ليس الهدف من فيلم براءة المسلمين هو سب الرسول الكريم أو الإساءة لسيرته العطرة. والمنتجون والممولون للفيلم يدركون مقدما أنه لن يؤثر فى حب المسلمين لرسولهم، ولن يضعف من إيمانهم به. ولا نتصور أن شخصا ما سينفق ملايين الدولارات من أجل التعبير عن كراهيته لشخص أو لفكرة. أو للطعن فى عقيدة المسلم وتسفيه خياراته وهو يدرك مقدما أن ذلك لن يحقق له أى كسب مادي أو معنوي.
وسبقته كتابات كثيرة تحارب الفكر الاسلامى وتطعن فى عقيدته مؤلفوها مسلمون ومستشرقون عرب وأجانب.
فى عام 1913 قدم منصور فهمى رسالة دكتوراه إلى جامعة السوربون عنوانها (حالة المرأة فى التقاليد الاسلامية وتطوراتها) بإشراف المستشرق اليهودى ليفى برول. تطرق فيها إلى علاقات الرسول بزوجاته. وكتب معروف الرصافى كتاب الشخصية المحمدية تناول فيه حياة النبى بالنقد وشكك فى الوحي والرسالة. ونشر طه حسين كتابه (“فى الشعر الجاهلي”) وامتحن القرأن على مبدأ الشك الديكارتى وطعن فى مصداقيته. ونشر حامد نصر أبو زيد أبحاثا عديدة شكك فيها فى مصادر القرأن وطريقة جمعه. وتبثّ على القمر الاوربى “هوت بيرد” عدة قنوات تبشيرية أشهرها قناة (الحياة) تدعو إلى تنصير المسلمين، تهاجم ديانتهم بشكل يومي سافر. وكان يعمل بها القس المصرى ذكريا بطرس الذى قال فى الرسول وفى الاسلام أكثر مما قال الفيلم أو ما سوف يقوله أى فيلم أخر، ولم تقم مطاهرات ولا أعتداءات ولم يتعرض لهم أحد!
لذلك دعونا لا ننخدع بالظاهر، وعلينا أن ننظر إلى الموضوع من جانب أخر
عندما هبت فى العامين الاخيرين ثورات الربيع العربى فى مصر وتونس وثورة الشتاء العاصف فى ليبيا، وجتاحت المنطقة رياح التغيير. انحازت الدولة الامريكية إلى صف الشعوب الثائرة ووقفت فى صفها. وساهمت معها فى الاطاحة بالانظمة الدكتاتورية، وساعدت الشعوب العربية فى عبور جسر التخلف إلى أفاق الحياة الديمقراطية الحديثة. ولولا التدخل الامريكى والاوربي لما إنتصرت الثورة الليبية، ولما انتقلت السلطة فى مصر وتونس بطريقة سلمية خالية من العنف وسفك الدماء.
وتقبلت الدول الثائرة المساعدة الامريكية بقبول حسن، ونمت عندها الرغبة فى التعاون ومد جسر الصداقة. وظهر فى المقابل استعداد أمريكى جديد لقبول هذه الصداقة وتقديم العون المادي والتقني والثقافي ومساعدة هذه الشعوب على التحول الديمقراطي وتداول السلطة والخروج من دائرة والعنف والتخلف إلى عالم الحداثة.
وتقبل الليبيون يد الصداقة التى مدت إليهم، لانهم شعب محب للامريكيين بطبعه لانهم شاركوه فى عداوته للقدافى ولم يهادنوه ولم يسامحوه. وتبين أنهم أكثر الشعوب النامية إنفتاحا على امريكا ورغبة فى السفر إليها. عبروا عن رغبة صادقة فى الاختلاط بأهلها والتعلم منهم وتجاوزت طلبات تأشيرات الدخول لغرض الدراسة فى أمريكا أكثر من 1800 شخص بنسبة أكثر من أى دولة أخرى من دول العالم.
وكلفت وزارة الخارجية الامريكية معهد “جالوب” – متخصص فى قياس إتجاهات الرأى العام – بإجراء مسج أجتماعى لمعرفة رأى المجتمع الليبى حول الوجود الاجنبى فى ليبيا. نتائجها فى الرابط التالى.
http://www.gallup.com/poll/156539/Opinion-Briefing-Libyans-Eye-New- Relations-West.aspx
كما يمكنكم الاطلاع على دراسة مرفقة أجريت لحساب الحكومة الالمانية حول أراء الليبين فى الدين والقبيلة والسياسة بين عامى 2011 /2012.
ولو تطور هذا الخط فى مساره الجديد، فسيضر بالمكانة المتميزة لدولة إسرائيل وسيقلل من اعتماد المصالح الامريكية على وجودها، وليس أمامها إلا ان تدافع عن مصالحها وتتخذ من التدابير ما تراه كافيا لعودة الامور إلى ما كانت عليه.
وتصرفت بذكاء وضمت إليها شريكين هما الاقباط المصريين المهاجرين الذين اكتووا بنار التفرقة الدينية الحادة فى المجتمع المصرى، ودولة أل سعود التى تخشى أن تنتقل الثورة الليبية إليها، فقررت محاربتها فى مهدها. والسعودية لا تخاف من ثورة مصر أو تونس لانهما تمثلان إنتقالا سلميا للسلطة يمكن أن تحتويه بالمماطلة والتنازلات الشكلية لكنها تخاف الثورة الليبية التى لو إنتقلت إليهم فستدك بنيانهم من القواعد.
و الذكي يستخدم الاخر لتنفيذ أغراضه دون وعى ودون إرادة. وإسرائيل هى الشخص الذكى، والسلفية هى الاخر الذى إستخدمه اليهودى ثم القبطى والسعودى بالتبعية، وبعثوا ثلاث رسائل عن طريقه.
تقول الرسالة الاولى. الموجهة للمجتمع الغربى. إنتبوا لانه لايمكنكم الثقة فى العرب المسلمين، انهم إرهابيون متخلفون يكنون لكم الحقد والكره وإن تظاهروا بغير ذلك، وهم يرفضون الرأى الاخر ولا يستحقون الديمقراطية ولا يستطيعون التعايش معها. يختصون وحدهم بالارهاب والتعصب والقتل ولا يؤمنون بالتعايش السلمى مع الاخرين وإليكم الدليل.. والدليل هو ماحدث فى ليبيا ومصر وتونس.
ولكى يثبتوا أن هذه الهوس الدينى الغاضب هوس أو مرض يصيب العرب المسلمين ولا يصيب غيرهم. قام موقع أمريكي ساخر بنشر رسومات مقززة شملت كل رموز الديانات فى العالم موسى وعيسى وبوذا فى أوضاع جنسية فاضحة إغفلت متعمدة المساس بالرموز الاسلامية. ثم كتب الموقع تعليقه فى اليوم التالى .
(لم يقتل أحد بسبب الرسومات لم تنفجر قنبلة ولم تخرج مظاهرة. بعض المؤمنين من المسيحين واليهود والبوذيين. شاهدوا الرسوم وإمتعضوا منها لكنهم ببساطة هزوا رؤسهم وأشاحوا ببصرهم ثم مضوا يكملون برامج يومهم.)
http://www.theonion.com/articles/no-one-murdered-because-of-this-image,29553/?ref=auto
ثم وجهت الدولة العبرية فى الحين (“قرصة ودن”) للدولة المصرية مفادها أننا نستطيع أن نسبب لكم القلاقل ونغرس الكراهية بين المسلمين والمسيحين ونحدث شرخا فى البنيان المصرى.
أما الشريك السعودى فوجه إلى رعيته رسالة تقول إن تحمل ظلم الدهر خير من ساعة ثورة مآلها الفشل، وثورة ليييا شاهد. فإحذروا أن تكرروها.
والذي يصعب فهمه أن الذين هاجموا السفارة وسحلوا السفير فى ليبيا، والذين هاجموا سفارات لدول أخرى لا علاقة لها بالامر كالسفارة البريطانية والالمانية فى الخرطوم والسفارة الهولندية فى مصر- ربما لانهم يعتبرون أن أهل الكفر ملة واحدة- لم يشاهدوا الفيلم بمعنى أنهم كأفراد لم يكوّنوا إنطباعا شخصيا عنه. أى أنهم لم يثوروا لانهم رأوا شيئا هز مشاعرهم او لان شخصا أهانهم أو من أجل ظلم لحق بهم أو فى سبيل قضية يؤمنون بها، بل ثاروا لان الاخر أمرهم بذلك: زعيمهم أو مرشدهم أو مفتيهم الذى يدينون له بالولاء المطلق والطاعة التامة ولو أمرهم بالصمت لصمتوا.
ثم طارت السكرة وجاءت الفكرة، ووجدت السلفية الليبة نفسها مطالبة بفاتورة الدم. أخلوا معسكراتهم، وحلقوا لحاهم وتفرقوا متباعدين (كحمر مستنفرة فرت من قسورة). ولو كانت لهم قضية يؤمنون بها لما تخلوا عن مواقعهم! ولو كانوا يتمنون الجنة ويعملون على مكانتهم فيها لأقبلوا على الشهادة حين تفتحت أمامهم أبوابها
والذى يشغل البال فى امر الدولة الليبية أنها كشفت عن انقسامها، وتضاربت فى تصريحاتها ومواقفها بين الجانب السياسى والمنحاز تماما للجانب الامريكى يعتذر وينسب الخطأ للقاعدة ولأجانب، وبين الاجهزة الامنية فى بنغازى التى تناولت الموضوع باستخفاف فى بدء الازمة وأطلق وكيل وزارة الداخلية “ونيس الشارف” أكاذيب كثيرة نسب فيها الجريمة إلى بقايا نظام القدافي. وكذب رئيس المؤتمر الوطنى العام ورئيس مجلس الوزراء المنتخب قول أجهزة الامن وكذبت أجهزة الامن قول رئيس المؤتمر.
لكن لما جدّ الجد. وعلمت قيادات الوزارة بقدوم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى الامريكى لتتبع خيوط القضية، بادرت بإعلان أنها توصلت إلى الفاعلين وعددهم خمسين. ألقت القبض على اربعة أما الستة والاربعون الاخرون فقد فروا فى رحلة واحدة إلى القاهرة من مطار بنغازى الذى كان مغلقا فى ذلك الحين.
وهذه أكاذيب تضاف إلى أكاذيب وتصرفات غير مسئولة هدفها تمييع القضية وتوجيه المحققين الامريكيين للبحث عن أشخاص يصعب الوصول إليهم أو يثبت فيما بعد ألا صلة لهم بالقضية- كان غيرك أشطر!- هم لا يعلمون مع من يعبثون. ولا يفهمون أنهم بذلك يثبتون تورط جهاز أمنى رسمى من أجهزة الدولة فى القضية ليخلق ظروفا شبيهة بـ”لوكربى”، خاصة وأن الكتيبة موضع الشبهة تابعة لاجهزة الشرطة المحلية وتقوم بعمليات أمنية لحساب الدولة ووقع افرادها عقودا للعمل معهم ويحصلون من خزانتها على مرتبات شهرية ثابتة.
ويكفى أن نربط التحقيقات القادمة بين المسؤول بوزارة الداخلية وأفراد هذه الكتيبة (أنصار الشريعة) ليتم المراد بمشيئة رب العباد، والمراد هو فشل الثورة وانهيار الدولة .
magedswehli@gmail.com
كاتب ليبي
السلفية واندفاعاتها الغبيّة
1. اكثر مشاكل البشرية سببها الاديان،الاديان هي اكبر وهم يعيشه الانسان، الحياة بلا اديان افضل واجمل، لقد اخترع الانبياء وغيرهم الاديان لكي يسيطر على البشر في فترات غابرة واستغل رجال الدين سذاجة الناس في هذه الايام ليسيطروا على عقولهم، اي انسان يفكر بتجرد عن موروثاته سوف يكتشف الحقيقة.
السلفية واندفاعاتها الغبيّة
عجبا لقوم يسمون الخوارج بالسلفية. الإسلام السياسي و الإسلام المسلح هو ابن شرعي لفكر الخوارج المتشبع بتكلف الورع و الدعوة إلى العدل على الطريقة اليسارية الشيوعية المستوحاة من أفكار مزدك الفارسي و ذي الخويصرة و ابن ملجم و قطري الفجاءة. و معلوم كم قتل الخوارج من أعلام السلف و علمائهم و فضلائهم قديما قبل أن يركبوا موجة السلفية للتمويه و التشويه، لإفادة منها و الإساءة إليها في الآن ذاته.
عساه يعذر بجهله، كاتبَ المقال السيد المحترم، ماجد السويحلي.