الرياض (رويترز) – عاد العاهل السعودي الملك عبد الله يوم الاربعاء الى بلاده أكبر مصدر للنفط في العالم بعد ثلاثة أشهر أمضاها في الخارج للعلاج وأعلن منح مجموعة من المزايا للمواطنين تقدر قيمتها بنحو 35 مليار دولار.
وتتضمن هذه المزايا مخصصات لتعويض ارتفاع التضخم ومساعدة الشبان العاطلين واعانة الاسر للحصول على سكن بأسعار معقولة وقد جاءت في الوقت الذي تتعرض فيه العديد من بلدان المنطقة لاحتجاجات شعبية على الفقر والفساد والقمع.
ورقص مئات الرجال بالسيوف على بسط خاصة مدت في مطار الرياض استعدادا لتحية الملك الذي يعتقد أنه يبلغ من العمر 87 عاما.
وارتدى المذيعون بالتلفزيون أوشحة خاصة بلوني العلم السعودي في تغطية خاصة تحت عنوان “فرحة وطن” احتفالا بالملك الذي بدأ النزول من الطائرة على قدميه قبل أن يجلس على كرسي متحرك.
وقبل وصول العاهل السعودي أعلن الاعلام الرسمي هذه الخطة التي تستهدف مساعدة أصحاب الدخل المحدود والمتوسط بين المواطنين السعوديين الذين يبلغ عددهم 18 مليون نسمة. وتتضمن الحزمة زيادة في الاجور لتعويض التضخم واعانات بطالة ومخصصات لتوفير مساكن بأسعار معقولة للاسر.
ويمثل الاستقرار السياسي في السعودية أكبر منتج للنفط في أوبك باعثا للقلق العالمي اذ أن المملكة تمتلك أكثر من خمس احتياطيات النفط العالمية وهي مالك كبير لاصول دولارية وحليف مهم للولايات المتحدة في المنطقة.
ولم تتضمن هذه الاجراءات أي اصلاحات سياسية في النظام الملكي مثل الانتخابات المحلية التي طالب بها ليبراليون ومجموعات معارضة. وليس في المملكة برلمان منتخب أو أحزاب سياسية كما أنها لا تسمح بالمعارضة العلنية.
وقال محلل سياسي سعودي طلب عدم نشر اسمه “أعتقد أن هذا أمر طيب لكن لابد أن نرى مزيدا من الاصلاحات مثل الانتخابات المحلية وتحسين التنظيم. المزايا المالية لا تكون مجدية الا عندما يصبح بالامكان محاسبة المسؤولين.”
وانتقد سعوديون هذا الاعلان على موقع تويتر على الانترنت. وقال فهد الظفيري في رسالة على الموقع “نريد حقوقا لا هبات.”
وسافر الملك عبد الله الى الولايات المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني لاجراء جراحة لعلاج انزلاق غضروفي أحدث تجمعا دمويا حول العمود الفقري. وقضى العاهل السعودي فترة نقاهة في المغرب طيلة الاسابيع الاربعة الماضية.
وأثناء غياب الملك تولى أخوه ولي العهد الامير سلطان زمام الامور. لكن هناك شكوكا مازالت تخيم على الحالة الصحية للامير سلطان لانه قضى معظم السنتين الماضيتين في الخارج بسبب مشاكل صحية.
ولا يتوقع المحللون اندلاع احتجاجات في المملكة على غرار ما حدث في مصر وتونس اذ أن عوائد النفط في السعودية تتجاوز 400 مليار دولار لكنهم يقولون ان النظام لا بد أن يعالج الضغوط الاجتماعية مثل ارتفاع البطالة بين الشباب ومشكلات السكن الواسعة.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي “الاسكان وخلق الوظائف للسعوديين هما تحديان هيكليان تواجههما البلاد.”
وقدر سفاكياناكيس القيمة الاجمالية لهذه الاجراءات الجديدة بنحو 140 مليار ريال (37.33 مليار دولار).
وخططت السعودية وهي عضو في مجموعة العشرين لانفاق 580 مليار ريال في 2011 وهذه ثالث ميزانية قياسية على التوالي. وقال الملك عبد الله الشهر الماضي ان الانفاق سترتفع في السنوات المقبلة.
وقدرت المجموعة المالية – هيرميس قيمة الحزمة بنحو 100 مليار ريال وقالت انها قد تؤدي الى صعود سوق الاسهم -التي خسرت أربعة بالمئة في الاسبوع المنصرم بسبب اضطرابات في البحرين ودول أخرى في المنطقة.
وكان عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى من بين من استقبلوا العاهل السعودي لدى وصول طائرته. وتعهد العاهل البحريني هذا الاسبوع باجراء حوار والافراج عن سجناء سياسيين في محاولة لتهدئة المحتجين الذين يطالبون باصلاح ديمقراطي وهم من الاغلبية الشيعية.
وتعتبر السعودية ودول غربية أن الملكية السنية في البحرين حصن من النفوذ الاقليمي المتنامي لايران. وتستضيف البحرين الاسطول الخامس الامريكي.
وبدأ السعوديون الذين تابعوا سقوط الرئيس حسني مبارك في مصر والرئيس زين العابدين بن علي في تونس الدعوة الى اصلاحات في المملكة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت أسوة بما جرى في بلدان عربية أخرى.
وأيد المئات دعوة على موقع فيسبوك “ليوم غضب” في المملكة في 11 مارس اذار للمطالبة بحاكم منتخب وحريات أكبر للمرأة واطلاق سراح السجناء السياسيين.
وتنص الاوامر الملكية التي أعلنها التلفزيون الرسمي على دفع اعانة للشبان العاطلين ورسوم للدارسة في الخارج واعفاء بعض المواطنين من قروض.
وتنص أيضا على دعم رأس مال صندوق التنمية العقارية بمبلغ اضافي قدره 40 مليار ريال لكن المحلل السعودي قال ان هذه الخطة لا تحل مشكلة ملكية أفراد الاسرة الحاكمة لغالبية الاراضي.
وقال “تقديم الاعانات أمر جيد لكن ليست هناك أراض متاحة. يجب أن تعود الاراضي الى الدولة والا سيتعين انفاق الكثير من المال لاعادة شراء الاراضي لبناء مساكن جديدة.”
وتدرس الحكومة منذ سنوات مشروع قانون للتمويل العقاري لمواجهة مشكلة السكن لكن محللين يقولون انه لم يتم التوصل الى توافق بشأن كيفية حل مشكلة الاراضي.
وتحرص الرياض على أن تظهر لحلفائها الغربيين أنها لن تواجه فراغا في السلطة رغم المشكلات الصحية لحكامها. لكن اعتلال صحة الملك عبد الله أثار قلقا بشأن هل سيكون خليفته اصلاحيا مثله أم محافظا.
السعودية: 35 مليار دولار “هبات” والإصلاحات السياسية مؤجلة!
نعم يافهد نريد حقوقا لا هبات