شهدت قاعة المحاضرت في محافظة إب ،الواقعة في وسط اليمن والتي ستشهد في الاسبوع القادم احتفالات الذكرى السابعة عسرة للوحدة اليمنية حيث يلتقي 600 خطيبا ومرشدا من جميع محافظات الجمهورية في دورة تدريبية نظمتها لهم وزارة الأوقاف والإرشاد، مشادات كلامية وضوضاء أمس إثر حديث ألقاه الشيخ السلفي محمد محمد المهدي، ضمنه هجوما شديدا على من وصفهم بـ«السادة» و«أهل التصوف» المنتمين للمدرسة الحضرمية.
وخلال حديثه أمام جمهور الحاضرين خاطب المهدي (أهل التصوف) بقوله:«لا تشغلونا يا صوفية بحقكم الموالد، نحن الآن أمام خطر باطني وخطر رافضي، وأتحدى مشايخ الصوفية أن يوضحوا وجهة نظرهم عن الفتنة الحوثية والمد الاثني عشري».
ولوحظ انقسام المشاركين إلى ثلاث فرق، إحداها رفضت سماع حديث الشيخ المهدي، والثانية أخذت تناقش وتدافع عن تاريخ ومعتقدات الصوفية، والثالثة بقيت صامتة.
ونتيجة لذلك وجه المشاركون في هذه الدورة مذكرة إلى وزير الأوقاف والإرشاد ـ حصلت «الأيام» على نسخة منها ـ أشاروا فيها إلى أن الكتب التي وزعتها إدارة الدورة والمحاضرات التي ألقاها مشايخ سلفيون «أضافت أزمة فكرية فوق ما نحن فيه». وأوضحوا في مذكرتهم «أن هناك خلطاً في المفاهيم من خلال الاستيراد الفكري في كتاب تم توزيعه على المشاركين صوّر الصوفية في بلادنا بأنهم ربيبة الرافضة ورضيعة لبانها».
وأبدى المشاركون استغرابهم مما يحدث في وقت تنعقد الدورة التدريبية تحت شعار «من أجل خطاب ارشادي يجسد الوسطية وقيم التسامح الديني»، متسائلين بقولهم: «أين هي قيم التسامح الديني من هذه التعبئة الخاطئة والأحقاد ضد المدرسة الحضرمية، والتي تربط ما يحصل في حضرموت في يوم عاشورا بأن له صلة بطقوس الاثني عشرية والشيعة؟».
يذكر أن المشاركين في الدورة هم خطباء ينتمون لجميع المدارس المذهبية الدينية صوفيين، اصلاحيين، سلفيين، زيديين، قدموا من محافظات الجمهورية كافة .
الى ذلك أكد 415 خطيبا ومرشدا دينيا من أصل 600 خطيب ومرشد يشاركون في الدورة التي تنظمها لهم حاليا في مدينة إب وزارة الأوقاف والإرشاد في مذكرة حصلت «الأيام» على صورة منها رفعوها يوم أمس الأول إلى كل من القاضي العلامة حمود عبدالحميد الهتار وزير الأوقاف والإرشاد والشيخ العلامة يحيى أحمد النجار، وكيل الوزارة لقطاع الإرشاد «أن هناك شخصيات تريد أن تجعل من وراء الأحداث في صعدة مناسبة لبث فكر أحادي جديد للتعيش على حساب الآخرين من خلال تهمة أهل التصوف الإسلامي بكونه عملة واحدة مع الشيعة الرافضة.. وكفى بهذا إلغاء لمفهوم خطاب الوسطية والاعتدال والتسامح».
وأورد الموقعون على المذكرة عددا من الملاحظات أفادوا بأنهم لمسوها في الدورة الحالية ولم يعهدوها من قبل في الدورات التي نظمتها الوزارة في السابق.
وتشير المذكرة إلى أن البحوث والمحاضرات المقدمة في هذه الدورة منذ يوم افتتاحها «كانت بحوثاً من وجهة واحدة، ذات فكر أحادي الرؤية لا تحمل جمع الكلمة ولم الشمل ووحدة الصف بل ناقشت مسائل تحمل وجهات نظر متعددة وجعلها المحاضرون من المسلمات الثابتة مما سبب إحداث خلل واضطراب في التصور وزعزعة الصف بين صفوف المشاركين، وكذلك توزيع بعض الكتيبات التي لم نألفها في الدورات السابقة تقدح في أئمة التصوف وتلحقهم بالرافضة الاثني عشرية وتتهم علماء حضرموت بالقبوريين، وكنا نظن أنها وزعت دون معرفة ما هو فيها من إساءات وجرح مشاعر نصف المشاركين إلا أنه تبين لنا في اليوم الثاني في المحاضرة الأولى للشيخ محمد محمد المهدي، رئيس جمعية الحكمة الخيرية فرع إب، يطالب ويقول إنه يريد أن يعرف رأي علماء الصوفية في اليمن بتحديد موقفهم من فتنة صعدة، وهو الأمر الذي لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان، وكأنه ولي أمرنا ورئيس دولتنا ونسي رأي علماء اليمن مؤخرا مع فخامة الأخ الرئيس حول هذه الفتنة، ولذلك نقول لكم إنكم قائمون على وزارة عامة لكل اليمنيين وليست لفئة دون فئة أو جماعة دون جماعة أو حزب دون حزب بمعنى ليست خصخصة وليس الدورة وسيلة لإقصاء وإلغاء أناس وتقريب أناس آخرين وما تمر به اليمن في هذه المرحلة لا تحسد عليه، والمطلوب لم الشمل وجمع الكلمة واستقرار الوضع وما حدث في هذه الفتنة إنما هو نتيجة الأفكار الأحادية التي تربت عليها تلك المجموعات، ونستطيع أن نطلق على هذه الدورة عنوان (دورة إب الخضراء ضحية الكتيبات والملازم المأزومة الخضراء والصفراء)، حيث إن هناك شخصيات تريد أن تجعل من وراء الأحداث فرصة لبث فكر أحادي جديد للتعيش على حساب الآخرين من خلال تهمة أهل التصوف الإسلامي بكونه عملة واحدة مع الشيعة الرافضة.. وكفى بهذا إلغاء لمفهوم خطاب الوسطية والإعتدال والتسامح».
وألمح الموقعون على المذكرة إلى أن الدورة تميزت بغياب الدور الإداري والتنظيمي.. «حيث إننا لم نجد إلى اليوم أي جدول لسير المحاضرات والبرامج اليومية للدورة، إنما هو خبط عشواء، يدل على أن القائمين على هذا الجانب ليس لديهم القدرة والكفاءة للقيام بذلك، وكذلك لم نجد أي محاضرة من المحاضرات المعدة من قبل الوزارة في الدورات السابقة التي تجسد مبدأ الوسطية والاعتدال، أضف إلى ذلك غياب دور اللجنة الثقافية التي كنا نلمس دورها في الدورات السابقة من خلال اللافتات الدينية والفكرية الداعية للمحبة والتسامح ولم نجد إلا بعض الأوراق المعلقة على الجدران محتواها (من فعل كذا، فله كذا، ومن ترك كذا، له كذا) وكأننا في فترة عسكرية، وكأن الخطباء لا يفهمون من أمر الحياة شيئا».
ولاحظ الموقعون على المذكرة عدم استضافة المحاضرين من جميع الشرائح إلى يومنا هذا، وإنما خصصت المحاضرات «لإخواننا المنسوبين للوهابية والإصلاح فقط، إلى يومنا هذا الثلاثاء 15/5/2007م»، مشيرين إلى رداءة التغذية اليومية وفرضها جبرا على المشاركين بنسبة كبيرة «حيث إن تغذية المشارك في اليوم بمعدل (800) ريال وهي لا تسوي (500) ريال مع تكرير الوجبات مثل الدجاج اليومي، وما خفي كان أعظم».
كما أشار الموقعون إلى أنه «كثر الكلام حول المستحقات المالية للخطباء والمرشدين أسوة بالدورات السابقة، ولكن للأسف كثر التوجيه والحث من قبل المشرفين على الدورة بالزهد والتقشف للخطباء، وكأن الواحد منهم يذكرنا بإبراهيم بن أدهم وأويس القرني، ومع ذلك فلا بدل سفر صرف ولا أي شيء يذكر إلى الآن إلا ما نسمع أنه سيعطونا أجرة البيجوت لكل مشارك (يا نعمة الله دومي على الخطباء)».
وأكد الموقعون في ختام مذكرتهم «أن هذه الدورة فقدت هيبتها وفشل القائمون عليها فشلا ذريعا، حيث إنها لم تؤت أكلها، وما ذلك كله إلا بسبب واحد هام وهو غياب قلب الدورات النابض وصمام أمانها فضيلة الشيخ يحيى أحمد النجار وطاقمه في الدورات السابقة».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن صحيفة ( الأيام ) اليمنية