصحون الطائرة ولا يجرؤون على نقد وزير او مدير دائرة في بلدهم. النزاهة هي الأساس اما الحسابات الشخصية والخوف والنفاق فهي تساعد الكثيرين على الوصول لكنه وصول اشبه بالخزي لأنه يحط من قدر المجتمع والثقافة والامة نفسها. لست في موقف يسمح لي بادعاء العصمة او البطولة لكني نظفت روحي من درن الانتهازية وحصنت نفسي من الوقوع في براثن السلطات أيا كانت فهي لا تضمر خيرا أبدا ولا تريد من المثقف سوى الرضوخ التام. لكنها لا تشد احدا من قرنيه ومن شاء الاستقلال سيظل منفردا وحرا، أما التبعية للغرب فهي شيء مختلف عن التعامل مع مثقفين غربيين نزيهين، وعن التعاطي مع مؤسسات محترمة، ليست تابعة لجهات مسيسة.
الدستور – محمود منير
الشاعر موسى حوامدة يفوز بالجائزة الكبرى في ختام مهرجان تيرانوفا الفرنسي
«لم يسقط يوسف فى الجب
لم يأكله الذئب ….».
ألف مبروك بالجائزة.. أنت تستحق الأفضل
الشاعر موسى حوامدة يفوز بالجائزة الكبرى في ختام مهرجان تيرانوفا الفرنسي
يطعمكن الحج والناس راجعة .. هذا خبر بايت من ستة اشهر !؟ ما عاد عندكم أخبار يا سيد بيار ؟