حينما كانت الدولة اللبنانية، ممثلة برئيس حكومتها الشجاع فؤاد السنيورة محاصرة في “السرايا الكبير”، لم يتردّد مفتي صور السيّد علي الأمين في إمامة الصلاة في قلب السراي المحاصر رافعاً راية “شيعية” لبنانية غير مرتهنة للخارج ورافضة لولاية الفقيه الإيرانية على شؤون اللبنانيين.
وحينما غزا حزب الهع بيروت، نشر قصيدة “بيروت معذرةً”، و فيها:
خابت ظنوني بمن قد كنت أحسبهم.. لا يظلمون ذوي القربى إذا اقتدروا..
في نظر اللبنانيين، السيّد علي الأمين ما زال مفتي صور “الشرعي” رغم “الغزو” الذي قامت بها حركة “أمل” لمركز الإفتاء في صور، ورغم قرار العزل غير القانوني الذي صدر عن المجلس الشيعي الأعلى. وكما حدث غالباً منذ يوم 7 أيار المشؤوم، فلم تعترض الدولة اللبنانية المغلوبة على أمرها على قرار غير قانوني يطال شخصية دينية وقفت إلى جانبها في محنتها!
بعد مفاجأة الإنتخابات البلدية الأخيرة، التي فشل فيها حزب الله وحركة أمل في منع شيعة لبنان من ممارسة حقّهم في اختيار ممثّليهم، توجّهنا إلى العلامة الأمين بالأسئلة التالية:
في الانتخابات البلدية الأخيرة في لبنان بدا أن جزءاً من الطائفة الشيعية اعترض على سياسة ثنائي (أمل و حزب الله) ولكن لم يتبلور هذا الاعتراض أو بالأحرى لم يترسخ في صناديق الاقتراع ،لماذا؟
لقد كشفت الانتخابات البلديّة عن وجود حالة اعتراضية داخل الطائفة الشيعية وهذا ما كنّا نقوله في السّابق بأنّ الطّائفة الشيعيّة ليست مختزلة بالثنائي ( أمل وحزب الله) بل هناك اكثرية صامتة وقد تمكّن بعضها من التعبير عن آرائهم المخالفة لقوى الأمر الواقع عبر صناديق الاقتراع وإن كان ذلك لن يغيّر من واقع السيطرة الثنائية التي تمسك بالسّلاح وبالخدمات الحزبيّة وبخدمات الدّولة المعطاة لها حصراً بحيث لا يمكن للمواطن أن يحصل على حقوقه وخدماته من الدّولة إلاّ عبر الوكالة الحصرية للطائفة المتمثلة بالثنائي ( أمل وحزب الله). وعدم النّجاح في الكثير من تلك البلديات بسبب عدم توفر المناخ الذي يجمع المعترضين والذي يشكل لهم الحماية خارج إطار الضّغط الذي يولّده السّلاح وارتباط مصالحهم ولقمة عيشهم بالقوى الحزبيّة المهيمنة على الطائفة والتي تحتكر الخدمات الوظيفية والاجتماعية التي لا تقدمها الدولة إلا من خلال القوى الموجودة في السلطة. وبعض قوى الاعتراض التي نجحت في مواجهة الثنائي (أمل و حزب الله) في بعض البلدات ستجد نفسها مضطرة للرجوع إلى الثنائي لأنها سوف لن تحصل على الخدمات البلدية من الدولة مباشرة لأن الدولة كما أسلفنا لا تقدم خدماتها إلا من خلال القوى الحزبيّة المسيطرة ممّا يعزّز سيطرتها على القواعد الشعبيّة.
هل الإرهاب السياسي يضيق على المعترضين؟ في حال كان الأمر كذلك ، ما الحلّ من أجل إيصال صوتهم؟
لا شكّ بأن قوى الاعتراض تعاني من الترهيب المتمثّل بوجود السّلاح مع قوى الأمر الواقع ونفس وجود السلاح مع فريق دون فريق آخر يعني عدم تكافؤ الفرص في العملية السياسية فكيف و قد استخدم هذا السلاح في السابع من آيار 2008 في بيروت و الجبل وفي الجنوب كما جرى معنا في مدينة صور عندما اقتحموا دار الإفتاء الجعفري بقوة السلاح في تلك الفترة ولا يزالون يحتلونها حتى اليوم و يحتجزون مكتبتي وأغراضي الشخصيّة وقد قصدوا بذلك اعطاء درس لكل من يعارضهم سياسيا داخل الطائفة الشيعية ولكن مع ذلك فإن حركة الإعتراض على الثنائي هي في اتساع وازدياد.
والحلّ في اعتقادنا يكون ببسط الدولة سلطتها الكاملة وحماية المواطنين من الضغوطات الحزبيّة وقيام العلاقة المباشرة بين الدولة و المواطنين بدون توسّط القوى الحزبيّة ليفهم الناس بأن الخدمات تقدّمها الدولة اللبنانية وحدها وليست الزعامات السياسية حتى يترسّخ ولاء المواطن للدّولة وليس للقوى الحزبيّة المرتبطة بالمشاريع الخارجيّة.
بعض شيعة لبنان أصبحوا مرتبطين بمشاريع من خارج لبنان، كيف السبيل إلى إعادتهم لتكون أولوياتهم وطنية وليس غير ذلك؟
إن السبب في ظهور أحزاب داخل الطائفة وغيرها لها ارتباطات بمشاريع خارجة عن المصلحة اللبنانية هو ضعف الدولة اللبنانية التي لم تتمكن أن تبسط سلطتها على كامل أراضيها رغم المساعدات الدولية الكبيرة وهذا ممّا جعل من لبنان ساحة نفوذ لدول اقليمية باحثة عن دورٍ لها في المنطقة وقد استفادت تلك الدول من ضعف الدولة اللبنانية وقد قويت تلك الأحزاب على حساب الدولة اللبنانية وغطّت وجودها وارتباطها الخارجي بالمشاركة في السلطة لأخذ الغطاء القانوني وللاستفادة من موارد الدّولة في تعزيز نفوذها في مناطق تواجدها.
ما هو دور الدولة في هذا السياق؟ وهل المطلوب أن تمارس حضورها الإنمائي أكثر كي يخرج المواطن في الجنوب من دائرة الاستزلام لمن يقدم المعونة له؟
المواطن في الجنوب كالمواطن في الشمال والجبل وبيروت وسائر المناطق اللبنانية يريدون جميعاً الدولة اللبنانية أن تكون السيادة لها وحدها على الشعب والأرض وهم يريدون أن تكون علاقتهم بالدولة علاقة مباشرة بدون أحزاب أو زعامات تستخدم خدمات الدولة في مشاريع خارجيّة ولكن على الدولة أن تحزم امرها وأن تطبق قوانينها دون الرضوخ الى تلك الزعامات والأحزاب المسلّحة.
عن سلاح (حزب الله) كيف تقرأ موقف رئيس الجمهورية الأخير؟ وما نفع طاولة الحوار؟
لقد فاجأ تصريح رئيس الجمهورية اللبنانيين اللذين كانوا لا يزالون ينتظرون حلاً لمسألة السّلاح من خلال طاولة الحوار وقد أظهر هذا التّصريح أن طاولة الحوار قد وجدت لإعطاء غطاء قانوني للسلاح الخارج عن سلطة الدولة ولسحب التّداول بشأنه وإعطائه المزيد من الوقت خارج منظومة الدولة اللبنانية. وهذا مثار للإستغراب والإستهجان حيث لم نسمع في الدنيا أن رموز الدّولة والحكم يدافعون عن سلاح خارج عن سلطة الدولة يقرّر مصير البلاد في الحرب والسّلم!
هل صحيح أن حزب الله لم يعد بحاجة إلى ميشال عون بعد كلّ التحولات السياسية التي حصلت مؤخراً؟
حزب الله كان ولا يزال بحاجة إلى فريق لبناني يدافع عن سلاحه وعن ارتباطاته الخارجيّة وهذا ما حصل عليه من خلال ورقة التفاهم مع الجنرال عون، ولذلك لا أرى تغييراً في المدى المنظور والقريب في العلاقة القائمة بين الطرفين لاستمرار الحاجة لكلّ منهما للآخر.
ماذا عن النفوذ السوري العائد إلى لبنان؟
لا أرى أسباباً لعودة النفوذ السوري إلى لبنان كما كان في الماضي خصوصاً وأن المسؤولين السوريين عبّروا عن ذلك في مناسبات مختلفة وقد اعترفوا بأن العلاقة كانت تشوبها جملة من الأخطاء التي تحتاج إلى تصحيح. وقد كان تبادل السفارات بين البلدين خطوة على الطريق الصحيح التي تؤدي إلى علاقات سليمة بين الدولتين الشقيقتين ونحن نتطلع إلى التبادل الطبيعي للزيارات بين مسؤولي البلدين وهذا ممّا يساهم في إيجاد مناخات الثقة بين الجانبين ويبعد هواجس النفوذ ويعمل على إرساء القواعد الثابتة للعلاقة المميّزة بين البلدين التي يجب أن تقوم على أسس من الاحترام و السيادة و المصالح المشتركة.
السيّد علي الأمين لـ”الشفّاف”: لم نسمع في الدنيا أن رموز الدّولة يدافعون عن سلاح خارج عن سلطة الدولة
نتمنى من الاعلام العربي والصحف العربية ان تتحدث ولو ليوم واحد كل اسبوع عن علم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وعن الطغيان والطغاة وقوانيين الطوارىء والمافيات المخابراتية والميليشيات الطائفية النتنة باسم المقاومة اوالممانعة اوال البيت اوالمهدي التي اذلت شعوب المنطقة وفقرتها ونهبتا وجعلتها لقمة صائغة للاستعمار.