المركزية- بمعزل عن اراء الاطراف السياسيين في ضفتي 8 و14 اذار بمشروع التسوية الشاملة الجاري العمل على انضاجها في العاصمة الفرنسية بالاستناد الى مبادرة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة، تؤكد مصادر سياسية مسيحية معنية لـ”المركزية” ان اللقاءات اللبنانية في فرنسا فاجأت بعض الجهات الاقليمية المؤثرة في الواقع اللبناني وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية، اذ لم تكن على علم بامكان انعقادها، وهي لا تباركها، لا بل ترفضها بالمطلق وليست في وارد السير بها.
وتنطلق المصادر من ان مجرد انعقاد اللقاءات في باريس وليس في مقر اقامة الرئيس سعد الحريري الدائمة في الرياض يعكس جانبا من هذه الصورة، وتقول ان المسؤولين السعوديين ابلغوا اكثر من دبلوماسي غربي راجعهم انهم ليسوا في وارد القبول بأي رئيس لا يكون المسيحيون الممثلون لطائفتهم معبره الاساسي وخصوصا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وعلى وجه الخصوص حليفهم سمير جعجع الذي كانت له أكثر من محطة في المملكة، استقبل خلالها استقبال “الكبار”، وخصصته بحفاوة بالغة.
ولا تخفي المصادر المسيحية ان التسوية جدية وقائمة والعاملون عليها من اطراف الداخل كثر ومقتنعون بجدواها كمخرج للازمة المستفحلة الا انهم لا يدرون ان ما يقدمون عليه هو مشروع “انتحار سياسي” لا أكثر، مشيرة الى ان النائب سليمان فرنجيه الذي لا يتوانى لحظة عن المجاهرة بصداقته للرئيس بشار الاسد لا يمكن ان يكون رئيسا للبنان في زمن اندحار الاسد بعدما لم يتمكن من الوصول الى بعبدا في خلال عهد الوصاية السورية على لبنان. واكثر من ذلك تقول المصادر، ان احدا لا يجهل ما ادت اليه علاقة ” حليف فرنجيه السوري” مع الرئيس رفيق الحريري، اي “استراتيجية الدم”، التي ما زالت قضيتها تحت قوس العدالة الدولية حتى الساعة.
وتعرب عن اعتقادها ان مشروع التسوية المشار اليه تبدو طريقه معبدة في الداخل ما دام الافرقاء الاساسيون من غير المسيحيين، لا سيما حزب الله والنائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري وتيار المستقبل اذا صدقت المعلومات حول قبوله بفرنجيه مرشحا توافقيا، مستعدون للسير به، الا ان الاعتراض السعودي وعلى رغم حرص المملكة على الحوار الداخلي والتواصل بين مختلف المكونات، لا يمكن ان يؤمن حظوظ اكتمال عناصرها، علما ان اكثر من دولة يجب ان تبدي موافقتها على اسم الرئيس العتيد للجمهورية.
وتسأل في هذا السياق عن رأي هذه الدول، لا سيما منها المناهضة للمشروع الايراني في المنطقة والتي ما زالت ترفع في محادثات فيينا ورقة “لا للاسد في مستقبل التسوية السياسية في سوريا” بعدما قبلت على مضض بدور محدود له في المرحلة الانتقالية، موضحة ان هذه الدول لا يمكن ان تقبل بالنائب فرنجية رئيسا في وقت تضع نصب اعينها الاطاحة بحليفه وصديقه في سوريا.
وتسأل لماذا لا يعلن حزب الله تبنيه ترشح فرنجيه وتخليه عن ورقة النائب ميشال عون وهل ان رئاسة لبنان ستشكل الورقة البديلة عن الرئيس الاسد بالنسبة الى الجمهورية الاسلامية الايرانية بحيث تتنازل عنه مقابل الامساك بالرئاسة اللبنانية من خلال ايصال فرنجيه؟ وهل ثمة قطبة مخفيه يفترض ان تتوضح من خلال محادثات فيينا حول الازمة السورية؟ في مطلق الاحوال، ترى المصادر ان تسوية من هذا النوع لا يمكن ان تصل الى خواتيمها، ما دام القطب الاقليمي المؤثر في الاستحقاق اللبناني غير راض عما يحاك.